مفاهيم جودة المعلومات المحاسبية :
مقدمـة :
تحدد مفاهيم جودة المعلومات الخصائص التي تتسم بها المعلومات المحاسبية المفيدة أو القواعد الأساسية الواجب استخدامها لتقييم نوعية المعلومات المحاسبية. ويؤدي تحديد هذه الخصائص إلى مساعدة المسئولين عند وضع المعايير المحاسبية، كما تساعد المسئولين عند إعداد القوائم المالية في تقييم المعلومات المحاسبية التي تنتج من تطبيق طرق محاسبية بديلة، وفي التمييز بين ما يعتبر إيضاحا ضروريا ومالا يعتبر كذلك.
ويجب تقييم فائدة المعلومات المحاسبية على أساس أهداف القوائم المالية التي يرتكز فيها الاهتمام على مساعدة المستفيدين الخارجيين الرئيسيين في اتخاذ القرارات التي تتعلق بالمنشآت. ويجب أن يوجه المحاسبون اهتمامهم إلى هؤلاء المستفيدين كما يجب أن تتجه عنايتهم إلى إعداد القوائم المالية التي تساعدهم في اتخاذ قراراتهم.
ويؤدي التركيز على أهمية القوائم المالية كمصدر أساسي من مصادر المعلومات المفيدة لاتخاذ القرارات إلى قاعدة عامة لتقييم الطرق المحاسبية البديلة والاختيار من بين الأساليب المتاحة للإفصاح. وطالما أن هناك مجالا للمفاضلة بين طرق المحاسبة وأساليب الإفصاح فانه يجب اختيار طريقة المحاسبة أو أسلوب الإفصاح الذي يتيح أعظم المعلومات فائدة لمساعدة المستفيدين الخارجيين الرئيسيين على اتخاذ قراراتهم.
ولا يعتبر مجرد إسداء النصح باختيار طريقة المعالجة المحاسبية أو أسلوب الإفصاح على أساس منفعة المعلومات الناتجة في اتخاذ القرارات إرشادا كافيا لمن يتحملون مسئولية ذلك الاختيار. وإنما يجب تحديد وتعريف الخصائص التي تجعل هذه المعلومات مفيدة في اتخاذ القرارات ، وفيما يلي بيان هذه الخصائص :
أ – الملائمة.
ب- أمانة المعلومات وإمكان الثقة بها أو الاعتماد عليها.
ج- حيدة المعلومات.
د- قابلية المعلومات للمقارنة.
هـ– التوقيت الملائم.
و – قابلية المعلومات للفهم.
ز – الأهمية النسبية والإفصاح الأمثل.
الملائمة :
يقصد بالملائمة وجود علاقة وثيقة بين المعلومات المستمدة من المحاسبة المالية والأغراض التي تعد من أجلها. ولكي تكون هذه المعلومات مفيدة يجب أن تكون ذات علاقة وثيقة باتخاذ قرار أو أكثر من القرارات التى يتخذها من يستخدمون تلك المعلومات ، ومن ثم يمكن صياغة تعريف محدد لمفهوم المعلومات الملائمة على الوجه الآتي :
تعتبر المعلومات ملائمة ـ أو ذات علاقة وثيقة بقرار معين ـ إذا كانت تساعد من يتخذ ذلك القرار على تقييم محصلة إحدى البدائل التى يتعلق بها القرار ، شريطة توافر الخصائص الأخرى التى تتسم بها المعلومات المفيدة.
ويواجه المستفيدون الخارجيون الرئيسيون للقوائم المالية عدة بدائل. وتتعلق بعض هذه البدائل بوحدة محاسبية معينة بينما يتعلق بعضها الآخر بوحدات أخرى. ومن الواضح أن المعلومات المستمدة من المحاسبة ترتبط بوحدة معينة ذاتها. وبالتالي يقتصر مدى ملاءمة هذه المعلومات على البدائل التى ترتبط بتلك الوحدة دون غيرها. ومعنى ذلك أنه ليس من المتوقع مثلا أن يجد المستثمر في القوائم المالية للوحدة المحاسبية التى يمتلك فيها جزءا من حقوق الملكية معلومات تساعده على تقييم محصلة بيع حصته في تلك الوحدة – فلابد من عطاء يقدمه شخص راغب في الشراء لتقييم محصلة هذا البديل ، كما أنه لا يتوقع أن يجد في القوائم المشار إليها ما يساعده على تقييم محصلة استثمار أمواله في وحدات أخرى – فلابد من دراسة القوائم المالية لتلك الوحدات لتقييم محصلة هذا البديل. ولهذا السبب فإن بيان أهداف المحاسبة المالية في المملكة العربية السعودية قد انتهى إلى نتيجة مؤداها أن دور القوائم المالية لوحدة محاسبية معينة يجب أن يرتبط ارتباطا وثيقا بتقييم محصلة استمرار المستفيدين الخارجيين الرئيسيين في علاقاتهم مع تلك الوحدة أو تكوين علاقة معها. وعلى هذا الأساس يمكن صياغة تعريف أكثر تحديدا لمفهوم الملاءمة :
“تعتبر المعلومات ملائمة – أو ذات علاقة وثيقة بالغرض الذي تعد من أجله – إذا كانت تساعد المستفيدين الخارجيين الرئيسيين في تقييم البدائل التى تتعلق بالاحتفاظ بعلاقاتهم الحالية مع الوحدة المحاسبية ، أو تكوين علاقات جديدة معها شريطة توافر الخصائص الأخرى التى تتسم بها المعلومات المفيدة”.
أمانة المعلومات وإمكان الثقة بها أو الاعتماد عليها :
يفضل من يستخدمون المعلومات المستمدة من المحاسبة المالية أن تكون هذه المعلومات على درجة عالية من الأمانة، إذ أن هذه الخاصية هي التي تبرر ثقتهم في تلك المعلومات كما تبرر إمكان الاعتماد عليها. وتتسم المعلومات المالية الأمينة بالخاصتين الآتيتين:
أ – تصوير المضمون الذي تهدف إلى تقديمه تصويرا دقيقا ، بحيث تعبر عن الواقع تعبيرا صادقا ، فلابد من وجود توافق وثيق بين تلك المعلومات وبين الواقع. وليست هناك قاعدةعامة لتقييم أسلوب معين من أساليب القياس على أساس هذه الخاصية، وبعبارة أخرى: يتعذر تحديد مدى مطابقة المعلومات المستخرجة وفقا لأسلوب معين من أساليب القياس للواقع، فلابد من معرفة الظروف التي تحيط بكل حالة قبل تقديـر مدى الاعتماد على الأسلوب المستخدم للقياس في تلك الحالة بالذات. كما يلاحظ أن أمانة المعلومات وإمكان الاعتماد عليها ليست مرادفة “للدقة المطلقة” ، لأن المعلومات المستمدة من المحاسبة المالية تنطوي على التقريب والتقديرات الاجتهادية، وإنما يقصد بذلك أن الأسلوب الذي تم اختياره لقياس نتائج عملية معينة أو حدث معين والإفصاح عن تلك النتائج – في ظل الظروف التي أحاطت بتلك العملية أو بذلك الحدث – يؤدي إلى معلومات تصور جوهر تلك العملية أو الحدث.
ب- قابلية المعلومات للمراجعة والتحقيق :
يقصد بذلك أن النتائج التي يتوصل إليها شخص معين باستخدام أساليب معينة للقياس المحاسبي والإفصاح يستطيع أن يتوصل إليها شخص آخـر – مستقل عن الشخص الأول – بتطبيق نفس الأساليب. ومن ثم ، فان المعلومات الأمينة التي يمكن الاعتماد عليها يجب أن تتوافر فيها هذه الخاصية بحيث يمكن التثبت منها وإقامة الدليل على صحتها – غير أنه يلاحظ أن القياس المحاسبي والإفصاح لا يمكن أن يتسما بالموضوعية الكاملة لأن قياس المعلومات المالية أو الإفصاح عنها لا يعتبر قياسا علميا كاملا. ويرجع السبب في ذلك إلى أن المادة التي تخضع لهذا القياس لا يمكن تحديدها تحديدا موضوعيا حاسما، فمن المعلوم أن النشاط الذي تزاوله المنشآت لا يخضع للتحليل العلمي كما أن ذلك النشاط لا يتم وفقا لمعادلات رياضية وبالتالي، فإن المعلومات التي تستمد من المحاسبة المالية لا تتصف بأنها – في كافة الأحوال – معلومات موضوعية بصورة قاطعة، ومع ذلك فإن قابلية هذه المعلومات للتحقيق تؤدي إلى زيادة منفعتها – أو بعبارة أخرى – إذا كانت أساليـب القياس والإفصاح التي استخدمت لاعداد تلك المعلومات من شأنها أن تؤدي إلى نتائج يستطيع التثبت منها أشخاص مستقلون عن الأشخاص الذين قاموا بأعداد تلك النتائج.
وخلاصة القول ، أن خاصية الثقة بالمعلومات وإمكان الاعتماد عليها تعني أن أساليب القياس والإفصاح التي تم اختيارها لاستخراج النتائج وعرضها تعتبر أساليب مناسبة للظروف التي تحيط بها، وأن تطبيق هذه الأساليب قد تم بكيفية تسمح لأشخاص آخرين – مستقلين عمن قاموا بتطبيقها في المرة الأولى – بإعادة استخدامها للتثبت من تلك النتائج ، كما تعني هذه الخاصية أن المعلومات التي تم تقديمها تعتبر تصويرا دقيقا لجوهر الأحداث التي تنطوي عليها ، دون أن يعتريها تحريف أو تشوبها أخطاء ذات أهمية. يضاف إلى ذلك أن هناك جانبا آخر لهذه الخاصية ، يتمثل في حيدة المعلومات أو خلوها من التحيز.
حيادية المعلومات :
حيادية المعلومات – أو حيدتها – اصطلاح موجب يصف عدم التحيز. وتتداخل هذه الصفة تداخلا واضحا مع أمانة المعلومات لأن المعلومات المتحيزة – بحكم طبيعتها – معلومات لا يمكن الثقة بها أو الاعتماد عليها. وتوجه معلومات المحاسبة المالية التي تتصف بالحيدة للوفاء بالاحتياجات المشتركة لمن يستخدمون هذه المعلومات خارج المنشأة – دون افتراضات مسبقة عن احتياجات أية مجموعة معينة بالذات إلى تلك المعلومات – وتتسم معلومات المحاسبة المالية بأنها معلومات نزيهة خالية من التحيز صوب أية نتائج محددة مسبقا وتضع خاصية حيدة المعلومات واجباً على عاتق المسئولين عن وضع معايير المحاسبة المالية. كما تضع واجبا على عاتق المسئولين عن إعداد القوائم المالية ، وذلك فيما يتعلق باتخاذ قرارات منصفة بشأن الاختيار من بين الأساليب البديلة للقياس والإفصاح بحيث يكفل ذلك الاختيار تحقيق هدفين أساسيين هما: تقديم المعلومات ذات العلاقة الوثيقة بالأهداف التي تعد من أجلها، وتحقيق أمانة تلك المعلومات. ويتبين مما تقدم أن خاصية حيدة المعلومات المحاسبية تتطلب ما يأتي:
أ – أن يرتكز الاختيار من بين بدائل القياس والإفصاح على تقييم فاعلية كل من هذه البدائل في إنتاج المعلومات الملائمة – ذات العلاقة الوثيقة – وتحقيق أمانتها.
ب – فيما يتعلق بتطبيق طرق الإفصاح، أو أساليب القياس التي تتطلب الالتجاء إلى التقدير، يجب ألا تعمد إدارة المنشأة إلى المغالاة في هذه التقديرات أو بخسها – بغية تحقيق نتائج معينة ترغب – مسبقا – في التوصل إليها.
قابلية المعلومات للمقارنة :
تؤدي هذه الخاصية إلى تمكين من يستخدمون معلومات المحاسبة المالية من التعرف على الأوجه الحقيقية للتشابه والاختلاف بين أداء المنشأة وأداء المنشآت الأخرى خلال فترة زمنية معينة ، كما تمكنهم من مقارنة أداء المنشأة نفسها فيما بين الفترات الزمنية المختلفة. وتنشأ أوجه التشابه والاختلاف نتيجة تشابه أو اختلاف الظروف والأحداث التي تتأثر بها المنشآت المختلفة أو الظروف التي تتأثر بها نفس المنشأة خلال الفترات الزمنية المتعاقبة. وجدير بالملاحظة أن أوجه التشابه أو الاختلاف الحقيقية لا تنبع من تشابه أو اختلاف أساليب القياس وطرق الإفصاح. ومن ثم فان معلومات المحاسبة المالية تصبح ذات فائدة أكبر كلما استخدمت أساليب مماثلة للقياس وكلما استخدمت طرق مماثلة للإفصاح عن الأحداث المتشابهة. ورغم أن هناك بعض التداخل فيما بين قابلية المعلومات للمقارنة وبين ملائمة المعلومات وأمانتها. فإن الجوانب المتعددة للخاصية الأولى تعتبر على قدر كبير من الأهمية في إتاحة معلومات المحاسبة المالية التي يستفيد منها من يستخدمون هذه المعلومات مما يبرر اعتبارها على حدة. ولهذه الخاصية جانبان – لكل منهما مغزاه فيما يتعلق بمنفعة المعلومات المستمدة من المحاسبة المالية، وهمـا:
أ – إمكان المقارنة بين نتائج المدد المختلفة لنفس الوحدة المحاسبية ونعني بذلك “الثبات أو الاستمرارية” ويمكن إجراء هذه المقارنة إذا توافرت الشروط الآتية :
1- إمكانية مقارنة ما يحتويه كل رقم ـ بمعنى إمكانية مقارنة البنود المتعددة التي تم تجميعها في مقدار واحد عند عرض النتائج في القوائم المالية، مع مراعاة تجميع نفس البنود في مقدار واحد أيضا من فترة لأخرى.
2- إمكانية المقارنة بوحدة نقدية متجانسة ، بمعنى أن الوحدات النقدية المستخدمة في أية مجموعة متناسقة من القوائم المالية لفترة زمنية معينة يجب أن تتطابق أو تتماثل مع الوحدات النقدية المستخدمة في القوائم المالية التي تعد في فترة زمنية أخرى، وبالتالي يجب إعادة تصوير القوائم المالية للفترات الزمنية السابقة إذا اختلفت القوة الشرائية – بصورة جوهرية – للريالات السعودية التي استخدمت في إعداد تلك القوائم، وذلك حتى يتسنى إجراء المقارنة بين هذه القوائم على أساس موحد.
3- إمكانية مقارنة نماذج العرض بمعنى أنه يشترط استخدام نفس النماذج لتقديم المعلومات من فترة لأخرى.
4- إمكانية مقارنة الفترات الزمنية التي تعد عنها القوائم المالية بمعنى أن تكون هذه الفترات متماثلة.
5- إمكانية مقارنة طرق القياس وأساليب الإفصاح من فترة زمنية إلى فترة زمنية أخرى بمعنى ثبات هذه الطرق والأساليب أو في حالة تغييرها يتم الإفصاح عن تأثير هذه التغيرات.
6- الإفصاح عن التغييرات في الظروف التي تؤثر على المنشأة أو في طبيعة الأحداث التي تؤثر على المركز المالي للمنشأة من فترة زمنية إلى فترة زمنية أخرى.
ب – إمكان المقارنة بين الوحدات المحاسبية المختلفة وخاصة تلك الوحدات ذات الأنشطة المماثلة. ويمكن إجراء هذه المقارنة إذا توافرت الشروط التالية :
1- الشروط الستة السابقة للمقارنة بين نتائج المدد المختلفة لنفس الوحدة المحاسبية.
2- إلغاء الطرق البديلة لقياس أو الإفصاح عن الأحداث المماثلة في جوهرها.
3- الإفصاح عن السياسات المحاسبية المتبعة من قبل الوحدات المحاسبية المختلفة.
التوقيت الملائم :
يقصد بالتوقيت الملائم ، تقديم المعلومات في حينها بمعنى أنه يجب إتاحة معلومات المحاسبة المالية لمن يستخدمونها عندما يحتاجون إليها. وذلك لأن هذه المعلومات تفقد منفعتها إذا لم تكن متاحة عندما تدعو الحاجة إلى استخدامها، أو إذا تراخى تقديمها فترة طويلة بعد وقوع الأحداث التي تتعلق بها بحيث تفقد فعاليتها في اتخذا قرارات على أساسها. وجدير بالملاحظة أن المعلومات لا تستمد منفعتها من مجرد إتاحتها في الوقت الملائم، فهناك عوامل أخرى إلى جانب ذلك، إلا أن التباطؤ في إتاحة هذه المعلومات يؤدي إلى تقليل منفعتها أو ضياع تلك المنفعة، وللتوقيت الملائم جانبان :
أ – دورية القوائم المالية بمعنى طول أقصر فترة تعد عنها القوائم المالية. فقد تكون هذه الفترة طويلة نسبيا ، وبالتالي يمكن إتاحة المعلومات التي تتضمنها القوائم المالية في مواعيد دورية متباعدة، أو تكون هذه الفترة قصيرة نسبيا ، وبالتالي يمكن إتاحة هذه المعلومات في مواعيد دورية متقاربة. غير أنه إذا كانت الفترة الزمنية قصيرة بشكل ملحوظ فإن المعلومات التي تشملها قائمة الدخل قد تتأثر – إلى درجة كبيرة – بالتغيرات الموسمية أو العشوائية التي تتأثر بها أنشطة المنشأة إلى الحد الذي قد تصبح فيه المعلومات مضللة أو غير جديرة بالوقت الذي تستغرقه دراستها. أما إذا كانت الفترة الزمنية طويلة بشكل ملحوظ فإن على من يستخدم هذه المعلومات أن ينتظر طويلا قبل أن يتمكن من الحصول عليها، وحينئذ قد يتعذر الاستفادة منها في تقييم محصلة البدائل التي تواجهه.
ب – المدة التي تنقضي بين نهاية الفترة الزمنية التي تعد عنها القوائم المالية وبين تاريخ إصدار تلك التقارير، وإتاحتها للتداول، إذ أنه كلما كان ذلك الفارق الزمني طويلا كلما قلت منفعة المعلومات المالية التي تشملها تلك القوائم.
ويتضح مما تقدم أن تحديد الفترة الزمنية المثلى التي تعد عنها القوائم المالية، والحد الأدنى للفجوة الزمنية التي تفصل بين تلك الفترة وتاريخ إصدار القوائم المالية يعتبران من المعايير الهامة لمنفعة المعلومات المحاسبية، كما يتضح أن هذين المعيارين يرتبطان بوظيفة إعداد القوائم المالية أكثر من ارتباطهما بتجميع بيانات المحاسبة المالية وقياسها.
قابلية المعلومات للفهم والاستيعاب :
لا يمكن الاستفادة من المعلومات إذا كانت غير مفهومة لمن يستخدمها، وتتوقف إمكانية فهم المعلومات على طبيعة البيانات التي تحتويها القوائم المالية وكيفية عرضها من ناحية، كما تتوقف على قدرات من يستخدمونها وثقافتهم من ناحية أخرى. وبالتالي، فإنه يتعين على من يضعون معايير المحاسبة، كما يتعين على من يقومون بأعداد القوائم المالية أن يكونوا على بينة من قدرات من يستخدمون هذه القوائم وحدود تلك القدرات، وذلك حتى يتسنى تحقيق الاتصال الذي يكفل إبلاغ البيانات التي تشملها تلك القوائم.
إن هذه الخاصية من خصائص المعلومات المفيدة يجب أن تلقي قدرا متساوياً من اهتمام الفريقين المشار إليهما، بمعنى أن من يقومون بوضع معايير المحاسبة عليهم أن يضعوا نصب أعينهم أن هذه المعايير لا توضع لمنفعة من يقومون بإعداد القوائم المالية، وإنما توضع لمنفعة من يستخدمون تلك القوائم لتقييم محصلة البدائل التي تواجههم. ومن ثم فإن قدراتهم – وحدود هذه القدرات – يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند وضع هذه المعايير – حكمها في ذلك حكم باقي العوامل الهامة في هذا المجال – وبالمثل، فإن من يقومون بإعداد القوائم المالية عليهم أن يضعوا نصب أعينهم أن هذه القوائم لا تعد لمنفعة المحاسبين الآخرين ، وإنما تعد لمنفعة من يستخدمونها خارج المنشأة ، وأن هؤلاء قد لا تكون لديهم سوى معرفة محدودة بالمحاسبة المالية ، وربما كانوا يفتقرون تماما إلى مثل هذه المعرفة، ومن ثم يجب أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند تصميم نماذج القوائم المالية وعند صياغة الإيضاحات التي ترفق بها.
وبناء على ما تقدم فان الإجراءات الآتية تسهم في إمكانية فهم معلومات المحاسبة المالية واستيعابها: تصنيف البيانات في مجموعات ذات مغزى لمن يستخدمون القوائم المالية (وليس للمحاسبين وحدهم)، الاستعانة بعناوين واضحة المعنى سهلة الفهم. وضع البيانات المترابطة مقابل بعضها البعض، تقديم الأرقام الدالة على المؤشرات التي يرغب من يستخدمون هذه القوائم – عادة – في معرفتها.
الأهمية النسبية والإفصاح العام الأمثل :
يرتبط هذان المفهومان ببعضهما ، كما أنهما يرتبطان معا بمفهومي الملائمة وأمانة المعلومات. ويرجع السبب في ارتباط الأهمية النسبية بالإفصاح الأمثل إلى أن المعلومات الهامة يتعين الإفصاح عنها، كما أن المعلومات التي لا يتم الإفصاح عنها يفترض -مسبقا- إنها غير هامة.
أما السبب في ارتباط مفهومي الأهمية النسبية والإفصاح الأمثل معا بمفهوم الملائمة فيرجع إلى أن المعلومات التي ليست لها علاقة وثيقة بأهداف القوائم المالية تعتبر – بطبيعتها – معلومات غير هامة، وبالتالي ليس هناك ما يدعـو إلى الإفصاح عنها.
وبالمثل ، فإن الأهمية النسبية والإفصاح الأمثل يرتبطان معا بمفهوم أمانة المعلومات وإمكان الاعتماد عليها ، وذلك على أساس أن القوائم المالية التي يمكن الاعتماد عليها يجب أن تفصح عن كافة المعلومات ذات الأهمية النسبية. وكثيرا ما تنطوي المحاسبة المالية – باعتبارها وسيلة قياس وإيصال – على تقديرات اجتهادية تعتمد إلى حد كبير على تقييم مستوى الأهمية. وجدير بالملاحظة أن مستوى الأهمية – في المحاسبة المالية – مسألة نسبية تعتمد على خصائص كمية وخصائص نوعية، أو على خليط منهما معا. وبصفة عامة يعتبر البند ذا أهمية نسبية إذا أدى حذفه أو عدم الإفصاح عنه أو عرضه بصورة غير صحيحة إلى تحريف المعلومات التي تشملها القوائم المالية على نحو يؤثر على من يستخدمون هذه القوائم عند تقييم البدائل أو اتخاذ القرارات.
وتستلزم خاصية الأهمية النسبية توجيه الاهتمام إلى من يستخدمون القوائم المالية، والتعرف على ما يحتاجونه من المعلومات. وقد حدد بيان أهداف المحاسبة المالية المستفيدين الرئيسيين للقوائم المالية واحتياجاتهم المشتركة من المعلومات. وفي ضوء ما جاء بذلك البيان يعتبر البند ذا أهمية نسبية إذا أدى حذفه أو عدم الإفصاح عنه أو عرضه بصورة غير صحيحة إلى تشويه المعلومات التي تشملها القوائم المالية مما يؤدي إلى التأثير على تقييم المستفيدين الخارجيين الرئيسيين للنتائج التي تترتب على الاحتفاظ بعلاقاتهم الحالية مع الوحدة المحاسبية أو تكوين علاقات جديدة مع تلك الوحدة. ولكي يتسنى تحديد الأهمية النسبية لبند معين يجب أن تؤخذ طبيعة ذلك البند وقيمته في الاعتبار، ومن المعتاد أن يتم تقييم هذين العاملين معا ، غير أن أحدهما قد يكون هو العامل الحاسم في ظروف معينة، وتتمثل الخصائص النوعية التي تتسم بها طبيعة البند فيما يلي:
أ – الأهمية الأساسية للعملية، أو الحدث، أو الظروف التي تعكس البند – سواء كانت غير عادية أو غير متوقعة ، أو غير ملاءمة، أو مخالفة للنظام الأساسي للمنشأة.
ب – الأهمية الأساسية للبند كمؤشر للمسار الذي يحتمل أن تسلكه الأحداث المقبلة – سواء كان ذلك في صورة أنشطة جديدة، أو إدخال تغييرات جوهرية على الأنشطة القائمة، أو تعديل أساليب تأدية الأعمال التي تزاولها المنشأة.
وتتمثل الخصائص الكمية التي يتسم بها البند – أي قيمة البند أو مقداره – فيما يلي :
أ – مقدار البند منسوبا إلى التوقعات العادية.
ب- حجم البند منسوبا إلى أساس ملائم ، ومن أمثلة ذلك فيما يتعلق بقائمة الدخل: نسبة كل بند من البنود التي تشملها هذه القائمة إلى الدخل من التشغيل للسنة الجارية، أو نسبة كل من هذه البنود إلى متوسط الدخل من التشغيل للسنوات الخمس الماضية (بما فيها السنة الجارية). وفيما يتعلق بقائمة المركز المالي: نسبة كل بند من البنود التي تشملها هذه القائمة إلى حقوق أصحاب رأس المال، أو نسبة كل من هذه البنود إلى إجمالي المجموعة التي يقع فيها ذلك البند كمجموعة الأصول المتداولة، أو مجموعة الخصوم طويلة الأجل.
ويسهم الإفصاح الأمثل في زيادة منفعة معلومات المحاسبة المالية، ومن ثم فان القوائم المالية يجب أن تكشف عن كافة المعلومات التي تجعلها غير مضللة، ولكن ينبغي أن يتركز الإفصاح في التأكيد على المعلومات التي يتعين إبرازها بصورة خاصة (وهي المعلومات الملائمة ذات الأهمية النسبية).
وهناك جانبان للإفصاح الأمثل هما: التجميع الأمثل للبنود، وإضفاء الشرح الأمثل على البيانات، وبقدر ما يتعلق الأمر بالتجميع الأمثل للمفردات في مجموعات ملائمة ، يجب أن تشتمل القوائم المالية على التفاصيل التي تكفي لتزويد من يستخدمونها بالمعلومات المطلوبة عن الأنواع المختلفة من الأصول والخصوم ، وحقوق أصحاب رأس المال ، والإيرادات ، والمصروفات ، والمكاسب ، والخسائر ، والتدفق النقدي. غير أن التفاصيل التي تزيد عن الحد الملائم قد تؤدي إلى ارباك من يستخدم هذه القوائم، إذ أنه يحتاج إلى دراسة قدر كبير من البيانات التفصيلية لكي يستخلص منها المعلومات الأساسية التي يحتاجها، وفضلاً عن ذلك فإنه لا ينبغي أن تظهر البنود غير الهامة كمفردات مستقلة حتى لا يؤدي الإفراط في سرد التفاصيل إلى إغفال البيانات الهامة.
وفيما يتعلق بالشرح الأمثل للبيانات، يجب إضافة شرح تكميلي للعناوين الرئيسية، والفرعية والقيم المالية التي تشملها القوائم بما يكفل توضيح كل منها، كما يجب تفادي وضع المعلومات الهامة في خضم من التفاصيل الضئيلة الأهمية. هذا ، وتعتبر الإيضاحات التي تلحق بالقوائم المالية ضرورية لشرح وجهة نظر الإدارة ، كما تعتبر ضرورية لشرح حدود استخدامات هذه القوائم ، إلا أن هذه البيانات قد تكون مطولة أو مقتضبة بدرجة تتناقض مع الإفصاح الأمثل، ويتوقف ذلك – جزئيا – على قدرات من يستخدمون القوائم المالية.
ومهما كانت الظروف ، فإنه يتعين على المسئولين عن وضع معايير المحاسبة، كما يتعين على المختصين بإعداد القوائم المالية أن يكون الإفصـاح الأمثل من بين الأغراض التي يهدفون إلى تحقيقها ، باعتبار أن ذلك الإفصاح خطوة هامة نحو تقديم المعلومات المفيدة.