تعتبر الضريبة من أقدم واهم المصادر المالية للدولة نظراً لضخامة الاموال التي توفرها الخزينة للعامة للدولة، وقد تزايدت اهميتها بتزايد حصتها في هيكل الايرادات العامة وكذلك الدور الكبير الذي تلعبه في مجال تحقيق اهداف الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ومن ثم ضخامة أثرها على مختلف مستويات القطاع الانتاجي والاستهلاكي والتوزيع، كل هذه الاثار والمزايا للضرائب كان السبب فيها انواع الضرائب وكيفية فرض كل نوع منها على
حسب ما تماشى مع نظام ذلك البلد.
نشأة الضريبة
كان افراد المجتمع يعيشون قديماً في شكل قبائل ويتم ذلك دون ان يستلزم نفقات عامة، لكن سرعان ما ظهرت الحاجة المشتركة بين الافراد في القبيلة الواحدة والقبائل الاخرى كالحاجة الى الامن والدفاع والغذاء وبالتالي استوجب الاستعانة بالهبات والاموال والتبرعات، ان تعدد حاجات الفرد وتنوعها ادى الى ظهور ما يسمى بالحاجة العامة التي لا يمكن لأي فرد تحمل نفقتها لوحده، وبمرور الزمن وتطور متطلبات الافراد والمجتمعات ظهر مفهوم الدولة كمنظم للحياة الاجتماعية، فقد اصبح من الضروري للدولة تأمين الموارد اللازمة للمحافظة على الامن والدفاع عن ممتلكات الافراد مما ادى بها الى فرض تكاليف الزامية نظير ممارسة بعض المهن او عبور بعض الجسور او اخذها من التجار.
وبهذا اصبحت الضريبة من الوسائل المالية العامة التي تعتمد عليها الدولة في تمويل مشاريعها، لكن ماذا تفعل الحكومة لكي تقرر فرض الضريبة وكم تكون تلك الضريبة؟ ان هذه المسألة لا تزال محل خلاف، كما ان الاسس والمبادئ التي يقوم عليها فرض الضرائب يمكن ان يتباين في جميع انحاء العالم وفقاً للسياسة المالية التي تتبعها كل دولة.
معايير دفع الضريبة
من الناحية التقليدية يؤيد بعض الساسة فرض ضرائب منخفضة الى حد كبير في حين يفضلون سياسيين اخرين نظاماً يقوم على مبدأ اعادة التوزيع بحيث يتم التوزيع للثروة على المجتمع بالكامل.
لقد اقترح عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث اربع معايير او اسس لفرض الضريبة وهي :-
1. المعيار الاول معيار التكلفة وهو ان تكون تكلفة جمع الضرائب منخفضة نسبة الى المبالغ التي يتم جمعها .
2. المعيار الثاني الوقت وهو وجوب معرفة التوقيت والمبالغ التي يجب ان تدفع معلومة ومؤكدة لدى دافع الضرائب .
3. المعيار الثالث الملائمة يجب ان تكون وسيلة وتوقيت دفع الضريبة بالنسبة للدافع ملائمتين .
4. المعيار الرابع القدرة يكون فرض الضريبة بناءً على قدرة دافع الضريبة بالدفع .
كما يضيف بعض خبراء الاقتصاد في الوقت الحالي ايضاً ثلاثة معايير واسس اخرى، فأية ضريبة يجب ان تشمل اقل خسارة من ناحية الكفاءة بمعنى انها لا يجب ان تؤدي الى تغير في سلوك المواطنين كما انها ايضاً يجب ان تكون متوافقة مع النظم الضريبية الاجنبية ويجب ان تتوائم مع التغييرات التي تطرأ على النظام الاقتصادي تلقائياً .
الانواع الرئيسية للنظم الضريبية
– الضريبة على الدخل التي تفرض على الارباح الشخصية .
– ضريبة الشركات التي تفرض على ارباح الشركات .
– ضريبة القيمة المضافة (ضريبة المبيعات) التي تفرض على المشتريات .
– الضريبة على الثروة والتي يمكن ان تفرض على حصيلة الاصول الثابتة للشخص كالعقارات مثلاً .
– ضريبة الاستهلاك (رسوم) وهو عبارة عن ضريبة مبيعات اضافية تفرض على بعض السلع مثل السجائر والوقود .
و ايضاً هناك ضرائب مباشرة وضرائب غير مباشرة نعطي مثال للضريبة المباشرة (وهي ضريبة الدخل وتعد ضريبة مباشرة لأنها تفرض على المكسب الخاص وتدفع للحكومة بصورة مباشرة، و مثال الضرائب الغير مباشرة (تعتبر ضريبة القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة لأنها تفرض على السلع والخدمات التي يدفعها الفرد للبائع الذي يقوم بدوره بدفعها الى الحكومة) .
الضريبة التصاعدية والتنازلية والجزئية
يفضل خبراء الاقتصاد التمييز بين الضريبة التصاعدية والتنازلية والنسبية :-
* الضريبة التصاعدية :- هي الضريبة التي تزداد فيها نسبة ما يتم دفعه كلما ازداد المبلغ الذي فرضت الضريبة عليه، وهذا النوع من الضرائب شائع ومعروف في الدول المتقدمة حيث يدفع اصحاب الدخول العالية معدلات عالية من الضرائب، من المعروف ان الضريبة على الدخل تشمل حد الاعفاء الضريبي، حيث لا يدفع من يندرج تحت هذا الحد أي شيء اما من يتعدى هذا الحد قد تفرض عليه ضريبة بالمعدل الاساسي وهو لنقل 20% اما الدخل الي يصل الى مستوى معين يفوق المعدل الاساسي قد تفرض عليه ضريبة اعلى، لنقل مثلاً 40% وهذا يعني ان اصحاب الدخل المرتفع يدفعون اكثر نسبياً، وهذا النظام الضريبي يستغل اساساً بهدف اعادة توزيع الثروة .
* الضريبة التنازلية :- تعني ان النسبة المدفوعة كضريبة تنخفض كلما ازداد الدخل من امثلة هذا النوع من النظام الضريبي ضريبة القيمة المضاعفة ورسم الاستهلاك، ويتم تطبيقها على السلع التي تفرض عليها الضرائب في حين يعتبر معدل الضريبة كجزء من سعر السلعة والخدمة واحداً بالنسبة لكل فرد ألا انه يطبق على شريحة كبيرة جداً من اصحاب الدخول المنخفضة .
* الضريبة النسبية ( الجزئية ) :- وهي انه نسبة الضريبة التي تدفع تبقى كما هي حتى لو زاد الدخل وتسمى ايضاً ضريبة مستوية لأن كل فرد مهما كان دخله مطالب بدفع نفس المعدل من الضريبة يطبق هذا النوع من الضريبة في دول استونيا وليتوانيا .
اهداف الضريبة :-
تستخدم الدولة الضريبة كوسيلة لتحقيق اهداف معينة وتطورت هذه الاخيرة بتطور الضريبة وهذه الاهداف متمثلة بما يلي :-
1. هدف مالي واقتصادي : تعتبر الضريبة من اهم الوسائل المستعملة في تحصيل نفقات الدولة المتنوعة والمتزايدة الا ان هذه الاهمية تختلف من دولة الى اخرى، فالهدف المالي يتمثل في تغطية الاعباء العامة ويعني هذا ان تسمح بتوفير الموارد المالية للدولة بصورة تضمن لها الوفاء بالتزامها اتجاه الانفاق على الخدمات المطلوبة لأفراد المجتمع، اما الهدف الاقتصادي يتمثل في الوصول الى حالة الاستقرار الاقتصادي و اصبحت الضريبة من الناحية الاقتصادية في اطار الدول الحديثة وسيلة للتأثير على الفعاليات الاقتصادية (الاستثمار، الاستهلاك، استيراد، تصدير) .
2. هدف اجتماعي : الهدف الاجتماعي للضريبة يكون في استعمالها لتحقيق اهداف ذات صبغة اجتماعية فيمكن استعمال الضريبة للتقليل من الفوارق الاجتماعية الموجودة بين مختلف الفئات، ويتم ذلك بفرض الضرائب على الطبقة الغنية وتخصيص مواردها لزيادة دخول الطبقة الفقيرة، وهذا ما سماه الباحثون الاقتصاديون (اعادة توزيع الدخل القومي) .
3. هدف سياسي : أي ان الضريبة اصبحت مرتبطة بشكل مباشر بمخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة، ففرض رسوم جمركية على منتجات بعض الدول وتخفيضها على منتجات اخرى، يعتبر استعمال الضريبة لأهداف سياسية كما هو الحال في الحروب التجارية بين البلدان المتقدمة (اليابان، الولايات المتحدة الامريكية .. مثلاً)، كما ان اعفاء بعض الفئات كالمقاتلين او تخفيض الضريبة يعتبر استخداماً للضريبة لأغراض سياسة .
حسب ما ذكرناه فأن الضريبة هي عبارة عن فريضة نقدية جبرية دفعها يكون بلا مقابل مباشر ونهائي، يخضع لمجموعة من المبادىء والقواعد تتمثل في مبدأ العدالة و الملائمة في التحصيل و اخيراً قاعدة الاقتصاد في التحصيل، والهدف من هذه القواعد هو التوفيق بين مصلحة الدولة ومصلحة المكلفين أي انها تحقق مصلحة المكلفين بها من جهة ومن جهة اخرى تحقق مصلحة الخزينة العمومية .
لابد على الحكومة ان تفكر في المستوى الصحيح للنظام الضريبي حيث ان المغالاة في فرض الضرائب في بعض الحالات قد يؤثر بصورة سلبية على هذا النظام، وفي الوقت ذاته عليها الاهتمام بهذا المورد المدر للدخل القومي للاستفادة منه في تعظيم ايراداتها.