اللامبالاة وقلوب تحترق
اللامبالاة.. وقلوب تحترق…
إن بعض الأشياء في حياتنا تكون مقصودة.. وليس بعضها، بل أحيانًا يتبادر إلى ذهني الصغير أن كل الأشياء في حياتنا تكون مقصودة بالفعل.. مقصودة إلى درجة التوبيخ الذاتي الذي نقوم به مع أنفسنا أمام المرآة المتسخة التي تكون في الزاوية التسعين من بيوتنا العتيقة.. نستمع إلى موسيقى الجيتارالحزينة أو فيروز.. ونعيش في عالم من اللامبالاة التي تفرضها الظروف علينا فرضًا كبيرًا..
إن أسوأ شيء يمكن أن يعانيه الإنسان في حياته هو اللامبالاة بكل أشكالها وأنواعها.. مهما كانت بسيطة ومهما كانت كبيرة.. نعيش اللامبالاة في كل شيء..اكتشفت أننا نعيشها حين نأكل فرادى.. وحين نشاهد الأفلام فرادى.. نعيش اللامبالاة حين نرسل رسالة إلى أحدهم (ذكرًا أو أنثى)، وننتظر الجواب دون أن يكون هناك أي جواب.. وتظل القلوب تحترق.. نعيش اللامبالاة في كذب الآخر علينا، وفي المواعيد التي نعطيها أو تُعطى لنا دون أي احترام، فنصل في الموعد، أو نكون على أهبة الاستعداد؛ للذهاب حتى تصلنا رسالة نصية قصيرة تقول: عذرًا عندي موعد مهم أو حظر؛ عندي أناس مهمون جدا.. أهم منك ومن هرطقاتك.. علمًا بأنك صاحب الموعد الأول. قبل أن تتعرض لعميلة لامبالاة سيئة تكتشف من خلالها أن الآخر يعتبر وجودك مثل عدمه.
اكتشفت شيئًا آخر. المرأة أو الرجل حين يسلكان درب التعامل باللامبالاة فإن الأمر يصبح ضربًا من الحرب الباردة.. الرجل لا يحس باللامبالاة، لقد فقد معظم الرجال أحاسيسهم.. وأيضًا مع تعدد المقاهي هنا وهناك، مقاهٍ للفراغ ومساحة أكبر لعيش الاستهتار واللامبالاة، الرجل يهرب إلى المقهى كالفأر عوضًا أن يجلس بعض الوقت مع زوجته وأبنائه، هذا إن كان له أبناء وزوجة، المهم أن أغلب الرجال يعيشون اللامبالاة في المقاهي.. وفي أماكن أخرى يشاهدون مباريات كرة القدم التي لن تسمنهم أو تغنيهم من جوع، يلعبون ويمرحون ويصرخون ويسعدون…و.. و.. و.. والمرأة هناك قابعة في زاوية البيت التي لا يمكن أن تتجاوز جدرانه أربعة جدران.. تأكل أظافرها أو تنام وتستيقظ وتستيقظ وتنام.. اللامبالاة التي تعانيها المرأة لا يمكن أن يفهمها أي رجل.. وليس فقط النساء المتزوجات.. كل امرأة تعيش لامبالاتها بشكل من الأشكال، وللأسف ليست هناك مقاهٍ بحجم المقاهي التي يملؤها الرجال… كل شيء يدعو إلى التساؤل، هل هي من مسببات الخيانة؟
أن ترسل امرأة رسالة إلى من تحبه وتنتظر جوابه، فلا يصلها جوابه إلا بعد يومين فهذا أمر يدعو إلى إعادة النظر في هذه العلاقة.. وأن يخرج زوج ويدخل دون أن يكون هناك حوار بينه وبين زوجته فهذه علاقة تدعو إلى فورما تاج سريع وعاجل.. وألا يرى أب أبناءه ولا يسأل عن حالهم وأحوالهم فهذا أمر يستدعي كثيرًا من الصفع وليس الصفح.. أن نجتمع على مائدة واحدة دون أن ينظر أحدنا إلى الآخر أو أن نحب أشخاصًا لا يكترثون حتى لوجودنا ولا لمواعيدنا ولا لرسائلنا أو كلامنا..أو حتى دموعنا… نحتاج شيئًا لا يحرق هذه القلوب الصغيرة.. نحتاج مبيدًا قويًا لحشرة للامبالاة.. صرنا نبحث عن الحلول باللامبالاة، علمًا بأنها لا تزيد الطين إلا بلة.. وأكثر ما أخشاه أن نجد أنفسنا نردد يومًا مع أبي نواس بيته الشهير:
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ.. ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاء