بقلم
د.نبيل فاروق
قديماً، كانت هناك حكمة، نقرأها فى معظم الصحف والمجلات ..حكمة تقول: “اضحك تضحك الدنيا معك، وابك تبكى وحدك”.
كنا نقرأها، ونرددّها، ونضيفها إلى موضوعات الإنشاء والتعبير، متصوّرين أنها مجرد حكمة فلسفية.
فعندما تضحك تكون شخصاً لطيفاً، يعشق الآخرون الالتفاف حوله، والتعامل معه، فإذا ما كنت شخصاً باكياً، نفر الناس من معرفتك، وانفضوا من حولك، ووجدت نفسك وحيداً.
مبدأ اجتماعى بسيط، يمكنك أن تلاحظه فيما حولك.. ومن حولك.
وقد تكتفى بالتفسير الفلسفى ،وتتصوّر أنه كاف.. وهذا غير صحيح.
فالواقع أن الطب يؤكُّد لك هذه الحقيقة .. فعندما تضحك، تستخدم أقل عدد من عضلات وجهك، مما يحافظ على باقى العضلات، فيظل الوجه على نضارته وشبابه، لأطول فترة ممكنة من العمر.
فإذا ما كنت باكياً متجهماً، فأنت تستهلك كل عضلات وجهك تقريباً، والأسوأ أنها تعتاد الإنقباض، مع مرور الوقت، فيصبح وجهك بطبيعته كئيباً، كشراً ،مما يؤدى إلى النتيجة نفسها.
نفور الناس منك، وابتعادهم عنك هذا ما يقوله الطب.
فماذا عن الفيزياء الحيوية للجسم .. العلم هنا تدخّل، لينبهنا ألى حقيقة مدهشة، لم ننتبه إليها قبل أن يكشفها العلم.
انظر حولك، وستدرك هذه الحقيقة .. معظم الناجحين، فى كل مجالات الحياة، من الاقتصاد إلى الأدب والفن، ممن يمتلكون طبيعة متفائلة ..إنهم يتفاءلون، ويغامرون، ويندفعون إلى الأمام ..وينجحون.
أما المتشائمون، فهم يرون الدنيا دوماً بنظرة سلبية، تجعلهم شكاكين، موسوسين، قلقين، مترددين.. لذا فهم يفشلون.
علمياً.. فما أثبته العلم هو أنه هناك موجات يبثها جسم الإنسان، وتتوافق مع طبيعة مشاعره.
لو كان متفائلاً، فهو يبث موجات إيجابية.
أما المتشائم، فيبث موجات سلبية.
والمشكلة أن تلك الموجات لا تجعل صاحبها مكتئباً فاشلاً فحسب، ولكنها أيضاً تنعكس على من حوله.
وقديماً قالوا: “من جاور السعيد يسعد”.. وهذه فى الواقع حقيقة .. وعلمية.
فإذا ما صاحبت أصحاب الموجات الإيجابية،انعكست عليك موجاتهم، وامتلأت نفسك بالتفاؤل، وانفتحت أمامك الدنيا، وبدأت رحلتك نحو النجاح ..ومن جاور الفاشلين يفشل.
موجاتهم السلبية أيضاً تنعكس عليك، فتصير مكتئباً، يائساً، بائساً .. وتبدأ رحلة الفشل.
علمياً أيضاً .. وهذا صحيح من ناحية الطب النفسى أيضاً، فإذا ما أحاط بك اليائسون، تملكتك موجة يأس، والعكس صحيح، فالحياة وسط المتفائلين تملأ نفسك بالتفاؤل ..ولا أنصحك بتجربة العيش وسط الفاشلين، ولكننى أنصحك بشدة أن تجرّب مصاحبة المتفائلين .. وسترى النتيجة .. وستدرك حتمية أن تتفاءل .. وإلا.
وفى الأسواق الآن كتاب شهير، اكتسح أرقام المبيعات، وانتشر بين الناس انتشاراً مدهشاً.
كتاب اسمه (the secret) أو (السر) تتحدّث فيه مؤلفته عن حقيقة أن مشاعرك تجلب إليك، إما النجاح أو الفشل .. أنت تصنعهما بنفسك .. بتفاؤلك .. أو تشاؤمك.
فالشخص الذى يرى أنه فاشل لا محالة، يجتذب من حوله كل العوامل، التى تؤمن له الفشل، ويكثفها،ويدفعها للدوران حوله، مما يجعل الفشل حقيقة حتميه لحياته ..والشخص الذى يؤمن بأنه سينجح، ويتفاءل بمستقبله، يحشد من حوله كل عوامل النجاح ويدور فى فلكه .. وينجح.
نحن نصنع إذن مصيرنا .. وليس قدرنا ..التفاؤل، هو إيمان بالخالق عزّ وجلّ، وإيمان بأنه لا يتخلى عن مخلوقاته أبداً .. لذا، فالله سبحانه وتعالى يرد إليه نجاحاً .. ومن يتق الله، يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب.
والتشاؤم، والتوقّف أمام عقبات الحياة،أو الغرق فى تجارب فاشلة سابقة، وفقدان الإيمان بالتفاؤل بعدها، يعنى التخلّى عن الإيمان بالخالق عزّ وجلّ.. وهنا يتركه رب الكون سبحانه وتعالى للدنيا ..فيها يقاتل ويحارب بدون درع أو سيف.
ومن الطبيعى، والحال هكذا، أن يكون الفشل أقرب إليه من النجاح.
وهناك حقيقة حياتية، لابد وأن ندركها ونؤمن بها جميعاً .. لا أحد ينجح على طول الخط .. ولا أحد يفشل على طول الخط .. حتى أنجح الناجحين ،مرّت به أيام فشل ..الفارق بينه وبين الفاشلين، هو أنه لم يتوقف عند تلك الأيام الفاشلة، بل اعتبرها مجرّد درس، ينبغى ان يتعلم منه، كيف ينجح فى المرة التالية.
الكاتب الشهير (إرنست هيمنجواى) قالها منذ زمن .. “إذا عرفنا كيف فشلنا ،نعرف كيف ننجح”.
وعبارته هذه حكمة، ينبغى أن نتمسّك بها فى حياتنا .. أن نعتبر الفشل هو خطوة أولى وأساسية للنجاح ..وأن نقفز من الفشل، بالفشل ونتائجة، إلى نجاح ..إلى تفاؤل .. إلى أمل ..إلى مستقبل.
ولا ينبغى أن نقنط أبداً من رحمة الله .. أبداً.
لو آمنا بهذا، فسنتفاءل .. ونمتلئ بالحماس.. والأمل .. والقوة .. ونخطو نحو الهدف الرئيسى ..نحو النجاح.
راجعوا المقال كله، وستدركون الحقيقة التى أريد قولها منذ البداية.
الدين يأمرنا أن نتفاءل .. والطب يؤكد أهمية التفاؤل .. وعلم النفس يشير إلى حتميته .. والفيزياء الحيوية تؤكده ،كعامل اساسى من عوامل النجاح والتفوق.
وعلم الاجتماع يحتمه.
والمنطق والعقل يؤيدانه.
والحياة من حولنا تشير إليه.
فماذا ننتظر لنتفاءل، ولندرك أن بكره .. حتماً .. أحلى م النهاردة؟!