تعرف على قصه نجاح (هارلند دافيد ساندرز) مؤسس مطاعم كنتاكي
وُلد ساندرز، مؤسس سلسلة مطاعم كنتاكي، في مقاطعة هينريفيل بولاية إنديانا الأمريكية، وقد عمل على مدى سنوات عمره في عدة وظائف وصناعات مختلفة. وقد طور (ساندرز) فكرة قطع الدجاج المقلي الشهيرة في العام 1930، وكان ذلك في أثناء فترة ال كساد العظيم الذي ساد الولايات المتحدة وأغلب دول أوروبا الغربية في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، وقد أنشأ ساندرز مطعماً ليبيع فيه قطع الدجاج المقلية داخل محطة وقود كان يمتلكها في مقاطعة نورث كوربين بولاية كنتاكي الزراعية بالأساس.
وأطلق (ساندرز) على مطعمه الصغير هذا اسم “مطعم ومقهى ساندرز”، وسرعان ما حقق المطعم نجاحاً ملحوظاً لدرجة ان حاكم ولاية كنتاكي قام بتكريمه في العام 1936ومنحه لقب “كولونيل كنتاكي” كنوع من الإشادة الرسمية بإسهاماته في تطوير قائمة الطعام المحلية الخاصة بولاية كنتاكي وزيادتها تنوعاً وابتكاراً.
وفي العام التالي قام (ساندرز) بزيادة طاقة مطعمه القصوى ليتسع ل 142عميلاً بدلاً من 45فحسب، كما أضاف إلى جوار المطعم فندقاً صغيراً للمسافرين على الطريق السريع الذي كان المطعم ومحطة الوقود يقعان عليه.
وكانت الطريقة الأولى التي كان (ساندرز) يقوم بطهي وإعداد الدجاج بها تعتمد على القلي العميق لقطع الدجاج في مقلاة زيت معدنية تقليدية، وكانت طريقة الطهي تلك تستغرق ثلاثين دقيقة لإعداد الوجبة الواحدة، ورغم أن الطعام الذي كان (ساندرز) يقدمه للمسافرين كان يتميز بجودة عالية ومذاق شهي مختلفاً عن طعم الدجاج في سائر المطاعم الأمريكية المحيطة آنذاك، إلا أن طول المدة اللازمة لإعداد الوجبة كان يُضيع على (ساندرز) أرباحاً هائلة كان يمكن تحقيقها من خلال البيع للمسافرين المتعجلين الذين ليس لديهم ما يكفي من الوقت للانتظار لمدة نصف ساعة كي يحصلوا على وجبة طعام. ولأن (ساندرز) كان يملك حساً تجارياً رفيعاً، فسرعان ما فطن إلى أن تضاعف حجم شركته وتوسعها خارج ولاية كنتاكي لن يتحققا إلا إذا تم تطوير طريقة جديدة أسرع وأكثر عملية لطهي الدجاج، بشرط أن تحتفظ تلك الطريقة بنفس المذاق الشهي الذي فضله العملاء. ولذلك بدأ (ساندرز) يستخدم مقلاة ضغط مبتكرة لقلي الدجاج نجح بها في تقصير مدة إعداد الوجبات بوضوح، وبذلك أصبح مطعم (ساندرز) مطعم وجبات سريعة بمعنى الكلمة.
وتأكيداً لنجاحاته وريادته في عالم الوجبات السريعة في السنوات المبكرة من عمر ذلك العالم، نجح (ساندرز) في العام 1940في ابتكار ما أصبح يُعرف بعد ذلك ب “الخلطة السرية” التي مازالت – على الأقل من الناحية النظرية – سراً صناعياً غير مكشوف إلى يومنا هذا، وهي عبارة عن خليط من 11نوعاً مختلفاً من البهارات والتوابل الخاصة طوره (ساندرز) بنفسه في مطبخه.
وفي مطلع الخمسينيات تعرضت طموحات (ساندرز) التجارية لضربة كبيرة حين تحول الطريق السريع الذي كان مطعمه يقع عليه إلى طريق فرعي حين جرى استبدال طريق آخر جديد أوسع به، الأمر الذي خفض مبيعات مطعمه بوضوح وجعله مجرد مطعم هامشي لا يكاد يلتفت إليه أحد.
وكان على (ساندرز) أن يتصرف بسرعة وإلا فإن المستهلكين كانوا سينسون دجاجه وخلطته السرية بسرعة، ولذلك قرر (ساندرز) البدء في بيع تراخيص لمطعمه ولخلطته السرية بنظام التوكيل التجاري أو “الفرانشايز”، وكان (ساندرز) يحصل على عمولة قدرها خمسة سنتات عن كل قطعة دجاج يتم بيعها في المطاعم التي تعاقد معها بأسلوب الفرانشايز.
وقد حققت طريقة التوسع الجديدة تلك نجاحاً هائلاً بدون أن تكبد (ساندرز) أي تكاليف أو مخاطر تُذكر، باستثناء احتمالات فقدان “سر الخلطة”. وبحلول العام 1960كانت سلسلة مطاعم “دجاج كنتاكي المقلي” تملك أكثر من 600فرع بالولايات المتحدة وكندا.
وفي العام 1964انتهت علاقة الشركة بمؤسسها (ساندرز) إلى الأبد، حيث باعها لأحد المستثمرين مقابل مليوني دولار. ومنذ ذلك الحين تم بيع سلسلة المطاعم ثلاث مرات إضافية، وكانت المرة الأخيرة في مطلع التسعينيات حين تم بيع الشركة لشركة بيبسيكو العالمية، وفي العام 1997بدأت بيبسيكو تطبق عملية تصغير حجم وترشيد نفقات كبيرة فقامت بضم مطاعم كنتاكي إلى شركة جديدة أنشأتها لإدارة سلاسل مطاعم الوجبات السريعة التي تمتلكها تحت اسم “يام براندز”، وهي الشركة الأم أو القابضة التي تملك الآن – إلى جانب دجاج كنتاكي – مطاعم مثل بيتزا هات وهارديز وغيرهما. وفي أواخر التسعينيات تغير اسم مطاعم كنتاكي من Kentucky Fried Chicken أو “دجاج كنتاكي المقلي” إلى KFC، وكان هدف شركة يام براندز من تغيير الاسم على هذا النحو هو التركيز على تنامي الوعي الصحي لدى العملاء وعدم رغبتهم بالتالي في تناول أطعمة مقلية في الزيت عالي الكوليسترول، أو على الأقل عدم رغبتهم في رؤية الكلمة “مقلي” في اسم سلسلة الوجبات السريعة التي يتعاملون معها بانتظام.
وإلى يومنا هذا مازالت سلسلة مطاعم كنتاكي واحدة من أكبر وأنجح وأشهر سلاسل مطاعم الوجبات السريعة حول العالم، ويمكننا القول إنها من أكثر سلاسل الوجبات السريعة انتشاراً وتوسعاً حول العالم، حيث تعمل الآن في أكثر من تسعين دولة.
ولعل من أبرز الأدلة على مدى ما تتمتع به من قوة وقدرة على التصدي لأي مشاكل أو معوقات أنها نجحت في اجتياز أزمة أنفلونزا الطيور على مستوى العالم في الشتاءين السابقين بمنتهى الاقتدار، لدرجة أنها استغلت تلك الأزمة لتحقيق المزيد من التوسع الهادئ في دول إضافية لم تكن تعمل بها من قبل. فالجودة والنظافة وسرعة وخصوصية الخدمة، إلى جانب الخلطة السرية بالطبع، هي مفردات معادلة النجاح التي وضعها (ساندرز) قبل أكثر من ثمانين عاماً ومازالت قائمة إلى يومنا هذا .