مغبون كثير من الناس في علاقاتهم الاجتماعية لأنهم لا يعرفون كيف يكسبون ود الآخرين وحبهم. فإما أنهم تأثروا ببيئاتهم التي كان فيها نوع من المشاحنة والصراع والأنانية والاستغناء عن الآخر. وإما أن طبع الإنسان أنه غير اجتماعي
لأنه ولد وحيدا ونشأ وحيدا. وإما أنه عانى مصاعب في حياته ولدغ وطعن في دهره فانزوى وانعزل خوفا من تكرار التجربة واجترار الألم. وهذا الإنسان بانزوائه يكون قد أخطأ في حق نفسه وفي حق الآخرين لأن الناس ليسوا سواء. كما أننا في حاجة لنمنح المخطئيبن في حقنا فرصة ثانية تماما كما نحب أن تعطى لنا فرصة أخرى من طرف الذين أخطأنا في حقهم. فما دام الإنسان على قيد الحياة إلا وهو دائم المراجعة للكثير من سلوكه ومعاملاته. ولا أحد يستطيع أن يستغني عن الآخر لأن الناس بعضهم لبعض في الفرح كما في القرح. فمهارة كسب عقول وقلوب الآخرين لا تولد مع الإنسان بل هي شيء مكتسب يحتاج إلى تعلم وتدريب. ومن أهم هذه المهارات هناك الاحترام والتقدير. نحن نحترم الكبير وصاحب المنصب لأنه مهـم. فهل تعرف شخصاً واحداً في العالم يعتقد أنه غير مهم ؟ فإن كنت تعرف واحدا فأرجوك أخبرني لأنني لا أعرف أحدا في كل العالم يعتقد بأنه غير مهم. إذن فأنت تتفق معي أن كل إنسان إلا ويعتقد بأنه مهم وهو يريد أن يتعامل معه على هذا الأساس. ولذك فأول مدخل إلى عقول الناس وقلوبهم هو أن نتعامل معهم على أنهم أناس مهمون. فنحن نتعامل مع الوزراء والأعيان ومديري الإدارات الكبرى والعمال والولاة…بكل ما نقدر أن نقدمه من أدب واحترام وتقدير لأن شعورنا واعتقادنا بأنهم أناس مهمون هو الذي دفع بنا دفعا إلى أن نكون معهم بكامل الاحترام والتقدير.
فالناس كل الناس يحبون هذا التعامل ويريدون منا أن نشعرهم بأهميتهم عندنا. فإن فعلنا ذلك كسبنا ودهم وصداقتهم وحسن استجابتهم وجميل معاملتهم. إننا عندما نتفق مع الشخص الآخر بأنه مهم سوف يتفق معنا في كل شيء. وهذا قانون اجتماعي معروف. لأن الإنسان كلما أشعرناه بتقديرنا واحترامنا وأنه كبير في عيوننا وقد برهنا على ذلك بتعاملنا وسلوكنا إلا ورغب أكثر في أن يتقرب منا وأن يكون في خدمتنا. وحرصه على الحفاظ على هذه العلاقة الجيدة التي تدخل السرور في نفسه يجعله يتفق معنا في كل شيء لأنه في قرارة نفسه يريد لهذه العلاقة أن تدوم وتستمر لأنه يشعر معنا بأهميته وقيمته. نحن في حاجة لنرد الاعتبار لهذه الشيمة الرائعة في تعاملنا ونعمل على غرسها في نفوس الناس أجمعين نساء ورجالا شيبا وشبابا. لأنها شيمة تخلق المودة بين الناس وتمهد الطريق للانسجام وبالتالي تصلح لتكون أرضية للثقة والانطلاق نحو مشاريع تفيد العباد والبلاد.