تواجه المراجعة في الوقت الراهن مشكلة ضخامة حجم المشروعات وتعقد عملياتها وتعمل في بيئة تتسم بالتطور السريع في منظمات الأعمال وفلسفة أدائها ، كما يواجه المراجعون العديد من الدعاوى القضائية نتيجة فشل مهمة المراجعة الأمر الذي جعل الأساليب التقليدية للمراجعة غير كافية لتجميع أدلة الإثبات والقرائن المتعلقة بعناصر القوائم المالية .
ويحصل المراجع على أدلة الإثبات التي يستلزمها المعيار الثالث من معايير أداء العمل الميداني ( معايير المراجعة المتعارف عليها الصادرة من المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين ) عن طريق أداء مجموعتين من إجراءات المراجعة :
1- مراجعة تفاصيل العمليات والأرصدة .
2- المراجعة التحليلية للنسب المالية والاتجاهات الهامة وفحص أي تقلبات غير عادية بها .
يهدف النوع الأول من الإجراءات إلى التحقق من وجود دليل موضوعي غالبا في شكل مستند من داخل أو خارج المنشأة يؤيد صحة القيمة الدفترية لأحد البنود أو مكونات هذه القيمة أما النوع الثاني فيهدف إلى التحقق من معقولية القيمة الدفترية لأحد بنود القوائم المالية وذلك عن طريق دراسة علاقته بأرقام أخرى وارتباطه بها أو بمقارنته مع القيمة التي يقررها المراجع لهذا البند ، فإذا اقتربت القيمة الدفترية من القيم المقدرة أو الواجب أن تكون دل ذلك على أن القيمة الدفترية معقولة ، أما إذا تباعدت القيمتان دل ذلك على وجود تقلبات تستلزم فحصاَ إضافياَ للتحقق من أسبابها والتأكد من أنها لا تخفي أخطاء أو تلاعباَ في القوائم المالية .
أي ان المراجعة التحليلية لا تعطي للمراجع دليل إثبات محدد عن مدى صحة بند معين ولكتها تعطيه مؤشرات حول مدى معقولية قيمة البند وبمعنى أخر تقدم له كل المبررات التي تدفعه إلى مزيد من الفحص للبند المختص أو عدم ضرورة إجراء مزيد من الفحص .
إن المراجعة التحليلية تهتم بتحليل النسب والمؤشرات المهمة للتقلبات والعلاقات التي تكون متعارضة مع المعلومات الأخرى ذات العلاقة أو تلك التي تنحرف عن المبالغ المتنبأ بها ، كما أن المراجعة التحليلية تقوم بتقييم المعلومات المالية عن طريق دراسة العلاقات المعقولة بين البيانات المالية وغير المالية وتتضمن مقارنات المبالغ المسجلة مع التوقعات التي يضعها المراجع .
مما سبق يمكن أن نعرف المراجعة التحليلية بأنها ” مجموعة الإجراءات التي يتم من خلالها التحليل والمقارنة المنظمة للأرقام والمعدلات والنسب والاتجاهات أو أي علاقة أخرى بين الأرقام والبيانات بهدف الحصول على البيانات والمعلومات التي قد تعطي مؤشرات تساعد في توجيه إجراءات المراجعة بشكل سليم أو تعطي أدلة رقابية تدعم استنتاجات المراجع ” .
وتعتبر المراجعة التحليلية واحدة من أكثر أدوات المراجعة فائدة للقيام بدراسة وتحليل البيانات أو المعدلات والاتجاهات المالية ، كما أنه يمكن استخدام إجراءاتها في مرحلة التخطيط لتحديث المعرفة بعمليات الوحدة الاقتصادية وتحديد الجوانب المهمة لإعطائها المستوى الملائم من التركيز والفحص كما تستخدم إجراءات المراجعة التحليلية في جميع مراحل المراجعة .
ويهدف المراجع من استخدامه للمراجعة التحليلية إلى المساعدة في التحقق من الأمور التالية :
1- التعرف على طبيعة أعمال الوحدة الاقتصادية
2- تحديد مجالات المخاطر المتوقعة
3- تحديد المجالات التي تحتاج إلى مزيد من الفحص
4- تعزيز النتائج التي تم التوصل إليها خلال المراجعة
5- معرفة مقدرة الوحدة الاقتصادية على الاستمرار
6- تقليل الاختبارات التفصيلية للمراجعة
وحيث إن المراجع يحتاج إلى معلومات عن نشاط ومجال عمل الوحدة الاقتصادية ، لذلك تعتبر المراجعة التحليلية أحد الأساليب المستخدمة بصورة عامة في الحصول على هذه المعلومات حيث إن خبرة المراجع ومعرفته بالوحدة الاقتصادية محل الفحص والتي تم الحصول عليها في السنوات السابقة تعتبر نقطة بداية لتخطيط الاختبارات للسنة المالية الحالية ، وبتطبيق المراجعة التحليلية من خلال المقارنة بين المعلومات المحاسبية للسنة المالية الحالية التي لم تراجع مع تلك التي تم مراجعتها في السنوات السابقة ، فإن الاختلافات الناتجة يمكن أن يؤثر على خطة المراجعة حيث تساعد المراجع على اكتشاف العلاقات غير العادية بين المعلومات المحاسبية التي توحي بوجود أخطاء محتملة ، مما يمكنه من تحديد المجالات ذات المخاطر المرتفعة وبالتالي يستطيع توزيع الموارد المتاحة له بصورة سليمة لإنجاز عمله بأفضل صورة ممكنة .
وإذا نتج عن المراجعة التحليلية عدم وجود تقلبات غير عادية فهذا يدل على أن احتمال وجود الأخطاء أو عدم الانتظام يكون ضعيفاَ وهذا يؤدي إلى تنفيذ اختبارات تفاصيل أقل فيما يتعلق بهذه العناصر ، أما إذا كانت هناك اختلافات جوهرية ناتجة عن المقارنة فالاحتمال لوجود الأخطاء في القوائم المالية يكون متزايداَ مما يستلزم من المراجع أن يحدد السبب و أن يستقصي الاحتمال لوجود خطأ برصيد حساب أو أكثر مما يتطلب ضرورة زيادة اختبارات التفاصيل .
كذلك فإن تطبيق المراجعة التحليلية يجعل المراجع قادراّ على تقييم معقولية العمليات والأرصدة محل المراجعة النهائية أثناء مرحلة الاستعراض النهائي للمراجعة مما يؤدي إلى تعزيز النتائج التي تم التوصل إليها وهذا يؤدي إلى إضفاء الثقة في أدلة الإثبات التي تم التوصل إليها خلال اختبارات التحقق الأخرى .
كذلك قد تستخدم المراجعة التحليلية كمؤشر للصعوبات المالية التي تواجهها الوحدات الاقتصادية وكذلك كوسيلة لتقديم توصيات للوحدة الاقتصادية مثال ذلك التنبؤ بالفشل والتعثر المالي ، إضافة إلى ما سبق فإن المراجعة التحليلية قد تكون أقل تكلفة بالمقارنة باختبارات التفاصيل حيث أن استخدام المراجعة التحليلية يمكن أن يؤدي إلى خفض حجم عينات الفحص وتقليل عددها ، مما يجعل الكثير من المراجعين يفضل استبدال اختبارات التفاصيل بالمراجعة التحليلية عندما يكون ذلك ممكناَ .
وتستخدم المراجعة التحليلية عدداّ من الإجراءات تتمثل في الأتي :
أ – مقارنة البيانات المالية مع :
* البيانات المقارنة للفترة أو الفترات السابقة .
*النتائج المتوقعة مثل الميزانيات التقديرية أو التنبؤات .
*البيانات عن المشروعات المماثلة مثل مقارنة نسبة المبيعات إلى العملاء في المنشأة مع متوسط هذه النسبة في المنشات المماثلة من نفس النشاط والتي لها حجم مماثل .
ب – دراسة العلاقات :
*بين عناصر البيانات المالية مبنية على خبرة المنشات السابقة مثل دراسة نسبة هامش الربح الإجمالي .
*بين البيانات المالية والبيانات غير المالية المتعلقة بها ، مثل دراسة تكلفة العمالة وعلاقتها بعدد العاملين .
وهناك عدة طرق يمكن استخدامها في أداء الإجراءات السابقة وهي تتراوح بين المقارنة البسيطة وبين التحليل المعقد باستخدام الأساليب الإحصائية المتطورة ويمكن تطبيق إجراءات المراجعة التحليلي مع البيانات المالية للوحدة ( مثل الشركات التابعة أو الأقسام أو المنتجات ) وكذلك لكل بند على حده من عناصر البيانات المالية واختيار الإجراءات ومستوى تطبيقها متروك للحكم المهني والشخصي للمراجع .