أولاً : معنى صناعة التميز :
يجب أن نعرف أولاً من هو المتميز وما هو التميز فنقول :ـ
التميز لغة : قال ابن فارس : الميم والياء والزاي أصل صحيح يدل على تزيل شيء من شيء وتزييله وقال : امتازوا : تميز بعضهم من بعض . وقال في القاموس : تميز واستماز الشيء : فضل بعضه على بعض .
وتعريف التميز : هو الشخص الذي تتوفر فيه صفة أو عدة صفات تؤهله إلى أن يكون بارزاً في جانب أو عدة جوانب .
فيكون معنى صناعة التميز : أنها العناية بمن هو قابل للبروز وتطويره والارتقاء به إلى أعلى مستوى ممكن .
ملحوظة : لا يشترط أن يكون المربي متميزاً لكي يصنع المتميزين , وإن كان أثر المربي المتميز أكثر فعالية .
ثانياً : أهمية صناعة التميز وخصوصاً للناشئة :-
1 – لأنهم ـ أي هؤلاء الناشئة ـ هم من سيمسك بزمام القيادة في المستقبل .
2 – لأن المتميزين هم القادرين – بإذن الله – على التغيير والتجديد في العمل على وجه خاص وفي المجتمع كاملاً على وجه عام .
3 – لأن المتميزين إذا لم تطورهم وتستفيد منهم سيقدرهم غيرك ومن ثم يطورهم ويستفيد منهم .
4 – لأن المتميز إذا لم يوظف تميزه التوظيف الصحيح سوف يكون مصدر إزعاج أثناء الفترة الطلابية له لأنه أصعب الناس تعاملاً وهذا مجرب .
5 – الاهتمام في هذا الموضوع في وقت مبكر لهؤلاء الناشئة يعطي عمقاً أكبر وأنفع في التطوير لهم .
ثالثاً : كيفية اكتشاف المتميزين :
وهي من أهم المراحل في صناعة التميز وتحتاج لمزيد من العناية ويمكن أن نلخصها بنقاط :
1 – الحدس والفراسة : ولابد للمشرف أن ينمي هذه الغريزة في نفسه بالقراءة والملاحظة .
2 – التعرف على الطالب بالسؤال عنه .
3 – تنظيم جلسة إبداعية للمواهب تقدم لهم أو هم يقدمونها سواء كمادة نظرية أو عملية .
4 – تحفيز وتشجيع المتميزين قد يحرك من لم يكتشف بعد إلى أن يدخل مع أمثاله من المتميزين . وقد تكون هذه الطريقة نافعة أيضاً للنقطة التي سوف تأتي وهي رعاية المتميزين .
5 – نقاط ميدانية :
التجربة وتنويع المهام : ومن أخطائنا أننا لا نخاطر في التكليف بالمهام بحجة أن فلان لا يمكن أن ينفع وكذلك إذا تميز شخص في مهمة جعلناها حكراً عليه .
الاختبار : فيوضع الشخص أمام موقف طارئ لمعرفة ردة فعله حتى ولو كان الموقف خيالياً أو طرح بعض الأسئلة لمعرفة ما بداخله .
وضع هامش للحرية في البرنامج .
تكليف الطالب بمسؤوليات : بشرط أن لا تكون بسيطة ( دون مستواه ) ولا كبيرة جداً ( فوق مستواه ) وتكون هذه المسؤولية قابلة للتجديد والابتكار والتحفيز على ذلك .
فتح مجالات للمبادرة في كل الميادين والتحفيز على هذه المبادرات .
فتح المجال للطالب كي يختار ما يناسب ميوله ، وعلى هذا فإنه لزاماً علينا أن نوفر ما نستطيعه من المجالات في برنامجنا .
6 ـ معرفة بيئة الطالب خارج المحضن التربوي كالسؤال عنه في المدرسة والمنزل لمعرفة صور تميزه التي قد لا تظهر في ا لمحضن .
7 ـ وضع الاستبيانات للطلاب عموماً لأنها تكشف جزء منهم.
رابعاً : وسائل عملية لرعاية المتميزين :ـ
1 ـ تقديم الدورات ولو كانت خارجية بل وكانت بمبالغ مالية توفر للمتميزين.
2 ـ عدم احتقار أي مهارة مع مراعاة أهمية التوجيه السليم و التطوير الصحيح لهذه المهارة.
3 ـ وضع خطة لرعاية المتميزين ومتابعتها ( لأن الخطة وحدها لا تكفي ما لم تتم متابعتها بدقة ) وعرضها على المختصين ولا يقال إن هذا محال في ظل انشغال المشرف بأعمال أخرى لكن نقول ما لا يدرك كله لا يترك جله.
وبالمناسبة فقد ينشغل المربي ـ وللأسف ـ بالأعمال الإجرائية الروتينية عن ما هو أهم وهو تربية الجيل وإعداده .
فالمفروض أن تسند هذه الأعمال ـ بقدر الإمكان ـ إلى الطلاب ويتفرغ المشرف للأمور التي لا يستطيعها إلا هو .
4 ـ عرض تميز المتميزين على المجتمع عن طريق المجلات والقنوات الإسلامية وغيرها .
5 ـ التنسيق مع المنزل إن أمكن لرعاية تميز ابنهم .
6 ـ استثمار المتميز لتميزه فيما ينفع .
7 ـ تعريف المتميزين في مجال واحد ببعضهم ـ مع ضبط هذا التعارف ـ أو تعريفهم بمن برز في هذا المجال من المعروفين
8 ـ التواصل مع المختصين ومشاورتهم والاستفادة منهم .
9 ـ استضافة المتميزين ممن هم في نفس المرحلة العمرية أو طرح تجارب معاصرة .
10 ـ الاهتمام بأفكار وآراء المتميزين والعناية بدارستها وتطبيقها مع مراعاة عدم المبالغة في ذلك حتى لا يصل إلى الكبر والغرور .
وعموماً قد يكون لكل مجال وسائله لكن أحببنا أن نذكر هذا على سبيل الإجمال .
خاتمة : ـ
إنا إذا تأملنا في تميز الأجيال السابقة وجدنا لكل فرد منهم قد تميز في مجال من المجالات المختلفة النافعة فهذا في العلم وذاك في العبادة وهذا بالجهاد وآخر في التجارة … وهكذا فما أجدر بنا إذا أردنا صناعة التميز أن يركز كل فرد منا في المجال الذي يتقنه ويبدع فيه ويطبق هذا المفهوم المهم على من تحته ، ولا يجعل ميوله الشخصي الذي يسره الله له هو الميول الذي يجب أن يميله الذي تحته ، وأن يحاول على قدر إمكانه إزالة الصيغة المحضة منه إلى من تحته .
ونسأل الله أن يجعل في هذه الأسطر الخير والنفع . هذا والله أعلم وأحكم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .