التأهيل النفسي يمثل جانبا من جوانب عملية التأهيل الشاملة والتي تتضمن التأهيل الطبي والتأهيل الأسري والاجتماعي والمهني … وغير ذلك.
وبالرغم من انه يمثل جانبا من تلك الجوانب، إلا انه ليس كأي تأهيل، فهو ليس كالتأهيل الطبي الذي يهدف في الأساس إلى التدخل الجراحي،أو التدخل بأي أسلوب من الأساليب الطبية الأخرى من اجل تحسين أو تعديل حالة المعوق
حركيا كان يساعده على المشي أو يعدل له جهازه بما يتناسب معه في الحركة والتنقل حسب إعاقته الحركية ودرجتها.
ووجه الاختلاف هنا إن التأهيل النفسي يتعامل مع الإنسان مباشرة ودون وسيط، وهذا الإنسان مريض، ومرضه ليس كأي مرض، انه معوق حركيا، والإعاقة الحركية لها عدة صور تتنوع ما بين البسيط والشديد، فقد تكون شللا في ساق أو قدم، وقد تكون شللا رباعيا اقعد الفرد عن الحركة تماما، ففي ذلك تكون قد منعته من الحركة وفرضت عليه قيودا رهيبة ذات اثر نفسي شديد.
والتأهيل النفسي يتباين بتباين درجة الإعاقة ووقت حدوثها، فهناك تأهيل لمعوقين حركيا ولدوا والإعاقة تلازمهم العمر كله، عاشوا معها وعاشت معهم، يراقبون أقرانهم منذ صغرهم وهم يمرحون يتنقلون هنا وهناك وهؤلاء لا حراك، وان تحركوا فهناك قيود، وأية قيود!!، لكنهم درجوا عليها، ربما تقبلها الفرد وربما لا، وهناك تأهيل لمعوقين حركيا –وهم الأصعب – كانوا أسوياء، يملئون الأرض حركة طلبا للرزق أو للعلم، ضربوا الأرض بأرجلهم وفجأة ضربهم المرض فأعاق حركتهم، أو أعجزه عجزا تاما، أو سيرهم على كرسي متحرك أو جعلهم يتحركون على عكازا، هؤلاء تحولوا تحولا كاملا من كينونة إلى كينونة أخرى، تعدلت صفاتهم النفسية، وخصائصهم الجسدية، وحالتهم الانفعالية،وعلى قدر تحملهم، وقدر الإصابة، وقدر ما يقدمه المجتمع، تكون حالتهم النفسية تلك الحالة التي لا تدرك عواقبها إلا بعد مرور فترة من الوقت، بعد أن يفيق الفرد ويدرك أن علية التعامل مع وضع جديد، يجب علية الالتزام بها جبرا أو طوعا(محمد السيد،2008).
* الآثار النفسية للإعاقة الحركية والعوامل التي تؤدي إليها:
الآثار النفسية:
من الواضح إن السمات أو الخصائص النفسية لتلك الفئات من فئات ذوي الحاجات الخاصة تشترك أو تتشابه من حيث بعض الآثار النفسية للإعاقة بشكل عام، كالقلق والتوتر،الانفعال وغيرها من السمات التي تكون عامة لدي المبتلين بها من فئات ذوي الحاجات الخاصة إلا إنها قد تتميز بسمات نفسية مرضية ربما لا توجد لدى بعض فئات ذوي الاحتياجات الخاصة فحياتهم مجموعة من الحرمان الحركي الذي لا يكون موجودا لدى بعض الفئات الأخرى من ذوي الاحتياجات الخاصة، فحياتهم مجموعة من اللاءات الحركية التي عليهم الالتزام بها مجبرين أم راضين” فاللعب رغم أهميته، ولا للحركة خشية السقوط ولا لدخول الحمام منفردا ولا للتنقل دون مساعدة ولا للتشابه مع الآخرين ولا ولا ولا… حتى بينه وبين نفسه.
فكل كلمة لا ورائها اضطراب نفسي يتراكم يوما بعد يوم، وتزداد الإعاقة سوءا مع تقدم العمر، وتزداد الإحباطات التي تعبر عن حالته النفسية بسبب تلك العقبات التي تعترضه.
وهو في هذه الحال إما أن ينسحب وتعتل صحته النفسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وإما أن يتجه نحو نفسه كي يعوضها ذالك الحرمان الحركي بما تبقى لديه من قدرات.
فالمعوق حركيا له مشكلات ولا يمكن إدماجه في الحياة العامة بشكل فعال إلا بعد معالجة هذه المشكلات، فهو أولا لديه مشكلة جسمية تتمثل في عدم القدرة على الحركة أو ضعفها، وينتج عن هذه المشكلة الجسمية اخطر المشاكل الاجتماعية، وهي الاعتماد على الآخرين، وهذه تشكل اكبر صعوبة يمكن أن تصادف المعاق إذ انه سيشعر بالنقص ويبني صورة سلبية عن نفسه وبلا شك فانه سيشعر بالقلق والاكتئاب، ومع تراكم هذا الشعور فانه ومن ضمن العمليات اللاشعورية فان ذلك سينعكس علية سلوكيا من عدوانية وانطواء والأخطر من ذلك رفض التوافق مع مشكلته الجسدية وتلك إحدى أهم المشكلات التي يواجهها القائمون على برامج
تؤثر الإعاقة الجسمية والصحية في الجوانب النفسية والاجتماعية للفرد المعاق وأسرته، وتعتمد شدة هذا التأثير على نوع الإعاقة وشدتها وعمر الفرد عند الإصابة بالإعاقة، وكذلك على الظروف الأسرية والمجتمعية التي ينتمي لها الفرد المعاق، كذلك فان للأسرة دور هام في التخفيف من معاناة الفرد المعاق جسميا وصحيا إذا وفرت الأسرة الدعم والتقبل للفرد المعاق أو إنها قد تكون مصدرا لهذه المعاناة إذا لم توفر مثل هذا الدعم أو إنها لا تتقبل الإعاقة أصلا. أما المجتمع فهو الذي يحدد أو يسمي الإصابة على أنها إعاقة بسبب ما تصنع من قيود على الفرد المعاق، أو بتفسيرات المجتمع لمدى الفروق بين أفراده مما يؤثر على نمو الفرد وتكيفه الاجتماعي ومن هنا فان هناك اختلافات في حياة الأفراد المعوقين في المجتمع والتي تعتمد في الأساس على استجابة المجتمع وتوقعاته. لذلك فان المشكلات التي يعاني منها المعوقون جسميا وصحيا ليست بسبب طبيعة الإعاقة فحسب. وإنما أيضا بسبب نظرة المجتمع نحوهم والمتمثلة في العقبات التي يضعها المجتمع أو التسهيلات التي يوفرها للمعوقين أنفسهم.
لذلك فالعوامل التي تؤثر في الجانب النفسي كثيرة إلا إن كل فرد معوق يعتبر منفردا فيما يعايشه من خبرات تنعكس بالتالي على تكيفه مع المجتمع.
أشارت الدراسات إلى انه لا يوجد نمط شخصية محدد يرتبط بإعاقة معينه، كما انه لا توجد علاقة مثبتة بين شدة الإعاقة و التكيف النفسي لها. فيمكن أن يعاني الفرد من إعاقة شديدة ولكنه في نفس الوقت متكيف معها أو من الممكن أن تكون إعاقته بسيطة ويعاني من سوء تكيف.
أن ما يعني أو يدل على وجود إعاقة عند الفرد يعتمد عل تفسير معنى الإعاقة ومصادر الدعم المتوافرة والمقدمة له وليس بالضرورة على مدى شدة الإعاقة وطبيعتها.
فهناك أيضا ما يمكن أن يعاني منه المعوق بدنيا، ففي دراسة عن الأثر النفسي للإعاقة البدنية لدى المعاقين حركيا، وجد أنهم يتسمون بالإحباط الشديد، وكراهية النفس، والشعور بكراهية المماثلين لهم في السن خاصة لدى فئة الأطفال، والإحساس بالخجل من مواجهة المواقف والإحساس بالظلم وانخفاض مستوى الطموح واضطراب صورة الذات والسلوك المضاد للمجتمع وعدم التوافق.
* العوامل التي تؤدي للاضطرابات النفسية لدى المعاق حركيا:
1. العوامل التي تؤدي لاستجابة المعوق نفسيا:
• السن عند حدوث الإعاقة: فهناك معاقون ولاديا وهناك من أصيبوا صغارا، وهناك من طرأت عليهم الإعاقة الحركية كبارا.
• الجنس: جنس المعاق يؤثر على تقويمه لذاته، فقصر الطرف الأسفل مثلا عند الأنثى يكون اشد تأثيرا عنه عند الرجل.
• الذكاء: المعوق ضعيف الذكاء يكون أكثر اعتمادا على غيره ويكون أكثر تعرضا لليأس والانفجارات العاطفية.
• سمات الشخصية:طبيعة شخصية المعوق قبل حدوث العاهة تؤثر على استجابته لحدوث العاهة.
• الحالة الجسمية قبل العاهة: الكفاءة الجسمية قبل العاهة تؤثر بالطبع على استجابة المعوق، فإذا كان يتمتع بكفاءة جسمية عالية، قلت نسبة العجز الذي تحدثه العاهة.
• الموقف النفسي والاجتماعي للمعوق: المعوق الذي ينتمي إلى أسرة مترابطة يجد فيها العطف والمساندة عند حدوث العاهة.
• طبيعة العاهة: الآثار النفسية للعاهة ستختلف حسب طبيعة العاهة الجسمية.
• مدى إصابة الجهاز العصبي: إذا كانت الإصابة راجعة إلى الجهاز العصبي، فان التأثير النفسي لها لن يتوقف على شخصية المريض فقط وكيف يتفاعل مع العاهة، ولكن سيتوقف على التغيرات النفسية المباشرة التي تحددها إصابة الجهاز العصبي وهذه التغيرات تتمثل في :
• اضطراب الذاكرة.
• تدهور الذكاء.
• تغيرات انفعالية مثل القلق الشديد الاكتئاب.
• تغيرات أخلاقية مثل فقدان القدرة على التحكم والتوجيه الاجتماعي في الانفعالات والرغبات.
2. المشاكل النفسية للمعوق حركيا:
• الشعور بالتعب إذ إن المعوق حركيا عليه أن يبذل من الطاقة والجهد الكثير لتعويض قصوره البدني.
• تغيير المظهر العام للجسم: الإعاقة الحركية لا يمكن إخفاؤها، وهي تصيب الجسد مباشرة مما يسبب ألاما نفسية شديدة.
• الإحساس الوهمي بالطرف: كثير من المعاقين المصابين بالبتر يشعرون بوجود الطرف المبتور وكثيرا ما يشعرون بالأم في هذا الطرف.
• مشكلات سلوكية عند استقرار الحالة:بعد أن يصاب الفرد بالإعاقة الحركية يعاني من أثار نفسية ناجمة عن الإعاقة الحركية تتمثل فيما يلي:
– أثار نفسية ناتجة عن تفاعل المعوق للعاهة المؤدية إلى العجز الجسمي ويؤثر على هذه الآثار مجموعة عوامل هي: خبرات الفرد، حجم الخوف الذي اعتراه خلال بداية المرض و الحادثة التي أدت إلى العجز، معاملة أسرته، أماله في الاعتماد على نفسه في كسب عيشه وإحساسه بالأمن.
– تأثيرات نفسية ناجمة عن تفاعل وسلوك الآخرين نحو المعوق.
– مشكلات نفسية ناجمة عن استخدام الجهاز التعويضي” عدم السيطرة على الجهاز، عدم إمكانية تحقيق التآزر الحركي العضلي في الحركة، اضطراب المظهر العام للمعوق، وجود عيوب في الجهاز التعويضي”.
3. مشكلات نفسية ناتجة عن تغير الظروف الاجتماعية والمهنية والاقتصادية وهي كما يلي:
• فقد المكانة الاجتماعية للمعوق.
• وجوده تحت العلاج لفترات طويلة قد يؤثر على من يرعاهم، كما يؤثر على علاقاته بأفراد الأسرة التي قد تصل إلى حد نبذ وإهماله.
• التعطل نتيجة الإعاقة الحركية قد يؤدي إلى وجود فراغ لا يعرف المعوق كيف يستغله مما قد يجعله ف ريسة لأنواع الترفيه الخاطئة أو استغلال الإعاقة للحصول على الشفقة والعطف والاستجداء.
• إذا كان المعوق متزوج فقد يؤدي الوجود بعيدا عن الزوج أو الزوجة تحت العلاج، إلى غيرة المعوق، مما يؤدي إلى تفكك العلاقات الأسرية.