تنمية بشرية

هل تثق بوعيك المالي؟؟؟؟

هل تثق بوعيك المالي؟؟؟؟

هل تظن أنك على قدر جيد من الوعي المالي؟ هل تعرف ما يكفي من الأفكار والمفاهيم الاقتصادية والمالية المهمة لقراراتك اليومية والمصيرية؟ المال ضرورة من الضروريات الخمس في الإسلام. هل تضمن لنفسك الحد الأدنى المقبول من السكن والمأكل والمشرب وتأمين مستقبل الأيام، حتى لو لم تكن موجوداً(لأبنائك)؟ هل تستطيع شق طريقك بوضوح بين التحديات الاقتصادية المتجددة والمعقدة أم أنكتتخبط هنا وهناك وتنتظر أن تأتيك الحلول من أحد ما؟
تُعرَّف الثقافة المالية بأنها القدرة على فهم الأفكار الاقتصادية والمالية اللازمة وإدراكهاالتي تمكّن الشخص من صنع قرارات مسؤولة في حياته، سواء كانت هذه القرارات يومية كإدارة المصاريف أو استراتيجية كخطة التقاعد. واليوم، تدرَّس مواد الاقتصاد والتخطيط الماليالشخصي للطلاب من مراحل مبكرة في عديد من دول العالم. محلياً، لنيتم تحقيق الأهداف التنموية إلا بحيازة الأفرادعلى قدر معتبر من الوعيالمالي والاقتصادي (ضمن مجموعة أكبر من عناصر الوعي المدني)، وهذا من مسؤولية الجميع، أفراداً ومؤسسات.
لكن، لنفترض أن أحدهم لم يقم بدوره في ترويج وبناء هذا النوع من الوعي، هل يعفى الفرد من مسؤولية الحصول على ثقافة مالية كافية؟ لا أعتقد؛ لأنه ليس مسؤولاً أمام مجتمعه فقط، بل هو مسؤول أمام نفسه وأبنائه وأسرته كذلك، التي ستتأثر بسوء إدارته المالية، وقد تصبح في فاقة بسبب تقصيره. يتعامل الفرد مع الأموال والجوانب الاقتصادية في حياته بصفة مستمرة، ويجب عليه أن (يسنّع) نفسه ومن معه دائماً، ليس بالحصول على الأموال بأسرع طريقة (ما قد يخرجه عن الخطوط الأخلاقية الواضحة)، إنما بالتعرف على ما يمكنه معرفته منمعلومات ومهارات تمكنه من التخطيط والإدارة لمداخيله ومصارفه، في يومه حتى نهاية حياته، ولبعض الوقت بعدها كذلك.
ما أسس الوعي والثقافة المالية الشخصية؟ وما الحد الأدنى المطلوب منها؟ سأطرح نبذة عن هذه الأسس باختصار شديد في مجموعتين، هما: المفاهيم والأدوات. وهذا لغرض التبسيط والشرح وإلا فإن مادة الثقافة المالية لن تكون مطروحة بهذه الطريقة دائماً. تشمل المفاهيم مجموعة الأفكار الاقتصادية والمالية الأساسية التي تبين كيفتتحرك النقود حولنا وحول العالم، وكيف يتم توزيع الثروات في المجتمعات، وكيف نستطيع أن نجذبها أو نبعدها عن طريقنا. الحديث في هذا الجانب شائق وممتع ويقع من ضمن أمتع العلوم الإنسانية. تشمل هذه الأفكار نظريات راسخة تتعرض دائما للشك والنقد ومشكلات عويصة لا يستطيع أن يتنبأ أحد بقدومها أو بنهايتها. ليس من المطلوب أن يستمتع كل شخص بهذه المفاهيم أو أن يفهمها فهماً كاملاً لا قصور فيه. لكن، على الأقل، أن يتعرف على وجود وأهميةبعض الأفكار التي تؤثر في حياته مباشرة، كالعرض والطلب أو تأثيرالزمن في النقود. على سبيل المثال، التعرف إلى دور سلوكياتنا الاستهلاكية وكيفية التأثير فيها مؤثر كبير جداً في الوعي المالي وفي حياتنا كذلك.
المجموعة الثانية تخص الأدوات والتطبيقات التي يجب أن نتعرف عليها ونستفيد منها. هي عملياً مجموعة من المواضيع المهمة وبعض المتطلبات الخاصة لإدارةهذه المواضيع. الراتب مثلا طريقتك للحصول على الدخل (أو الاستثمار أو العمل الحر)، كيف تديره وتنميه وتحافظ عليه؟ هناك مجموعة من المهارات والأدوات التي تتطلب الوعي والتخطيط والالتزام لكنها تضمن لك أفضل استغلال لمصادر دخلك. مصاريفك اليومية إما أن تكون طريقك لحياة أفضل أو ثقوبا بشعة في ميزانيتكالشهرية، ولك القرار والتصرف. هل تعرف الفرق بين مصاريفك الثابتة والمتغيّرة؟ هل تعطي مصاريفك القدر الملائم من القيمة؟ أي القيمة الحقيقية التي تضيف لحياتك، ثم تقيّمها على هذا الأساس. نتسع قليلاً على خط الزمن ونرى بُعداً آخر منالتطبيقات، رسوم جامعات الأبناء أو رحلات اللغة في الصيف أو حتى التأمين الصحي للوالدين. وهنا، قد تتطلب هذه المواضيعقراءة على خط الزمن وتقريبا لاحتياج الغد بقيمة اليوم (وهذه أداة مالية أخرى).
أنت تريد تمويل منزلك بالرهن العقاري، ويأتي صديقك ويقول تكلفة الفوائد غير مقنعة، البقاء على الإيجار أفضل! ليس من العدل أن تتأثر هذه القرارات المصيرية بتوجيهات ونصائح عابرة،بل هي تطبيقات فنية مدروسة تتطلب منك المبادرة بالاحتساب أو البحث عمن يحتسب لك، بالريال، كل شيء. أمثلة المواضيع المهمة هنا لاتنتهي، من طريقة مراجعةالمصاريف إلى التخطيط للأهداف المالية، والاستثمار في الأسهم والصناديق، ومتى تؤمّنومتى لا تؤمّن، وسياساتك للبطاقات المصرفية وغير ذلك الكثير.
في النهاية، لا يستطيع أحد أن يقول: يجب أن نعرف كل شيء! لكن كلما تعرفنا إلى المزيد أصبحت قراراتنا أفضل. بعض الأمور لا تتطلب المعرفة الدقيقة، لكن على الأقل يجب مثلاً أن نعرف متى نكون في حاجة إلى مساعدة مستشار أو خبير. الجهل مشكلة، لكن الجهل بأننا في حاجة إلى المساعدة مشكلة عظيمة! كذلك، يمثل هذاالنوع من الوعي جزءا من الوعي الخاص بطلب الرزق وإدارته، وإذا لم يحزه الفرد، سيؤثر حتما في طريقة حياته ومعيشته.وهنا، لن ينفع لوم أحد؛ لأن الفرد هو المتأثر الرئيس أولاً وأخيرا، وإن قصّر الآخرون في مساعدته أو في القيام بواجباتهم تجاهه…..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى