لأول مرة في تاريخ الأجيال المتعاقبة للإقرارات الضريبية منذ صدور قانون الضرائب على الدخل عام 2005، ينقضي نصف الموسم الضريبي تقريباً دون طرح الإقرارات الضريبية الخاصة بمحاسبة الشركات، حيث بدأ موسم تقديم الإقرارات أول يناير الماضي ومن المنتظر أن ينتهي بنهاية مارس المقبل للأفراد، ونهاية شهر أبريل بالنسبة للشركات أو «الأشخاص الاعتبارية»، ولم يتوقف الأمر عند عدم الطرح فقط وإنما عجزت مصلحة الضرائب حتى الآن عن طباعة النماذج الجديدة من الأساس، مما تسبب في حالة شديدة من الارتباك داخل الشركات، خاصة الكبرى منها التي تتعامل مع مركز كبار الممولين، وحدوث أزمة شديدة بين مجتمع الأعمال والمصلحة لغموض أسس المحاسبة الجديدة والمخاوف من إصدار إقرارات تحمل تفسيراً مختلفاً للقانون 53 لسنة 2013!
يتمثل السبب الحقيقي وراء تأخر طباعة وطرح نماذج الإقرارات الجديدة حتى الآن في عدم صدور اللائحة التنفيذية لتعديلات القانون الصادرة منذ نهاية شهر يونية الماضي، التي لم تصدرها مصلحة الضرائب حتى الآن رغم انقضاء الفترة القانونية المتاحة لإعداد وصدور اللائحة والمحددة بواقع 6 أشهر، حيث عجزت المصلحة عن الانتهاء من إعداد اللائحة رغم أهميتها بالنسبة لإقرارات الموسم الحالي، خاصة ما يتعلق بأسس المحاسبة الضريبية لتوزيعات الأرباح، ويشترط في الإقرارات الخاصة بالجيل التاسع التي كان من المقرر طرحها هذا الموسم أن تتضمن أسلوب المحاسبة الضريبية لتوزيعات أرباح الشركات وفقاً لما نص عليه القانون رقم 53 لسنة 2013، ويحتاج حسم هذا الأمر إلى مجرد إجراء تعديل للائحة التنفيذية للقانون لوضع المعايير الخاصة بهذه المحاسبة، حتى لا يتم تركها للاجتهادات الشخصية ويحدث تفسير خاطئ لصحيح القانون، وينتج عنه خلافات جديدة بين المجتمع الضريبي والإدارة الضريبية، تخلق نزاعات أخرى بين الشركات والمصلحة، مما يوجه رسالة سلبية عن النظام الضريبي في مصر، خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تشهد نقلة نوعية في الاقتصاد المصري من المنتظر حدوثها خلال انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي الشهر المقبل بشرم الشيخ.
من جانبه أكد المحاسب القانوني أشرف عبدالغني، رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن الجيل الجديد من الإقرارات الضريبية يجب أن يراعي التعديلات الصادرة بالقانون 53 لسنة 2014، أوضح أن هذه التعديلات تشمل 14 مادة، تخاطب بشكل مباشر الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، ويأتي أبرز هذه التعديلات فرض الضريبة على توزيعات الأرباح، وإلغاء الإعفاءات الممنوحة لأرباح أسهم الشركات المقيدة بالبورصة، بالإضافة إلى توزيعات صناديق الاستثمار، وشدد على أن هذه التعديلات وفقاً للقانون تحتاج إلى النص عليها في نماذج الإقرارات الجديدة، وأضاف أن من أبرز المواد التي شملها تعديلات القانون المادة السادسة بالفقرة الأولى منها، التي تنص على فرض ضريبة على دخل الفرد المقيم وغير المقيم عن الدخول المحققة في مصر أو خارجها، واشترطت المادة للشخص المقيم أن تكون مصر مركزاً لنشاطه التجاري أو الصناعي أو المهني.
وأكد رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لتعديلات قانون الضريبة على الدخل تسبب حالياً في حدوث حالة ارتباك داخل المجتمع الضريبي، حيث يأتي تأخر وصول نماذج الإقرارات الضريبية الجديدة هذا الموسم مختلفاً عن المواسم الماضية التي حدث فيها تأخير لعدة أيام قليلة فقط، إلا أن هذه المرة انقضت نصف الفترة القانونية لتقديم الإقرارات تقريباً، وتظهر المشكلة بشكل أكبر لدى أكثر من 1500 شركة كبرى تتعامل مع مركز كبار الممولين، التي تقوم بإعداد خطط مستقبلية يتم بناؤها على أساس محاسبي دقيق، التي تختلف عن باقي الممولين الذين ينتظرون حتى الأيام الأخيرة من انتهاء الموسم الضريبي لتقديم إقراراتهم، مما يفرض ضرورة الإسراع بإصدار لائحة تعديلات القانون، وإعداد نماذج الإقرارات وفقاً لهذه اللائحة.
ويحدد المحاسب القانوني محمد الغمراوي تعديلات قانون الضرائب التي تتطلب تفسيرها من خلال اللائحة لإرفاقها بالإقرارات، موضحاً أن أبرزها التوسع في نطاق فرض الضريبة على أرباح الأشخاص الطبيعيين، وذلك وفقاً لتعديلات المواد رقم 6 و17 و32 من القانون، حيث أدت التعديلات لإخضاع أرباح الأشخاص الطبيعيين التي يحققونها خارج مصر والناتجة عن مزاولة نشاط تجارى أو صناعي أو مهني للضريبة في مصر، وذلك إذا كانت مصر مركزاً لنشاطهم التجاري أو الصناعي أو المهني، على أن يتم خصم الضريبة المدفوعة في الخارج على تلك الأرباح من الضريبة المحسوبة عليها في مصر منعاً للازدواج الضريبي.
وأضاف أنه من أهم التعديلات أيضاً إلغاء نظام الإضافة تحت حساب الضريبة والذي تم إقراره بموجب القانون 101 لسنة 2012 وبدء العمل به اعتباراً من أول يونية 2013، مشيراً إلى أن هذا التعديل جاء بعد مطالبات عديدة من الشركات ومن مجتمع الأعمال، حيث إن تطبيق نظام الإضافة قد سبب عبئاً إدارياً ومالياً كبيراً على الشركات، بخلاف العديد من الأزمات بين الشركات والموردين.
وأشار إلى أنه بموجب التعديلات الجديدة في القانون تم فرض ضريبة على توزيعات الأرباح التى يحصل عليها الشخص الطبيعي المقيم في مصر من شركات الأموال أو شركات الأشخاص، وأيضاً إخضاع التوزيعات التي تجريها شركات الأموال أو شركات الأشخاص للشخص الطبيعي غير المقيم والأشخاص الاعتبارية المقيمة وغير المقيمة، حيث يكون سعر الضريبة 10% ويتم تخفيضه إلى 5% فقط إذا زادت نسبة المساهمة في الشركات القائمة بالتوزيع على 25% من رأس المال أو حقوق التصويت بشرط ألا تقل مدة حيازة الأسهم أو الحصص عن سنتين.
ومن جانبه أكد الخبير الضريبي والمحاسب القانوني عادل البكري، أن استقرار القوانين والتشريعات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي تعتبر الدافع الأساسي لجذب الاستثمارات الأجنبية لأي دولة.
وأضاف أن قوانين الضرائب تمثل ركناً أساسياً في هذه التشريعات، ولذلك فإن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لتعديلات قانون الضرائب على الدخل يمكن أن يعطي صورة سيئة للشركات الأجنبية الكبرى التي ستشارك في مؤتمر الاقتصادي الذي سيعقد في شرم الشيخ الشهر المقبل.