كيف تكيّف الإعلانات والبرامج الترفيهية لاوعيك يقال إنّ اللاوعي أقوى من الوعي. ويتأثر الناس عادة برغباتهم أو نواياهم الغريزية اللاوعية أكثر مما يتأثرون بقراراتهم المنطقية والمخطط لها. وتتأثر هذه الناحية من الطبيعة البشرية بشكل كبير بالنشاط اليومي الذي يقوم به المرء.
كيف تؤثر الشركات في لاوعيك غالباً ما يخضع لاوعي المرء في المجتمع الغربي لعدد من التأثيرات القوية، عبر الوسائل الترفيهية بشكل خاص. يترك التلفزيون والأفلام والموسيقى أثراً عميقاً في لاوعي الإنسان ما يؤثر في الخيارات التي يقوم بها أو يملي عليه هذه الخيارات إلى حدّ ما على الأقل.
إذا رأيت إعلاناً لسيارة، وسواء أحدّدت موقفك منه بشكل عقلاني أم لم تفعل، فقد تمت برمجتك لتتقبل على الأقل أو تسلّم بأيّ ادعاء يعرضه هذا الإعلان. كما أن اختيار البرامج التلفزيونية والعناصر الدرامية التي تظهر على التلفزيون تترك أثراً نفسياً على من يشاهدونها.
وتشير الإحصاءات إلى أن الشخص العادي يكون عند بلوغه سن الثامنة عشرة قد رأى أكثر من 200000 مشهد عنف. ويُعدّ تمجيد استخدام الكحول والمخدرات الفرد لتقبّل مثل هذا السلوك في عقله والموافقة عليه أحياناً. يتم التلاعب نفسياً بصورة المرء الذاتية. عندما تقارن نفسك بشخص مشهور أو بشخص يوصف بأنه “ناجح” فإن لاوعيك يجعلك تشعر بأنك أقل قيمة بسبب هذه المقارنة.
هذا العمل اللاواعي يولّد إحساساً بعدم الأمان حيال صورتنا الجسدية والعقلية. ويرسّخ الحب والجنس نفسياً عبر الإعلانات والأفلام. واستخدام الجاذبية الجنسية لبيع المنتجات واضح. كما أن مشاهد الحب الدرامية والمشاعر الرومانسية تلعب غالباً على رغبة الإنسان في أن يشعر بأنه محبوب وستبرمج أيّ شخص كي يتصرف أو يتفاعل مع هذه المواقف بطريقة معيّنة. ويساهم عرض الايحاءات الجنسية وتصوير العلاقات الجنسية في وسائل الاعلام في زيادة النشاط الجنسي لدى الشباب. كما أنّ هذا الأمر يؤدي أيضاً إلى هوس مرضي بالجنس في السنوات اللاحقة ما يفضي بشكل عام إلى الاستعانة بالأفلام والصور الإباحية.
ولا يقتصر الأمر على التلفزيون والأفلام فقط، إذ تنتشر في مجتمعنا مجموعة من الوسائل السلبية كالإعلانات على الانترنت والفيديوهات التي تصوّر معظم هذه المسائل بشكل مفصّل إلى حدّ مريع فضلاً عن ألعاب الفيديو. وقوة تأثير اللاوعي هذه تحدد أهداف كل فرد ورغباته وآرائه.
ويتداخل هنا الواقع مع الخيال إذ يتأثر الفرد بحيث يوجّه نفسه بما يتماشى مع هذه الأهداف والطموحات المزيفة التي زرعت في ذهنه عبر هذه الوسائل. وفي بعض الحالات المتطرفة، يفقد المرء قدرته على التمييز بين الواقع والخيال وتتراكم الأمور لتنتهي بالانفجار.
وإذا أضفت المخدرات إلى المعادلة كلها فقد تصل إلى مرحلة تدمير الذات. افصل نفسك عن التأثير اللاواعي إذا كنت واعٍ لهذه البرمجة النفسية، فيمكنك أن تخرج عنها فكرياً رغم أنّ ظهورها المستمر سيجعل حواسك متلبّدة حيال مدى خطورتها. فالناس الذين يشاهدون باستمرار مشاهد العنف، الجنس، الإدمان والدراما يصبحون غالباً مضطربين، في حين أن الشخص العادي قد يتقبّل هذه الأمور بسهولة وبساطة إذ تمّ تكييفه بشكل تدريجي كي يفقد أيّ وجهة نظر خاصة.
من المهم جداً أن نعي هذه البرمجة النفسية التي تحصل بشكل يومي. يتم تعليم الناس أن يعيشوا في واقع مزيّف، مع أهداف وطموحات محددة سلفاً ومع توقعات زائفة. افصل نفسك عن هذا النوع من التأثير اللاواعي، فتحرر بذلك قدرتك الكاملة بدلاً من أن تسيطر عليك بشكل لاواعي صور زائفة أو مثل عليا غامضة.