ذات صلة

جمع

السبت 7 سبتمبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم

شهدت أسعار الحديد والأسمنت استقرارًا، في المصانع المحلية، فى...

السبت 7 سبتمبر 2024.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم

استقرت أسعار الخضروات والفاكهة بأسواق الجملة المحلية، خلال تعاملات...

أسعار الذهب اليوم السبت 3395 جنيها للجرام عيار 21

استقر سعر الذهب في مصر، بمستهل تعاملات اليوم السبت،...

وزير الإسكان: تنفيذ 154 ألف وحدة بمدينة أكتوبر الجديدة.. وتشغيل محطة محولات

تفقد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية،...

سعر الدولار اليوم السبت 7-9-2024 فى البنوك المصرية

استقر سعر الدولار اليوم السبت 7-9-2024، أمام الجنيه المصرى...

نبذة عن تمويل ميزانية الدولة بطريقة سهلة

    تمويل ميزانية الدولة

    يعرف قانون المالية بأنه “خطة تتضمن تقديرا لنفقات الدولة و إيراداتها خلال فترة قادمة، غالبا سنة، ويتم هذا التغيير في ضوء الأهداف التي تسعى إليها السلطة السياسية”. وبناءا عليه فإن قانون المالية للسنة ليس أداة محاسبة لتوضيح النفقات والإيرادات العامة للدولة، وإنما هي وثيقة الصلة بالاقتصاد ووسيلة من وسائل الدولة في تحقيق أهدافها[1]. فهو إذن البرنامج المالي للدولة، تتوقع وتجيز فيه السلطات العمومية صاحبة الاختصاص، موارد الدولة وتكاليفها لمدة لا تتعدى سنة.
    الميزانية – الموازنة العامة ،هي مرادفات تستعمل عموما في علم المالية و التشريع المالي للدلالة على قانون المالية ،أما في المغرب فالمشرع المغربي جعل من قانون المالية النص الذي يضم مختلف المقتضيات القانونية،لموارد و نفقات الدولة وطرق تدبيرها،ومراقبتها،وكذا ميزانية الدولة، و بالتالي فإن تعبير “قانون المالية”أعم[2].
    يعتبر قانونا للمالية[3] :

    قانون المالية للسنة؛
    قوانين المالية المعدلة له؛
    قانون التصفية.

    أما الميزانية فهي وثيقة محاسبية فقط،أي مجموعة من الحسابات التي تشتمل على الموارد و التكاليف الخاصة بالميزانية العامة، ومرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة و الحسابات الخصوصية للخزينة[4].
    مكونات الميزانية:

    الميزانية العامة bg:نموذج البلاط الملكي، البرلمان، الوزارات…
    مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة segma :

    هي المصالح التابعة للدولة غيرالمتمتعة بالشخصية المعنوية، تحدث وتحذف بمقتضى القانون المالي[5].و هي حالة من حالات الاستثناء من قاعدة عدم تخصيص مدا خيل معينة لوجه من وجوه الإنفاق.

    مهمتها أساسا إنتاج سلع وتقديم خدمات مقابل أجر، ويتم تسييرها بطرق تتسم بالمرونة وسرعة المبادرة والانجاز.

    من أمثلتها:

    مراكز الاستثمار الجهوية ؛ المراكز الإستشفائية الإقليمية ؛ معاهد التكنولوجيا الفندقية والسياحية ؛ المركبات الرياضية محمد الخامس ومولاي عبد الله.

    الحسابات الخصوصية للخزينةcst : تحدث بقانون المالية، هدفها هو بيان العمليات التي لا يمكن إدراجها بطريقة ملائمة في الميزانية العامة، نظرا لطابعها الخاص أو للعلاقة السببية المتبادلة بين المد خول والنفقة أو للاحتفاظ بنوعها الخاص وضمان استمرارها من سنة إلى سنة مالية أخرى[6]. وهي ستة أنواع :

    الحسابات المرصودة لأمور خصوصية، من أمثلتها.

    صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

    حصة الجماعات المحلية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة.

    حسابات الانخراط في هيئات الدولة و تضم:

    حساب الانخراط في مؤسسات بروتون ودس.

    حساب الانخراط في الهيئات العربية و الإسلامية.

    حساب الانخراط في المؤسسات المتعددة الأطراف.

    حسابات القروض: التعاونيات الفلاحية ؛ الدول الأجنبية ؛ الجماعات المحلية ؛ onep ؛oncf …

    حساب التسبيقات : الممنوحة مثلا لbnde و onicl …

    حسابات النفقات من مخصصات الميزانية نموذج :

    شراء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية.

    صندوق المديرية العامة للدراسات والتوثيق.

    صندوق تنمية الجماعات المحلية وهيئاتها.

    حساباتالعملياتالنقدية وتضم:

    فروقالصرففيعملياتبيعوشراءالعملاتالأجنبية ؛

    حسابعملياتتبادلأسعارالفائدةوالعمولاتالمستحقةعلىالإقتراضاتالخارجية.

    موارد الميزانية تشتمل : الضرائب والرسوم ؛ حصيلة الغرامات ؛ الأجور عن الخدمات المقدمة و الأتاوى؛ أموال المساعدة والهبات والوصايا ؛دخول أملاك الدولة ؛ حصيلة بيع المنقولات والعقارات ؛ حصيلة الاستغلالات والمساهمات المالية للدولة وكذا القسط الراجع للدولة من أرباح المؤسسات العمومية ؛ المبالغ المرجعة من القروض و التسبيقات والفوائد المترتبة عليها؛ حصيلة الاقتراضات ؛ الحصائل الأخرى[7].
    أما تكاليف الميزانية فهي:

    نفقات التسيير و تتضمن:

    نفقات الموظفين.
    نفقات المعدات والنفقات المختلفة.
    التكاليف المشتركة، مدرجة فقط في الفصل الخاص بوزارةالاقتصادوالمالية.
    النفقات الطارئة والمخصصات الاحتياطية (المندوبيةالساميةلقدماءالمقاومينوأعضاءجيشالتحرير).

    نفقات الاستثمار.

    النفقات المتعلقة بالدين العمومي:[8]

    نفقات الفوائد والعمولات.
    نفقات استهلاك الدين العمومي المتوسط والطويل الأجل.

    يتم تنفيذ الميزانية على أساس قواعد المحاسبة العمومية، من طرف الأمرين بالصرف و المحاسبين العموميين.
    الآمر بالصرف : يعتبر آمرا بالصرف للمداخيل و النفقات كل شخص مؤهل باسم منظمة عمومية لرصد و إثبات أو تصفية أو أمر باستخلاص دين أو أدائه[9].
    المحاسب العمومي: يعتبر محاسبا عموميا كل موظف أو عون مؤهل للقيام باسم منظمة عمومية بعمليات المداخيل أو النفقات أو تناول السندات إما بواسطة أموال و قيم معهود إليه بها و إما بتحويل داخلي لحسابات و إما بواسطة محاسبين عموميين آخرين أو حسابات خارجية للمتوفرات التي يأمر بترويجها أو مراقبتها[10].
    مراحل إنجاز المداخيل : الرصد، التصفية ، إصدار الأمر بالاستخلاص ، التكفل، التحصيل.
    مراحل إنجاز النفقة :

    الالتزام : عمل تحدث أو تثبت بموجبه المنظمة العمومية سندا يرتب عنه تحمل[11].

    التصفية : هدفها التأكد من حقيقة الدين و حصر مبلغ النفقة[12].

    الآمر بالصرف : عمل إداري يحتوي على الأمر بالأداء طبقا لنتائج التصفية[13].

    الأداء : العمل الذي تبرئ به المنظمة العمومية ذمتها من الدين[14].

    قانون التصفية : هو الوثيقة التي يثبت فيها المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة و النفقات المأمور بصرفها و المتعلقة بنفس السنة المالية و يحصر فيها حساب نتيجة السنة[15].
    الإطار القانوني لقانون المالية :

    الفصل الخامس و السبعون من دستور 2011 : “يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب ، بالتصويت من قبل البرلمان وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي ؛ ويحدد هذا القانون التنظيمي طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية…”.

    القانون التنظيمي رقم 98-7 لقانون المالية الصادر بتنفيذه الظهير رقم 138-98-1 بتاريح 26 نوفمبر 1998[16]، كما تم تغييره وتتميمه بالظهير رقم 195-00-1 الصادر في 19 أبريل 2000 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 00-14 [17]. فهذا القانون يعتبر امتدادا للدستور المغربي باعتبار أن مقتضياته تنظم توزيع الصلاحيات بين الجهازين التشريعي و التنفيذي في ما يتعلق بشروط تحضير و إقرار و تنفيذ القانون المالي، هذا ومع صدور الدستور المغربي الجديد في صيف 2011، فإننا ننتظر صدور القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية.

    الأساس الدستوري للموارد الجبائية:

    الفصل التاسع و الثلاثون من دستور 2011:

    “على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور”.

 

 

 

    حسب القانون التنظيمي لقانون المالية، رقم 07-98، كما تم تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 14-00، فإن الهيكلة العامة لقانون المالية تتشكل كما يلي:

    الجزء الثاني: وسائل المصالح: النفقات من الميزانية العامة و ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة و الحسابات الخصوصية للخزينة. الجزء الأول: المعطيات العامة للتوازن المالي.
    1 الميزانية العامة.

    2 مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة.

    3 الحسابات الخصوصية للخزينة.
    الباب الأول : الأحكام المتعلقة بالموارد العامة.

    1 الضرائب و الموارد المأذون في استيفائها.

    2 الموارد المرصدة.

    الباب الثاني: أحكام تتعلق بالتكاليف.

    1 الميزانية العامة .

    2 مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة.

    3 الحسابات الخصوصية للخزينة .

    الباب الثالث: أحكام تتعلق بتوازن موارد و تكاليف الدولة.

 

 

 

 

 

 

    كما أن التوازن العام في القانون المالي يقدم على الشكل التالي:

    موارد الدولة نفقات الدولة
    موارد الميزانية العامة

    الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة

    الضرائب غير المباشرة

    الرسوم الجمركية

    رسوم التسجيل و التمبر

    حصيلة تفويت مساهمات الدولة

    حصيلة مؤسسات الاحتكار و الاستغلالات و المساهمات المالية للدولة.

    عائدات أملاك الدولة

    موارد مختلفة

    موارد الاقتراضات و الهيئات و الوصايا

    موارد ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة

    موارد الحسابات الخصوصية للخزينة

    نفقات التسيير للميزانية العامة

    نفقات الموظفين

    نفقات المعدات النفقات المختلفة

    التكاليف المشتركة

    النفقات الطارئة و المخصصات الاحتياطية

    نفقات الفوائد و العمولات المتعلقة بالدين العمومي

    نفقات استهلاكات الدين العمومي المتوسط و الطويل الأجل

    نفقات الاستغلال لميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة

    نفقات الاستثمار للميزانية العامة

    نفقات الاستثمار لميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة

    نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة

    1 مجموع موارد الدولة 2 مجموع نفقات الدولة
    العجز = زيادة التكاليف على الموارد = 2 ــــــ 1

 

 

    من خلال هذه الهيكلة، سنحاول الانفتاح على إشكالية “المرتكزات المالية للدولة و طرق اعتمادها لتمويل الميزانية “، و ذلك من خلال طرح التساؤلات التالية:

    ماهي الموارد الجبائية للدولة؟
    كيف تساهم ممتلكات الدولة في تمويل الميزانية؟
    و ماهي أهم المواد الأخرى لميزانية الدولة؟
    ما هي أهمية ودور القروض العامة في بنية موارد الميزانية؟
    وأخيرا كيف يتم تمويل عجز ميزانية الدولة؟

    للإجابة على هذه التساؤلات، نقترح التصميم التالي:

    المبحث الأول: الموارد الجبائيةو غير الجبائية.

    المطلب الأول: الموارد الجبائية.

    المطلب الثاني: عائدات أملاك الدولة.

    المطلب الثالث: الموارد الأخرى.

    المطلب الرابع: تحليل الموارد الجبائية و الموارد الأخرى – نموذج ميزانية 2011 –

    المبحث الثاني: طرق تمويل عجز الميزانية.

    المطلب الأول: القروض العامة.

    المطلب الثاني: الإصدار النقدي.

    المطلب الثالث: الاقتراض و عبئ الاقتراض في القانون المالي لسنة 2011.
    المبحث الأول: الموارد الجبائية و غير الجبائية.

    إن الميزانية باعتبارها أداة لتنفيذ السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة لكونها برنامج مالي مفصل يجسد بالأرقام توجهات وخيارات السلطات العامة في مختلف الميادين[18]، فإنها تحتاج لتمويل يسهم في بلورة هذه الأرقام والبرامج على ارض الواقع ، وتتنوع موارد الدولة فيما بين المداخيل الجبائية المطلب الأول) ،وعائدات أملاك الدولة المطلب الثاني)، مع التطرق إلى بعض الموارد الأخرى : (المطلب الثالث)،ونشير إلى أن القروض من الموارد المهمة في تمويل الميزانية إلا انه باعتبارها تقنية تساهم في تمويل عجز الميزانية ارتأينا إدراجها في المبحث الموالي، وختاما لهذا المبحث سنحاول تحليل هذه الموارد مع الاعتماد على ميزانية :2011 كنموذج (المطلب الرابع).
    المطلب الأول: الموارد الجبائية.
    الفرع الأول: الضرائب.

    الفقرة الأولى: أسس وقواعد فرض الضريبة .

    ساهمت مجموعة من النظريات في تكريس أسس الضريبة التي تباين فيما بينها الفكر المالي التقليدي والمالية الحديثة ، بحيث نجد أن المفكرين التقليديين أسسوا لوجود الضريبة بمقولة “العقد الاجتماعي” على أساس تواجد تعاقد فيما بين المكلف و الدولة ، ظهرت فيه مجموعة من الاتجاهات منها من ذهب إلى أن الضريبة عقد خدمات فالدولة تقوم بتأدية مجموعة من الخدمات منها (الأمن والدفاع والعدالة…) إلى المجتمع مقابل تأدية هذا الأخير للدولة مبلغ من المال ، وهناك كذالك من اعتبر أن الضريبة تنبني على أساس عقد تأمين بحيث يقوم المكلف بتقديم نقود إلى الدولة التي سوف تعمل على حماية المواطن من مجموعة من الكوارث و المخاطر التي تهدد حياتهم .

    ثم هناك من كيف نظرية العقد الاجتماعي مع نظرية عقد الشراكة بحيث يعتبر المكلف نفسه ينخرط في مشروع تأسيس شركة تنتج له مجموعة من الخدمات الاجتماعية ، لتأثر بذلك كل نظريات الفكر المالي التقليدي بنظرية العقد الاجتماعي في تأسيسها للمرجعية التي تقوم عليها أسس الضريبة ، في حين ركز رواد المالية الحديثة نظرياتهم فيما يخص أسس الضريبة في فكرة التضامن الاجتماعي فالدولة كونها ضرورة اجتماعية تفرضها متطلبات صيرورة الحياة وبهدف تسيير مرافقها العمومية وتوفير خدماتها السيادية لابد من منظور رواد التضامن الاجتماعي من إقدام الدولة على اقتطاع نصيب نقدي من مدا خيل المواطنين بحسب مقدرتهم وذلك للمساهمة و التضامن في تحمل جزء من أعباء العامة ، فهذه النظرية التي تكرسها المدرسة المالية الحديثة تنبني على اعتبار أن الدولة هي من يملك حق المبادرة إلى هذا الاقتطاع تكريسا لمفهوم السيادة ،و كذلك تعتبر أن عمومية الضريبة من خصوصيات نظرية التضامن الاجتماعي إلى جانب العدالة في تطبيق هذه الضريبة بحيث لا نتصور أن نجد هناك مساواة بين مكونات المجتمع فيمن له القدرة على تحمل التكليف الضريبي ومن ليست له القدرة على ذلك .

    ومن خلال هذه الأسس يمكن تعريف الضريبة : على أنها اقتطاع نقدي تفرضه الدولة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين بصفة نهائية ودون مقابل بقصد الحصول على الموارد اللازمة لتمويل الأعباء العامة وتحقيق أهداف المجتمع[19].

    و بذلك فخاصية الضريبة تؤسس لمجموعة من القواعد التي تميز الضريبة عن باقي الموارد التي تمول الميزانية :

    أ- العدالة : حيث أن الدولة أثناء فرضها للضريبة على المكلف تراعي معيار المقدرة على أداء التكليف ومن شروط العدالة أن تشمل الضريبة جميع الأفراد والأموال وكذا أن لا يتحمل المكلف أكثر من ضريبة واحدة عن نفس الوعاء خلال نفس المدة ، وأن يتناسب مبلغ الضريبة مع دخل المكلف أو ثروته[20].

    ب- اليقين : و المقصود منه أن يكون مبلغ الضريبة معلوم و توقيت الاقتطاع معلوم لدى المكلف مع تحديد الوعاء إلى كيفية فرضها وتحصيلها إلى غيره من الوسائل المتعلقة بالتنظيم الفني للضرائب[21].

    ت- الملائمة في الدفع : وذلك على أساس أن يكون النظام الضريبي يتلاءم ووضعية المكلف كأن يتناسب تاريح جباية الضريبة مع تاريح حصوله على الدخل وبالأسلوب الذي يتماشى ووضعية المكلف .

    ث- الاقتصاد في التحصيل : فمعلوم أن الضريبة أهم ممول لخزينة الدولة، وهذا يستوجب اختيار طرق تحصيل أكثر اقتصادا، بحيث لا يتصور إنفاق الضريبة في طرق تحصيلها التي من المفروض أن تتم بها تغطية مجموعة من الخدمات التي تسهر عنها الدولة.

    الفقرة الثانية: الوعاء الضريبي.

    إن الوعاء الضريبي هو مجموع أو مختلف العناصر الخاضعة للضريبة[22]، ويعتمد في تحديد مجموعة من المعايير[23]، أسهمت بشكل كبير في التفرقة فيما بين الضرائب المباشرة و الضرائب غير المباشرة.

    أولا: الضرائب المباشرة.

    تتميز بثبات الحصيلة ، ولا تتأثر بالمتغيرات وتتميز كذلك بقلة نفقات تحصيلها، وتمثل وعاء ضريبيا يسهل على الإدارة الضريبية التوصل إليها ومن ثم جبايتها بسهولة ومن مميزات الضرائب المباشرة كونها تحتاج لإدارة جبائية واحدة وغير مكلفة بالنسبة للدولة وتتميز بالملائمة[24]، وتمكن المكلف من شعوره بواجبه اتجاه الدولة وهي تحقق العدالة الجبائية فهي تطبق بشكل ديمقراطي وتناسب بالخصوص الدول المتقدمة كما أنها تحقق حصيلة مهمة بالنسبة لتمويل الميزانية وهي تشمل :

    الضريبة على الدخل : وهي مجموع الموارد التي يحصل عليها الممول بانتظام خلال فترة زمنية معية[25].

    يتميز هذا النوع من الضرائب بالثبات والدورية والانتظام وكونه مورد نقدي، و من أنواع الضرائب على الدخل هناك : الضريبة النوعية وهي تفرض على مختلف فروع الدخل، وهناك الضريبة العامة على الدخل و تفرض على مجموع الدخل ولو كان من مصادر متعددة بين دخل وآخر.

    الضريبة على رأس المال : وهو مجموع ما يمتلكه الفرد خلال فترة زمنية معينة [26]، قد يكون رأس مال منتج مثال (العقارات المكرية والمنازل المكرية و السندات ….) وقد يكون غير منتج (المجوهرات و الأراضي…) و الضريبة على رأس المال منخفضة و غير مكلفة وذلك للحفاظ على الوعاء الضريبي وعدم انسياقه إلى التآكل تجاوبا مع ضغط أصحاب الثروة الخاضعة للضريبة.
    الضريبة على الشركات : تطبق الضريبة على الشركات على مجموع الحاصلات و الأرباح و الدخول ، وهناك شركات تخضع وجوبا لهذه الضريبة منها :

    – الشركات مهما كان شكلها و غرضها.

    – المؤسسات العمومية وغيرها من الأشخاص المعنويين الذين يقومون باستغلال أو بعمليات تهدف للحصول على ربح.

    –الجمعيات والهيئات المعتبرة قانونا في حكمها، الصناديق المحدثة بنص تشريعي أو باتفاقية وغير المتمتعة بالشخصية المعنوية، والمعهود بتسييرها إلى هيئات خاضعة للقانون العام أو الخاص، مالم تكن هذه الصناديق معفاة بنص تشريعي صريح .

    – شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة المؤسسة بالمغرب ، والتي لا تضم سوى أشخاص طبيعيين، وكذا شركات المحاصة.

    – الشركات الفعلية التي لا تضم سوى أشخاص طبيعيين.

    – الشركات ذات غرض عقاري مهما كان شكلها والتي ينقسم رأس مالها إلى حصص مشاركة أو أسهم اسمية .[27]

    الفقرة الثانية: الضرائب غير المباشرة.

    تتميز بكونها سهلة من الناحية السيكولوجية و لا يحس بها المكلف عند أدائها، تحقق للدولة موارد مالية وهي غير ثابتة أو مستقرة، وتتأثر بكل المتغيرات الاقتصادية وهي صعبة من حيث تحصيلها ، ومكلفة لخزينة الدولة وتحتاج إلى العديد من الإدارات ، وتتميز الضرائب غير المباشرة بكونها غير ملائمة ولا تراعي الظروف الشخصية للمكلف ولا تحقق العدالة الاجتماعية ولا تحد من تفاوت الدخول، وتعتمد عليها الدول المتخلفة في تمويل ميزانياتها، من أهم هذه الضرائب، الضريبة على القيمة المضافة ،الذييعتمد عليها المغرب كغيره من الدول السائرة في طريق النمو كمورد حيوي يندرج في إطار الضرائب غير المباشرة ، بحيث تساهم هذه الضرائب بالثلثين (3/2) من الحصيلة العامة للضرائب في المغرب[28].

    ومن مبررات الاحتفاظ بهذه الضريبة في دول العالم الثالث ، كونها ضرائب سهلة وذات مردودية عالية وتساهم في توجيه الاقتصاد .
    الفرع الثاني: الرسوم .

    الرسم من أقدم مصادر الواردات العامة يضرب بجذوره في العصور الوسطى منذ سيادة فكرة العلاقة التعاقدية بين الدولة و الأفراد من خلال تقديم الدولة للمجتمع خدمات بواسطة مرافقها الإدارية ، لكن مع سيادة فكرة التضامن الاجتماعي تزايد نمط الضريبة على حساب الرسم ، وبالرغم من اتساع رقعة الضريبة في النظام الجبائي إلا أنه لم يساهم في الحد من استعمال الرسم في القاموس المالي، و ذلك من خلال اعتماده من طرف مجموعة من المرافق العامة لتنظيم خدماتها بهدف تنظيم استخدامه خاصة مع ظهور مجموعة من الخدمات تستدعي فرض رسوم على طالبيها كالأقمار الصناعية و الانترنيت …

    و يعرف الرسم على أنه : مبلغ من النقود يدفعه الفرد إلى الدولة أو غيرها من الهيئات العامة جبرا، مقابل انتفاعه بخدمةمعينة تؤديها له، و تحقق في آن واحد نفعا خاصا لمن ينتفع بها بالإضافة لنفع آخر عام يعود على المجتمع من جراء أدائها[29]، و منه يتضح أن الرسم يتسم ب :

    صفة النقدية : و المقصود بذلك أن الرسم يتم دفعه في شكل نقدي واقتران الرسم بالصورة النقدية جاء نتيجة التطور الحديث للمالية.
    صفة إجبارية : بحيث يقوم الفرد بدفع مبلغ الرسم بصورة إجبارية من المرفق العام مباشرة عند طلب الخدمة.
    وجود مقابل : وهو ما يتضح من ما يحصل عليه الشخص من نفع مباشر بعد أدائه لتكليف.
    صفة النفع : فهو يحقق للدولة مورد مالي مهم وخدمة الفرد دون أن يشاركه أحد في هذا النفع.

    المطلب الثاني: عائدات أملاك الدولة.

    يقصد بأملاك الدولة كل ما تملكه الدولة سواء أكانت ملكية عامة أو خاصة،وإن قيام الدولة بوظائفها على أحسن وجه يقتضي منها تملكها لمجموعة من الأموال التي تتوزع بين المباني والطرق والأراضي الزراعية والمشروعات الصناعية والتجارية ، وهو مايطلق عليها بممتلكات الدولة العامة والخاصة )الدومين العام ، والدومين الخاص([30] .
    الفرع الأول: ممتلكات الدولة العامة (الدومين العام).

    يقصد بأملاك الدولة العامة أو الدومين العام الأموال التي تمتلكها الدولة أو الأشخاص العامة ، وتكون معدة للاستعمال العام أي الأملاك المخصصة لاستعمال الجميع تحقيقا للمنفعة العامة [31]، كالشوارع والساحات والشواطئ ومجاري المياه إلح… وتخضع لأحكام القانون العام فلا يجوز بيعها أو التصرف فيها ،كما لا يمكن أن تكون محلا للحجز عليها أو تملكها من جانب الأفراد ولو بطريق التقادم[32].

    ويجري التمييز في إطار ملك الدولة العمومي بين ما يعتبر طبيعيا موجودا بطبيعته دونما تدخل ذي مصدر خارجي مثل المياه والبحيرات والأنهار، وبين ما يعتبر اصطناعيا أي ناشئا في وجوده عن تدخل الإنسان وإبداعه و ابتكاراته مثل الأسواق والطرق والملاعب…

    لكن الأصل العام في هذه الممتلكات هو استخدامها من طرف الجمهور بالمجان وبدون إذن مسبق ، لكن قد تعمد الدولة إلى فرض رسوم مقابل الانتفاع بها ، فنجد إن الدولة في بعض الأحيان لا تجد صعوبة في فرض رسوم مقابل دخول الحدائق مثلا، والمنتزهات العامة ، أو الدخول إلى الموانئ والمطارات وذلك بغية تنظيم هذه الممتلكات أو تغطية بعض النفقات العامة أو صيانتها لكن تبقى هذه المداخيل ضئيلة للغاية إذا ما قورنت بباقي إيرادات الدولة [33]، وكنموذج على ذلك فقد بلغت هذه الإرادات حسب قانون المالية لسنة 2011 حوالي 348.500.000 درهم.
    الفرع الثاني: ممتلكات الدولة الخاصة (الدومين الخاص).

    وتتمثل في مجموع الأموال التي تمتلكها الدولة وغيرها من الأشخاص العامة الاعتبارية ملكية خاصة ، وتخضع لأحكام القانون الخاص وتهدف الدولة من تملكها لهذه الأموال الحصول على أرباح تزود بها ميزانية الدولة ومن أمثلة هذه الأموال الأراضي الزراعية والغابات والمشروعات الصناعية والتجارية[34].

    وتعتبر أملاك الدولة الخاصة من أهم الموارد التي كانت تجنيها الدولة في عصور الإقطاع إلى أن تضاءلت أهمية هذه الموارد وحلت محلها الموارد المتأتاة من الأفراد في شكل ضرائب ورسوم، وتأخذ ممتلكات الدولة عدة أشكال :

    الفقرة الأولى: ممتلكات الدولة العقارية وتتكون من :

    أ‌- الأراضي الزراعية : وهو الدومين الأقدم كون الدولة في عهد الإقطاع كانت تعتمد عليها بشكل أساسي في تمويل خزينتها وذلك عبر استغلالها بنفسها أو تأجيرها للأفراد، لكن بزوال وانقضاء عهد الإقطاع بدأ هذا الدومين يفقد بريقه وأهميته كمصدر للإرادات العامة.

    ب‌- المناجم : ويطلق عليها الدومين الاستراتيجي ، ويختلف أسلوب وطريقة استغلالها بحسب الفلسفة السياسية التي تتبناها الدولة بين احتكارها لهذه المناجم أو تفويتها للخواص أو احتفاظها بملكية المناجم مع تأجيرها الأخيرة للأفراد.

    ت‌- الغابات غالبا ما تقوم الدولة بالحفاظ على ممتلكاتها الغابوية وذلك بإنشاء مصالح ومديريات تعنى بالحفاظ عليها ضمانا للتوازن البيئي والايكولوجي لهذه الثروة الطبيعية.

    الفقرة الثانية: ممتلكات الدولة المالية (الدومين المالي).

    وتتضمن ممتلكات الدولة المالية مجموع ما تملكه الدولة من أوراق مالية ، مثل الأسهم والسندات وتسمى بتعبير آخر- محفظة الدولة من الأوراق المالية – وتدر هذه الأوراق أرباحا وفوائد تشكل جزءا من الإرادات العامة، ويمكن إدخال مساهمة الدولة في شركات الاقتصاد المختلط ضمن هذا الدومين.

    ويتجلى الدومين المالي أيضا في قيام الدولة باستثمار أموالها عن طريق شراء سندات ذات فائدة مرتفعة ، كما تسمح لبعض الممولين بسداد نسبة معينة من بعض الضرائب في شكل سندات محددة ، مما يترتب عليه زيادة ما تملكه من أوراق مالية ، في تشجيع بعض الدول الممولين على اقتناء الأسهم والسندات من خلال تخفيف العبء الضريبي عليهم . كذلك يتمثل الدومين المالي في إنشاء مؤسسات الاقتراض المختلفة الاقتصادية و الاجتماعية والعقارية والحرفية مما يأتي بفوائد تمثل إيرادات الدولة ، هذا فضلا عن الفوائد التي تمنحها الدولة للهيئات العامة المحلية وللمؤسسات العامة .

    الفقرة الثالثة: ممتلكات الدولة الصناعية والتجارية.

    ويدخل في هذا الإطار جميع النشاطات الصناعية والتجارية التي تقوم بها الدولة ، فانتقال الدولة الحارسة إلى الدولة التدخلية، ثم إلى الدولة، المنتجة أدى إلى تطور كبير في مجالات تدخل الدولة خاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، مما نتج عنه تملك الدولة لمرافق عامة صناعية وتجارية، تمارس من خلالها أنشطة تجارية وصناعية شبيهة بأنشطة الأفراد أو المشروعات الخاصة، لتحقيق غايات متنوعة، كمشروعات الصناعة الثقيلة وإنشاء محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه.

    هذا و قد بلغت إرادات الدولة من ممتلكاتها الخاصة حسب قانون المالية لسنة 2011 حوالي 10.227.000.000 درهم.
    المطلب الثالث: الموارد الأخرى.
    الفرع الأول: الغرامات.

    وهي ما يتم فرضه على مرتكبي الجرائم ، أو مخالفي الأنظمة والقوانين المعمول بها في الدولة ( نموذج الغرامات التي تفرض على مرتكبي مخالفات أنظمة المرور، والغرامات التي تفرضها المحاكم)[35].

    هذه الغرامات يصعب الاعتماد عليها كمورد مهم ومنتظم من إيرادات الدولة ، وحتى وإن كانت تساهم في تحقيق جزء من هذه الإيرادات ، وذلك بسبب أنها ترتبط في حصيلتها بوجود أو عدم وجود مخالفات ، وبالتالي يصعب التنبؤ بمقدارها لارتباطها بالمخالفات القانونية وجودا وعدما كما أن حصيلتها ضئيلة وغير ثابتة .
    الفرع الثاني: المنح و الإعانات[36].

    و هو ما قد تحصل عليه الدولة من إيرادات من خلال الهبات أو الإعانات أو المساعدات من جهات داخلية أو خارجية، سواء كانت هيئات خاصة، أو حكومية، أو منظمات دولية.

    هذا وقد تأخذ هذه الإعانات أشكالا عينية، و قد تكون بشكل نقدي أو الشكلين معا.

    كما أنه يلاحظ في وقتنا الحاضر بخصوص هذه المنح و المساعدات و بالذات الخارجية منها :

    أن معظم هذه المنح و الإعانات هي ذات طبيعة سياسية، هدفها دعم الحكومات الموالية لها، أو حجبها عن الدول التي لا تساير توجهاتها ولا تخدم مصالحها.
    أن معظم المنح و المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية ، و بالذات البنك الدولي و مؤسساته وصندوق النقد الدولي تحكمها اعتبارات سياسية بحكم سيطرة الدول المتقدمة على إدارة هذه المؤسسات المالية الدولية .
    أنه من جهة أخرى لا يمكن إنكار أهميتها في الأزمات الكبرى أو في تغطية نفقات بعض المؤسسات الاجتماعية و الثقافية و الدينية .

    الفرع الثالث: الإتاوات.

    هي مبالغ نقدية يتم فرضها و تحصيلها من المالكين ، و التي تقابل الارتفاع في قيمة ممتلكاتهم و بالذات على مالكي الأراضي و العقارات ، الذين يتحقق لهم نفع خاص نتيجة جهود ونشاطات الدولة ، و التي يراد منها تحقيق نفع عام ومثال ذلك ، إقامة السدود وشق الترع وقنوات الري وإنشاء الطرق و المواصلات وتوفير خدمات الماء و الكهرباء و المجاري و غيرها، والتي تؤدي إلى انتفاع مالكي الأراضي الزراعية و تحقق نفعا خاصا لمالكي العقارات و الأبنية ، وذلك من أجل تغطية جزء من النفقات التي أنفقتها الدولة على هذه المرافق[37].

    تختلف الإتاوة عن الرسم في جوانب عديدة ، من أهمها أن الرسم لا يتحقق و لا يتم فرضه ودفعه إلا مقابل طلب الخدمة التي يفرض الرسم كمقابل لها، في حين أن الإتاوة تتحقق ويتم فرضها وتحصيلها بدون أن يكون هنالك طلب للتحسينات التي تفرض الإتاوة كمقابل لها ، بحيث أن الدولة ومن خلال سعيها لتحقيق النفع العام تحقق عرضا نفعا خاصا يتمثل في ارتفاع قيمة الأراضي و العقارات الناجم عن التحسينات و الذي تقابله الإتاوة بسبب النشاطات والأعمال التي قامت بها في إطار سعيها لتحقيق النفع العام ، وبدون أن تستهدف الدولة أصلا تحقيق النفع الخاص منها بشكل أساسي ولكنه يتحقق بصورة عرضية .كما أن الإتاوة تفرض وتدفع مرة واحدة في الغالب و إن تكررت لفترات متباعدة ، أما الرسم الذي يتم فرضه و دفعه كلما تكرر طلب الخدمة، إضافة إلى كون درجة الإجبار أكبر في الإتاوات منها في الرسوم.

    هذا و يمكن أن يطلق مصطلح الإتاوة كذلك على المقابل الذي تحصل عليه الدولة من المشروعات الاقتصادية العامة و الخاصة و التي تقوم على أساس استغلال بعض موارد الثروة المعدنية التي تعود ملكيتها للدولة باعتبارها ممثلة للمجتمع وكمقابل لاستغلال الموارد هذه.
    المطلب الرابع: تحليل الموارد الجبائية والموارد الأخرى ـــــ نموذج ميزانية 2011 ـــ

    عمل المغرب مند التسعينات على توجيه مجموعة من الإصلاحات لتقوية مناعة التمويل العمومي حيث استهدفت بالخصوص مواجهة إكراهات القانون المالي السنوي وهي مجموعة من العوامل و المؤشرات و الضغوطات التي تقيد توجهاته ، وتحد من اختياراته التنموية منها : ارتفاع خدمات الدين العمومي ، وتأثيرات الاقتصاد العالمي ، وهشاشة البنيات الاقتصادية ، وتفاقم العجز الاجتماعي، وتراجع موارد الدولة العمومية…[38]، و منه فدراسة وتحليل أداء الميزانية يتوقف بالأساس على معرفة بنية مداخلها و التي سنحاول التعرف عليها، وفق ما تضمنه التقرير الاقتصادي والمالي لمشروع القانون المالي لسنة 2011 .

    ففي سياق وضعه للإطار الماكرو اقتصادي ركز التقرير أساسا على أداء بنية ميزانية 2009 وآفاق اختتام ميزانية 2010 مع عدم إهمال النتائج المحققة من كل من ميزانية 2008، بحيث تم تسجيل فائض بنسبة 0.4% و سنة 2007 ثم تسجيل 0.7% وسنة 2009 تم تسجيل عجز بلغ2.2 %. كما تم تسجيل تراجع دينامية الموارد الجبائية بالنسبة لقانون المالية لسنة 2009 بالمقارنة مع توقعات المشروع،بحيث سجلت الضرائب المباشرة انخفاضا بنسبة 2.4 مليار درهم ، و3.5 بالنسبة للضرائب غير المباشرة ، وتراجع الرسم بما يقارب 1.8 مليار درهم. ويعزى هذا التراجع فيما يخص الموارد الجبائية إلى عدم عقلنة الإعفاءات الضريبية وذلك بالرغم من المبررات الاجتماعية والسياسية التي تقدم لتبريره ، إلا أنه يحرم خزينة الدولة من عوائد مهمة ثم كذلك انتشار التهرب الضريبي وهي تقنية يتم من خلالها التعامل بذكاء مع أحكام النظام الجبائي قصد استغلال الثغرات القانونية و توظيفها بكيفية ماهرة دون خرق لهذه الأحكام وذلك من أجل تقليص عبئ الضريبة التي هي في تصاعد مستمر.[39]

    و من عوامل تراجع الموارد الجبائية كذلك تحرير التجارة وإلغاء الرسوم الجمركية لما يتطلبه اندماج المغرب في الانفتاح الاقتصادي وانخراطه في مجموعة من الالتزامات المترتبة عن انضمام المغرب إلى منظمة التجارة العالمية [40]، وتم التنفيذ الفعلي لمسلسل تفكيك الرسوم الجمركية منذ سنة 2000 ليتم تسجيل تراجع عائدات هذا المورد بشكل تدريجي مع تصاعد وتوسيع رقعة هذه الاتفاقية فيما بين الدول.

    وليس هذا فحسب بل من سلبيات انتشار الاقتصاد غير المهيكل الذي استغل مجموعة من الثغرات القانونية عن حرم الخزينة الدولة من تمويل مهم. ناهيك عن تراجع الموارد الاحتكارية والمساهمات بفعل تأثرها بالالتزامات الدولية وكذا الإنسحاب التدريجي من النشاط الاقتصادي وإلغاء الاحتكارات في عدد من القطاعات .

    ولهذا ففي إطار المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية يقترح حسن تدبير احتكارات واستغلالات ومساهمات الدولة وتتبع عمليات تفويتها مع التخلي عن المنهجية التقليدية في تعامل الدولة مع ممتلكاتها وكذا إسهاماتها .[41]

    وبخصوص إسهامات الموارد الجبائية فإنه ومند سنة 2000 و إلى حدود 2009 تم تسجيل تطور مهم على مستوى الضرائب المباشرة على حساب باقي الموارد ويعزى ذلك إلى حيوية الاقتصاد المغربي بعد اقتحامه من طرف مجموعة من القطاعات كالبناء والأشغال العمومية والبريد و الاتصالات ناهيك عن المعاملات المالية ، لتبلغ موارد الضريبة المباشرة 71.6 مليار درهم سنة 2009 بالرغم من التراجع الطفيف مقارنة مع المشروع وعائدات سنة 2008 وذلك لأسباب اقتصادية وسياسية. هذا بالمقارنة مع الضرائب غير المباشرة التي بلغت عائداتها 59.2 مليار درهم مسجلة بذلك انخفاضا قدر ب 3.9% بالمقارنة مع سنة 2008 كما مثلت هذه الموارد 8% برسم سنة 2009 بالرغم من الإصلاح الذي خضعت له الرسوم الجمركية فقد بلغت 11.8 مليار درهم سنة 2009.

    أما فيما يخص عائدات الموارد غير الجبائية فقد تم رصد ارتفاع ملحوظ بالنسبة لسنة 2009 بالمقارنة مع سنة 2008 بنسبة 12.5% أي بمعدل 10.7 من الموارد الإجمالية لسنة 2009.

    و إجمالا و من خلال التحليل السابق يتضح أن بنية الموارد الجبائية من الموارد الدائمة التي تعتمد عليها الدولة بشكل كبير تبلغ نسبها 70% من مجموع مدا خيل الميزانية العامة.
    المبحث الثاني : طرق تمويل عجز الميزانية.

    يعدّ عجز الميزانية من أهم القضايا التي اهتمت بها المدارس الاقتصادية، بداية من التقليديين وصولا إلى الكنز يين.كما يعتبر معيار مهما للعديد من التقييمات الاقتصادية من قبل الدول والمؤسسات الاقتصادية الدولية.

    فلقد تبنى الفكر الكلاسيكي مبدأ حياد الدولة، وعدم تدخلها في النشاط الاقتصادي، مبدأ توازن ميزانية الدولة، وعدم اللجوء إلى العجز، ويرجع تبني هذا المبدأ إلى ارتكاز الفكر الكلاسيكي إلى العديد من الحجج منها:

    أ– إنّ اقتراض الدولة لا يضيف طاقة إنتاجية، وما هو إلاّ سحب من موارد القطاع الخاص، للإنفاق على الاستهلاك الحكومي؛
    ب- إنّ اقتراض الدولة يؤدي إلى عدم القدرة على تمويل الميزانية مستقبلا، حيث تنقل أعباء خدمة الدين وسداد أصل القرض الى السنوات المقبلة؛

    ت – عدم توازن الميزانية يساهم في نمو الإنفاق العمومي، وتؤدي إلى اتخاذ إجراءات من شأنها الضغط على دافع الضرائب.

    أما الكينزيون فقد رفضوا قانون ساي للأسواق[42]، وأشاروا إلى عدم وجود نظام أو آلية تستند إلى اليد الخفية التي يؤمن بها التقليديون، كما أقروا بواقعية البطالة الإجبارية، ومن ثم الخطأ بافتراض التشغيل الكامل، لهذا اقترحوا تدخل الدولة لتحقيق التوظيف الكامل وإيجاد التوازن للدخل الوطني من خلال السياسات المالية والسياسات النقدية. فقد نادى كينز بتدخل الدولة بل و أباح لها عدم الالتزام بمبدأ توازن الميزانية، بل إنّ عجز الميزانية يكون مرغوبا فيه طالما يؤدي إلى مستوى التشغيل والناتج، فعند حدوث خلل في التوازن بين الطلب والعرض، يتعرض الاقتصاد لحدوث البطالة، فإنّه يمكن القضاء على هذه البطالة وإحلال التوازن الاقتصادي العام من خلال التمويل بالعجز، من خلال زيادة الإنفاق العمومي بالمقدار الذي يتطلبه تحقيق الاستقرار، وأيضا عندما يتعرض الاقتصاد للتضخم فإنّه بالإمكان القضاء عليه من خلال تحقيق فائض بالإيرادات العامة من خلال زيادة الضرائب وتخفيض الإنفاق العمومي بالمقدار الذي يتطلبه تحقيق الاستقرار كذلك.

    مما سبق نخلص إلى أنّ الفكر الكنزي يؤمن بفاعلية الميزانية العامة، وعدم حياد السياسة المالية، وبإمكانية إحداث عجز تحقيق التوازن العام للاقتصاد الوطني.

    فعجز الميزانية يستخدم في التحليل المالي لقياس أثر ميزانية الدولة في المتغيّرات الاقتصادية الأخرى، وكذلك دورها في عملية التنمية وحشد الموارد ونميّز في العجز المالي بين المفاهيم التالية:

    أ‌- العجز الشامل: يتضمن حاصل طرح الإيرادات العامة الضريبية وغير الضريبية مع عدم احتساب دخل الاقتراض- من النفقات العامة متضمنة فوائد القروض مع استبعاد إخماد ديون الدولة.

    ب‌- الدين العام: حصيلة طرح الإيرادات الضربية وغير الضريبية من النفقات العامة والتي تتضمن الإنفاق الجاري والإنفاق الرأسمالي الصافي والأصول المالية الصافية[43].

    ت‌- العجز الجاري: وهو حصيلة طرح الإيرادات المالية من النفقات الجارية.

    عندما تستهدف السياسة المالية، نتيجة الظروف والأوضاع الاقتصادية إحداث عجز مالي، فإنه يستوجب إيجاد سبل لسد هذا العجز، وتتمثل هذه السبل إما في القروض العامة (المطلب الأول) أو الإصدار النقدي(المطلب الثاني).

    هذا و لقد اختلف الاقتصاديون حول نظرية التمويل بالعجز وظهرت ثلاثة اتجاهات:

    الاتجاه الأول: المؤيّد لنظرية التمويل بالعجز ويعتقد أصحاب هذه النظرية أنّ هذا التمويل يحقق ما يلي:

    تشجيع الاستثمار ويسرع معدلات النمو الاقتصادي؛
    يخلق كتلة سلعية في المستقبل تكفي لإعادة امتصاص الكتلة النقدية مصدر هذا التمويل؛
    التمويل بالعجز يساعد على توزيع أعباء التنمية بين أجيال الحاضر والمستقبل.

    الاتجاه الثاني: ويمثل الفريق المعارض للتمويل بالعجز، وتبريرهم لذلك هو أنّ هذا التمويل يؤدي إلى تضخم نقدي حاد نظرا لأنّ البلدان التي تلجأ إليه غالبا ما يكون جهازها الإنتاجي ضعيفا، وما يترتب عن هذا التضخم من تشجيع المضاربة، ضعف الادخار، وتردي مستوى المعيشة لأصحاب الدخول الضعيفة( المحدودة) ومنه زيادة التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع.

    الاتجاه الثالث: المعتدلون في نظرتهم إلى سياسة التمويل بالعجز، ويرى هؤلاء الاقتصاديون أنّ التمويل بالعجز يجب أن يكون ضمن حدود معينة، وانّ يوجه نحو المشاريع الإنتاجية ذات مردود سريع تستطيع من خلال الطلب على إنتاجها امتصاص الكتلة النقدية الزائدة.
    المطلب الأول: القروض العامة.

    يعتبر القرض العام من موارد تمويل ميزانية الدولة، وقد كان القرض العام في الفكر التقليدي يعتبر من قبيل وسائل التمويل الاستثنائي التي تلجأ إليه الدولة لمواجهة بعض الظروف الطارئة أو الموسمية مثل الحروب و الكوارث الطبيعية ، لكن مع تطور الفكر المالي تحولت القروض العامة إلى وسيلة تحقق الدولة من خلالها أهدافها السياسية والاقتصادية[44].

    هذا و تلجأ الدولة للاقتراض في حالتين[45]:

    أ‌- عندما تبلغ الضرائب حدها الأقصى، أي أن العبئ (المعدل) الضريبي وصل وحده الأمثل.

    ب‌- عندما يكون للضرائب ردود فعل اجتماعية عنيفة دون الوصول إلى الحالة السابقة.

    و ذلك من أجل[46]:

    أ‌- مواجهة العجز الدائم في الميزانية.

    ب‌- تمويل التنمية الاقتصادية (إقامة المشاريع الاستثمارية اللازمة لتوسيع قدرة الاقتصاد الإنتاجية).

    ت‌- توفير البنية التحتية اللازمة للأنشطة الاقتصادية.

    ث‌- تخفيض العرض النقدي، في حالة وجود قوة شرائية (أي أن الطلب الكلي يفوق العرض الكلي).

    ج‌- توسيع النفقات من أجل زيادة الاستخدام، و النشاط، والإنتاج، خصوصا في حالات الكساد.
    الفرع الأول: مفهوم القرض العام.

    يعرف القرض العام بأنه مبلغ من المال، تحصل عليه الدولة من خلال اللجوء إلى الغير ( الأفراد، المصارف، المؤسسات المالية…) وتتعهد برده مع الفوائد المترتبة عليه خلال مدته المحددة وفقا لشروطه.

    كما يعرف بكونه مبلغ من النقود تأخذه الدولة من الأفراد و المؤسسات المالية ، و الأشخاص المعنوية الخاصة ، مع التزامها بدفع فوائد عن هذا المبلغ ، دفعة واحدة أو على أقساط حسب ما يتم الاتفاق عليه[47].
    الفرع الثاني: خصائص القرض العام[48].

    أ‌- القرض العام مبلغ من المال قد يكون عينا أو نقدا.

    ب‌- القرض يدفع بصورة اختيارية (استثناءا بشكل إجباري).

    ت‌- القرض العام يدفع للدولة أو للأشخاص العامة الأخرى ( الدولة، الجماعات المحلية، المؤسسات العمومية…).

    ث‌- القرض العام يتم بموجب عقد القرض بين المقترض (الدولة) و الطرف الدائن.

    هذا و يختلف القرض العام عن الضريبة في النقط التالية:

    أ‌- القرض يتم تسديده مع فوائده من موارد الميزانية التي تشكل الضريبة الجزء الأهم منها.

    ب‌- القروض العامة من الموارد المؤقتة تلتزم الدولة بردها وليس موردا نهائيا[49].

    ت‌- القرض يقوم غالبا على أساس المساهمة الاختيارية من جانب المقترض.

    ث‌- تلتزم الدولة برد القرض و دفع فوائد عنه.

    ج‌- الأصل في القرض العام أن يتم تخصيصه لغرض معين يحدده القانون ( ضد مبدأ الشمولية).

    ح‌- تظهر القروض في جانبي الموارد والنفقات وإن لم يكن ذلك في نفس الوقت.

    كما يقترب القرض من الضريبة في الحالات التالية:

    أ‌- حالات القروض الإجبارية.

    ب‌- حالات القروض المؤبدة.
    الفرع الثالث: أنواع القروض العامة.
    الفقرة الأولى: القروض الداخلية والخارجية.

    يكون القرض داخليا إذا كان عبارة عن دين يجري الاكتتاب في سنداته من قبل المواطنين والهيئات داخل حدود الدولة المقترضة[50]،في حين يكون القرض خارجيا، حين تحصل عليه الدولة من أشخاص أو مصارف أو مؤسسات مالية أجنبية ، أو من حكومات و دول[51] يتم اللجوء إليها عادة في حالة عدم وجود مدخرات أو رؤوس أموال وطنية كافية للقيام بالمشروعات الإنتاجية الضرورية ، وإما لعدم كفاية مخزون الدولة من العملات الأجنبيةلتغطية العجز التجاري[52].

    من مزايا القروض الداخلية أنها تتيح للدولة حرية أكبر في وضع شروط القرض، كما تسمح لها باستغلال المشاعر الوطنية والدينية وغير ها لتحفيز المواطنين على الاكتتاب بسنداتها[53]، في حين أن القروض الخارجية، قد تستغل من الجهات المقرضة من أجل التدخل في سياسات الدول المقترضة ، نموذج برنامج التقويم الهيكلي الذي نهجه المغرب أواخر1983، و كذلك الإصلاحات السياسية و الحقوقية التي كانت في بداية التسعينات.

    هذا وقد يتحول القرض الخارجي إلى قرض داخلي أو العكس إذا ما تحولت ملكية السندات من الأشخاص المقيمين داخل الدولة للأشخاص المقيمين في الخارج.
    الفقرة الثانية: القروض المؤبدة والقروض المؤقتة.

    القروض المؤبدة، هي تلك التي لا تحدد الدولة ميعادا للوفاء بها، مع التزامها بدفع الفوائد المستحقة عليها طوال فترة القرض إلى أن يتم الوفاء به، أي أنها هي من تختار الوقت الملائم لتسديد القرض مع فوائده كأن تنتهز فرصة وجود فائض في الميزانية (خطورة هذا النوع أنه قد يؤدي إلى تراكم الديون على الدولة).

    أما القروض المؤقتة، فهي التي تحدد الدولة ميعادا للوفاء بها وتلتزم به أمام المكتتبين في القرض ، مما يزيد ثقة المكتتبين في الدولة[54].

    هذا و تنقسم القروض المؤقتة من حيث الأجل إلى:

    أ‌- القروض الطويلة الأجل مدتها من 10سنوات إلى حدود 50 سنة.

    ب‌- القروض المتوسطة الأجل تتراوح مدتها من 2 إلى10 سنوات.

    ج‌- القروض القصيرة الأجل مدتها لا تتجاوز السنتين.

    هنا يمكن إضافة سندات الخزينة التي تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر، لمواجهة عجز موسمي ناتج عن تأخر في تحصيل بعض الموارد (وسيلة لتوظيف المدخرات من طرف الأفراد ).
    الفقرة الثالثة: القروض المثمرة و القروض غير المثمرة.

    المثمر هو ذلك القرض الذي يخصص لتنفيذ مشروع استثماري، تنتج عنه موارد كافية لتسديد مبلغ القرض وفوائده، أما القرض الغير المثمر فهو الذي يوجه للاستهلاك أو لتمويل الحروب فهي ديون غير مثمرة من الناحية الاقتصادية.
    الفقرة الرابعة: القروض الإجبارية و القروض الاختيارية.

    الأولى هي اقتطاعات ذات طابع قسري، حيث تقوم الدولة في ظروف معينة بإلزام الأفراد و الهيئات الخاصة بالتنازل عن جزء من دخولهم لفائدة الخزينة مقابل تعهدها بإرجاع أصل القرض و الفوائد المستحقة لأصحابها بعد انتهاء مدة القرض .

    أما الثانية، فينتفي فيها عنصر الإكراه و الضغط، ويركز على الحوافز المادية و المعنوية، و غالبا ما يكون القرض الإجباري داخليا، في حين أن القرض الاختياري يمكن أن يمول خارجيا أو داخليا.

    من الأسباب التي تؤدي أو تدفع بالدولة إلى عقد القرض الإجباري نذكر ما يلي[55]:

    أ‌- حالة ضعف، ثقة الأفراد بالدولة.

    ب‌- حالة التضخم و ما يرافقه من ارتفاع الأسعار، وتدهور قيمة النقود، وذلك لامتصاص جزء من كمية النقود المتداولة.
    الفرع الرابع: الطبيعة الاقتصادية للقرض العام.

    تختلف وجهة النظر الاقتصادية إزاء القرض العام في ظل الفكر التقليدي و النظرية الحديثة في المالية العامة[56].
    الفقرة الأولى: الفكر التقليدي.

    رفض التقليديون لجوء الدولة إلى القرض بسب إيمانهم بمزايا الحرية الاقتصادية، وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا في أضيق الحدود، وأمام ظاهرة زيادة النفقات العامة ، انصب اهتمامهم على تحديد الحالات التي يجب أن تلجأ الدولة فيها للضرائب وتلك التي تلجأ فيها للقروض.

    أ‌- آدم سميث: اقتراض الدولة يترتب عليه نقص في رؤوس الأموال المتاحة للأفراد و منافسة الاستثمار الخاص.

    ب‌- دافيد ريكاردو: إنفاق الدولة يجب أن لا يتم على حساب الإنفاق الخاص، وإنما يجب الاكتفاء بالضرائب و لو في الحالات غير العادية .

    ت‌- جون باب تيست ساي : فقال إن الدولة تنفق في أغراض استهلاكية في حين ينفق الأفراد في أعمال إنتاجية ، وأباح للدولة الاقتراض في الحالات الآتية:

    إذا كان استعمال الأفراد لما يقترضونه من أموال غير منتج ؛
    أو كان اقتراض الدولة من المدخرات الإضافية؛
    أو إذا تعرضت المدخرات للخروج من الدولة.

    الفقرة الثانية: الفكر الحديث.

    انتشار الأزمات الاقتصادية وما تلاه من بطالة ، أدى إلى ظهور فكر جديد قوامه ضرورة تدخل الدولة في مثل هذه الحالات ، وقد توج هذا الفكر بالنظرية الكينزية.

    و بذلك اعتبرت أن الزيادة في النفقات بهدف التوسع في النفقات الإنتاجية ، يعد علاجا لحالة الكساد الاقتصادي في البلاد المتقدمة. بحيث أن القروض العامة يمكنها أن تجد للمدخرات المعطلة فرصة للتوظيف من أجل النمو الاقتصادي، بل و أيضا مكافحة التضخم. وبذلك اعتبرت القروض كأداة من أدوات السياسة الاقتصادية (محاربة البطالة، دعم القوة الشرائية، رفع الطلب الفعلي)، كما أنها تلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية بالنسبة للدول النامية ( القروض الخارجية بسبب نقص الادخار).[57]
    الفرع الخامس: الطبيعة القانونية للقرض العام.

    من المعلوم أن القرض العام يتم من خلال تبادل إرادة شخص عام مقترض و المقرض، وينتج عن هذا العقد، وخصوصا القرض الاختياري، التزام المقرض بتسليم مبلغ معين من المال ، ويلتزم المقترض بدفع أصل الدين مع الفوائد المستحقة عليه في آجاله المقررة.

    إلا أن هناك عدة اتجاهات تحلل طبيعة عقد القرض العام من الناحية القانونية :[58]

    الاتجاه الأول: يرى أن عقد القرض العام من أعمال السيادة، وبالتالي فإن العلاقة التي تنشأ بين الدولة المقترضة والمكتتب ليست علاقة تعاقدية، و بالتالي لا يعد عقدا ملزما من الناحية القانونية.

    الاتجاه الثاني: يرى أن القرض العام هو عمل تشريعي ينظمه قانون ويلغيه قانون آخر، بحيث أنه يخضع للسلطة التشريعية في الدولة التي يمكن تعديل التزاماتها القانونية بإجراء تشريعي آخر لا دخل للأفراد فيه (السيادة التشريعية).

    أما إذا كان المقرض شخصا أجنبيا فإنه لا يخضع للسلطة التشريعية للدولة المتعاقدة وإنما يتمتع بحماية القانون الدولي.

    الاتجاه الثالث : أن القرض العام يعتبر عقدا من العقود الإدارية، تسري عليه كافة القواعد و الأحكام التي تسري على تلك العقود، فهو يقوم أساسا على الرضا ومقابل الإيجاب من جانب الدولة المقترضة من ناحية والقبول من جانب المكتتبين من ناحية أخرى، كما أنه يرتب حقوقا و التزامات، لكل من الطرفين المتعاقدين والتي لا يجوز المساس بها.
    الفرع السادس: التنظيم التقني للقروض العامة.
    الفقرة الأولى: إصدار القرض العام.

    يقصد بالإصدار، العملية التي تحصل الدولة عن طريقها على مبالغ القرض من المكتتبين فيه مقابل تعهدها بردها مع فوائدها، وتتطلب هذه العملية تحديد الشروط التالية:

    أ‌- مبلغ القرض العام الذي قد يكون :

    مبلغا محددا يتوقف الاكتتاب بمجرد بلوغه أو انتهاء مدة الاكتتاب.
    مبلغ غير محدد، عندما تكون الدولة في حاجة إلى مبالغ كبيرة.

    ب‌- أنواع السندات: تتخذ القروض العامة شكل سندات حكومية تصدرها الدولة وتطرحها في عملية الاكتتاب العام، وهي ثلاثة أشكال:

    سندات اسمية: عندما تشتمل على اسم مالكها، و لا يتم نقل ملكيتها إلا بتغيير البيانات الواردة في سجلات وزارة المالية. وهي تحمي حقوق أصحابها من الضياع.
    سندات لحاملها : بحيث لا يدون اسم مالكها، ويعتبر حائزها بمثابة مالكها (الحيازة في المنقول سند في الملكية)، كما تمتاز بسهولة التداول بين الأشخاص ( نفس الأمر بالنسبة لقسيمة الفوائد).
    سندات مختلطة : بحيث تشترط ضرورة تقييد أسماء أصحابها في سجل خاص وعدم السماح بنقل ملكيتها إلا بعد تغيير البيانات ، بينما تحصل فوائد القرض لصالح حامل قسيمات الفوائد بصرف النظر عن حاملها.

    هذا وقد تكون سندات القروض من فئة واحدة ، أو من فئات مختلفة ، إلا أنه يستحسن ألا تكون من فئات صغيرة جدا حتى لا يسهل تداولها (مثل النقود) أو تكون فئات عالية جدا فيصعب تداولها.

    ث‌- سعر الإصدار : هو السعر الذي تبيع به الدولة السندات وهذا السعر قد يكون :

    بسعر التكافؤ: أي أن يصدر بنفس قيمة السند الأصلية.
    بسعر أقل من سعر التكافؤ: أي أن يصدر السند بسعر أقل من قيمته الأصلية ، لكن عند تسديد القرض يتسلم المكتتب القيمة الأصلية للتسديد.

    ج‌- سعر الفائدة :

    يعتبر سعر الفائدة أهم وسيلة تستخدم لإغراء المكتتبين في القروض العامة، بحيث تتعهد الدولة بمنح فائدة سنوية بنسبة معينة من رأس المال المقترض، ويحدد السعر على أساس السعر السائد في السوق المالي، وقيمة القرض ومدته (تحدد في المغرب بموجب مرسوم إصدار القرض).

    أما مواعيد دفع الفوائد المستحقة لأصحابها فتحددها الدولة إما مرة واحدة كل سنة أو مرتين.

    ح‌- مزايا وضمانات أخرى منها :

    مزايا ضريبية: ( تطرح مشكل انعدام العدالة الضريبية و التأثير على الاستثمار).
    مزايا نقدية: إما أرباح إضافية على شكل مكافآت أو إضافة مبالغ إلى القيمة الاسمية.
    جوائز اليانصيب: لبعض السندات التي تخرج بالقرعة.
    تأمين المقرض ضد خطر انخفاض القيمة الحقيقية لرؤوس الأموال بسبب ارتفاع الأسعار، إما عن طريق سعر فائدة مرتفع (عبئ مالي إضافي)، و إما بواسطة ربط المبلغ الأصلي للقرض بقيمة الذهب أو بعملات أجنبية (مشكل عدم الثقة في العملة الوطنية) أو بالمستوى العام للأسعار، بحيث يتم الرد على أساس مدى التغيير الحاصل على أسعار السلع التي تؤخذ كمعيار لقياس الأثمان بصفة عامة.
    ضمانات قانونية: عدم القابلية للحجز مثلا.
    ضمانات التحويل الخارجي بالعملات الأجنبية : من أجل تشجيع غير القاطنين بالوطن على المساهمة بالاكتتاب.

    الفقرة الثانية: طرق إصدار القرض العام.

    أ‌- الاكتتاب العام المباشر: تتولى الدولة بنفسها طرح سندات القرض العام للاكتتاب فيها [59]مباشرة من طرف الأشخاص الطبيعيين و المعنويين، وذلك بواسطة مكاتب البريد وشبابيك الخزينة العامة وشبابيك البنك المركزي، مع قيامها بحملات دعائية ( ثقة الأفراد).

    ب‌- الاكتتاب المصرفي أو الاكتتاب عن طريق البنوك : أي أن الدولة تتنازل عن السندات لفائدة بنك أو مجموعة من البنوك مقابل مبلغ معين أو عمولة عن طريق اتفاق مباشر أو طلب عروض ، ثم بعد ذلك تقوم هذه البنوك ببيع السندات بقيمتها الاسمية [60](السرعة # حرمان الدولة من الفرق).

    ت‌- الإصدار عن طريق البورصة: تبيع الدولة سنداتها في سوق الأوراق المالية، ويتم بيعها حسب سعرها في السوق [61] ( يمكن الدولة من متابعة التقلبات في أسعار البورصة، وبيع السندات في الأوقات المناسبة).
    الفقرة الثالثة: انقضاء القرض العام.

    أ‌- الوفاء : أي رد قيمة القرض بكامله دفعة واحدة مع فوائده إلى المكتتبين فيه وفق الشروط التي التزمت بها الدولة في عقد القرض (حالة القروض قصيرة الأجل و المحدودة) .

    ب‌- تثبيت القرض: أي تحويل القرض القصير الأجل عندما يحين موعد سداده إلى قرض متوسط أو طويل الأجل، وذلك بإصدار قرض جديد يسمح لحملة سندات القرض الأول، الاكتتاب فيه عن طريق تقديم سنداتهم وتثبيتها في القرض الجديد وذلك إما اختياريا أو إجباريا .

    ت‌- الاستهلاك: هو قيام الدولة برد قيمة القرض بصورة تدريجية خلال فترة معينة، وعند انتهاء هذه الفترة تكون الدولة قد أكملت سداد القرض (أكثر استخداما)، و هناك عدة أساليب تعتمد لاستهلاك القرض:[62]

    أسلوب الاستهلاك على أقساط سنوية : تشمل الفائدة السنوية وجزء من رأس المال.
    أسلوب التسديد بالقرعة: أي تسديد قيمة مجموعة من السندات ، يتم اختيارها عن طريق القرعة ، بشكل كامل سنويا وهكذا.
    أسلوب شراء السندات من البورصة : بحيث تنتهز فرصة انخفاض قيمة هذه السندات عن سعر التكافؤ أو التعادل فتقوم بشرائها.

    ث‌- تبديل القرض العام : عملية مالية تؤدي إلى انقضاء دين قديم وحلول دين والتزام جديد محله ، وبشروط أخرى، أي إحلال دين جديد بسعر فائدة منخفض محل قرض قديم بسعر فائدة مرتفع.

    ج‌- تبديل إجباري: أي إما تخفيض سعر الفائدة أو تسديد الدين بقيمته الاسمية.

    التبديل الإجباري إذا خفضت الدولة سعر الفائدة دون موافقة الدائمين[63].
    التبديل المستتر أو المقنع : هو تخفيض سعر فائدة القرض بشكل غير ظاهر، كأن تقوم بفرض ضريبة خاصة على فوائد القرض ، أو تقوم بتخفيض قيمة عملتها، لأن انخفاض العملة يؤدي إلى انخفاض القيم الحقيقية للفوائد، وبالتالي تستبدل ديونها بديون أخرى أقل منها من حيث القيمة الحقيقية ومن سعر الفائدة الحقيقي.

    المطلب الثاني: الإصدار النقدي.

    ويقصد به قيام الدولة بإصدار كمية من النقود ، تستخدمها في تغطية العجز الذي تعاني منه الميزانية العامة ، نتيجة ارتفاع النفقات العامة ، وتجاوزها لمجموع الإيرادات العامة المتحصل عليها ، غير أن الدول تتجنب اللجوء إلى هذا المصدر لما قد ينتج عنه من آثار تضخمية.

    أي أنه عندما تتزايد النفقات العامة عن الإيرادات العامة، فإنّ الدولة قد تلجأ للإصدار النقدي الجديد عن طريق البنك المركزي، ومن الضروري أن يتم الإصدار النقدي في حدود الغطاء الموجود في المجتمع من سلع وخدمات، فإذا تمّ إصدار أوراق مالية دون أن يقابلها غطاء من السلع والخدمات، فمعنى ذلك أنّ كمية أكبر من النقود تطارد كمية أصغر من السلع والخدمات ويسمى هذا الأمر بالتضخم النقدي.

    وبذلك يمكن للدولة عن طريق الإصدار النقدي الجديد تمويل النفقات العامة بموارد وإيرادات غير مملوكة لها، أو غير حقيقية ويعدّ الإصدار النقدي الجديد من أسهل الوسائل التي تلجأ إليها الدولة في تغطية النفقات العامة في حالة عدم كفاية الإيرادات العامة، و عند عجزها عن الاقتراض أو زيادة حصيلة الضرائب، ولتفادي الآثار السلبية الناتجة عن الإصدار النقدي الجديد، ويمكن ذكر شروط إنجاح الإصدار النقدي الجديد فيما يلي:

    تميّز الجهاز الإنتاج بالمرونة وعدم الجمود؛
    توجيه الإصدار الجديد إلى استثمارات حيوية وسريعة العائد يمكن من خلالها الاستغناء عن الإصدار الجديد فيما بعد؛
    ضح الإصدار النقدي الجديد على فترات متباعدة وفي جرعات صغيرة؛
    تضافر السياسات الاقتصادية، مثل سياسات الاستثمار وسعر الفائدة والضرائب، وذلك لضمان السيطرة على الآثار التضخمية الذي يسببها الإصدار النقدي.

    مما سبق يمكن أن نقول أنّ العجز عادة ما يحدث كنتيجة لجمود حصيلة الضرائب، وعدم قدرتها اللحاق بالنمو السريع للإنفاق العمومي على السلع والخدمات، والذي يمكن تسويته من خلال الموارد العادية( زيادة الإصدار النقدي، زيادة حصيلة الضرائب)، وكذلك عجز موارد العملة الأجنبية عن تمويل السلع والخدمات المنتجة بالخارج، الأمر الذي يتم تسويته من خلال الديون الخارجية والإعانات الخارجية أو جذب الاستثمارات الأجنبية.

 

 

    المطلب الثالث: الاقتراض و عبئ الاقتراض في القانون المالي لسنة 2011[64].

    حسب القانون المالي لسنة[65]2011، فإن الموارد المتأتية من الإقتراض الداخلي ستنتقل من 31.900.000.000 درهم برسم سنة 2010 إلى 33.645.000.000 درهم سنة 2011، أي بزيادة نسبتها 5.47%.

    أما الموارد المتأتية من الإقتراض الخارجي فستنتقل من 15.600.000.000 درهم برسم سنة 2010 إلى 18.057.000.000 درهم سنة 2011، أي بزيادة نسبتها 15.75%.

    هذا و تبلغ الإعتمادات المسجلة برسم خدمة الدين العمومي و التي تشمل تسديد أصل الدين و تسوية الفوائد و العمولات 36.534.258.000 درهم مقابل 38.238.239.000 درهم سنة 2010، أي بإنحفاض قدره 1.703.981.000 درهم أو 4،45 – % .

    و تتوزع هذه الإعتمادات كما يلي:

    الدين الداخلي : تصل التحملات الخاصة بالدين الداخلي إجمالا إلى 29.140.239.000 درهم، أي بانخفاض نسبته 82،6 % موزعة كالتالي:

    13.644.239.000 درهم بالنسبة لأصل الدين، أي بانخفاض نسبته 92،12 %؛

    15.496.000.000 درهم بالنسبة للفوائد و العمولات، أي بإنحفاض نسبته 69،0 %.

    الدين الخارجي : تصل التحملات الخاصة بالدين الخارجي إجمالا إلى 7.394.019.000 درهم، أي بإرتفاع قدره 16،6 % بالمقارنة مع سنة 2010 موزعة كالتالي:

    4.659.840.000 درهم بالنسبة لأصل الدين، أي بانخفاض نسبته 55،0 %؛

    2.734.179.000 درهم بالنسبة للفوائد و العمولات، أي بزيادة نسبتها 94،19 %.

 

المادة السابقة
المقالة القادمة