فن صناعة العلاقات المتميزة
للعلاقات شأن عظيم في حياة البشر، إذ لا يستطيع المرء أن يستغني بنفسه عن غيره، كما أن كثيرًا من الأفكار المتواضعة تُروَّج ويتم تسويقها وتبلغ مبلغًا عظيمًا بسبب العلاقات.
إن كثيرًا ممن لا قيمة لهم ولا وزن بين العقلاء والحكماء والأذكياء يتقدمون على غيرهم، لا لشيء إلا لكونهم أصحاب علاقات متميزة.
لهذا فإننا ندعو أصحاب التأثير النافع وصناع الحياة الكريمة إلى أن لا يهملوا هذا الميدان، ولا يفروا من هذا المضمار، إذ إنه باب واسع مهم يمكنهم الولوج منه إلى ساحات فسيحة للتأثير.
وإذا أردت أن تقيم علاقة مع الآخرين فإننا نوصيك بطريقة "SMILE"، وهي عبارة عن خمس وصايا مجموعة في هذه الكلمة، وهي كالتالي:
ابتسم (S : smile).
صافح (M: make shake).
عرِّف بنفسك ( I : introduce).
تعرف على الطرف الآخر (L : learn).
طالعه بعينك (E : Eye contact).
النصائح الخمس سالفة الذكر يمكن الاستفادة منها لمن يريد أن يعطي انطباعًا جيدًا عنه في أقل من ثلاثين ثانية، ومن ثم يستطيع الولوج بهذا الانطباع إلى قلوب الآخرين ليقيم معهم علاقات جيدة. كما يحسن بنا الإشارة إلى عشر وصايا رئيسة في صناعة العلاقات المتميزة، وهذه الوصايا هي:
اجعل علاقاتك مع الآخرين خالصة لله تعالى، وكن صادقًا فيها أمينًا عليها، وتجنب الخداع والنفاق، واحذر لبس الأقنعة المزيفة، فسرعان ما يتم كشفها وإماطتها لتتعرى أقوالك وأفعالك وتنكشف سوءة أخلاقك وسلوكك، وصدق زهير بن أبي سلمى حينما قال:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإنْ خالها تخفى عن الناس تُعْلَمِ
لا بد أن تكون لك أهداف واضحة من كل علاقة تصنعها، فالأمر ليس عبثًا ولا مضيعة للوقت.
ليس كل علاقة هي علاقة مهمة ومؤثرة، وبمعنى آخر، إن العلاقات متفاوتة من حيث الأهمية والتأثير، لذا ينبغي تحديد العلاقات المؤثرة في مشروعك التأثيري والتركيز عليها، وإعطاؤها الأولوية والأهمية، وهذا ما دعا إليه العالم الإيطالي باريتو في قاعدته الشهيرة ( قاعدة 20/ 80 )، حيث إن (20%) من العلاقات تحقق لك (80 %) من النتائج التي تريد، لذا لا تضيع وقتك في علاقات غير مؤثرة، واجعل (80%) من جهدك ومالك ووقتك (وليس فقط 20%) يُصرف في العلاقات المهمة والنافعة والمؤثرة في هندسة الحياة.
إذا أردت اختصار الوقت فابحث عن المنابر الجماهيرية التي توصلك إلى عدد كبير من الناس في وقت قصير، ومن خلال جهد يسير، مثل: التلفزيون، والصحافة، والإنترنت، والإذاعة، والمحاضرات الجماهيرية، والخطب، وأشرطة الكاسيت، والكتب، وغيرها.
من المهم التعرف على عدد كبير من الناس، وتكوين علاقات عامة معهم، ولكن الأهم من ذلك توطيد هذه العلاقات واستثمارها لصالح مشروعك التأثيري، فكم من الناس لديهم علاقات واسعة مع الرؤساء والوزراء والتجار والعلماء والخبراء وأصحاب النفوذ والوجاهة وغيرهم، ولكنهم لم يستثمروا هذه العلاقات يومًا من الأيام، ولم يوجهوها لتخدمهم في صناعة الحياة وإحداث التأثير، بل ليس لديهم القدرة على ذلك، فالعلاقة التي بينهم وبين الآخرين علاقة هشة ضعيفة غير موطدة ولا موجهة ولا مهدفة، فهؤلاء إنما يخدعون أنفسهم ويضيعون أوقاتهم ويضحكون على ذقونهم.
احذر أن تُشْعِر الآخرين الذين تقيم العلاقة معهم بأن علاقتك هذه هي علاقة مصالح فقط، بل ينبغي أن يشعروا بأنك حريص عليهم وعلى مصالحهم، وأن علاقتك هذه هي علاقة إنسانية أخوية حميمة، وإن كان يرافقها بعض المصالح.
من يرد صناعة الحياة فعليه أن يصنع لنفسه شخصية قوية، لذا لا يجوز له أن يحط من قدره أو أن يضعف من شخصيته لتذوب وتضمحل عند من يود صناعة العلاقات معهم، وصدق حسان بن ثابت رضي الله عنه إذْ يقول:
قومٌ إذا حاربوا ضرُّوا عدوَّهـمُ أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
إن كان في الناس سبَّاقون بعدهمُ فكل سبْقٍ لأدنى سبقهم تَـبـَعُ
المال عنصر مهم في صناعة العلاقات، إذ قد تحتاج إلى مال لتسوق نفسك عند الآخرين، كما أنك إذا استطعت أن تجعل من علاقتك مع المؤثرين سببًا في زيادة أموالهم فقد خطوت خطوات سريعة تجاه استثمار هذه العلاقة لصالح مشروعك التأثيري، حيث وجدنا أن أقرب الناس إلى أصحاب القرار والمتنفذين هم الذين ينمُّون لهم أموالهم، وإن كانوا أقل الناس قدرًا وعلمًا وشأنًا.
إن الناس يهتمون بك أكثر عندما تُشعرهم باهتمامك بهم، لذا احرص على تحية الآخرين بحرارة، ومصافحتهم بقوة وحماس، وسلِّم عليهم بطريقة تشعرهم أنك مسرور بلقائهم، بل وأشعرهم دائمًا أنهم مهمون بالنسبة لك.
إن التعبير الذي يرتسم على وجهك أهم كثيرًا من الملابس التي ترتديها.