سلسلة من القروض حصلت عليها مصر مؤخرا.. من خلال المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي.. والبنك الإفريقي.. وبنك الائتمان العربي.. والسؤال الحائر.. هل هذه القروض نقمة أم نعمة علي الاقتصاد المصري المكبل بالديون.. ويصل حجم الدين إلي 48 مليار دولار وان كان الاقتصاديون يرون أنه في الحدود الآمنة اختلف خبراء الاقتصاد حول هذه القضية.. اعترض البعض بشدة علي هذه القروض وقالوا إنها تبعية اقتصادية للخارج.. لن تفيد الاقتصاد بل مزيد من الديون التي سيدفع ثمنها الأجيال القادمة.
أما الرأي الآخر يري أنها ضرورة في الوقت الحالي من أجل دفع عجلة التنمية وتمويل المشروعات الكبيرة وتشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة من أجل زيادة الإنتاج ولكن بشرط أن تكون هذه القروض الميسرة بفترة سماح وفترة سداد طويلة ونسبة فائدة منخفضة واستخدامها في المشروعات الصناعية الإنتاجية وليس الاستهلاكية.
يقول د.إسماعيل شلبي.. أستاذ الاقتصاد كلية التجارة جامعة الزقازيق.. هذه القروض مطلوبة في الوقت الحالي لكي تحقق دفعة قوية في التنمية وزيادة الإنتاج ودعم المشروعات.. لأن لدينا عجزاً كبيراً في تمويل الاستثمارات.. ولهذا نلجأ إلي هذه المؤسسات الدولية من أجل الحصول علي قروض بشرط أن يكون بشروط ميسرة مثل سعر فائدة منخفض وفترة سماح طويلة وفترة سداد طويلة خاصة أن مصر تقوم حالياً بإنشاء مشروعات عملاقة ولكن أمامها عائق وهو القصور في التمويل.. ولهذا فالحصول علي قروض ميسرة وعلي أقساط ميسرة وفائدة منخفضة.. من أجل تمويل هذه المشروعات أيضا ويجب أن نستفيد من هذه القروض في دعم المصانع المتعثرة فلدينا أكثر من 1500 مصنع متعثر مطلوب تشغيلها من أجل زيادة الإنتاج وحتي يحدث تنمية اقتصادية وترفع من مستوي الأداء والإنتاج.. وتشجع التصدير.
أكد د.إسماعيل أننا في حاجة شديدة هذه الفترة لهذه الأموال حتي تقام هذه المشروعات الكبيرة والمصانع لزيادة الإنتاج وهو المطلوب في الوقت الحالي.. ولكن بشرط أن تكون هذه القروض التي نحصل عليها بشروط ميسرة.. وفترة سداد طويلة وفترة سماح طويلة نقوم خلالها بالتوسع في زيادة الإنتاج والتصدير من أجل الوفاء بالدين.. مع أقساط مريحة.
وأكد أن هذه القروض يجب استخدامها في تمويل المشروعات وليس لاستخدامها في شراء السلع الاستهلاكية.. وفي حالة استخدامها في السلع الاستهلاكية فهذا معناه زيادة جديدة في عجز الموازنة ويطالب أيضا بضرورة دعم المصانع المتوقفة لكي تعود عجلة الإنتاج ويجب أن يكون الحصول علي هذه القروض لدعم المشروعات الصناعية والإنتاجية.
أما د.زينب الأشوح أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر.. تعترض علي هذه القروض.. وقالت أنا ضد هذه القروض رغم أن هناك الكثير من الاقتصاديين يبررون الحصول علي هذه القروض من هذه المؤسسات ولكن إذا كان الحصول علي هذه الثقة في الاقتصاد المصري من خلال القروض فهي تشجع علي مزيد من المديونيات وخطأ في حق الأجيال القادمة.. وهذا مناقض لاستراتيجية التنمية المستدامة ومن ضمن بنودها الحفاظ علي حقوق الأجيال القادمة في التمتع بممتلكات الدولة وأي قرض جديد معناه إهدار لموارد الدولة.. والقروض معناها تبعية اقتصادية.. ولا يجب أن نظل مكبلين بالقروض فلماذا لا يتم الاستفادة من مواردنا بدلاً من بيع أراضينا بأبخس الأثمان للمستثمر الأجنبي.
أضافت د.زينب أننا تحولنا إلي مجتمع استهلاكي.. وأهملنا الإنتاج والتصنيع.
وتؤكد د.ماجدة شلبي.. أستاذ الاقتصاد كلية الحقوق جامعة بنها وبالقسم الفرنسي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. المفروض أن نستخدم هذه القروض للمشروعات الصناعية والإنتاجية وليس للسلع الاستهلاكية لأننا القرض حالياً نحتاج لضخ دماء في الاقتصاد وليس لدينا موارد من النقد الأجنبي إلا من خلال الاقتراض وطالما أن الدين الخارجي في حدود آمنة وهو حوالي 48 مليار دولار بنسبة بسيطة من الناتج المحلي حوالي 4 تريليونات جنيه.. ولكن يجب مع هذه القروض وضع سياسات لدعم وتطوير القطاع الصناعي والصناعات التحويلية.. ولكي تصبح مصر الدولة الرائدة الصناعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يجب وضع استراتيجية للتنمية الصناعية لعام 2030 وتحقق معدل نمو حقيقياً للناتج الصناعي بواقع 9%.. وأن يصل نصيب التنمية الصناعية من الناتج المحلي الاجمالي 23% وأن يصل نصيب الصناعة من الاستثمار القومي 35%.
وأن تعتمد هذه الاستراتيجية بشكل أساس علي أسلوب المشاركة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ المشروعات الصناعية والانتقال إلي الأنشطة المرتفعة القيمة المضافة والمكون التكنولوجي والوصول بالقطاع العام الصناعي إلي الكفاءة الاقتصادية.. وفصل الملكية عن الإدارة.
وأكدت د.ماجدة شلبي.. أنه لا تزال لدينا مشكلة نقص موارد النقد الأجنبي لتراجع حركة السياحة وعائدات قناة السويس بسبب تباطؤ حركة التجارة العالمية.. وأيضا تحويلات المصريين بالخارج.. وأيضا الصادرات.. ولكي ندعم القدرة التنافسية للصادرات يجب حل مشاكل القطاع الصناعي.. وطالما أن الدين الخارجي في الحدود الآمنة فإذا حصلنا علي قروض سريعة من أجل الحصول علي النقد الأجنبي ليس مشكلة ولكن من الممكن أن تكون دفعة للاقتصادي المرحلة الحالية خاصة أن دعم القطاع الصناعي لزيادة الإنتاج والحصول عن المواد الخام والسلع الرأسمالية يحتاج إلي النقد الأجنبي ولا يوجد بديل عنه في الوقت الحالي إلا بالقروض.. ولكن مع وجود استراتيجية للتنافسية وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات وخلق اقتصاد يعتمد علي الابتكار والبحث العلمي.. والاعتماد علي الشباب.