لم يتفق الكتاب والباحثون العرب على ترجمة واحدة لمصطلح Privatization حيث تعددت المسميات، مثل الخصخصة والتخصصية والخوصصة والأهلنة والتفريد .. إلخ.
وفي ليبيا يميل البعض إلى إطلاق اسم التمليك (1) (مع اعتراضي على هذه الكلمة باعتبار أنها تعني أسلوباً واحداً من أساليب الخصخصة وهو التمليك).
وفي ضوء هذا الاختلاف في إيجاد ترجمة للمصطلح فإن ما ينبغي توضيحه ليس الترجمة اللفظية له، ولكن المفهوم والمحتوى الذي ينطوي عليه والإلمام بكل جوانبه.
وكما اختلفت المسميات اختلفت المفاهيم، فمن خلال مراجعة العديد من الدراسات يمكن أن نميز ثلاثة مفاهيم هي:-
المفهوم الأول:
يرى أن الخصخصة تعني تحرير النشاط الاقتصادي والمالي وإعطاء القطاع الأهلي (الخاص) مجالاً أوسع، وذلك بالحد من احتكار الدولة.
المفهوم الثاني:
ويرى أن الخصخصة علاقة تعاقدية بين الدولة والقطاع الخاص، وذلك بإدخال الخبرة الإدارية لهذا القطاع في أنشطة المنشآت العامة وإداراتها وفقاً لطريقة سير المنشأة لخاصة، ويأخذ هذا المفهوم شكل عقود الإدارة وعقود الإيجار وعقود الامتياز.
المفهوم الثالث:
وينظر هذا المفهوم إلى شكل الملكية، بمعنى تحويل الملكية من الدولة إلى القطاع الأهلي “الخاص” ويأخذ هذا المفهوم اتجاهين:-
الاتجاه الأول:- يرى أن لخصخصة مشروع ما أن يتم بيعه بالكامل للقطاع الخاص.
الاتجاه الثاني: يميل إلى الاكتفاء ببيع جزء من رأس مال المشروع، أي بمعنى أن الخصخصة هي عملية يتم بمقتضاها بيع كل أو جزء من أسهم المشروع إلى القطاع الخاص، وهذا الاتجاه هو الأكثر قبولاً من الاتجاه الأول (2).
مما سبق يتضح أن الخصخصة ليست هدفاً في حد ذاتها وإنما وسيلة لزيادة كفاءة الأداء للاقتصاد الوطني بما يكفل زيادة الإنتاج والإنتاجية، كما أنها لاتعني إطلاقاً إلغاء وظيفة الدولة الاقتصادية ومسؤولياتها الاجتماعية، بل دورها مستمر في تقديم الخدمات الاجتماعية مثل (التعليم والصحة والضمان الاجتماعي).
من هنا يمكن تعريف الخصخصة (3) على أنها سياسة أو مرحلة من سياسات الإصلاح الاقتصادي تعمل على تحويل المشروعات العامة إلى مشروعات خاصة في مجال الملكية أو الإدارة باستخدام العديد من الأساليب المتاحة والملائمة.
دوافع الخصخصة:
تختلف الدوافع والأسباب التى أدت بدول العالم إلى انتهاج برنامج التحول من دولة إلى أخرى، فإن كان توجه الدول المتقدمة للتحول إلى القطاع الخاص يرتكز على أساس اتباع منهج مختلف في أسلوب التنمية يدعو إلى إعادة النظر في دور الدول في النشاطات الاقتصادية ومدى فاعليتها في تنمية الاقتصاد وجعل التنمية عن طريق تفعيل دور القطاع الخاص بهدف تحسين الكفاءة وتعزيز المنافسة وتقوية إدارة الشركات العامة، حتى يمكن زيادة الإنتاجية وتحقيق أداء أفضل فإن الدوافع التى دفعت بالدول النامية إلى انتهاج هذا البرنامج مختلفة ويمكن تحديدها في الآتي:
– أزمة المديونية الخارجية وتدهور الأوضاع الاقتصادية على المستويين الداخلي والخارجي.
– انهيار المعسكر الشرقي، ما دل بصورة واضحة على فشل نظم الاقتصاديات الموجهة التى تعتمد على التخطيط الشامل وتوجيه الاقتصاد من قبل الدولة.
– التطورات في التجارة الدولية وظهور العديد من التكتلات الاقتصادية والتجارية وتوقيع اتفاقية التجارة العالمية، والأخذ بنظام الجودة الشاملة (الأيزو).
وتختلف ليبيا عن غيرها من الدول (4) في أنها لاتتعرض لضغوط المؤسسات الدولية والدافع الوحيد للتحول للقطاع الأهلي هو كل ما من شأنه الرفع من كفاءة الوحدات الإنتاجية والخدمية وإسهام الليبيين في تحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تستهدفه خطط التنمية من خلال امتلاكهم للمشروعات المختلفة وتعزيز الحرية الاقتصادية وتخفيض العبء على الخزانة العامة للمجتمع.
ومن ثم بإمكان الدولة تكييف برنامج التحول بما يتناسب وقدرات الاقتصاد وإمكاناته ووفق الجدول الزمني الذي يسمح بإنجاح عملية التحول.
أهداف الخصخصة:
هناك مجموعة من الأهداف لانتهاج سياسة الخصخصة منها:
1- رفع كفاءة الأداء الاقتصادي: حيث يعتبر القطاع الخاص أكفاً من القطاع العام في إدارة المؤسسات الإنتاجية والخدمية.
2- تخفيض التكاليف والنفقات العامة وذلك عن طريق تخلص الدولة من القطاعات غير المربحة التى تستنزف الخزانة العامة.
3- تنشيط وتطوير أسواق المال وهو شرط جوهري لنجاح برنامج الخصخصة حيث يتم عن طريق السوق طرح أسهم الشركات بعد خصخصتها.
4- توسيع قاعدة الملكية لأفراد المجتمع من خلال استخدام أسلوب الطرح العام على شراء الأسهم وتتحول بذلك أعداد كبيرة من أفراد الشعب إلى طبقة الملاك.
5- تشجيع المنافسة الجيدة والبناءة.
6- تشجيع الاستثمار الأجنبي وذلك بجذب رؤوس الأموال الأجنبية والإنتاج في الأسواق العالمية وجني ثمار نظرية المزايا التنافسية.
7- تطوير الجهاز المصرفي: إذ ستلعب المصارف دوراً مهماً في عمليات الإصدار الأولى لأسهم المؤسسات وفي دعم تعاملات السوق المالية، إضافة إلى توفير السيولة، والقروض اللازمة للمؤسسات التى ستتم خصخصتها، وإيجاد حل لمشكلة الديون المشكوك في تحصيلها، كما تنتقل المصارف التجارية في تعاملاتها مع المؤسسات المخصصة إلى عقلية قطاع الأعمال الخاص.
8- خلق فرص عمل جديدة، ومن ثم التخفيف من مشكلة البطالة.
9- زيادة الموارد المالية للدولة حيث سيتم استخدام حصيلة بيع المشروعات العامة في استكمال مشروعات البنية الأساسية وسداد مديونية الشركات تجاه القطاع المصرفي.
10- تحقق الخصخصة إدارة أفضل وذلك بسبب أن الظروف المحيطة بالمديرين في القطاع الخاص تخفف عنهم الكثير من الأعباء وتحررهم من القيود وتنقلهم من موقع المسؤولية أمام البيروقراطية إلى موقع المسؤولية المباشرة أمام حملة الأسهم.