ذات صلة

جمع

وزير الرى: تسهيل إجراءات إصدار التراخيص لدعم قطاع السياحة

عقد الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية والري، اجتماعاً...

2 يناير 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم

استقرت أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة خلال تعاملات...

وزير الإسكان يُصدر قرارات لإزالة مخالفات بناء وتعديات بعددٍ من المدن

المهندس شريف الشربيني يؤكد مواصلة جهود إزالة مخالفات البناء...

سعر الحديد اليوم الخميس 2 -1-2025.. استقرار الأسعار لدى الموزعين

استقرت أسعار بيع الحديد لدي الموزعين بما يتراوح من...

أسعار الفراخ البيضاء والبيض اليوم الخميس 2 -1- 2025.. ارتفاع جديد

كشفت بيانات شعبة الدواجن الرئيسية في مصر، ارتفاع أسعار...

الجانب العقلي و العاطفي والتحكم فيها

الجانب العقلي و العاطفي والتحكم فيها

الجانب العقلي و العاطفي والتحكم فيها

عاطفـيون

في ذات كل واحد منا جانبان : عقلي و عاطفي ، و هما يشكلان عاملي توازن في الشخصية ، و من الواضح أن معظم الناس يعانون من طغيان العاطفة عليهم ، و ما ذلك إلا لأن العاطفة فطرة، أما العقلانية و المحاكمة العقلية الجيدة فهي من الأمور المكتسبة ، و أكثر الناس لا تسمح لهم ظروفهم بأن يكتسبوا الأمور و المفاهيم التي تجعل الجانب العقلي لهم مكافئاً للجانب العاطفي .
و لعلي ألمس هذه المسألة من خلال الحروف الصغيرة الآتية :
1- نحن معاشر العرب متهمون بسيطرة عواطفنا علينا ، و هذا ليس بعيداً عن الواقع ، و الحقيقة أن معظم الشعوب النامية تعاني من طغيان عواطفها عليها ، و ذلك من وجهة نظري أثر من آثار الثقافة الشفاهية التي خضعت لها منذ عشرات الأجيال ، حيث إن الأمية لا تسمح بالكثير من التنظيم العقلي و لا بالتخطيط البعيد المدى مما يجعل الفوضى و الآنية معلماً واضحاً في حياة الشفاهيين .
و طبيعة العاطفة تميل إن أن تكون قصيرة و غير منظمة ، و كلما ترسخت التقاليد الكتابية في بيئة تحسن مستوى التنظير العقلي ، و تحسنت بالتالي القدرة على توجيه العواطف و التحكم بها .

2- ليس في كون المرء عاطفياً ما يعيب ، فالتأثر الشعوري ينطوي على الكثير من سمات النبل ، و له من الدلالات الخلقية و الاجتماعية الكثير .
و الإيمان بالله – جل و علا – يتلبس بانفعال شعوري و إشراق روحي لا يستهان بهما ، و لكن شتان بين تأثرٍ عاطفي يتم في إطار الحق أو بسبب معرفته ، و تأثرٍ يخرج صاحبه من إطار العدل و الصواب ، بين مشاعرٍ نحن نصنعها و نوجهها ، و مشاعرٍ تسيطر علينا و توجهنا .
و قد أثنى الله – جل و علا – على الانفعال العاطفي الشديد و الذي لا يجد صاحبه سوى الدمع للتعبير عنه حين قال :
” وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ ربنا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ” المائدة /83 ، إنه انفعال شديد بسبب معرفة الحق و الاهتداء إليه .
و علمنا الله – جل و علا – كيف نصنع مشاعرنا عن طريق البر و الإحسان و الأعمال الصالحة حين قال :
” ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ “
فصلت /34 .
الإنسان العاطفي مستعد للتخلي عن ميزانه العقلي بسرعة ، فهو إن خاصم نسي كل فضائل الخصم ، و إن صادق نسي كل سلبيات الصديق ، و نتيجة هذا الخلل فإن من السهل عنده أن ينقلب الصديق إلى عدو ، و العدو إلى صديق .
إن العاطفيين مزاجيون يصعب الوثوق بهم و الاعتماد عليهم ، يثير المديح أريحيتهم ، فيطلقون الوعود المعسولة ، و يهوّنون كل صعب ، فإذا جاء وقت الوفاء وجدوا أنفسهم غير قادرين على فعل أي شيء ، و هذا ما نلاحظه في حياتنا العملية و على كل المستويات .

3- يقع العاطفيون دائماً في قبضة غيرهم ، فقابليتهم للتأثر السريع تغري الآخرين باستفزازهم و المكر بهم .
و بعد الشخص العاطفي عن شيء اسمه برمجة و تخطيط يجعله يشتغل بتنفيذ خطط الآخرين و برامجهم ، و إذا تأملنا تفاصيل الحياة الشخصية لكثير لمعظم الناس حولنا وجدنا ذلك واضحاً، فالواحد منهم لا يعرف غالبا ما الذي عليه أن ينجزه في يومه أو شهره أو سنته .
و كثير منهم يستدينون و لا يعرفون كيف يقضون ديونهم ، و لديهم آمال عريضة و لكن لا يشتغلون بتأمين الأدوات و الإمكانات التي ستبلغهم إياها،
و لديهم إلى جانب ذلك تصريحات عريضة ليس في أرض الواقع ما يدل على قدرتهم على تنفيذها …
و لهذا كله فإن الشخص العاطفي يبدو بمثابة قوة صوتية تارة و بمثابة قوة صمتية تارة أخرى ، و قلما يثبت أنه قوة حقيقية .!

4- يستمتع الإنسان العاطفي بفوران العاطفة ، لأن ذلك الفوران يجعله يشعر و كأنه يؤدي واجباً ما ، أو يكفر عن ذنبٍ ما .
و ربما كان ذلك مظهراً من مظاهر العجز لديه ، إذ أنه لا يملك أكثر من أن يبتهج أو يتألم ، و لذا فإنه يتأذى ممن يخفف من وطأة عاطفته ! فإذا كان الشخص العاطفي ينتظر حدوث نصر سريع على عدو ، فإنه ينظر بعين الغضب و العداوة لمن ينبهه إلى أن ذلك النصر بعيد الوقوع ، و ربما اتهمه بالعمالة أو التحالف مع الأعداء ، و ذلك لا لأنه يوقظه من حلم ٍجميل ٍفحسب ، و لكن لأنه أشعره بأنه غير قادر على تقديم أي شيء .!

العواطف النبيلة هي ماء الحياة و رواؤها ، و لكن مشكلتها أنها تغري دائماً بالتطرف و الخروج من دائرة العقل ، و كثيراً ما تضرب بتوازن الشخصية ، فإذا أمكننا تلافي ذلك نعمنا بجمال العواطف دون أن نكتوي بنارها .