اعداد محاسب

معلومات عن مـستجـدات بيئـة الاعـمال الحديثـة وأثـرها علـى نـظـام التـكاليـف

معلومات عن مـستجـدات بيئـة الاعـمال الحديثـة وأثـرها علـى نـظـام التـكاليـف

مستجدات بيئة الاعمال الحديثة وأثرها على نظام التكاليف
تغیرت بيئة الاعمال الحديثة عموماً وبيئة التصنيع بصفة خاصة عما كانت عليه في الماضي، من حيث درجة المنافسة وطرق وأساليب الإنتاج، والنظم والاستراتيجيات الإدارية ، فقد كان لنمو المنافسة واتساع نطاقها وعولمة الأسواق ، والسرعة الكبيرة للاختراعات والاكتشافات التكنولوجية والتقدم المذهل فى نظم الحاسبات، أكبر الأثر في تغيير خصائص البيئة التى تعمل فيها محاسبة التكاليف.
وهكذا تميزت بيئة الاعمال الحديثة بالتغيرات السريعة والمتلاحقة التي تختلف اختلافاً جوهرياً عن بيئة الاعمال التي كانت سائدة في الماضي والتي كانت تتصف بالسكون والاستقرار النسبي والتغير البطيء سواء فى المنتجات أو في اذواق ورغبات العملاء. ولقد ترتب على ذلك أن أصبحت عمليات التنبؤ والتخطيط والرقابة واتخاذ القرارات أكثر صعوبة وأشد تعقيداً عما كانت عليه في الماضي ، فالحركة السريعة والتغيرات المتلاحقة فى البيئة الحديثة تجعل من الصعب التنبؤ بالأحداث المستقبلية ، ومن ثم زيادة الغموض ودرجة عدم التأكد المرتبطة بالتخطيط واتخاذ القرارات مما يتطلب ضرورة توفير المعلومات الملائمة الى تعمل على ازالة الغموض وتخفيض درجة عدم التأكد، أي زيادة أهمية ودور محاسبة التكاليف وما توفره من معلومات هامة وضرورية في هذا الشأن، وعموماً يمكن توضيح أهم المستجدات أو المتغيرات التي طرأت على بيئة الاعمال الحديثة على النحو التالي:
(1) زيادة حدة المنافسة واتساع نطاقها :
لقد بدأ العالم يشهد تحولاً كبيراً وجذرياً في اسلوب ونطاق المنافسة ، حيث تمت ازالة العوائق التي تمنع أو تحد من انتقال السلع ورؤوس الأموال بين الأسواق، وقد نتج عن هذا التغير ما يمكن ان يطلق عليه عولمة الأسواق التي تتصف بعدد من الخصائص من بينها :
• زيادة عدد المنافسين نتيجة اتساع نطاق السوق وازالة الحواجز والعوائق امام حركة التجارة العالمية.
• زيادة خبرة ودراية العملاء بالسلع والمنتجات وقدرتهم على تقييم المنافع مقارنة بالسعر، بالإضافة الى اختلاف وتنوع متطلبات ورغبات العملاء من السلع والخدمات، كما زادت توقعاتهم وتطلعاتهم المستقبلية فعميل اليوم يرغب في سلعة أو خدمة جيدة بأقل تكلفة ممكنة ليس هذا فحسب وانما يهتم ايضاً بخدمات ما بعد البيع مثل الضمان والصيانة التي تقدمها المنشأة التي يتعامل معها.
وهذا يفرض على نظام التكاليف ضرورة تشخيص مواطن خفض التكلفة في مجالات الانشطة المتعددة وتقديم المعلومات المناسبة في هذ الشأن لتدعيم استراتيجية المنشأة في الحصول على ميزة تنافسية ومن ثم الحصول على اكبر حصة سوقية ممكنة.
(2) الاهتمام بالجودة الشاملة :
يتسم الإنتاج في بيئة التصنيع الحديثة بإنتاج منتجات عالية الجودة أو خالية من العيوب قدر الامكان فلقد فرضت زيادة حدة المنافسة والتغيرات المستمرة في أذواق ومتطلبات العملاء على المنشآت التي تسعى للبقاء وتحقيق النجاح ، ضرورة الاهتمام بما يلي :
• تحسين مستوى جودة المنتجات والخدمات حتى يمكن ارضاء رغبات ومتطلبات العملاء.
• القضاء على الاسراف والضياع في شتى المجالات والانشطة لتخفيض التكلفة مع الحفاظ على مستوى الجودة وتنمية كل جوانب الوفر فى التكلفة، وذلك لمقابلة متطلبات العملاء في الحصول على المنتج بسعر أقل .
• تنويع المنتجات والتجديد والابتكار فيها من خلال التطوير والتحسين المستمر، مع قصر دورة حياة هذه المنتجات ومدة بقائها في الأسواق ، وذلك لمقابلة التنوع في متطلبات العملاء هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لخشية سرعة التقادم لهذه المنتجات أوتراكم المخزون منها اذا تم انتاجها بكميات كبيرة لمدة طويلة دون تغيير أو تطوير.
(3) تغير طرق وأساليب الإنتاج :
لقد حدث تطور وتغير جذري فى طرق وأساليب الإنتاج نتيجة النمو السريع في المنافسة واتساع نطاقها ونتيجة التطوير والابتكار فى التقنيات الحديثة المرتبطة بالآلات المستخدمة في عمليات الإنتاج، والتقدم غير المسبوق في نظم الحاسبات وارتباطها المباشر بعمليات التصنيع ولقد كان لنجاح الصناعات اليابانية، واستخدامها للعديد من نظم التصنيع المتقدمة وتكنولوجيا الإنتاج الحديثة وتفوقها على منافسيها سواء في أوربا أو امريكا ( خصوصاً في بعض الصناعات كصناعة السيارات والالكترونيات) ، اكبر الأثر فى اعادة تقييم طرق وأساليب الإنتاج التقليدية ،كما كان لهذا النجاح الفضل فى حفز ودفع هؤلاء المنافسين إلى السعى الدائم والمتواصل نحو تجديد وابتكار العديد من طرق التصميم والتصنيع الحديثة ولعل أهم مظاهر تغير طرق وأساليب الإنتاج في بيئة التصنيع الحديثة ما يلي :
• الاعتماد بدرجة كبيرة على التشغيل الآلي، وانخفاض نسبة تكلفة العمالة المباشرة الى إجمالي التكاليف، ومن ثم زيادة نسبة التكاليف غير المباشرة في هيكل التكلفة.
• مرونة خطوط الإنتاج التي تتميز بإنتاج عدد من المنتجات المختلفة التي تشترك في بعض الخصائص ، كما تتميز بعدم تأثر تكلفة الوحدة المنتجة بحجم الإنتاج، نظراً لانخفاض وقت تجهيز الآلات ، وسهولة اجراء تعديلات في شكل وتصميم المنتجات.
(4) تعظيم الانجاز وتخفيض المخزون
من الخصائص الأخرى المميزة لبيئة الاعمال الحديثة الاهتمام بزيادة الانجاز الحقيقي المتمثل في زيادة كمية المبيعات خلال الفترة مع تخفيض حجم المخزون بشكل ملموس أو إلى أدنى حد ممكن مع المحافظة في نفس الوقت على جداول تسليم المنتجات والخدمات المقدمة للعملاء ، ولعل الدافع وراء تخفيض المخزون يكمن فيما يلي :
• تخفيض تكلفة رأس المال المستثمر في المخزون وتخفيض التكاليف الأخرى المترتبة على الاحتفاظ بالمخزون مثل ايجار المخازن والتأمين عليها واهلاك معدات التخزين وخسارة الوحدات التالفة والمفقودة.
• تفادي التقادم في المنتجات أوتراكم المخزون منها اذا تم انتاجها بكميات كبيرة لمدة طويلة دون تغيير أو تطوير .
• تسليط الضوء وتكثيف الجهود الإدارية لحل القضايا المرتبطة بأوجه القصور التي يمكن حدوثها في أنشطة التوريد والتصنيع والتسويق والتي يحجبها الاحتفاظ بمستويات عالية من المخزون.
(5) التحسين المستمر
تحولت المنافسة في السنوات الأخيرة من مجرد العمل على تخفيض التكلفة باعتبارها محدداً أساسياً للربحية إلى العمل أيضاً على تقديم منتجات وخدمات ذات قيمة أو منفعة للعملاء والسعى الدائم لتعظيم هذه المنفعة.
ولقد ترتب على نشأة وظهور مفهوم تعظيم المنفعة المقدمة للعملاء ضرورة التخلص من الانشطة غير الضرورية التي لا تضيف قيمة للمنتج أو الخدمة في جميع المجالات المتعلقة بالوظائف المختلفة في سلسلة تحقيق القيمة ، وهذه الانشطة غير الضرورية يمكن الاستغناء عنها دون أن يؤثر ذلك على طريقة الإنتاج أو جودة المنتج وقيمته من وجهة نظر المستهلك ، وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر من الكفاءة والفعالية في سبيل تحقيق الأهداف التي تنشدها المنشأة.
ويتمثل التحسين المستمر في تلك الجهود التى تعمل وبالتدريج لتحقيق بعض التحسينات في أداء العمليات أو تصميم المنتجات أو كليهما معاً ،وذلك حتى يمكن احراز بعض المزايا التنافسية في ذلك السوق دائم التغير.
وفى ظل مناخ التحسين المستمر فإن كل فرد فى المنشأة سواء كان ضمن المستويات الإدارية أو التنفيذية يكون مسئولاً عن جودة وتوقيت وكفاءة وفعالية العمليات والانشطة المؤداة ، مع ملاحظة تركيز الانتباه بصفة اساسية على التدفق المستمر للموارد خلال عمليات تصنيع المنتج أو تقديم الخدمة والتي ينشأ عنها منتجات وخدمات ذات قيمة تقابل متطلبات ورغبات العملاء.
ويهدف التحسين المستمر عموماً الى تحقيق التفوق في المجالات التالية :
• التفوق في التصميم، ويتحقق عن طريق التبسيط فى تصميم المنتجات وتصميم العمليات الإنتاجية، وجودة هذه التصميمات ومطابقتها لرغبات وتطلعات العملاء، والعمل على تحسين التدفق المستمر للإنتاج بدون عطلات أو اسراف.
• التفوق فى التصنيع، ويمكن إحرازه من خلال تحسين مستوى الجودة في التنفيذ، تخفيض مستوى المخزون ، تخفيض أوقات التسليم وسرعة الاستجابة لطلبيات العملاء.
• التفوق في التسويق ، ويمكن الوصول إليه من خلال الفهم الجيد لاحتياجات العملاء وتلبية هذه الاحتياجات في الوقت المناسب ، تقديم الخدمة الجيدة للعملاء وتفهم الشكاوى المقدمة منهم والعمل على تلافيها في المستقبل.
وفي ضوء هذه المستجدات والتغيرات الجذرية السريعة والمتلاحقة التي طرأت على بيئة الاعمال الحديثة تعرضت محاسبة التكاليف للعديد من الانتقادات فيما يتعلق بمدى ملاءمة أساليب واجراءات نظم التكاليف المتبعة في قياس وتحديد التكلفة في ظل المستجدات الحديثة . وبناءً على ذلك بدأت الدعوة إلى تطوير أساليب التكاليف لتلافي مثل هذه الانتقادات والتدعيم المحاسبي للاستراتيجيات الإدارية التي صاحبت التغيرات والمستجدات في بيئة الاعمال الحديثة.
ومن هنا ظهر مفهوم إدارة التكلفة ، ويختلف مفهوم إدارة التكلفة عن مفهوم المحاسبة عن التكلفة، حيث أن عملية إدارة التكلفة تتعدى مجرد حصر وتجميع وتحديد التكلفة وإعداد تقارير التكاليف إلى تحديد كيفية استخدام الموارد بكفاءة وفعالية، ذلك لأن الموارد إذا لم تستخدم بكفاءة في ظل المنافسة الشديدة من خلال إدارة واعية للتكاليف فلن تتحقق الأهداف بعيدة المدى للمنشأة.
كما ظهرت العديد من الأساليب الحديثة فى مجال محاسبة التكاليف لتدعيم نظام ادارة التكلفة منها على سبيل المثال : تحديد التكلفة علي أساس النشاط ، التكلفة المستهدفة، التكلفة الشاملة لدورة حياة المنتج، الخ.
وهكذا اتسع دور محاسبة التكاليف كثيراً فى ظل بيئة الاعمال الحديثة عما كان عليه من قبل .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى