مفهوم التنظيم وأهميته عبد الرحمن تيشوري شهادة عليا بالادارة شهادة عليا بالاقتصاد
مفهوم التنظيم وأهميته
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد
يعد التنظيم الوظيفة الثانية من وظائف الإدارة في المشروعات الصناعية ، والتي تأتى بعد التخطيط ، فوضع الخطة عمل لا جدوى منه إذا لم تتخذ الإجراءات والأعمال والتنظيمات الكافية من أجل تنفيذها .
فالمنظمة تتألف من اليد العاملة والآلات والمعدات و التجهيزات والمواد بقصد إنتاج سلعة أو خدمة معينة ، والتنظيم هو الذي يجمع هذه العناصر من أجل إخراج الخطة إلى حيز الوجود . لذلك يعد التنظيم الإطار الذي ينبغي على الإدارة أن تعمل ضمنه ، لضمان تحقيق الأهداف المرسومة بأعلى كفاية ممكنة .
إن التنظيم هو ثمرة الخبرة الطويلة ، والدراسات العلمية ، وذلك عن طريق تحليل المشاريع التي نجحت والمشاريع التي فشلت في هذا الميدان ، بخاصة عندما قام التنظيم في مراحله الأولى على جهود تنقصها الخبرة والتجربة مما أدى إلى فشل مشروعات جديدة وكثيرة .
يرتبط ظهور التنظيم بوجود شخصين فأكثر في المنظمة ، ففي حالة الأعمال الفردية ، أي عندما يكون المالك للمشروع الصناعي شخصاً واحداً ، وترتبط به جميع الوظائف من إنتاج وتمويل …الخ فلا حاجة لظهور التنظيم في هذه الحالة ، ولكنه مع نمو المشاريع وزيادة حجم الأعمال والتي يتطلب لأدائها أكثر من شخص واحد تحدث عملية نمو وظيفي ، وتعد الأساس في بناء وظائف معينة بأشخاص آخرين يضافون إلى المشروع ، وهذا النمو الوظيفي أدى إلى تخصص وظيفي أكثر ، ونتيجة لذلك تطور أيضاً الهيكل الإداري في المشروعات ، مما نتج عنه أيضاً تعقد في العلاقات بين الأشخاص العاملين في تلك المشروعات ، وهذا النمو حدث في اتجاهين :
الأول : نمو وظيفي رأسي أدى إلى نشوء المستويات الإدارية الثلاثة ، إدارة عليا وإدارة متوسطة وإدارة تنفيذية (مباشرة) والثاني نمو وظيفي أفقي أدى إلى نشوء الوظائف الثانوية أو الاستشارية مهمتها المساعدة على أداة الوظائف التنفيذية .
فالتنظيم يرتبط بالعمل الجماعي الذي يجب أن يعمل كوحدة متماسكة وهذا ما يحققه التنظيم .
ومن استعراض كتابات الباحثين في أدبيات الإدارة يُصادف الكثير من التعاريف المختلفة لمفهوم التنظيم ، فهنري فايول مثلاً يقول إن التنظيم هو ” إمداد المنظمة بكل ما يساعدها على تأدية وظائفها من المواد والعدد ورأس المال والأشخاص ، وتتطلب وظيفة التنظيم من الإدارة إقامة العلاقات بين الأفراد بعضهم ببعض ، وبين الأشياء بعضها ببعض “. أما كونتز وأدونل فيقول ” إن التنظيم هو تجميع الأنشطة الضرورية لتحقيق أهداف المنظمة ، وإسناد كل مجموعة من مجموعات النشاط إلى مدير يتمتع بالسلطة اللازمة لأداء هذا النشاط ، وبالتالي فإن التنظيم ينطوي على تحديد علاقات السلطة مع التنسيق بينها أفقياً ورأسياً داخل هيكل المنظمة ” . ومنهم من يعرف التنظيم بأنه ” تقسيم العمل إلى عناصر ومهمات ووظائف وترتيبها في علاقات سليمة وإسنادها إلى أفراد بمسؤوليات وسلطات تسمح بتنفيذ سياسات المشروع “.
ومن استعراض تلك التعاريف وغيرها يُلاحظ أن التنظيم عملية متكاملة لتحديد الواجبات وتوزيع مسؤوليات أدائها على الأفراد للحصول على مزايا تحديد السلطة وربطها بالمسؤولية ليكون بذلك وسيلة لتحقيق أهداف المنظمة بكفاية عالية .
يعد التنظيم من أهم العوامل الأساسية التي تسهم في تحقيق أهداف المشروعات وتقدمها ، حيث ترجع أهمية التنظيم في تحقيق الأهداف ، ونجاح المنظمات إلى عدة عوامل أهمها مبدأ تقسيم العمل والتخصص في مجالات الإنتاج ، وإلى المحافظة على أسواق التوزيع ، والانتشار في الأسواق الجديدة ، وتنبع أهمية التنظيم ، إلى أن التنظيم الجيد الذي يدعو إلى تفويض السلطة وتحميل المسؤولية ، وإلى تقسيم العمل وإلى إنشاء العلاقات التعاونية بين العاملين ، يؤدي إلى نجاح المنظمة .
فالتنظيم إذن هو كل عمل يتم بموجبه تحديد أنشطة( وظائف ) المنظمة كالوظيفة المالية والتسويقية وتحديد إداراتها ( كالإدارة المالية وإدارة التسويق ) ، وأقسامها ولجانها ، وعلاقات هذه المكونات مع بعضها البعض من خلال تحديد السلطة والمسئولية ، التفويض ، والمركزية واللامركزية ، ونطاق الإشراف.. وغيرها في سبيل تحقيق الهدف .
– فوائد التنظيم
لاشك أن للتنظيم فوائد متعددة يمكن توضيح أهمها في الآتي:
– توزيع الأعمال والأنشطة بشكل عملي .
– يقضي التنظيم على الازدواجية في الاختصاصات .
– يحدد التنظيم العلاقات بين العاملين بشكل واضح .
– يخلق التنظيم تنسيقاً واضحاً بين الأعمال .
– خطوات أو مراحل التنظيم
بعد أن تم تحديد مفهوم التنظيم وتوضيح فوائده لا بد من توضيح نقطة أساسية ومهمة وهي كيفية القيام بعملية التنظيم ولتوضيح ذلك نبين التالي :
بفرض أن هناك شخصاً ما يمتلك رأس مال ويرغب في تكوين شركة ( منظمة ) لتصنيع أحد المنتجات ، وطلب من أحد الخبراء الإداريين أن يعمل على وضع نظام إداري لهذه الشركة فما هي الخطوات التي سيتبعها هذا الخبير لوضع هذا النظام . سيكون ذلك حسب الخطوات التالية :
– الخطوة الأولى
سيطلب الخبير من أصحاب الشركة المزمع إنشائها أن يحددوا له ما هي أهدافهم من إنشاء هذه الشركة من أجل تحديد نوع وعدد الوظائف ( الأنشطة ) التي يتطلبها تحقيق هذا الهدف . فإذا كان هدف المنشأة هو إنتاج سلعة لتسويقها في السوق المحلية مثلاً بفرض تحقيق هدف مرضي ، فإن الخبير في هذه الحالة سيكون قد حدد بداية الطريق وسينتقل إلى الخطوة التالية لها .
– الخطوة الثانية
سيعمل الخبير على إعداد قوائم تفصيلية بالنشاطات التي يتطلبها تحقيق الهدف المحدد ومن هذه النشاطات تصميم المنتج ، اختيار التكنولوجيا الملائمة ، تخطيط الإنتاج طويل المدى ، تخطيط الإنتاج السنوي ، جدولة الإنتاج ، استلام المواد ، تخزين المواد ، صرف المواد..، الإعلان ، البيع الشخصي ، توزيع المواد تحليل الوظائف ، تخطيط القوى العاملة ، اختيار العاملين ، وضع المرتبات ، مسك السجلات المحاسبية… – الخطوة الثالثة
بعد أن ينتهي الخبير من إعداد كشف تفصيلي بجميع الأنشطة اللازمة لتحقيق هدف المنشأة فإنه سيضع سؤالاً كبيراً وهو هل كل هذه الأنشطة المتنوعة يمكن لإدارة واحدة أو قسم واحد أن يقوم بها جميعاً ؟ حتماً الجواب سيكون ( لا ) لأنه لا يعقل أن تقوم إدارة واحدة بجميع الأعمال المالية ، والإنتاجية والتسويقية .
وبالتالي فإن هذه الخطوة ستركز على تجميع الأنشطة المتشابهة معاً ووضعها في وحدة إدارية واحدة .
ولكن السؤال الآن هو ما هو أساس التجميع لهذه الأنشطة هل التشابه في الوظيفة بمعنى أن النشاطات المالية تجمع معاً أو التشابه في نوع المنتج بمعنى أن المنتجات المتشابهة توضع معاً.. الخ ؟
للإجابة على هذا السؤال يمكن القول أن هناك أسس متعددة لتجميع الأنشطة ( تكوين الإدارات) منها :
– التقسيم ( التجميع ) حسب الوظائف .
– التقسيم ( التجميع ) حسب المنتج .
– التقسيم ( التجميع ) حسب العملاء .
– التقسيم ( التجميع ) حسب المناطق الجغرافية .
– التقسيم ( التجميع ) حسب مرحلة الإنتاج .
وفيما يلي توضيح موجز لكل نوع من هذه الأنواع .
– التقسيم على أساس الوظيفة : ويعتبر أكثر شيوعاً وفيه يتم تجميع كافة الأنشطة المرتبطة بمجال معين في وحدة إدارية واحدة فنشاطات الإنتاج تجمع في إدارة واحدة ، والنشاطات المالية في إدارة واحدة … الخ
– التقسيم حسب المنتج : وهذا الأساس يقوم على تجميع الأنشطة المرتبطة بسلعة ما أو خط إنتاج معين في وحدة إدارية واحدة ويستخدم في المنشآت الكبيرة .
– التقسيم على أساس العملاء : ويستخدم عندما تتعامل المنظمة مع عدة أنواع من العملاء مثل الشباب والأطفال والنساء .
– التقسيم حسب المناطق الجغرافية : ويستخدم في المنظمات التي يشمل نشاطها مناطق جغرافية متعددة
– التقسيم على أساس الإنتاج ( العمليات) :يتم التقسيم إلى إدارات حسب مراحل العمليات الصناعية المستخدمة في التصنيع .
– الخطوة الرابعة : تحديد العلاقات التنظيمية
بعد تكوين الوحدات الإدارية فإنه لابد من ربط هذه الوحدات مع بعضها من خلال تحديد العلاقات المناسبة بين العاملين في مختلف المستويات الإدارية رأسياً وأفقياً .
وهذه العلاقات التنظيمية تتصل بمفاهيم أساسية أهمها كما هو مبين في الشكل رقم (9 ) أدناه
وفيما يلي توضيح سريع لهذه المفاهيم :
مفاهيم التنظيم الإداري
– السلطة : هي الحق القانوني ( الشرعي ) في إصدار الأوامر للآخرين للقيام بعمل معين وهناك أربعة أنواع من السلطات :
– السلطة التنفيذية : هي السلطة التي لها الحق في إصدار الأوامر، ولا يجوز رفضها وأوامرها لا تقتصر على مجال متخصص معين ( كما هو في السلطة الوظيفية ) ولكن يشمل كل المجالات .
– السلطة الاستشارية : هي الحق في تقديم النصح والاستشارة لأصحاب السلطة التنفيذية وتكون غير ملزمة التنفيذ من قبل الآخرين .
– السلطة الوظيفية ( التخصصية ) : هي السلطة التي يستمدها صاحبها من الخدمات التي يقدمها إلى الإدارات الأخرى ليس بحكم كونه رئيساً عليها – كما هو في السلطة التنفيذية – ولكن بحكم الخدمات التخصصية التي يقدمها لها .
– سلطة اللجان : وهي السلطة التي تمارس من قبل اللجان وقد تكون اللجان تنفيذية أو استشارية .
– المسئولية : هي التزام الفرد بتنفيذ الواجبات والأعمال التي تعهد إليه من سلطة أعلى .
– تفويض السلطة : هي عملية بموجبها يتم منح السلطة من الرئيس إلى المرؤوس لأداء عمل معين .
– المركزية واللامركزية
المركزية : هي حصر حق اتخاذ القرار في قمة الهيكل التنظيمي . أي تركز السلطة في الإدارة العليا .
اللامركزية : هي عبارة عن نقل حق اتخاذ القرار للمستويات التنظيمية الأخرى ( الأدنى ) أو الفروع بموجب قواعد تشريعية .
وتختلف اللامركزية عن التفويض في أن اللامركزية تتم بموجب قواعد تشريعية وليست منحة كما هو الحال في التفويض . كما أن المفوض يبقى مسئولاً عن نتائج الأعمال التي فوضها .
– نطاق الإشراف : يقصد به عدد المرؤوسين الذين يشرف عليهم إداري واحد ويخضعون لسلطته .
– اللجان : عبارة عن مجموعة من الأفراد المعينين أو المنتخبين يعهد إليهم كجماعة بمسئولية القيام بعمل معين وقد تكون اللجنة تنفيذية أو استشارية .
– الخطوة الخامسة : تحديد العلاقات بين الوحدات الإدارية
بعد إنشاء الوحدات الإدارية في المنظمة كالإدارة المالية ، وإدارة الإنتاج ، وإدارة التسويق ، وإدارة الموارد البشرية ، لابد من إيجاد التنسيق بينها من خلال إيجاد شبكة اتصالات رسمية بينهم تسمح بتبادل البيانات والمعلومات بانسياب ويسر .
– الخطوة السادسة : اختيار وتنمية العناصر البشرية من أجل تنفيذ مهام الوحدات الإدارية
بعد الانتهاء من عملية تصميم الهيكل التنظيمي تبدأ عملية اختيار الأفراد لشغل الوظائف الموجودة في الهيكل ، ولابد أن يكون الاختيار قائم على مبدأ ( وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ) .
– الخطوة السابعة : رسم الهيكل التنظيمي على شكل مخطط يطلق عليه ( الخريطة التنظيمية )
والخريطة التنظيمية توضح حجم الهيكل التنظيمي ، والتبعية ، ونطاق الإشراف لكل شخص وعدد المستويات الإدارية ، وتُعطي فكرة عن المناصب المختلفة .
قد تبين الخريطة خطوط انسياب السلطة من أعلى إلى أسفل كما في الشكل.أو تكون من اليمين إلى اليسار
– الخطوة الثامنة : إعداد الدليل التنظيمي
في هذه المرحلة يقوم الخبير بإعداد ما يسمى بالدليل التنظيمي وهو عبارة عن كتيب يتضمن أسم المنظمة عنوانها ، أهدافها ، سياساتها ، هيكلها التنظيمي بتقسيماته الرئيسية والفرعية ، وإجراءاتها… الخ .
– الخطوة التاسعة : تتمثل في ضرورة مراقبة عملية التنظيم بشكل دائم ومستمر وإدخال التعديلات المناسبة عليه حسب الحاجة حتى يلبي أي متغيرات مطلوبة . والشكل التالي يوضح جميع هذه الخطوات المذكورة