ذات صلة

جمع

أسعار الدولار والعملات الأجنبية اليوم الأربعاء 2- 4 – 2025

ننشر أسعار الدولار وباقي العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 2-...

استقرار نسبي في سعر الدولار اليوم الأربعاء أمام الجنيه المصري

شهد سعر الدولار الامريكى فى مصر استقرارا نسبيا خلال...

هبوط مفاجئ فى سعر الذهب اليوم وعيار 21 ينخفض لهذا الرقم

تراجع مفاجئ في سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء...

الذهب يستهل شهر أبريل بالزيادة ويصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق

ننشر أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 1 أبريل 2025 وفقا...

هل نحتاج إلى تربية جديدة لأنفسنا ؟!!

هل نحتاج الى تربيه جديدة لأنفسنا ؟!!!

إذا راجعنا أدبيات التربية الذاتية و التربية الغيرية التي سادت في حقب متطاولة من تاريخنا ، وجدنا أنها لم تعد ملائمة لزماننا.
فعلى صعيد التربية الذاتية نجد كتب التربية و الزهد و التصوف مملوءة بالأخبار التي تدل على أن الخط العام في التعامل مع الذات كان يرتكز على القمع و الكبت ، و ليس على التنمية و التوجيه و التوظيف …
إن مربين كثيرين كانوا يعتقدون أن الارتقاء بالنفس لا يتم إلا من خلال حرمانها مما تشتهيه و إبعادها عن الأضواء و مواطن الشهرة ، و لذا كانوا يعدون أن من أمارات (الولاية) الجوع و العزلة و الصمت .
و نجد في تراجم كثير من الزهاد و العباد و طلبة العلم أخباراً تدل على انفعالهم بهذا الخط ، فهذا يلبس الثياب المرقعة حتى يذل نفسه و يحول بينها و بين الكبر ، و هذا يغادر البلد الذي اشتهر فيه حتى لا يصيبه الغرور بسبب إقبال الناس عليه ، و العابد الفلاني ظل سنوات لا يأكل في اليوم الواحد سوى عشر تمرات ، و الزاهد الفلاني ظل شهوراً يأكل قشر البطيخ الذي يجده على شواطئ دجلة و الفرات …
و مع أن قمع النفس بهذه الأساليب قد يكون مفيداً ، و قد يكون شيئاً لا بديل عنه في بعض الحالات و لدى بعض الناس ، لكن الضرر البالغ يأتي من خلال تصوير ذلك على أنه صفة ٌُلصيقةٌ بالسلوك القويم للمسلم النموذجي ، حيث يفضي ذلك أن يصبح خيار الأمة مهمشين و بعيدين عن دوائر التأثير، فالمسلم الجائع لا يَتصدّق و لكن يُتصدّق عليه ، و المسلم المنعزل يُقاد و لا يقود ، و المسلم الصامت يتأثر و لا يُؤثر …
و آنذاك ينتشر النموذج الذي يجمع بين الاستقامة و العجز ،كما يكثر النموذج الذي يجمع بين القوة و الفجور،و قد كان عمر رضي الله عنه يقول :أشكو إلى الله جَلَد الفاجر و عجز الثقة!
إن طبيعة العصر الذي نعيش فيه باتجاهاته و محاوره و فرصه و تحدياته توجب علينا أن نبلور رؤى لتربية جديدة تتشكل داخل إطار عام ينبثق من قول الله – جل و علا – (إن خير من استأجرت القوي الأمين ) القصص / 26 .
إن الأمانة بمدلولها الواسع تعني الالتزام و الاستقامة و الصدق و الإحسان إلى الناس ، إنها الصلاح في المفهوم الشرعي .
أما القوة فإنها بمدلولها الواسع تعني الكفاءة و الفاعلية و المهارة و الإنتاجية العالية و القدرة على الاستمرار في بذل الجهد و تحمل المشاق ، إنها النجاح في المفهوم الإداري الحديث .
و تحقيق هذين الأمرين في حياتنا لا يأتي على نحو جوهري من خلال الانكماش و العزلة و قمع الذات و تخفيض الطاقة إلى الحد الأدنى ، و إنما من خلال النشاط و الحركة و الاتصال و التدريب و المثابرة و العطاء و الانخراط في تيار الأحداث العامة .
و المشكلة التي تواجهنا في هذا الشأن تتعلق بالتوازن المطلوب لتحقيق الصلاح و النجاح ، حيث أن معظم الناس مصابون بالتطرف و الميل إلى أحدهما على حساب الآخر .
و إذا راجعنا مفردات الخطاب الإسلامي القديم ، وجدنا أنه يركز على الصلاح على نحو لافت ، و لا يعطي النجاح إلا قليلا ً من الاهتمام ، أما اليوم فإن الخطاب الإعلامي يتمركز على نحو جوهري على التفوق و النجاح و لا يتحدث عن الصلاح إلا عرضاً .
المسلم الصالح الذي لا يقدم نموذجاً في التفوق لا يستطيع في عصر العولمة أن يحيا الحياة الطيبة بل لا يستطيع أن يحافظ على صلاحه بالمفهوم الحضاري الإسلامي ، و المسلم الذي ينجح بعيداً عن مبادئه لا يحقق سوى نجاح موهوم و مؤقت.
و علينا أن ننبه أولئك الذي يعدون النجاح و التفوق سفينة النجاة التي على جميع أبناء الأمة أن يبحروا بها ، علينا أن ننبههم إلى أن الخط الفاصل بين النجاح و اللصوصية ، و الفردية و الأنانية ، و الحرية و الفوضى هو خط ضيق جداً ، و إن من السهل أن يتجاوز المرء ذلك الخط ليتحول من إنسان ناجح إلى إنسان خاسر و مخرب .!

د. عبد الكريم بكار