ذات صلة

جمع

لمحة عن طرق المعالجة المحاسبية للمبيعات تبعاً لنظام الجرد المستمر

اقرأ في هذا المقال تسجيل المبيعات وفق نظام الجرد المستمر كيفية...

لمحة عن طرق تحديد تكلفة المخزون

اقرأ في هذا المقال طرق تسعير المخزون 1- طريقة التسعير المحدد 2-...

لمحة عن طرق إقفال الحسابات للقوائم المالية في المؤسسات التجارية

قائمة الدخل في المؤسسات التجارية: عادةً ما يتم إعداد قائمة...

لمحة عن طرق المعالجة المحاسبية للاستثمارات قصيرة الأجل

كيفية المعالجة المحاسبية للاستثمارات قصيرة الأجل في الأسهم: عادةً ما...

لمحة عن طرق المعالجة المحاسبية للمبيعات تبعاً لنظام الجرد المستم

تسجيل المبيعات وفق نظام الجرد المستمر: تبعاً لنظام الجرد المستمر...

مفهوم التخطيط التشاركي

 

ماذا يعني التخطيط التشاركي؟

كثيرا ما تكون مشروعات التنمية تدخلات من خارج المجتمع المحلي، يتوقف لماذا ومتى وكيف فرزت وصيغت وتم الاتفاق عليها علي سياسات ومهارات التفاوض لدي الأطراف المنخرطة عادة الحكومات والمنظمات غير الحكومية أو المؤسسات الدولية، ليس الانخراط المباشر من جانب الجماعات المستفيدة أو ممثليها أمرا مألوفا، وفي الغالب لمساعدة بعض السكان المحليين يتم تقويم عام للفرص والتهديدات التي ينبغي أن تواجه أثناء تدخلات المشروع، ويتم هذا أثناء فرز وصياغة المشروع، وبالتالي عند تعمل المشروعات تكون مفاجأة للجماعات المستهدفة، تتم جهود لتغيير هذا الوضع باستعمال أساليب تندرج تحت “التنمية التشاركية” أو “مشاركة الناس”.

اليوم يعتقد الكثيرون أن مشاركة الناس متطلب للتنمية المستدامة، وإن وجدت تأويلات كثيرة لمشاركة الناس والتنمية التشاركية، تتأرجح من “نريد منهم أن يشاركوا فيما نعمل” إلي “نريد أن نساندهم في تحقيق أهدافهم”، فثمة اقترابين تبعا لغايات واستراتيجيات المشروع، أحدهما “الوصفة الجاهزة blueprint” أو “الموجه نحو مستهدف target-oriented”، حيث تعرف المشروعات باصطلاح آليات توصيل حزم من الخدمات والسلع المعرفة سلفا إلي جماعات مستهدفة محددة، وتعرف المشاركة في هذا السياق برغبة الناس في القيام بالأنشطة المطلوبة، ويعرف الثاني بالاقتراب “الموجه نحو العملية process-oriented”، حيث يفرز الناس أنفسهم مجموعة الأنشطة، ويتم هذا بناء الحاجات والموارد المحلية مع مساندة (“تسهيل”) من المشروع، ليست الرسالة الفنية وصفة نمطية سابقة التعريف، وإنما دليل فيه “اختيارات” كثيرة، ومن ثم تعني المشاركة أن الناس أنفسهم يمتلكون الأنشطة ويسألون عنها، فقد فرزوها ونموها بأنفسهم وإن كان بمساعدة من المشروع، طبقا لتصنيف بريتي السابق يوجد ضربان من المشاركة، فوراء “الوصف الجاهزة” توجد “المشاركة السلامية” حيث يخبر الناس بما يحدث وكفي، ووراء “التوجه نحو العملية” توجد “مشاركة تفاعلية” حيث يشترك الناس حتى في التحليل مما يؤدي إلي صياغة خطط عمل محلية، وفيما بين هاتين الصورتين توجد صور أخري كثيرة.

في المشاركة السلامية قد يزود الناس “الأشخاص الذين من خارج مجتمعهم” بالمعلومات وربما بالعمل التطوعي مقابل بعض الحوافز، وقد يشكلون مجموعات تقوم بالأنشطة المخططة، الخصيصة العامة لضروب المشاركة هذه أن التخطيط وصنع القرار في أيدي “أناس من خارج المجتمع المحلي”، وترتبط بغايات محددة خارج المجتمع المحلي، أما في حالة المشاركة التفاعلية فالجماعات والمجتمعات المحلية تتولى القيادة والضبط، تعني المشاركة التفاعلية قيادة خطط الفعل علي المستوي المحلي وأيضا خلق أو تعزيز الوضع التنظيمي للتنفيذ المستدام، يقوم الناس المحليون وكادر المشروع معا بالخطوات المختلفة لعملية التخطيط.

ومن ثم يمكن تعريف التخطيط التشاركي بأنه “أفعال مشتركة من جانب الناس المحليين وكادر المشروع بغرض صياغة خطط التنمية واختيار أفضل البدائل المتاحة لتنفيذها”، ينبغي أن تكون حوارا وتفاوضا وصنع قرار يتعلم فيه الطرفان؛ من مِن داخل المجتمع المحلي ومن مِن خارجه، فيما يتعلق بالأنشطة التي يقوم أبناء المجتمع المحلي بمساندة من الناس الذين من خارج المجتمع المحلي، ومن ثم يعبر عنه مفاهيميا باصطلاح “الحوار التفاوضي” بين الناس المحليين وكادر المشروع، بهدف توكيد مساندة المشروع للاحتياجات والقيود والفرص المحلية، باختصار التخطيط التشاركي جهد من الأطراف المنخرطة في جدول أعمال مشترك من أجل أفعال التنمية المستقبلة، ليس جدول الأعمال هذا بالمفتوح تماما؛ فلكل طرف جداول أعماله واختصاصاته ومسئولياته، فالتحدي هو أن تفرز وتوافق علي الأفعال التي تتسق مع الاثنين، وقد نميت أساليب وأدوات تسهل فرز وإحكام جداول الأعمال المشتركة.

ثمة مفروضا أساسية وراء اقتراب التخطيط التشاركي، لا تنبع من التفكر التنظيري وإنما من الخبرات العملية، أولا، لأن القرارات التي تؤثر في الخدمات المختلفة تصنع علي مستويات مختلفة بدءا من الأسرة وحتى الحكومة المركزية، وربما منظمات دولية ووكالات معونة، وقد تتعارض مصالحها، فإدارة الصراع بعد مهم في عملية التخطيط التشاركي، لكن التقوية المحلية هي الشرط الأساسي للاستدامة، ومن ثم يسهل الاقتراب التشاركي عملية التقوية المحلية بإتاحة فرص لجماعات مضارة محددة مثل النساء وأولياء الأمور أن تصل إلي الموارد الخارجية (التدريب، الائتمان) أو أن تعبئ مواردها هي (التنظيم، المعرفة، المهارات)، يعزز هذا علي القيام بفعل يدافع عن مصالحهم.

ثانيا، ترمي اقترابات التخطيط التشاركي إلي تقوية القدرة المحلية علي التنمية المستدامة باصطلاح المعرفة والمهارات والتنظيم، إحدى الطرق المهمة لضمان تحسين القدرة المحلية الاعتراف بمناسبة المعرفة المحلية في تصميم خطط المشروع، يسمح استعمال الاقترابات التشاركية بمج نظم المعرفة المحلية في تخطيط وتنفيذ المشروعات المحلية، ومن ثم يكمل المشروع هذه المعرفة المحلية بالدعم الفني، ولذلك من المهم أثناء عملية التخطيط التوكيد علي التقويم المتبادل والتعبئة المتبادلة للمعرفة المحلية ونظم الإدارة.

ثالثا، ليست المشاركة مجرد الحصول علي معلومات أساسية من المجتمع المحلي “ليستهدف” المشروع من يستهدفهم بفاعلية، هذا الاقتراب متوجه إلي توطيد علاقات أفقية بين الأجهزة الخارجية (المشروع) والمجتمع المحلي، إذ يتعلم الشركاء المتكافئون كل من الآخر، فالتخطيط التشاركي عملية تعلم في اتجاهين بين المجتمع المحلي والمشروع، ينبغي أن تسهل عملية التعلم هذه أقلمة لخدمات المشروع المساندة للوقائع المحلية المتغيرة، وبالمثل ينبغي أن تقوى القدرة المحلية علي فرز وتعبئة الموارد المحلية والخارجية علي السواء المطلوبة لاستدامة المشروع.

أخيرا، تعمل مشروعات التنمية في إطار مؤسسي قائم، فينبغي أن يزود الاقتراب التشاركي المخططين وصانعي القرار بالمعلومات الضرورية لتوفير بيئات ممكنة ومساندة مؤسسية أكثر كفاية، يحدد مستوى القدرة المحلية لطلب خدمات خارجية أكثر جودة مدى قدرة المجتمعات المحلية واهتمامها بتنمية نظم إدارة موارد أكثر قابلية للاستدامة، ينبغي أن تكون البيئات المؤسسية مستجيبة للطلبات الواردة من أسفل بمزيد من التخطيط اللامركزي، التخطيط التشاركي يعزز الالتزام السياسي والمساندة المؤسسية للتخطيط المحلي ببناء فهم مشترك بين المؤسسات والجماعات المحلية.

يستعل هذا التخطيط التشاركي مفهوم “الحوار التفاوضي” بين الأطراف المنخرطة وهي المجتمع المحلي أو الجماعات أو أرباب الأسر (الداخليون) والمشروع أو المؤسسات (الخارجيون)، يجب أن تسفر عملية التخطيط هذه عن مجموعتين من النتائج: تتعلق الأولي بالمدى القصير حيث تولد أدوات التخطيط التشاركي عملية تعلم في اتجاهين، تؤقلم تدخلات المشروع تبعا للحاجات والفرص والقيود المحلي، وتتعلق الثانية بالمدى الطويل إذ ينبغي أن تؤدي عملية التعلم إلي أمرين: التقوية المحلية والدعم الفعال علي المستوى المؤسسي، تلك شروط مسبقة لتقوية القدرة المؤسسية علي التخطيط اللامركزي وقدرة التخطيط المحلي، مما يؤدي إلي استعمال وإدارة أكثر استدامة للموارد.

إلا أن هذا يتطلب أربعة شروط حيوية مترابطة: (1) وجود منظمات محلية قوية ودعم محلي للتنمية المستدامة، (2) استطاعة ضمان الوصول إلي وضبط الموارد، (3) ظروف تنمية التكنولوجيا تشاركيا (دمج المعرفة المحلية ونظم الإدارة)، و(4) وجود نظم محلية لتوزيع المنافع توزيعا عادلا.

في تصميم مشروع تشاركي من المهم الانتباه أثناء عملية التخطيط إلي المعرفة والمهارات وإجراءات القرار المحلية ونظم الاتصال المحلية وأيضا الأبنية التنظيمية الموجودة، من المهم فهم سجل وإدراكات جماعات القوة الموجودة في صنع القرار المحلي أو المستبعدة منه، فيجب أن ترشد المعرفة بالعوالم الحرجة في التنمية التنظيمية والقدرة الفنية وحقوق التملك والأشجار والمياه ونظم توزيع المنافع يجب أن ترشد عملية التنظيم، ينبغي أن تأتي هذه المعرفة من أسفل وعلي أساسها يتم اختيار الأدوات والحوافز التي ستستعمل في الاستجابة لحاجات المجتمع المحلي المحددة وبالذات حاجات الجماعات المضارة.

من ناحية المشروع من المهم مواجهة سؤالين وقت تخطيط المشروع: الأول إلي أي مدى تتوجه غايات واستراتيجيات المشروع نحو التخطيط التشاركي (أهي موجهة نحو العملية أم نحو المستهدف)؟ الثاني أعرف البعد الفني للمشروع باصطلاح الرسائل الفنية المحددة سلفا أم في صورة نطاق من الممكنات، لتنمي وتختبر أثناء تنفيذ المشروع؟

أيضا القدرة المؤسسية للمشروع حاسمة، ولا يتوقف فقط علي التوجه المنهاجي والمفاهيمي للعاملين في المشروع وإنما أيضا علي إجراءات المشروع في التخطيط والتنفيذ والاتصال الداخلي والتغذية العكسية، وعلي الروابط بين هذه الإجراءات وعملية التخطيط المحلية، ومن ثم ينبغي الاهتمام بما يلي: (1) غايات واستراتيجيات المشروع، (2) الاقتراب الفني للمشروع، وأساليبه وأدواته، (3) تنظيم وإدارة المشروع، و(4) تنمية الروابط المؤسسية (التشبيك)، وهي جوانب مترابطة.

التخطيط التشاركي خطوة أولية في تعريف جدول أعمال مشترك للمجتمع المحلي والوحدات الخارجية، يتوقع أن تتطور هذه الخطوة الأولية نحو عملية تخطيط التنمية المستدامة ذاتيا علي المستوي المحلي، ونحو لامركزية التخطيط المؤسسي القومي، وفي هذه العملية ينبغي أن يتقارب المستويان ويترابطا، فستكون النتيجة صياغة خطط شاملة ومتكاملة للتنمية المستدامة.

يمكن أن ينتج التخطيط التشاركي جيد التصميم والإدارة أفكارا أفضل وعلاقات أنفع ومؤسسات أقوى واتفاقات بين المنقسمين وشرعية ومساندة سياسية لازمة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية، أما إن كانت المشاركة طقوسية أكثر منها فعلية فيمكن أن تؤدي إلي إحباط التوقعات وأوضاع متأزمة تجد فيها المصالح الجزئية طريقها وأفكار معيبة فنيا وصراعات وعدم ثقة أعمق، ومن ثم من المفيد أن نتفهم المسائل التالية جيدا.

يمكن أن تكون المشاركة مجرد استماع أي تلقي معلومات من خلال أي قناة، الحديث المباشر أو وسائل الإعلام أو المسوح، أو استماع وإعطاء معلومات بأي وسيلة أيضا، أو استشارة المواطنين من خلال اجتماعات وجماعات عمل، أو مشاركة في وضع جدول الأعمال وتحليل الموضوعات من خلال جماعات وندوات، أو المشاركة في الوصول إلي إجماع علي العناصر الأساسية، أو المشاركة المباشرة في صنع السياسات والخطط، فكما يوضح الشكل التالي لابد أن تضطلع الحكومة بدور القيادة في تنمية استراتيجيات وخطط التنمية المستدامة، وأن تدعو المواطنين وأصحاب المقدرات إلي المشاركة في العملية، ومن ثم ينبغي لها أن تتحرك في اتجاه التخطيط الكرز في يد المواطنين.

 

المصدر : السيد عبد المطلب أحمد غانم .