ولا شيء غير الحب
تدل الابحاث على ان الاجهاد ومعاناة الكروب والاكتئاب يزيد من إحتمال الوفاة اربع مرات عن المعدل الطبيعي, اذ ان هذه المعاناة والقلق والاكتئاب والوحده تؤثر جميعها على عضلة وشرايين القلب وتزيد من كثافة الدم و التصاق الصفائح الدمويه واضعاف جهاز المناعه, مما يجعل الفرد اكثر عرضة واستهدافا للامراض المختلفة.
و يركز الطب والاطباء هذه الايام على الادويه والجراحات والعلاج الجيني والمضادات الحيويه بينما الحقيقه ان الحب والحنان وخصوصية المشاعر هي التي تمثل جذور سعادتنا و تعاستنا, فالدعم والمسانده الاجتماعيه و التواصل مع الاخرين لهما تاثيرقوي على البقاء في الحياة, وقد ثبت من خلال تصوير المخ ان الكروب والاكتئاب والعزلة تسبب ضمورا في خلاياه و بالذات في الفص الخاص بالمزاج والتعليم والذاكرة والتكيف مع الحياة مما يؤثر فعلا في نسيجه.
و تاكد ان العلاج بمضادات الاكتئاب (مفرحات النفوس) يوقف الضمور ويساعد على تكوين خلايا واتصالات عصبيه جديدة وما يهمنا هنا هو ما تؤكده البحوث من ان وجود الحب والعاطفة والدعم والمساندة الاجتماعية تساعد جميعها على تكوين الخلايا العصبيه وزيادة الاتصالات بينها, في حين ان الانعزال والوحدة يسببان ضمورا في المخ .
ولا اعتقد انه يوجد عامل يحمي نفسه من هذا كله ومن امراض القلب لا في نوعية الطعام ولا في الرياضة, او عدم التدخين , او الادوية , او الجراحة مثل ما يحدثه تاثير الحب والتعاطف و التواصل, فقد ثبت ان الوحدة والحرمان تسبب سلوك التحطيم الذاتي غير المباشر, الى جانب ان العزلة والوحدة تجعلان الفرد يعيش الحياة يوما بيوم بعكس هؤلاء الذين يعيشون في تجانس اجتماعي.
وعندما تصبح المعادلة (عندما اشعر بالوحدة اتغذى بكميات كبيرة من الطعام والدهون وادخن بشراهة فذلك يحمي اعصابي ويخفف الامي) فانها تكون معادلة غير صحيحة اذ تظل قائمة الوحدة والحرمان العاطفي احد مخاطر امراض القلب والموت المبكر, وفي احدى الدراسات, اتضح ان الرجال والنساء الذين ينعمون بالحب اقل عرضة للاصابة بانسداد الشرايين التاجية , وفي بحث اخر, كان السؤال: هل تظهر زوجتك حبها لك؟ الذين اجابوا (بنعم كانوا اقل عرضة للذبحات الصدرية , بينما وجد ان العذاب من المصابين بامراض القلب كانوا اكثر عرضة للوفاة ثلاث مرات من محبي التواصل والتعاطف).
وتؤكد المصداقيه العلمية ان قيمة الحب, والعلاقة الحميمة, والرحمة, والتسامح, والتضحية وخدمة الاخرين- وهي قيم في كل الاديان والروحانيات- لها تاثيرها الواقي من الاكتئاب والقلق وامراض القلب مما يجعلنا في حاجة شديده لاعادة اكتشاف كلمة الحب في عالم مملوء بالحروب وسفك الدماء والقمع والقهر.
