عدد لا يستهان به من الناس يعاني الخجل. والخجل قد يخسر الإنسان الكثير، ولكنه مرتبط بمسألة أخرى وكأنها توأم متلاصق له، وهو عدم الثقة بالنفس. وهذه التركيبة المعقدة تخسر صاحبها الكثير وتعطله، وتخلق حالة حقد وحسرة عند من يُعاني تجاه الآخرين، وبكلِّ أسف، تحرمه من حقوقه وفرص حياته. وفي الوقت ذاته، نجد فئة حين تتواجه مع إنسان لديه مشكلة ثقة بالنفس، فإنّها تسعى إلى اعتباره مادة “فش غل” وتنفيس لعقدها. وهذا يزيد الطين بلة على من يُعاني. كذلك فإنها تزيد الطاقة السلبية في الكون.
إنّ الخجل وانعدام الثقة بالنفس مشكلتان تجران معهما مشاكل نفسية أخرى. ولذا بات من الضروري، حين يلمس الأهل أي درجة خجل في أولادهم، أن يعالجوا الأمر وبسرعة، حتى يستطيع الطفل أن يعيش مراحله بسلام. لكن، في حالة وجود المشكلة عند الناضجين، فإنّ ذلك لا يعني أنّه فات الألوان، ومسألة العلاج تبقى واردة.
عموماً، ما يلي بعض النقاط الأساسية لعلاج الخجل وعدم الثقة بالنفس:
1- فكر في شيء أنت ناجح فيه. فالخجل وعدم الثقة بالنفس يجعلان المخ مبرمجاً على كلمة “فشل” ومقاومة هذه الكلمة تكون بكلمة “نجاح” في أي دائرة عندك. ولعبة التركيز سوف تؤثر بشكل إيجابي في الشخص، وتقلل الإحساس بالخجل وانعدام الثقة بالنفس.
2- الشخص المعاني من خجل وعدم ثقة بالنفس، صورته عن ذاته صورة فاشل، قليل القيمة، وغير ذلك من صور سلبية عن الذات. ولأنّ كلّ الحكاية هي في الرأس، فإنّ إعادة زراعة شيء إيجابي في الرأس بتخيل أنك قادر وتستطيع رؤية ذاتك بالصورة التي تتمناها، تساعد كثيراً على رفع معنويات الإنسان وإقدامه على تصحيح خجله وقلة ثقته بنفسه، بشرط أن تكون هناك عوامل أخرى مساعدة، وليس فقط خيال يدمنه الشخص كمهرب فقط.
3- لأنّ الخجل وانعدام الثقة بالنفس هما حالة مقارنة الذات بالآخرين، سيكون من المفيد تطوير الحياة الاجتماعية وخلق علاقات صداقة ووجود مع الناس، وحتى لو كان الشخص يجلس صامتاً في البداية، فإنّ عدم الانعزال يساعد. وحبذا لو كان هناك صديق يتعاون مع المعالج النفسي في تحسين هذه الحالة وإشراك المُعاني بحوار وأخذ وعطاء.
4- لا يوجد إنسان فاشل في كلِّ شيء. لذا، فإنّ الشخص المُعاني من خجل وعدم ثقة بالنفس في حاجة إلى أن يُركز على نقطة ما هو جيِّد فيها، كالطبخ أو الكتابة، أي شيء فإنّ هذه قادرة على تقليل الإحساس بأنّه “عديم الفائدة” داخله.
5- الإنسان الخجول والمُعاني من عدم ثقة بالنفس لا يعود مهتماً بأهدافه، ويسعى إلى إحباط نفسه بشكل كبير. ولكنه لو جلس ووضع قائمة بأهدافه، وسعى إلى أي خطة بسيطة، بتحقيق ولو جزء بسيط منها، فإنّ ذلك ينعكس إيجابياً على الحالة.
6- أحياناً مسألة الخجل وانعدام الثقة بالنفس تكون بسبب جزء معيّن في الشخص، مثل شكله وطريقة كلامه.. إلخ. لذلك، فإنّ رصد نقطة الضعف وعلاجها سوف ينعكسان إيجابياً على الأمور الثانية، ويحسنان الثقة بالنفس.
7- الصحبة هي الأهم. بكلِّ أسف، بعض الصحبات السلبية تحبط الإنسان أكثر، بل ربما الصحبة تصبح هي السبب في انعدام الثقة بالنفس. فبعض المعارف والأصدقاء يريحهم وجود شخص ضعيف قليل الثقة بالنفس، حتى يشعروا بعلو أكبر. لذا، فحسن اختيار صداقة مشجعة مساندة يسهم بدرجة 70 في المئة في حل المشكلة.
8- المقارنة هي سبب الإحباط وإنزال الثقة بالنفس، واعتماد أسلوب “الخصوصية” هو الأفضل، بمعنى أنّ الله سبحانه وتعالى خلق كلّ إنسان ببصمة خاصة. هذه قدرة الخالق.. كلّ واحد فينا مختلف ورائع، ولا يجب أن نقارن المختلفين، بل نقبل الآخر ونقبل ذواتنا. هذه الفلسفة هي التي تجعل إحساس الإحباط أقل.
9- كلُّ إنسان يعاني خجلاً وعدم ثقة بالنفس لا يحسن الحديث مع الذات. اجلس واسأل نفسك: لماذا أنت تُعاني الخجل؟ ما هي فعلياً أسباب عدم الثقة بالنفس عندك. إنّ سؤال الذات قد يعطي نوراً، وبصيرة واستبصاراً في الأمر.
10- معظم الذين يعانون خجلاً وعدم ثقة بالنفس يشتركون في أنّهم لا ينظرون في عيون الآخرين. ولعل تمرين أن تنظر إلى الآخر في عينيه وأنت تكلمه يلعب دوراً كبيراً في تصحيح المشكلة بدرجة أكثر مما يتصورها المُعاني، فهي تعطي إحساساً بالشجاعة والمساواة والثقة.
11- معظم الذين يعانون خجلاً وعدم ثقة بالنفس تكون معاناتهم مع المحيطين بهم. ولعل ممارسة عدم الخجل مع الغرباء هي التمرين الأفضل. نعم.. سافر، ومع شخص غريب لا يعرفك، وابدأ أي حديث بسيط، وستجد أنّ هذا تمرين جيد.
12- من خبرتي كمعالجة، يلعب “التدريب على الرد” دوراً كبيراً في خلق ثقة بالنفس، حيث اجعل من يُعاني خجلاً وعدم ثقة بالنفس يتخيل أسوأ موقف ونقد، ويتمرن على كيفية الرد عليه.