أما نطاق التأهيل المتكامل للعاملين في المصارف والمؤسسات المالية فهو يشمل جميع العاملين في هذه المؤسسات ولا سيما الهيئات الشرعية ثم العاملين الذين يعملون تحت إشرافهم ومراقبتهم، وعليه فإن التأهيل الشرعي بالذات ينبغي أن يشمل فئتين هما:-
1- تأهيل أعضاء هيئة الرقابة الشرعية.
تتطلب مهام الرقابة الشرعية أن يتوافر في عضو الهيئة التأهيل العلمي والعملي، وذلك بأن يكون متعمقاً في فقه المعاملات المالية، ولا سيما ما يتصل بأنشطة المصارف الإسلامية، كما يجب أن تتوافر لديه المقدرة على جمع أدلة اثبات المشروعية لتلك الأنشطة ودراستها وتحليلها للتوصل إلى النتائج الصحيحة حول التزام المؤسسة المالية بالشريعة، ولذا لابد من الإلمام الجيد بالجوانب الفنية التي تتصل بالمسائل التي ينظر فيها لبيان حكمها الشرعي.
المقصود بهؤلاء أعضاء هيئة الرقابة الشرعية الداخلية للمؤسسة (أي وحدات الرقابة الشرعية)، وليس هيئات الفتوى الشرعية.
وتتأكد ضرورة التأهيل التام لممارسة المهام الشرعية في الظروف التي لا يتوافر للمؤسسة إلا عنصر واحد يقوم مباشرة بمهمة الرقابة بصفته “المستشار الشرعي للمؤسسة” أو “المراقب
الشرعي لها” بحسب اختلاف التسمية وطبيعة المهمة. وهذه الحالة تعتبر الحد الأدنى والبديل المؤقت لما يجب من وجود لجنة أو هيئة للرقابة الشرعية لكل مؤسسة، وينبغي ألا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة لضمان حسن النظر في المسائل وتمحيص الآراء فيها.
ويمكن تلخيص أهم أهداف الرقابة الشرعية لمؤسسة إسلامية ما، في الآتي:-
أ- تبصير العاملين في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بالأحكام الفقهية اللازمة وتأصيل النشاط المصرفي الإسلامي.
ب- طمأنة الجمهور من المتعاملين مع البنك وغيرهم على شرعية النشاط الذي تقوم به المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية.
ج- المساعدة في تأهيل العاملين وتدريبهم، وتطوير البحث في الاقتصاد الإسلامي والعمل المصرفي الإسلامي.
د- تحقيق التزام المصرف والمؤسسة بالأحكام والمبادئ الشرعية.
هـ- اعتماد الصيغ والعقود والنماذج المتبعة في مجال المصارف أو تقديم البدائل الشرعية لها كلما أمكن ذلك.
و- إثراء فقه المعاملات المالية بتطوير الصيغ المعروفة واستحداث صيغ ومنتجات جديدة .
ونظراً لأهمية وخطورة المهام الملقاة على عاتق الهيئات الشرعية لهذه المؤسسات المالية الإسلامية لذلك ينبغي وضع معايير محددة تضمن حسن اختيار فئة العاملين في هذا المجال من ذوي الكفاءة العلمية والمهنية التي تستوعب خطورة التكليف وسلامة التطبيق من الأخطاء الغير مسموح بها في العمل المصرفي الإسلامي.
2- تأهيل العاملين مهنياً وشرعياً:-
يجب أن يكون العاملون في المؤسسة المالية الإسلامية ممن تتوفر فيهم النزاهة والاستقامة والحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى الجدارة والأهلية الفنية والمهنية فيما يتعلق بوظائفهم. وبصفة عامة يجب أن تنعكس متطلبات الالتزام بالشريعة الإسلامية على اختيار العاملين وتطويرهم وتقويم أدائهم وترقياتهم وفقاً لهذا الاعتبار الشرعي. وطبقاً لمعيار الرقابة الشرعية الداخلية “فقرة 28” لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية يتعين على إدارة المؤسسة وضع ضوابط وسياسات وإجراءات لتحقيق هدف المؤسسة في الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وذلك بأن يكون للمؤسسة ما يأتي:-
أ- إجراءات واضحة ودقيقة لمعالجة عمليات المؤسسة بحيث لا يترك للعاملين مجال للانحراف في تفسير معنى الالتزام بالشريعة الإسلامية أو تطبيق قواعدها.
ب- وجود مجموعة مستندية ودفترية ملائمة بحيث تسجل وتوثق بها جميع معاملات المؤسسة، وبطريقة تمكن من مراجعتها بواسطة أشخاص آخرين للتأكد من التزامها بالشريعة الإسلامية. أو بمعنى آخر يجب أن يكون لدى المؤسسة مرجعية شرعية تتمثل فيما تعتمده الهيئة الشرعية للمؤسسة مما يصدر عنها، أو عن غيرها من الجهات المتخصصة ومن ذلك ما يأتي:-
– فتاوى وقرارات وتوصيات الهيئة الشرعية للمؤسسة.
– المعايير والمتطلبات الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وتشمل: معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط والمعايير الشرعية، والمتطلبات الشرعية، وذلك في ضوء اعتماد العمل بهذه المعايير إما من الهيئة الشرعية، أو يكون ملزماً من جهة رسمية.
– فتاوى وقرارات وتوصيات الندوات والمجامع والملتقيات الفقهية في ضوء ما تعتمده الهيئة الشرعية للمؤسسة .
أما أهداف التدريب وتأهيل العاملين على العمل المصرفي الإسلامي، فهي كثيرة ومتنوعة ولكن يمكن تلخيص أهم الأهداف العامة لدورات التأهيل والتدريب هذه في الآتي:-
1- بيان مفهوم المصارف الإسلامية وأنشطتها والفروق بين مفاهيمها ومفاهيم البنوك التقليدية، وأن عمل المصارف الإسلامية لا يقتصر على تجنب الربا فقط، بل تجنب كل التعاملات المحرمة وإحلال المعاملات المالية الإسلامية محلها.
2- التعريف بمحددات وضوابط الاستثمار في المصارف الإسلامية.
3- التعريف بصيغ وأساليب التمويل والاستثمار الإسلامية من حيث مفاهيمها وطبيعتها وشروطها.
4- تنمية مهارات العاملين بالبنوك الإسلامية بمختلف مصادر واستخدامات الأموال في الجهاز المصرفي طبقاً للأحكام الشرعية.
5- تزويد المشاركين في التدريب بمختلف أوجه الخلاف بين التمويل بصيغ الاستثمار الإسلامية كالمضاربة والمرابحة والتمويل الذي تقدمه البنوك التقليدية.
6- تعريف العاملين بالبنوك الإسلامية بالفروق الدقيقة في مجال تقديم الخدمات المصرفية بين ما يقبل منها وما يمنع كلية، أو تمنع الجوانب غير المشروعة منه، أو تستخدم البدائل المقبولة شرعاً.
7- توعية وتثقيف العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية على معرفة واستيعاب ومراعاة ما ورد في ميثاق العاملين بالمؤسسات المالية الإسلامية، الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية وعلى ضرورة التزام العاملين في المؤسسة المالية الإسلامية بالمبادئ الأخلاقية والسلوكية الواردة في هذا الميثاق في أثناء مزاولتهم المهنة حتى يكون سلوك شاغلها سلوكاً أخلاقياً مقبولاً على أسس شرعية ومهنية .