ماهية تنظيم الذات.
لقد بنى الله سبحانه وتعالى الكون كله على نظام دقيق مذهل لا مكان فيه للفوضى والإضطراب، قال سبحانه: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)، وقال سبحانه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى).
فالحق سبحانه وتعالى نظم الكون فأبدع فيه, وكل شيء يدور حولنا في نظام وحلقات متسلسلة, وهو ما نراه جليا مـثلا: في دورة النجوم والكواكب والمجموعة الشمسية وتتابع الليل والنهار وفي نفس الإنسان ودورة حياته وإختلاف الفصول والأحوال ونضوج الثمار وتوالد الحيوان. ودواعي التنظيم لحياة الإنسان تحيط به في كل ذرة من هذا الكون، فالنظام هو سمة وعنوان الكون كله من الذرة إلى المجرة.
وفي ضمن هذا الإحكام ولحكمة باهرة أعطى سبحانه الإنسان قدراً من الحرية والإختيار إبتلاءً وإمتحاناً وخلال هذا القدر من الحرية يستطيع الإنسان أن ينظم حياته أو أن يبقيها فوضى مضطربة, وجاء شرع الله مرسخاً لهذه الحقيقة الكونية في تعاليمه وأحكامه في العبادات والمعاملات.
فإذا لم يستجب الإنسان لكل لهذه الدواعي والمؤثرات وينظم ما بقي من حياته مما أعطي حق الإختيار فيه, فهو الإضطراب والصراع مع جميع المخلوقات من حوله وهوالضنك والتعب والتعاسة في حياته وهو الإخفاق وقلة الإنتاج وضآلة العطاء في أعماله، ثم النهاية أن يصاب الفوضوي بالإحباط واليأس والتوتر والقلق حين يرى الناس وقد قطعوا شوطاً بعيداً في الحياة وهو ما زال يراوح في مكانه، والنتيجة النهائية لذلك كله ضياع الوقت الذي هو إهدار الحياة, ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
ويمكننا أن نعرّف التنظيم تعريفاً مبسطاً سهلاً فنقول: إنه استخدام الوسائل الممكنة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال خطة محكمة.
وهذا يستدعي الإلمام بالأمور الآتية:
1- حجم الوسائل المطلوبة.
2- معرفة أهمية كل وسيلة.
3- معرفة وتحديد مكان كل وسيلة من العمل.
4- ضبط الوقت الذين يحتاج فيه إلى كل وسيلة.
وقبل ذلك كله صياغة الأهداف بعناية، وليكن جميع ذلك من خلال خطة واضحة المعالم.
وعندما تكون منظماًً فإن ذلك يمنعك من الشعور بتوتر الأعصاب أو التورط في أمور تعيق أو تقلل إنتاجك. وكذلك يمنعك من أن تحيد عن مهمتك الرئيسة، وتمتلك التكيف مع التغيير.
إعمل جاهدا على أن تكون حياتك وأوقاتك منظمة, فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك , وأنت الذي تسطيع الوصول إلى قمة النجاح قبل الأخرين في أقل وقت ممكن إن إستفدت بكل دقيقة في حياتك في خدمة خطة النجاح, فالمتسلقين إلى قمة الجبل الواحد يختلفون في مدة الوصول عن بعضهم البعض.
وعمر الإنسان عبارة عن أوقات معدودة وآجال محددة , فالعاقل من عمل على إستثمار هذا الوقت بفاعلية ونجاح, فالحياة فرصة قال صلى الله عليه وسلم ” إغتنم خمساً قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ”.
وحتى تنظم حياتك يجب أن تسير على خطة محكمة ممكنة التطبيق, وأن تركز دائما على الأعمال الهامة وليكن لك وقتا محددا للراحة والإسترخاء حتى تعاود الجد والإجتهاد على أتم وجه وبفاعلية وبكفاءة عالية وحتى لا تصاب بالملل والفتور.
ليكن لك دائما أفراد مقربين أهل ثقة وأصحاب تجارب ناجحة يمكن أن تعتمد عليهم وتتعلم منهم وتتشاور معهم, وليكن لك أيضا شبكة من العلاقات العامة بكل من حولك من الأصدقاء والمقربين , وكن دائما على إتصال بهم.