أرسل صاحب شركة أحذية بائع أحذية لديه في مهمة تستغرق أسبوعين إلى إحدى الدول النامية ليرى إن كانت هناك أي إمكانية لإقامة أعمال فيها، استقل البائع الطائرة وجاب الدولة لمدة أسبوعين ثم عاد ليخبر رئيسه:” أيها الرئيس, لا توجد لنا أي فرصة في هذه الدولة, إنهم لا يرتدون أية أحذية هناك على الإطلاق”.
كان الرئيس رجل أعمال ذكياً, وقرر أن يرسل بائعاً آخر في نفس المهمة لنفس الدولة، استقل البائع الطائرة في رحلة مدتها أسبوعين, وعندما عاد أسرع من المطار إلى شركته مباشرة ودخل على رئيسه والحماس يملؤه: ” أيها الرئيس, لدينا فرصة رائعة لبيع الأحذية فى هذه الدولة, فلا يوجد أحد يرتديها بعد!”.
إن الناس يرون نفس الأشياء بأشكال مختلفة, وإداراكك يعتمد بدرجة كبيرة على توجهك الذهني, فلولا التفكير الإيجابي للبائع الثاني لأنه رأى الناس هناك لا يرتدون مثل هذه الأحذية, لما فتح مجال لصاحب الشركة.
ولذا يقول الدكتور إبراهيم الفقي عن التفكير الإيجابي: (أنه هو مصدر قوة وأيضًا مصدر حرية, مصدر قوة لأنه سيساعدك على التفكير في الحل حتى تجده وبذلك تزداد مهارة وثقة وقوة, ومصدر حرية لأنك ستتحرر من معاناة وآلام سجن التفكير السلبي وآثاره الجسيمة).
التفكير الإيجابي, لماذا؟
فالتفكير الإيجابي له دور في نجاح الإنسان بشكل عام من خلال:
1. التفكير الإيجابي يزيد من قدر الإنسان
صرح رجل الصناعة هارفي فايرستون قائلًا: “رأس المال ليس شديد الأهمية في عالم الأعمال, وكذلك الخبرة, إذ يمكنك الحصول عليهما بأي شكل, ولكن المهم هو الأفكار, فإذا كانت لديك أفكار, فاعلم أن لديك الأصول الأساسية التي تحتاج إليها, وأنه لا حدود لما يمكنك إنجازه سواء في عملك أو في حياتك عامة”.
إن الأفكار هي العماد الذي تأسست عليه معظم البلدان, ولقد ساعدت الأفكار على إنشاء شركات ضخمة لدفع عجلة الإقتصاد الأمريكي, وهو الأضخم في العالم, إن الأفكار هي أساس كل شئ نقوم ببنائه, وكل خطوة نخطوها للأمام, والشخص المفكر الذي تتفتق مخيلته عن أفكار رائعة تعلو قيمته.
2. التفكير الإيجابي يجلب لك السعادة
إن الأفكار التي تشغل عقلك ستكون ذات أهمية أكبر من الأشياء في حياتك دائمًا, فالشهرة والثروة أمران عارضان, والرضا الذي يتأتى نتيجة تحقيق الإنجازات لحظي, يقول أحد الحكماء: “من يحب الفضة, لن تجلب له الفضة الرضا, ولا من يحب الوفرة سيرضا بالزيادة”, إنك لا تستطيع شراء السعادة ولا الفوز بها, بل يجب أن تختارها.
3. التفكير يصنع حياة الإنسان
يقول الإمبراطور الروماني: (ماركوس أورليوس): “إن حياتنا من صنع أفكارنا”، فإذا ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء, وإذا تملكتنا أفكار شينة غدونا أشقياء, وإذا هاجمتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين, ولذلك فإن الأشخاص الذين لا يحرصون على تطوير وممارسة التفكير الإيجابي عادة ما يجدون أنفسهم تحت رحمة الظروف المحيطة بهم, فهم يعجزون عن حل المشكلات, ويجدون أنفسهم في مواجهة عقبات الواحدة تلو الأخرى, ويحصرون أنفسهم في إطار استجابي, على عكس أصحاب التفكير الإيجابي دائمًا ما يتمكنون من التغلب على الصعاب.
ويكمن أهمية التفكير الإيجابي أيضًا, عندما يتحلى الإنسان بصفات الشخصية الإيجابية يكون:
أ. لديه رؤية واضحة:
الشخصية الناجحة تعرف جيدًا ما تريد على المدى القصير والمتوسط والبعيد, وتعرف لماذا تريده وكيف تستطيع أن تحصل عليه باستخدام كافة مصادرها وإمكانياتها, وتخطط للتنفيذ بمرونة تامة حتى تحصل على أهدافها, ومثال على ذلك الكولونيل ساندرز مؤسس محلات “كنتاكي” عندما قُبل بالرفض من أكثر من ألف وسبعة مطعم لم ييأس أو يلم أو يترك فكرته مع أنه كان فوق السبعين من عمره, ولكنه أخذ المسئولية وركز كل تفكيره على رؤيته بثقة تامة حتى حقق هدفه.
ب. تركيزه على الحل عند مواجهة الصعوبات:
الشخصية الناجحة تعرف جيدًا قوة قانون التركيز, وكيف أنه يلغي أي شئ آخر لكي يستطيع الإنسان أن يركز انتباهه على ما يريد, لذلك فهو يركز على الحل والاحتمالات ويعرف جيدًا أن كل مشكلة مهما كانت, لها حل, لذلك فهو يأخذ الأمور ببساطة ويفسرها لنفسه بطريقة إيجابية, ويستمر يفكر بهذه الطريقة مهما كانت آراء الناس أو المؤثرات الخارجية أو الداخلية حتى يجد الحل للمشكلة.
ومثال على ذلك, خالد حسان عبر المانش, وهو بدون أرجل لم يقل لنفسه أنا معاق, بل أخذ المسئولية وقرر أن يكون متميزًا في حياته وكانت الرحلة صعبة وخطرة إلى أبعد الحدود ولكنه أصر وأخذ مسئولية حياته وحقق هدفه.
ت. اجتماعي ويحب مساعدة الآخرين:
الشخصية الناجحة تتمتع بأسلوب إيجابي يحترم الآخرين ويتعامل معهم بتقبل تام, فهو يحب الناس ويتمتع بمساعدتهم فيقوم بتقديم يد العون لهم بكافة الطرق, ويعلم جيدًا أن الإنسان يموت ولكن يمكن لأفكاره أن تعيش وتساعد الآخرين لذلك فهو لا يبخل على الناس بتقديم يد العون والمساعدة لهم, مثال على ذلك, لويس بريل الضرير الذي عاش في الوحدة والفقر والشعور بالضياع لم يلم أحد ولا الظروف, ولكنه قرر أن يفعل شيئًا يحسن به حياته فأخذ على عاتقه المسئولية واكتشف أسلوب “بريل” الذي ساعد وما زال يساعد الملايين من الناس الذين فقدوا نعمة البصر.
ث. يعيش بالأمل والكفاح والصبر:
الشخصية الناجحة تعرف أن الأمل هو بداية التقدم والنمو ولولا وجود الأمل لتوقف كل شئ, ولما حاول أي إنسان أن يفكر في التغيير والتقدم أو النمو, ومثال على ذلك توماس أديسون لم يشتك أو يلم أحدًا عندما حاول عشرة آلاف محاولة لاكتشاف اللمبة, ورغم السخرية التي لاقاها وضياع أمواله لم يترك فكرته, بل أخذ المسئولية كاملة واستمر في طريقه حتى حقق هدفه.
ج. واثق من نفسه يحب التغيير وخوض المخاطر:
الشخصية الناجحة تعرف جيدًا أن التغيير شئ واقعي لا يستطيع أي إنسان أن يتجنبه؛ لذلك فهو يعرف ما يريد من أهداف ويخطط لتنفيذها ويضع كافة الاحتمالات لها ويضعها في الفعل, مثال على ذلك, الأخوان جويس كان عندهم اعتقاد تام بأن الإنسان يستطيع الطيران, فكانوا يلبسون بدلًا من الريش ويصعدون فوق الجبال, ويقفزون منها لكي يطيروا مثل الطيور, وطبعًا النتيجة كانت بالسقوط والجروح الخطيرة, ورغم سخرية الجميع الذين أطلقوا عليهم اسم الأخوة المجانين, ولكنهم لم يستسلموا وأخذوا على عاتقهم مسئولية الاستمرار حتى حققوا هدفهم الذي تتمتع به البشرية.
والآن, ماذا بعد الكلام؟
لكي تغير تفكيرك إلى تفكير إيجابي, لابد من:
1. اكتشف جانبًا إيجابيًا في كل شئ, قد لا يكون الأمر سهلًا, ولكن إن حاولت جاهدًا بالقدر الكافي, فستجد جانبًا إيجابيًا حتى في خضم المواقف العويصة.
2. ابحث عن شخص إيجابي في كل موقف, وابتعد عن السلبيين.
3. حاول أن تعوّد نفسك على قول التعليقات الإيجابية في كل حوار تجريه مع الآخرين.
4. تخلص من الكلمات السلبية في قاموسك, واستبدل مكانها كلمات إيجابية:
كلمات سلبية
كلمات إيجابية
لا أستطيع
أستطيع
لا أعتقد
أعرف
ليس لدى وقت
سأجد الوقت لـ
أخشى من أن
أنا واثق بأن
وأخيرًا:
أختم بقول وليام جيمس: (إن أعظم ثورة قام بها الجيل الذي أنتسب إليه هو اكتشاف أنه عن طريق تغييرك للتوجهات الداخلية لعقلك يمكنك أن تغير الجوانب الخارجية لحياتك).