مال واقتصاد

« المصانع المتعثرة» حائرة بين التصريحات الوردية..والحلول المفقودة

رغم كثرة تصريحات الحكومة والبنك المركزى حول ملف المصانع المتعثرة وإعلان وزارة الصناعة والتجارة منذ عامين عن مبادرة لتعويم القطاع وتخصيص 500 مليون جنيه لإعادة اقراضها إلا أنه حتى هذه اللحظة لم يتجاوز تعامل الحكومة مع هذا الملف حاجز التصريحات.

وبداية اكد اتحاد الجمعيات الاقتصادية التعاونية الإنتاجية ان عدد المتعثرين يتجاوز ٣ آلاف مشروع صغير ومتوسط والف مشروع  كبير تنتشر فى ١٧ محافظة ، مرجعا السبب الحقيقى للتعثر لعدة مشكلات ابرزها الجهات الدائنة خاصة الحكومية مثل التقديرات الجزافية للضرائب وزيادة رسوم الجمارك والتأمينات وتعقيدات روتينية فى استخراج السجل الصناعى ورسومه وتراكم الأقساط والغرامات التأخير وتراجع النشاط الاقتصادى عقب ثورة 25 يناير 2011 وتهالك آلات المصانع وعدم تجديدها منذ سنوات ، ولجوء قلة من أصحاب المصانع لتسريح العمالة  لبيع الأراضى لجنى أرباح سريعة.

من جانبه، أوضح أحمد طه رئيس مركز تحديث الصناعة، أن المركز عقد اجتماعا  مع نائب محافظ البنك المركزى نضال عسر، لبحث آلية تمويل المصانع المتعثرة، انتهى الى الاتفاق بإنشاء صندوق دوار يديره بنك عام، على أن يتم تمويل المصانع وفق دراسة ائتمانية والتأكد من جدوى تعويمها.

وقال مصدر حكومى مطلع إن هناك مقترحين تتم دراستهما حاليا فى مجلس التنمية الاقتصادية، الأول إنشاء صندوق استثمارى جديد يتم تمويله من مخصصات صندوق «تحيا مصر» ليساعد المصانع التى لديها دراسات جدوى تؤكد قدرتها على إعادة التشغيل بحيث يقوم بتقديم قروض ميسرة توجه لشراء الخامات والمعدات اللازمة للإنتاج، على أن يتم إصدار قرار من الحكومة بتأجيل سداد مستحقات الجهات الحكومية لدى المشروعات المتعثرة، والتى يتم تعويمها لمدة عام حتى تتمكن من النهوض من عثرتها، وبعدها يتم عمل جدولة لديون الضرائب والبنوك والجهات الحكومية الأخرى، والاقتراح الثانى  استصدار قرار من البنك المركزى يسمح للبنوك بإقراض المشروعات المتعثرة بضمانة الأرض، لكنه مازال محل تفاوض، مؤكدا السعى  للخروج بأفضل شكل قانونى يحقق الهدف المرجو ويحصل على توافق من جميع الأطراف. 

وأضاف إن الصندوق سيتم تأسيسه بشكل احترافى بحيث يسهم فى تعويم المصانع من خلال ضخ استثمارات جديدة لإعادة تشغيلها، وذلك حسب كل حالة، على أن يسترد هذه المبالغ بفائدة مدعمة، مشيرا الي أن الفائدة سيتم تحديدها بالتنسيق مع البنك المركزى والبنك الذى سيتولى إدارة الصندوق فى ضوء القيمة التى سيتم تحديدها نظير إدارة البنك للصندوق ومخاطر التمويل، مؤكداً أنها لن تصل إلى حدود الفائدة المرتفعة التى تقرض بها البنوك حالياً، والتمويل لن يقتصر على المصانع الكبيرة بل سيتم التركيز فى الأساس على المصانع الصغيرة والمتوسطة.

من جانبه كشف الدكتور ممدوح مختار أحد المستثمرين الصناعيين، عن اقتراح قدم للبنك المركزى يتمثل فى تخصيص 1% من الاحتياطى القانونى للودائع البنكية، لإعادة تمويل المصانع المتعثرة او تخصيص 1% من ارباح البنوك السنوية لتعويم المتعثرين على ان يكون ذلك فى صورة تسهيلات مالية باسعار فائدة ميسرة، لتمويل رأس المال العامل لهذه المصانع، وبدون مغالاة فى الضمانات المطلوبة، خاصة الرهونات العقارية ، مشيرا الي إن أحد أسباب التعثر بالقطاع الصناعى هو القائمة السلبية الممنوع إقراضها، والتى تعرف بـالقائمة السوداء، والتى تضم ليس فقط المقترضين المتعثرين والمتوقفين عن سداد القروض البنكية، وأنما الشركاء المساهمون معهم فى شركات أخرى غير متعثرة، فيما يعرف باسم مبدأ الارتباط، حيث يمنع البنك المركزى البنوك من إقراض هؤلاء الشركاء، وطالب  البنك المركزى بسرعة تفعيل مبادرته لإنقاذ القطاع الصناعى، مع تعليق تطبيق مبدأ الارتباط، بما يسمح بخروج شركاء الشركات المتعثرة من القائمة السوداء الممنوع إقراضها ما دام لا علاقة لهم بقروض شركائهم المتعثرين. 

وكشف مختار عن وجود العديد من العروض لشراء المصانع المتعثرة من شركاء اجانب للاستفادة من الاراضى المقامة عليها تلك المصانع، محذرا من ان تاخير حل مشكلات القطاع سيسهم فى الاسراع بعمليات البيع وخسارتنا لجزء كبير من القاعدة الصناعية لمصر بجانب تفاقم مشكلة البطالة التى نعانى منها حيث يقدر وجود اكثر من 7 ملايين شاب وفتاة يعانون البطالة.

من جانبه قال السيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى : ان البنك لديه لجنة دائمة تقوم بفحص مشاكل وأسباب التعثر لصغار الصناع حيث وجد ان هناك أكثر من سبب للتعثر فهناك من تعثر بسبب مشكلات فى استخراج التراخيص أو لوجود متأخرات ضريبية أو لسوء الإدارة  أو بسبب الدعاوى القضائية المرفوعة من الغير.

وأوضح ان اللجنة تقوم بدراسة الأسباب مع تقديم تقرير تفصيلى بإمكانية تعويم العميل من عدمه فإذا كانت الأسباب تمويلية فإن البنك يقوم بجدولة المديونية وتقسيطها على عدة سنوات مع إعطاء المتعثر فترة سماح قبل السداد كما يقوم البنك بإسقاط الغرامات وفوائد التأخير بنسبة ١٠٠٪ مادام ان العميل المتعثر جادا فى السداد وحل مشاكله.

 وأكد يحيى أبو الفتوح عضو مجلس الإدارة ومدير عام إدارة المخاطر بالبنك الاهلى المصرى ان محفظة القروض للمشروعات الصغيرة وصل حجمها إلى ١٨ مليار جنيه وان نسبة المتعثرين لاتتعدى 6.3 ٪ من حجم المستفيدين من هذه القروض والبالغ عددهم ٤٢ ألف عميل.  

ويؤكد محمد البهى ورئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات ان عدد المصانع المتعثرة يبلغ اكثر من 7 الاف مصنع وهذا الرقم طبقا لما يرد الينا من المدن الصناعية المختلفة ولا يصح ان نكشف هذه المصانع امام الرأى العام لان التعثر بالنسبة لرجال الأعمال أمر مخجل يشبه شهادة الفقر لدى المواطن العادى وربما تسبب له مزيدا من الخسائر وتوقف نشاطه بالكامل خاصة ان اسباب التعثر مختلفة منها عدم العمل بكامل طاقة المصنع او مصانع قائمة وتنتظر ضخ اموالا لاستكمال خطوط الانتاج وتجديد المعدات والآلات واخرى تبحث عن تمويل قصير الاجل لتمويل دورة راس المال العاملة لشراء الخامات ومستلزمات الانتاج ومصانع متوقفة بالكامل نتيجة تعثرها مع البنوك .

واقترح البهى انشاء صندوق للمصانع المتعثرة بقانون خاص يقرض المتعثر بنظام المشاركة بعد اجراء تقييم عادل للمشروع على ان يكون من حق الصندوق التدخل فى الادارة اذا كان هناك انحراف فى الادارة على ان يتخارج بعد فترة زمنية محددة محملا بارباحه ويعاد ضخها فى مشروع اخر بما يطلق عليه «القرض الدوار».

وعلى الجانب الآخر اعترف اللواء اسماعيل جابر رئيس هيئة التنمية الصناعية بان مشكلة المصانع المتعثرة «ليست مشكلته» مشيرا الى ان هذه المصانع تحتاج الى تمويل مالى وعملة اجنبية لاستيراد المواد الخام مطالبا البنوك بمراجعة سياستها المالية خاصة تمويل المشروعات الصناعية.

وقال : ان 7الاف مصنع متعثر «رقم غير صحيح وان عدد المصانع المتعثرة لايتجاوز من 700 الى 800 مصنع طبقا لمن تقدموا للتسجيل فى مركز تحديث الصناعة حينما تم الاعلان عن تخصيص 500 مليون جنيه من الدولة لاقراض المصانع المتعثرة ولكن هذا المشروع لم يتم .

وبدوره اكد المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات ان البنك المركزى لابد ان ينظر الى الوضع الاقتصادى الحالى فيطالب البنوك بتخفيف الضغط على المصانع المتعثرة ولابد ان تقدر البنوك ظروف المصانع وتساعدها باستكمال ضخ اموال لها حتى لاتتعرض لمزيد من الخسائر خاصة وان بعض هذه الظروف كانت خارجة عن ارادة المصانع تماما .

وطالب باتاحة تخصيص الاراضى للمصانع لتكون قابلة للرهن للبنوك حتى تتمكن البنوك من تمويل المصانع بضمان الارض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى