كيف أتعرف على نفسي؟
علا: مرحبا وفاء…
وفاء: أهلا علا
علا: أحتاج إلى مساعدتك
وفاء: خيرا؟ إذا كنت تطلبين مالا، فقد أخطات العنوان! إن الناس دوما يطرقون بابي بطريق الخطأ
علا (بغيظ): كلا يا أختي (مع إضافة حرف الشين بين التاء والياء لمن احب!). أريد أن تحدثيني عن نفسي.
وفاء: أنت إنسانة جيدة!
علا (بغيظ أشد): أرجوك، أريد توصيفا كاملا…
وفاء: ولماذا؟ لا تصفين أنت نفسك وتريحيني من هذا العناء؟
علا (باسترخاء لا إرادي): عجزت، فشلت، حاولت ومزقت عشرات الصفحات…لا أعرف كيف أتحدث عن نفسي.
وفاء: حسنا يا صديقتي..انتظري مني جوابا إن شاء الله…
وتوتة توتة، وخلصت الحدوتة!
كلا كلا أيها الغاضبون..انتهى الحوار بين علا ووفاء لكني لم أبدأ بعد…كنت أنتظر انصرافهما على أحر من الجمر والحمد لله أنهما ذهبتا!
لقد قمت بالتجسس على هاتين الفتاتين بالرغم من أن التنصت عادة مقيتة، لكن كما قلت يوما ما … بحق للمدون ما لا يحق لغيره! ولهذا فسوف أتحدث عن هذا الأمر إن شاء الله.
يواجه الكثير منا صعوبة في التعرف على ذاته. جرب أن تسأل شخصا عزيزا عليك وتقضي معه ساعات أطول من ساعة بغ بن يوميا، اسأله عن أهم ثلاثة خصال تميزه، وأهم ثلاثة عيوب تشينه. طبعا لو كان أمريكيا هذا الصديق أو تلك الصديقة فسوف يلكم كتفك بقوة تعبيرا عن مرحه! لسوف يحار ذلك الصديق في البحث عن صفاته وعيوبه، سوف ترى عيناه تسبحان في السماء أو سقف الغرفة. وربما هرش شعره أو فرك يديه أو يديه المتعرقتين دليلا على محاولاته السقيمة في معرفة جواب السؤالين، وفي كثير من الاحيان لن يجيب أو سوف يجيب إجابة مجزوءة.
هذا شيء طبيعي جدا. فمن الصعب على الإنسان أن يتعرف على نفسه. وهذه تعتبر مشكلة في حد ذاتها وإن كانت مشكلة طبيعية. هل سألني أحد لماذا يصعب التعرف على النفس؟ حسنا …أعتقد أن هذا منشأه أنه من الصعب على الإنسان التعرف على كائن هلامي أو شيئا لم يره! هذه حقيقة..نعم..نحن نرى الأخرين ونتعامل معهم ولا نرى أنفسنا (إلا في المرآة أو الفيديو)…نحن لا نتعامل مع أنفسنا أيضا!. هل جربت مثلا أن تقترض مبلغا من المال من نفسك ورفضت نفسك أن تقرض فتخاصمت معها بسبب رفضها!! هل جربت مثلا أن تناقش موضوعا ما مع نفسك واكتشفت أن نفسك تصبح عنيفة النقاش حادة الطبع بعد خمسة دقائق؟ هل جربت أن تصافح نفسك تعبيرا عن سعادتك بنجاحها في اختبار الرياضيات!
في الغالب لم نفعل ذلك، ولو فعلت ذلك أمام الناس، سوف تتهم بأنك (أهبل، على البركة، مسكين ربنا يشفيه..إلخ!) وربما بتبرع أحد أصدقائك ليصفع قفاك تعبيرا عن دعوته لكي لكي تستيقظ!
لهذا نحن نعجز أن نتعرف على أنفسنا. لا نعرف مكامن الخطأ والصواب فيها إلا قليلا. وكما قلت، فإن هذه مشكلة لكنها مشكلة عادية ولها حلول كثيرة.
كيف أتعرف على نفسي؟
إذا كنت من محبي التعارف على الآخرين فلن يكلفك الأمر شيئا.
1- اجلس مع نفسك!
هل جربت أن تجلس يوما ما وحدك بعيدا عن الناس وبدأت تكتب أشياءا أنت تحبها؟ إن هذا ليس سهلا..ربما يأخذ منك وقتا..لكنه طريقة ناجعة وسوف تستغرق وقتا كبيرا. لكنها ناجعة. كل يوم اكتب أشياءا تحبها. ثم اكتب أشياءا تكرهها. حسب الطريقة التالية
سوف تتكون لديك قائمة جميلة من صفاتتك الإيجابية والسلبية.
ثم جرب اكتب عن أشياء تحب أن تكون موجودة فيك. مثلا الشجاعة، الصبر، الحلم، حب القراءة، التقوى، الإبتسامة، قوة الشخصية، الهدوء، إلخ…يمكنك عمل ذلك من خلال مربع كما هو موضح في الشكل في الأسفل. قمت قبل قليل برسمه بشكل سريع. (سامحوني على رداءة الخط المستعجل..كنت أخشى أن تكون غرفة السكانر معلقة في الجامعة ).
بعد ذلك يمكنك أن تعيد صياغة تلك الصفات على شكل نقاط محددة، وربما كانت هناك صفات مترابطة أو منبثقة عن بعضها البعض، فخذوا ذلك في الحسبان.
2- اسأل صديق
من الطرق الناجعة أيضا والسهلة جدا هي أن تسأل صديق عزيز عن وجهة نظره فيك. اطلب منه أن يكتب ذلك على ورقة حتى يشعر بالارتياح (في التشفير)! هذا سوف يساعدك كثيرا. والأفضل من ذلك هو أن تقوم أنت بكتابة الصفات كما وضحنا في النقطة الأولى ثم تقوم بتوزيع عدة نسخ منها على أصدقائك الأقربين جدا وتطلب منهم الإشارة إلى ما يرونه حقيقيا في صفاتك.
ألم يقل سيدي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم(المؤمن مرآة أخيه)؟
3- الإختبارات النفسية
يبدأ الآن (شغل التعقيد)! يمكنك إجراء اختبارات نفسية والتي تسأل أسئلة محددة ومن خلالها يمكنك التعرف على جوانب شخصيتك! سهلة! إن الإنترنت مليئة بمثل هذه الاختيارات.
سؤال أخير…لماذا يجب أن أعرف نفسي! سؤال غريب ولله يا أخي…وكيف ستطور نفسك إذا كنت لا تعرف ما المراد تطويره! تخيل نفسك سيارة وافترض ان عجلة (كاوتشوك) تلفت، كيف يمكن للميكانيكي أن يصلح العجلة التالفة إذا لم يعرفها.
بقلم المهندس مهيب عبد أبو القمبز