قبل أن تبدأ في دوران الأرقام وأنشطة التخطيط، عليك أن تدرك أن مشاركة الموظفين هي عملية عقلية. و الطريقة الوحيدة التي تسفر عنها استراتيجية المشاركة في تحقيق النتائج هي إذا بدأت بـ “سبب” الأمر، مع كل نشاط وحدث تخطط له.
ابدأ من خلال النظر الى فريقك كأناس حقيقيين، لديهم أفكار و طلعات و انجازات و تحديات، في مكان العمل و خارجه. و هؤلاء الأشخاص ليسوا وسيلة لتوليد نتائج العمل فحسب، بل هم مورد هائل يحتاج إلى فهمه ورعايته من أجل تحقيق ما هو متوقع منهم كعمال.
لماذا تعتبر مشاركة الموظف في غاية الأهمية؟
بصفتك مديرًا، قد يكون الحفاظ على مشاركة موظفيك هو التحدي الأكبر الذي تواجهه. إنها أيضًا فرصة هائلة لاكتساب التزام طويل الأجل وجهد تقديري من فريقك. سيؤدي هذا الجهد في النهاية إلى ارتفاع المبيعات وتقليل الأخطاء.
و هناك المزيد والمزيد من الأدلة المقنعة على أن تحسين مشاركة الموظفين يمكن أن يحسن أداء الشركة بشكل كبير عبر عدد من المجالات الرئيسية، مثل الربحية، والإنتاجية، ورضا العملاء، والابتكار، والصحة والسلامة، والمرض والغياب، والدوران والرفاهية.
ولكن من أجل تحقيق ذلك، يجب أن تتماشى جهودك مع استراتيجية عملك الشاملة. فتطبيق الأفكار والأنشطة غير المخطط لها والتي تعتقد أنها قد تساعد، دون مراقبة أو قياس تأثيرها، هو مضيعة للوقت والموارد.
إلتزام العمل و رجال الأعمال بمشاركة الموظف
يجب أن تكون واضحًا بشأن “ما” الذي تريد تحقيقه في شركتك، قبل القفز إلى “كيف” ستذهب إليه. تعد وظيفة الموارد البشرية الخاصة بك ضرورية في تحديد وتخطيط استراتيجية مشاركة الموظفين التي تتوافق مع أهداف مؤسستك.
كما أشرنا في مقال حديث، فإن الموارد البشرية لديها وظيفة أكثر استراتيجية داخل الشركة ويجب أن تشارك في عملية تخطيط الأعمال لضمان ربحيتها. فكونها متعددة الوظائف بطبيعتها، تتمتع وظيفة الموارد البشرية بدرجة عالية من السلطة فيما يتعلق بإدارة الموظفين الذين سينفذون تلك الاستراتيجية في النهاية.
مشاركة الموظف ليست عملية معزولة للموارد البشرية. و من أجل تقديم الفوائد التي تحدثنا عنها سابقًا، فإنه يحتاج إلى التزام ومشاركة تنظيمية لتنفيذ مبادرات فعالة.
15 نشاط لإشراك الموظفين
1. إشراك الموظفين في عملية تخطيط عملك (Involve employees in your business planning process)
كل ستة أشهر، أو حتى كل ثلاثة أشهر، قم بعرض أهم القضايا في شركتك والإجراءات المتخذة لمعالجة هذه المشكلات. قم بمشاركة فريقك في التخطيط للمستقبل، وتقييم الفرص والتوصل إلى أفكار تحسين لاستراتيجية عملك.
من خلال تعزيز الشفافية وتقديم نظرة ثاقبة إستراتيجية حول كيفية إدارة الشركة، ستعزز الولاء وستكون لديك أيضًا قيادة جاهزة.
2. إنشاء نظام تبادل المعرفة (Create a knowledge sharing system)
إن واحدة من أكبر تكاليف ارتفاع معدل دوران الموظفين هو فقدان المعلومات الأساسية. لذا، سيساعدك نظام مشاركة المعرفة في تجنب هذه التكلفة، إلى حد ما، كما أنه محرك جذب كبير للقادمين الجدد.
يمكن أن يكون لديك برنامج إرشادي، أو تقوم بإقران الموظفين ذوي الخبرة بأفراد جدد أو استخدام برمجيات اتصالات. قم بإنشاء قالب برنامج تعليمي يجب أن يتبعوه، مما يتيح لهم مساحة كافية لاختبار طرق التعلم الخاصة بهم. امنحهم إطارًا زمنيًا ومجموعة من الأهداف ودع العلاقة تتكشف من تلقاء نفسها.
3. تشجيع تبادل المعرفة بطريقة مبتكرة (Encourage knowledge sharing in a creative way)
يتم عزل الفرق في كثير من الأحيان داخل مشروعهم الخاص ومساحة عملهم الخاصة، و لا يكون لديهم أي فكرة عما يفعله بقية الشركة. قم بإنشاء مساحة مشاركة مفتوحة، مرة واحدة كل شهرين أو نحو ذلك، حيث يمكن لكل فريق تقديم تحديثات على مشروعهم ونقاط التعلم الرئيسية. ستتطور الفرق بسرعة أكبر، باستخدام المعرفة المشتركة والخبرات المختلفة في كل مشروع.
لتقليل خطر هذا التحول إلى اجتماع ممل وإلزامي لمدة ساعتين، اجعله ممتعًا ومبدعًا. يمكنك الحصول على موضوع لكل جلسة مشاركة. على سبيل المثال، موضوع هذا الشهر هو “أفلام المافيا”، وقرر فريق المبيعات تقديم تحديثاته بطريقة تشبه العراب (Godfather). تذكر أن الإبداع هو محرك السعادة الرئيسي.
يجب عليك أيضا محاولة و تجربة السعادة في لعبة بطاقة العمل للفرق! تم تصميم اللعبة كأداة لأداء الفريق ومشاركة الموظفين، وتتألف اللعبة من أكثر من 50 سيناريو مشترك لأماكن العمل وأكثر من 100 حل قائم على العلوم. يقوم كل سيناريو بتحديد وتوفير السياق لموقف العمل المشترك، متبوعًا بمبرر علمي موجز عن سبب كونه مشكلة في العمل. و يندرج كل حل في واحدة من أربع فئات: الممارسة الإيجابية، وقمع الإجهاد، والتدفق إلى الأهداف، وتنشيط العلاقات. و توفر البطاقات العديد من فرص الممارسة الفريدة التي تلبي احتياجات وأساليب عمل الفرق المتنوعة.
4. اطلعهم على الحالة المالية (Show them the money)
لا شيء يبني الثقة مثل إطلاع شخص ما على بيانك المالي. وهذا بالضبط ما يجب عليك فعله في شركتك.
يشرح جوش كارليل ، الرئيس التنفيذي في شركة WritingsGuru الرائدة في مجال خدمة الكتابة الورقية:
لا شيء يبني الثقة مثل إطلاع شخص ما على بيانك المالي. وهذا بالضبط ما يجب عليك فعله في شركتك.
امنح فريقك عرضًا سريعًا عن الحالة المالية لشركتك، كل ثلاثة أشهر أو نهاية العام. بيّن لهم كيف ترتبط جهود الجميع معًا، و قم بوضع أهداف جريئة للأشهر القادمة واشرك الجميع في تحقيق تلك الأهداف. ستلاحظ أن هذا النشاط مرتبط بالنشاط الأول.
شجع الموظفين على تحمل مسئولية نجاح الشركة إذا كنت تريد منهم أن يبذلوا جهودهم التقديرية.
5. تشجيع و توفير فرص التعلم (Encourage and provide learning opportunities)
قم بإنشاء أكاديمية خاصة بك، حيث يمكن للموظفين الوصول إلى فرص المعرفة والتطوير التي يحتاجون إليها. و هذا هو واحد من أهم ثلاثة أسباب لتخلي الموظفين عن الشركات و استقالته منها: قلة فرص التعلم.
قم بتقييم احتياجاتهم وتفضيلاتهم، وإنشاء المناهج الدراسية وإعداد فصل أو فصلين في الأسبوع. اجعلهم يشاركون في تقرير كيفية تحديد مواعيد مبادرات التعلم هذه (خلال أو بعد ساعات العمل).
اجعلها جذابة ومجزية مع حفل التخرج، والقبعات والزهور وحتى قضاء ليلة ممتعة.
6. العقل السليم في الجسم السليم (Mens sana in corpore sano)
قم بعقد أولمبياد المكتب الخاصة بك حيث يمكن للجميع المشاركة والاستمتاع. قم بتعزيز الرفاهية و اظهار فوائد اتباع أسلوب حياة صحي بطريقة ممتعة وتنافسية.
فالتعرف على بعضهم البعض في بيئة مختلفة و ربط الناس بنفس الاهتمامات فرصة رائعة لتحرك بعض تلك العضلات المخدرة بالكرسي و تكوين العلاقات في مسابقة ودية. و تعتبر الجوائز والصور المحرجة أمر لا بد منه.
7. خصص وقت لكسر القواعد (Have a hack night)
اكسر الرتابة و الملل بليلة عمل طموحة. حدد هدفًا واضحًا، وقم بإنشاء مجموعة القواعد الخاصة بك (فترات الراحة، والموسيقى، والوجبات الخفيفة، وما إلى ذلك) وحاول أن تكون منتجًا قدر الإمكان في ليلة واحدة فقط.
اجمع الجميع واختبر حدودك الإبداعية والتشغيلية. أعدك أن يكون ذلك ممتعًا حقًا! إليك كيف تضافرت جهود فريق HubSpot لإنشاء محتوى تسويقي بقيمة 200 ساعة في ليلة واحدة.
8. خلق الإثارة حول الفرص القادمة (Create excitement about upcoming opportunities)
تأكد من توصيل الفرص القادمة بشكل منتظم. اجعل الموظفين متحمسين ويسعون لتحقيق الخطوة التالية. قم بذلك في رسالتك الإخبارية الداخلية، أو وجهًا لوجه، أو أثناء اجتماع تحديث عام.
إذا كانوا متحمسين لما هو التالي، فسوف يبذلون قصارى جهدهم و يردون بـ “لا، شكرًا لك” على رسائل البريد الإلكتروني المزعجة من منافسيك.
ضع في اعتبارك أن العمليات المهنية يجب أن تكون مدفوعة بالإمكانات الفردية وكذلك الفرص الحالية.
9. دعهم يخلقون تجربة التأهيل الخاصة بهم (Let them create their own onboarding experience)
اصنع تجربة تاهيل ذاتية التوجيه. فالناس أكثر عرضة لتذكر واستيعاب المعلومات التي يحصلون عليها بمفردهم. ضع القواعد الأساسية، وامنحهم التعليمات الأساسية، وقائمة الأهداف والإطار الزمني. على سبيل المثال خطة لمدة 60 يومًا، مع بعض المعالم الأساسية.
دعهم يسبحون بمفردهم. في كثير من الأحيان، تفشل عمليات التأهيل في توفير القيمة الفعلية وبدء الحوار. اسمح للموظفين الجدد بتكوين تجربة تأهيل خاصة بهم ومعرفة تفضيلات العمل لديهم.
10. اجعل التأهيل متعة (Make onboarding fun)
امتلك التأهيل لمسابقة التحدي. حول المعلومات التي تعتبر عادة مملة أو غير مجدية إلى تفاهات الشركة وتعلم كيفية استخدام الأدوات والأنظمة ، مثل نظام الاتصال الداخلي.
ضم أشخاصًا آخرين في اللعبة. على سبيل المثال ، اطلب من بعض كبار السن من الموظفين تقديم إجابات والتعرف على التعيينات الجديدة.
11. قم بإنشاء مجلة داخلية خاصة بك (Create your own internal magazine)
قم بإنشاء مجلتك الداخلية التي تركز على الموظف بأعمدة ممتعة، وأخبار، وقصص، وفرص مميزة. من الذي لا يرغب في الظهور على الغلاف بصفته موظف الشهر؟
يمكن أن تكون مجلة على الإنترنت أو مجلة مطبوعة. أو يمكن أن تكون إصدارًا شهريًا عبر الإنترنت وطباعة ربع سنوية.
12. مؤتمر TEDx
احصل على محادثات شبيهة بمؤتمرات TEDx حيث يمكنك مشاركة الأفكار وتعزيز الإبداع وتشجيع الابتكار.
اجعل مكان عملك أقل عن العمل وأكثر عن الناس هناك. أفكارهم وتجاربهم وتطلعاتهم. امنحهم فرصة ليكونوا مصدر إلهامهم، مما يعزز الروح المعنوية والإبداع للجميع في الشركة.
يمكنك جعله حدثًا قائمًا بذاته أو إدراجه في حدث آخر تخطط له بالفعل.
13.رابطة المدراء الإستثنائيين (The League of Extraordinary Managers)
المديرون هم عنصر الأعمال الرئيسي، و كذلك فهم المحفزين على المشاركة.
قم بإنشاء برنامج تدريب للمديرين وتعليمهم أن يهتموا حقًا. قم بتدريبهم على تحقيق أقصى قدر من المساهمة والرضا، ومواءمتهم مع إستراتيجية المنظمة ورسالتها وقيمها وبيّن لهم كيفية التعرف على التوجه والجهد والنتائج.
14. أنا بطلي الخاص “I am my own hero”
شجع الأفراد على تصميم وتملك مسارات حياتهم المهنية، بدلاً من الاعتماد على الشركة أو مديرهم. يحتاج الموظفون إلى أخذ المبادرة وتحديد هدف وظيفي لأنفسهم.
اطلب من الناس أن يكتبوا هدفهم على قطعة من الورق. ضعه في مظروف وأغلقه. ثم، بعد ستة أشهر أو سنة، أعطهم الأظرف المختومة مرة أخرى لمعرفة ما إذا كانوا قد أدركوا هذا الهدف.
لهذا النشاط ، يكون للمديرين دور إرشادي. يمكنهم فهم والمساعدة في محاذات تطلعات الموظفين مع وجهة نظر التطوير الوظيفي للمؤسسة.
15. العطاء (Give back)
اشترك في المبادرات الاجتماعية والخيرية. فالعطاء يخلق عقلية إيجابية. كما يعزز الفخر والولاء.
اجعل الفريق سويًا، واطلب من الجميع طرح القضايا و قم باختيار الفرد الذي تريد دعمه. من المهم أن تجعلها شخصية، وأن تجعلها مهمة. يمكنك التبرع بالوقت والمشاركة، أو المال، أو كليهما.
وعادًة ما يكون إعطاء الوقت مجزيًا أكثر من إعطاء المال، خاصًة بالنسبة للموظفين من جيل الألفية الذين يتجهون بشدة نحو المشاركة الاجتماعية.
الالتزام باتخاذ إجراء، لا تنتظر أن تحدث المشاركة (Commit to taking action, don’t wait for engagement to happen)
يعتبر الانتقال من النظرية إلى التطبيق هو تحد كبير. فمعظم الشركات التي تقيس مشاركة الموظف لا تفعل سوى هذا القياس.
و من أجل الحصول على جميع فوائد و إمتيازات مشاركة الموظف، يجب عليك الالتزام باتخاذ الإجراءات:
“وجهة النظر الناشئة هي أن المشاركة يجب أن توصف بأنها تحويلية. تكرس المؤسسات 90 % من جهدها للمشاركة في نشاط “ما بعد المسح” لإلهام الناس للقيام بعمل رائع وتوفيق جهودهم مع احتياجات العمل.
وتُعزى نسبة الـ 10 % الأخرى إلى المشاركة “بالمعاملات” – العملية غير المثمرة في كثير من الأحيان لالتقاط الأدلة المستندة إلى المسح لدعم البرنامج التحويلي لأنشطة المشاركة. ”
الدكتور مارتن ردينغتون ديسيبل، زميل أكاديمي لدى معهد شئون الأفراد و التنمية (CIPD).
فاتخاذ الإجراءات يعني التأكد من أن جميع الموظفين يفهمون رؤية الشركة واتجاهها الاستراتيجي، وكذلك دورهم الفردي في تحقيقها.
كما يعني إشراك المديرين من خلال تطوير مهاراتهم القيادية، والعيش في الشركة على أساس يومي، والسماح بالتواصل المفتوح ذو الاتجاهين مع الموظفين.
الخلاصة (Bottom line)
تعد مشاركة الموظف مجهودًا تنظيميًا يتطلب رؤية طويلة المدى في سياق استراتيجية العمل، إذا كان الهدف هو تحسين معدلات الإنتاجية والاحتفاظ بالموظفين.
يجب عليك تحديد ما تحتاجه شركتك وتطوير الإستراتيجية الصحيحة. عندها فقط يجب أن تركز على كيفية قياس مشاركة الموظفين و ما هي الأنشطة التي يجب تنفيذها.