تتعرض حصيلة الجمارك والضرائب على المبيعات المستحقة بالدوائر الجمركية إلى حجم كبير من الإهدار خلال الفترة الماضية
ويتضح ذلك من خلال الرؤية الخاطئة التي يتم وضعها بالنسبة لإجمالي المستهدف من حصيلة تلك الضرائب والرسوم، حيث تعتمد وزارة المالية في طريقة حساب المستهدف من الحصيلة الجمركية سنوياً على المبالغ التي يتم تحصيلها للعام المنتهي، دون الاهتمام بحجم الاعتمادات المستندية المفتوحة التي يقوم بها المستوردون لشراء بضائعهم من الخارج، مما يهدر أضعاف الحصيلة الجمركية المحققة بالفعل سنوياً!!.
وبالنظر إلى خطورة هذا الإهدار أعد ائتلاف رجال جمارك ضد الفساد دراسة حول متوسط حجم الحصيلة المهدرة، وتوصلت الدراسة إلى أن ما يتم إهداره يصل إلى ما يقرب من 60 مليار جنيه!!.. واستندت الدراسة إلى ضرورة احتساب المستهدف من الضرائب الجمركية وما يجب تحصيله فعلا من المنبع، ويتمثل هذا المنبع في الاعتمادات المستندية التي يقوم المستوردون بفتحها لشراء بضائعهم من الخارج، ووفقاً للقوائم المالية الختامية لعام 2014 للبنوك العاملة فى مصر فإن إجمالي ما تم فتحه من اعتمادات مستندية للاستيراد خلال عام 2014 بلغت نحو 59.9 مليار دولار، واحتسبت الدراسة الضريبة الجمركية على أقل متوسط لنسبة الجمارك والتي تبدأ من 30% وحتى 0% للمعفى، وافترضت الدراسة أن المتوسط في أقل تقديراته يمثل نسبة 10%، وبالتالي فإن ما كان يجب تحصيله من الضرائب الجمركية عن عام 2014 هو 5.99 مليار دولار، أي حوالي 44.925 مليار جنيه تقريبا، في حين أن ما تم تحصيله فعلا ووفقا للبيانات الصادرة من وزارة المالية يبلغ 19.69 مليار جنيه، وذلك بنسبة إهدار بلغت 25.235 مليار جنيه، بالإضافة لذلك قيمة ضرائب المبيعات والتي يتم تحصيلها قطعيا من المنبع عند وصول البضائع إلى الدوائر الجمركية والتي يتم حسابها من قيمة الضرائب الجمركية، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة إهدار المال العام في كل من حصيلتي الجمارك والضرائب على المبيعات لعام 2014 الماضي إلى أكثر من 58.04 مليار جنيه.
ووضعت الدراسة رؤية للقضاء على هذا العجز، وأكدت الدراسة أن تحقيق ذلك يتم وفقا للخطوات التي وضعها رئيس المصلحة نفسه عند توليه مهام هذا المنصب والتي من أهمها، تدوير العمالة في مختلف المواقع والاهتمام بالمواقع التنفيذية وسد العجز بها من العاملين، والانتهاء من عمل مناقصة لشراء أجهزة فحص بالأشعة، والقضاء على التهريب بالموانئ وتقنين ووضع ضوابط للترانزيت، والانتهاء من قانون الجمارك الجديد وتغليظ عقوبات التهريب.
وانتقد الائتلاف عدم تنفيذ تلك الإجراءات حتى الآن، وخاصة قانون الجمارك والذي تم الانتهاء منه وعرضه على الغرف التجارية والمجتمع الصناعي لمناقشته، في حين تم حجبه عن العاملين بمصلحة الجمارك، وطالب الائتلاف بضرورة مشاركة العاملين بالجمارك نظراً لأنهم الأكثر علما بأوجه القصور في القانون القديم، كما أنهم الوحيدون الذين ليس لهم مصلحة فيه سوى المصلحة العامة.
وفي هذا الإطار طالب الائتلاف بضرورة تطوير مصلحة الجمارك وتحويلها لهيئة مستقلة والاهتمام بالعالمين بها ماديا واجتماعيا كمشروع قومي، وذلك نظراً لأهمية دور الجمارك ليس فقط باعتبارها قاطرة للاقتصاد الوطني، وإنما تمثل عامل الأمان الأول للحفاظ على صحة المواطنين وأمنهم القومي، خاصة في ظل الأزمة الحالية، التي يتمثل الشق الأكبر بها في كيفية تدبير الأموال اللازمة لتحقيق قفزة اقتصادية وتنموية، مما يفرض على الجهات المعنية بتوفير مصادر الدخل بما فيها مصلحة الجمارك أن تعمل جاهدة لتحقيق أكبر حصيلة ممكنة بما لا يشكل عبئا على المواطن البسيط، وأن يتم تحديد هذه الحصيلة المستهدفة وفقا لأسس علمية لن تأتي إلا مع مشروع تطوير يشمل جميع نواحي العمل في مصلحة الجمارك وليس كما يحدث الآن.