إن المبادئ المحاسبية التي هي نتاج فكر محاسبي متأثر بالبيئة المتواجد فيها، أدى إل ظهور سياسات محاسبية متباينة و متناقضة أحيانا (الطرق المختلفة للاهتلاك،
الطرق المختلفة لتقييم المخزون، رسملة بعض التكاليف،….) أدى إلى تباين القوائم المالية، و انطلاقا من هذا القصور بدا منذ أوائل القرن العشرين التفكير في إنشاء معايير محاسبية دولية.
المطلب الأول: مفهوم معايير المحاسبة الدولية.
· عرفت لجنة القواعد الدولية المعايير المحاسبية بأنها: “قواعدإرشادية يرجع إليها المهنيون لدعم اجتهادهم واستلهام حكمتهم، ولكنها لا تلغي الحكمةأو الاجتهاد أبدا، كما أنها وصف مهني رفيع المستوى للممارسات المهنية المقبولةقبولاً عاماً وتهدف إلى تقليل درجة الاختلاف في التعبير أو الممارسة في الظروفالمتشابهة، وتعتمد كإطار عام لتقييم نوعية وكفاءة العمل الفني ولتحديد طبيعة وعمقالمسؤولية المهنية”[1].
· كما يمكن تعريف المعايير المحاسبية بأنها:”مقاييس أو نماذج أو مبادئ أو إرشادات عامة تؤدي إلى توجيه و ترشيد الممارسة العملية في المحاسبة و التدقيق أو مراجعة الحسابات.”[2]
وبذلك فهي تختلف عن الإجراءات، فالأولى لها صفة الإرشاد العام أو التوجيه بينما تتناول الإجراءات الصيغة التنفيذية لهذه المعايير على حالات تطبيقية معينة. فمن معايير التدقيق مثلا قيام المدقق بجمع وتقويم أدلة الإثبات تمهيدا لإبداء رأيه بالقوائم المالية، ومن الإجراءات التنفيذية لهذا المعيار إرسال مصادقات إيجابية أو سلبية للمدينين لتقويم قابلية تحصيل الديون. كما يمثل الإفصاح العادل أحد معايير المحاسبة، لكن الإجراء التنفيذي هو كتابة ملاحظة على متن الميزانية حول الدعاوى المرفوعة ضد الشركة ولم يصدر فيها حكم حتى الآن.[3]
– الشكل التقليدي: إن الدارس لمعايير المحاسبة الدولية يتضح له أن المعيار المحاسبي غالبا ما يتضمن الفقرات الرئيسية التالية:
v مقدمة المعيار.
v التعريف بالمصطلحات المحاسبية المستخدمة في المعيار.
v شرح المعيار.
v موضوع المعيار.
v الإفصاح.[4]
المطلب الثاني: التطور التاريخي لمعايير المحاسبة الدولية.
وإن أهمية معايير المحاسبة والتدقيق جعلت المنظمات المهنية في كثير من دول العالم تهتم بوضع معاييرها، ولعل من أهم هذه المنظمات في هذا المجال مجمع المحاسبين القانونيين في الولايات المتحدة الأمريكية AICPA الذي بادر إلى وضع معايير للتدقيق منذ عام 1939 كما تم تشكيل هيئة أو مجلس لمعايير المحاسبة المالية FASB في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1973 كتطوير لصيغة المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً GAAP التي بدأ العمل بها منذ عام 1932.[5]
و في ما يلي أهم المؤتمرات الدولية التي دعت إلى التوافق الدولي في مجال المحاسبة، و أدت إلى وضع معايير موحدة دوليا، و التي بدأت مع بدايات القرن الحالي:[6]
1- المؤتمر المحاسبي الدولي الأولعقد عام 1904 في سانت لويس بولاية ميسوري في الولايات المتحدة الأمريكية برعاية اتحاد جمعيات المحاسبين القانونيين الأمريكية قبل تأسيس مجمع المحاسبينالأمريكيين عام 1917وقد دار البحث في ذلك المؤتمر حول إمكانية توحيد القوانين المحاسبية بين الدول.
2- المؤتمر المحاسبي الدولي الثاني1926 في أمستردام.
3- المؤتمر المحاسبي الدولي الثالث 1929 في نيويورك
وقد قُدمت فيه ثلاثة أبحاث رئيسة وهي :
ü الاستهلاك والمستثمر.
ü الاستهلاك وإعادة التقويم.
ü السنة التجارية أو الطبيعية.
4- المؤتمر المحاسبي الدولي الرابع 1933 في لندن
وقد شاركت فيه 49 منظمة محاسبية عينت 90 مندوباً عنها بالإضافة إلى حضور 79 زائراً من الخارج وقد بلغ عدد الدول التي مثلت في المؤتمر 22 دولة منها استراليا ونيوزيلندة وبعض الدول الأفريقية.
5- المؤتمر المحاسبي الدولي الخامس1938 فيبرلين
وذلك بمشاركة 320 وفداً فضلاً عن 250 مشارك من باقي أنحاء العالم
6- المؤتمر المحاسبي الدولي السادس 1952 في لندن
حيث سجل في المؤتمر 2510 أعضاء من بينهم 1450 من المنظمات التي رعت المؤتمر في بريطانيا و 196 من دول الكومنولث والباقي من 22 دولة أخرى.
7- المؤتمر المحاسبي الدولي السابع 1957 في أمستردام
حددت الفترة الفاصلة بين مؤتمر وآخر ب5 سنوات وبقيت على هذا النحو إلى يومنا هذا، وقد شارك في المؤتمر 104 منظمات محاسبية من 40 دولة وحضره 1650 زائراً من الخارج و 1200 عضواً عن البلد المضيف هولندة.
8- المؤتمر المحاسبي الدولي الثامن 1962 في نيويورك
وقد حضره 1627 عضواً من الولايات المتحدة بالإضافة إلى 2101 من دول أخرى وشارك فيه 83 منظمة يمثلون 48 دولة وقد قدم فيه 45 بحثاً.
9- المؤتمر المحاسبي الدولي التاسع 1967 في باريس
10- المؤتمر المحاسبي الدولي العاشر 1972
حضره 4347 مندوباً من 59 دولة.
11- المؤتمر المحاسبي الدولي الحادي عشر 1977 في ميونيخ ألمانيا الاتحادية .
وقد حضره مندوبين عن أكثر من مائة دولة من دول العالم
12- المؤتمر المحاسبي الدولي الثاني عشر 1982 في المكسيك .
13- المؤتمر المحاسبي الدولي الثالث عشر 1987 في طوكيو .
14- المؤتمر المحاسبي الدولي الرابع عشر 1992 في الولايات المتحدة .
وكان موضوع المؤتمر دور المحاسبين في اقتصاد شامل، شارك فيه نحو 106 هيئات محاسبية من 78 دولة وحضره نحو 2600 مندوباً من مختلف أنحاء العالم، ولم تغب المشاركة العربية عن المؤتمر التي تمثلت بوفود من لبنان وسورية والكويت ومصر والسعودية برعاية الاتحاد الدولي للمحاسبين IFAC حيث استضافته ثلاثة منظمات محاسبية أمريكية هي مجمع المحاسبين الأمريكية AICPA وجمعية المحاسبين الإداريين IMA وجمعية المراجعين الداخلين IIA.
15- المؤتمر المحاسبي الدولي الخامس عشر 1997 في المكسيك .
16- المؤتمر المحاسبي الدولي السادس عشر 2002 في هونغ كونغ .
حيث تمت مناقشة حوالي تسعين (90) عنواناً تدرجت موضوعاته من حوارات ساخنة مثل الشمولية وأخلاقيات المهنة إلى أثر اقتصاد المعرفة على مهنة المحاسبة.
17- المؤتمر المحاسبي الدولي السابع عشر 2006 في اسطنبول.
وقد عقد تحت شعار تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي العالمي, ومساهمة المحاسبة في تطوير الأمم, واستقرار أسواق رأس المال في أنحاء العالم، ودور المحاسبين في عملية التقييم في المشروعات.
المطلب الثالث: أسباب ظهور معايير المحاسبة الدولية.
لقد بدأ الاهتمام بالمحاسبة الدولية ومعاييرالمحاسبة الدولية في العقود الثلاثة الأخيرة للعديد من الأسباب منها:[7]
تضاعف المعاملات التجارية بين شركات الأعمالالدولية.
* تضاعف وتطور وتنوع الشركات الدولية.
* تضاعف الاستثمارات بين مختلف الدول الأجنبية خلالالفترات السابقة واحتمال تضاعفها في الفترات اللاحقة بين الدول.
* الحاجة إلى المعايير الدولية لتكون أساس يتمالاسترشاد بها في العمليات التجارية.
* مشكل العملات الأجنبية وسعر التبادل بين دول العالموالشركات الدولية.
* ظهور المنظمات المحاسبيةوالدولية في عملية إشراكها في المحاسبة الدولية.
ولهذه الأسباب وغيرها بدأ الاهتمام بالمحاسبة الدولية، و الحاجة إلى معايير محاسبية موحدة دوليا.
المطلب الرابع: أهداف معايير المحاسبة الدولية.
من الطبيعي أن تكون هناك دوافع موضوعية للأطراف التي تسعى إلى وجود توافق دولي، و من بين أهم الأهداف و الدوافع لوضع معايير المحاسبة الدولية مايلي:[8]ش