كان هناك شاب عرف أن هناك رجلا صينيا حكيما، من الممكن أن يدله على معنى الحكمة، ومن الممكن أن يعرفه كيف يتحكم في أحاسيسه وأعصابه، وقال له الناس: إن هذا الرجل يعيش فوق جبل، وإذا قابلك فأنت محظوظ.
فلم يضيع الشاب وقته، فاستقل الطائرة وسافر وذهب إلى المكان وظل منتظرا، فأخبروه أن الحكيم سيقابله، فذهب إليه، فأخذ يطرق الباب، فتركوه ثلاث ساعات وهو غاضب جدا، وبعد ثلاث ساعات فتحت له الباب سيدة عجوز وأخبرته أن الحكيم سيأتي إليه حالا، ولكنه جاء إليه بعد مرور ساعة، فكان الشاب قد وصل إلى قمة الضيق والغضب، فجاء الرجل العجوز ورأى الشاب أنه بسيط جدا، يلبس ملابس بسيطة وعندما جلس بجانبه سأله: هل تحب أن تشرب شايا؟
فاشتد غضب الشاب وقال في نفسه, هذا الرجل المجنون تركني ثلاث ساعات بالخارج، ثم تركني هنا ساعة دون أن يعتذر، ثم يسألني عما إذا كنت أريد أن أشرب شايا.
وظل الشاب يتكلم وهو غاضب، فقال له الحكيم مرة أخرى: أتحب أن تشرب شايا؟ فلما رآه الشاب مصرا، قال له: هات الشاي. فأحضرت له السيدة الشاي في إبريق كبير، فقال له: أتحب أن أصب لك الشاي؟ فقال له: تفضل. فظل يصب الشاي في الفنجان حتى خرج من الفنجان وسال على الطاولة كلها، إلى أن وقف الشاب غاضبا وقال: ما هذا الذي تفعله معي؟ هل أنت مجنون؟
فنظر إليه الحكيم وقال له: قد انتهى هذا الإجتماع، ثم تعال إلي عندما يكون فنجانك فارغا، ثم تركه وذهب. فبدأ الشاب يدرك الأمر، ويقول لنفسه: لقد أضعت كل هذا الوقت، ثم فعل ما فعله معي، ثم أتركه يذهب، لابد أن أغير أسلوبي معه، فقال الشاب له: أنا آسف جدا، لقد جئت إليك من آخر الدنيا، فمن فضلك علمني شيئا مفيدا، فقال له: لكي تستطيع العيش في الدنيا بطريقة إيجابية عليك أن تلاحظ فنجانك، فقال له الشاب: ما معنى ذلك؟
فقال الحكيم: عندما تركناك أربع ساعات. كيف كان إحساسك؟ فقال له: في البداية كان إيجابيا، ثم بدأت أتعصب وأغضب شيئا فشيئا، حتى وصلت إلى درجة أنني كدت أنفجر.. لكنني كنت مصمما على مقابلتك.
فقال له الحكيم: وكيف كان إحساسك عندما تركناك ساعة في البيت؟
فقال الشاب: كنت غاضبا أكثر
فقال الحكيم: وعندما صببت الشاي في الفنجان قدرا من حجمه؟ فقال له الشاب: لا، فقال الحكيم: إذن فماذا حدث عندما استمر صب الشاي في الفنجان؟
قال له الشاب: سال الشاي على الطاولة كلها.
فقال له الحكيم: وهذا بالضبط ما حدث لأحاسيسك، جئت إلينا بفنجان فارغ، فملأناه إلى أن بدأ يطفح وهذا يسبب لك أمراضا، فلو أردت أن تعيش سعيدا في حياتك فعليك أن تلاحظ فنجانك، ولا تسمح لأحد بأن يملأه لك بغير إذنك.
وانتهى هذا الإجتماع، ثم قال له الحكيم: عليك أن تدفع لي ألف دولار. فامتلأ فنجانه مرة ثانية.