مفهوم ومعايير التنمية المستدامة
ورد مفهوم التنمية المستدامة لأول مرة في تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية
عام 1987 وعرفت التنمية في هذا التقرير على انها تلك التنمية التي تلبي ” إحتياجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجياتهم”
كما عرفها دي فرايز بأنها عملية موازنة للوفاء بالإحتياجات الإنسانية/البشرية في إطار حماية البيئة الطبيعية من أجل توفير هذه الإحتياجات في الحاضر والمستقبل”
كما تم تعريفها بأنها تعبير عن التنمية التي تتصف بالإستقرار وتمتلك عوامل الإستمرار والتواصل، وهي ليست واحدة من تلك الأنماط التنموية التي درج العلماء على إبرازها مثل التنمية الإقتصادية، أو التنمية الإجتماعية أو الثقافية، بل هي تشمل هذه الأنماط كافة، فهي تنمية تنهض بالأرض ومواردها، وتنهض بالموارد البشرية
، فهي تنمية تأخذ بعين الإعتبار البعد الزمني وحق الأجيال القادمة في التمتع بالموارد الأرضية”
وفي تعريف آخر: التنمية المستدامة تعني بالنسبة لأي مؤسسة تطبيق إستراتجيات وأنشطة الأعمال التي تحقق إحتياجات المشروع وأصحاب المصلحة فيه اليوم، مع حماية الموارد البشرية والطبيعة في المستقبل.
من خلال التعاريف الواردة أعلاه نستنتج أن التنمية المستدامة ترتكز على:
– إشباع حاجيات الأجيال الحالية بشكل مضطرد مع الإستقلال العقلاني للموارد المتاحة، لضمان حق الأجيال
المستقبلية؛
– ثلاثة مبادئ أساسية وهي: الفعالية الاقتصادية، العدالة والإنصاف الاجتماعي والمحافظة على البيئة وحمايتها؛
– العنصر البشري بإعتباره الغاية والوسيلة في آن واحد؛
– عملية تغيير شاملة ومتواصلة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، والتي تتطلب التوافق والتكامل
بين هذه المطالب الثلاثة التي تعتبر الركائز الأساسية للإستدامة.
أهمية التنمية المستدامة بالنسبة للمؤسسات
إن المؤسسات التي تعمل على تحقيق التنمية المستدامة من خلال إحداث تغيرات سواء تعلقت بالسياسات أو العمليات أو المنتجات، يمكنها تحقيق مجموع من المنافع تتمثل في مايلي:
-1 خلق ميزة تنافسية: إن النظر إلى عمليات المؤسسة من خلال عدسة التنمية المستدامة من شأنه أن يخفض التكاليف ويزيد من العوائد، فالمؤسسات التي تطور منتجات تقدم حلولا جديد لمشاكل قديمة سوف يؤدي هذا
التطوير إلى زيادة حصتها في السوق، كما أن إنتاج نفس المستوى من الإنتاج في ظل مدخلات أقل. ومع بقاء
العوامل الأخرى على حالها، سيكون لها أثر بيئي واقتصادي إيجابي، كما سيكون له تأثير إيجابي على هيكل التكلفة
الخاص بالمؤسسة.
-2 تخفيض المخاطر: إن المؤسسات التي تقوم بإعداد ونشر تقارير الإستدامة، هي المؤسسات التي يزيد فيها إحتمال
تخفيض المخاطر عدم الإتفاق مع القوانين وتجنب التهديدات التي قد تترتب على تلويثها للبيئة، والتي يمكن أن تؤثر
سلبا على أدائها المالي وسيولتها، وذلك بالمقارنة بالمؤسسات التي لا تعد ولا تنشر هذه التقارير.
-3 الإحتفاظ بولاء أصحاب المصلحة: إن عدم إستجابة المؤسسات لتحديد التأثير البيئي والإجتماعي
والإقتصادي لكل مرحلة من مراحل العملية الإنتاجية، سوف يعرضها لمخاطر جوهرية مما قد يهدد ولاء أصحاب
المصلحة، فالمؤسسات التي تستجيب الآن، هي تلك التي يمكنها أن تتخذ قراراتها وإختياراتها بنفسها وإلا ستكون
مدفوعة للإستجابة لجمعات الضغط أو تنصاع لمعايير يضعها الآخرون.
-4 تفعيل حوكمة الشركات: إن المؤسسات التي تعد وتنشر تقارير عن مقدرتها عن الإستدامة، من شأنهاا أن ترفع مستوى الإفصاح والشفافية بشأن الأداء المالي والبيئي والإجتماعي، الأمر الذي يعمل على تفعيل الحوكمة بإعتبار
أن الشفافية من آليات ومبادئ الحوكمة.
معايير قياس التنمية المستدامة
لإدماج التنمية المستدامة، تلجأ المؤسسات الإقتصادية إلى الإستعانة بجملة من الأدوات وهي بمثابة مرجعيات
يستدل بها، منها ما جاءت نتيجة مجهودات قامت بها الهيئات الدولية منها المنظمات الدولية والجمعيات المهنية والجمعيات غير الحكومية ومكاتب التدقيق والاستشارة، وبالتالي يمكن حصر أهم هذه المعايير والمواصفات القياسية الدولية المعنية بإدماج التنمية المستدامة في التسير
وفيما يلي أهم المعايير لقياس التنمية المستدامة بالمؤسسة:
معايير آيزو 14000
تعتبر المواصفة 14000 مجموعة متطلبات تهتم بتكوين نظام إدارة بيئية، يمكن تطبيقه في جميع أنواع وأحجام المؤسسات، ويتكيف مع مختلف الظروف المتنوعة سواء أكانت ثقافية، إجتماعية وجغرافية، وتهدف هذه
المواصفة أساسا إلى تدعيم حماية البيئة ومنع التلوث أو توازنه مع الحاجات الإقتصادية والإجتماعية، إضافة إلى
تسهيل عملية التطبيق من خلال جمع متطلبات المواصفة وتحديدها وبشكل متزامن وتدقيقها في أي وقت
معيار آيزو 19000
نظام الإدارة والتدقيق الأوربي هو المعيار الأوروبي بشأن الإدارة البيئية التي وضعتها المفوضية الأوروبية
الساري منذ 1995 م، وضعه يتطلب، أولا إقامة تعزيزو تحسين (نظام الإدارة البيئية (وتدقيق
الحسابات للأداء المستمر على حماية البيئة. الأهداف ونشر تقرير لحماية البيئة والتحقق منه من قبل وكالات معتمدة .
نظام الصحة والسلامة المهنية 18001
يحدد المتطلبات التي تمكن المؤسسة من السيطرة على خطر وقوع حوادث في مكان العمل ويعتبر أداة إدارية
من خلاله تضمن المؤسسة التحكم في العناصر التالية
الإلتزام بانتهاج سياسة إدارة المخاطر، وضع أهداف وبرامج
الإجراءات التأسيسية للقياس والرصد، تنفيذ تدابير لمنع وقوع حوادث، إنشاء تدقيق الإجراءات القانونية والتحقق .
المعيار 8000
معيار التدقيق الإجتماعي يوفر أساسا لإصدار الشهادات على أساس إحترام حقوق الإنسان وحقوق العمال وضع في 1997 م من قبل منظمة في أمريكا الشمالية المساءلة الإجتماعية الدولية، التي وصفت من قبل
يقوم على أساس من الإتفاقيات الدولية(منظمة العمل الدولية)، والتي تغطي مختلف المجالات: عمل الأطفال، والصحة والسلامة وحرية تكوين الجمعيات، والحق في المفاوضة الجماعية، وظروف العمل والأجر لتقييم الظروف المحيطة بمكان العمل، بما في ذلك عمالة الأطفال والعمالة القسرية والأمور المتصلة بالصحة والسلامة
في مكان العمل وحرية الإرتباط والتمييز والمضايقات في مكان العمل والإجراءات التأديبية وساعات العمل
والأجور ومسئولية الإدارة في بيئة وتحسين ظروف العمل المناسبة.
قامت بتطبيق العمليات الداخلية الضرورية لضمان حصول الموظفين على
حقوقهم الإنسانية الأساسية، ولذلك :
– تؤدي لزيادة ولاء الموظفين ورفع كفاءتهم في العمل؛
– الحد من معدلات دوران العمالة؛
– وضع قيم الشركة موضع التنفيذ؛
– تحسين سمعة الشركة في السوق وعلامتها التجارية؛
– تحسين أوضاع الموظفين وتطوير أدائهم.
عثمان محمد غنيم ، التنمية المستديمة فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان، ط 1