قال البنك الدولي إن معدل النمو الاقتصادي سيتراجع قليلا هذا العام في البلدان النامية بمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، بالرغم من استفادة المنطقة من تراجع
أسعار النفط واستمرار التعافي الاقتصادي في البلدان المتقدمة. جاء ذلك في أحدث إصداراته من نشرة المستجدات الاقتصادية في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ التي صدرت مؤخرا.
ومن المتوقع أن يبلغ معدل النمو في البلدان النامية في شرق آسيا 6.7 في المائة في عامي 2015 و2016 منخفضا قليلا من 6.9 في المائة في 2014. ومن المنتظر أن يتراجع النمو في الصين إلى نحو 7 في المائة في العامين القادمين من 7.4 في المائة في 2014.
وتشير التوقعات إلى أن النمو في بقية البلدان النامية في شرق آسيا سيرتفع نصف نقطة مئوية إلى 5.1 في المائة هذا العام فيما يعزى إلى حد كبير إلى الطلب المحلي -وذلك بفضل تحسن معنويات المستهلكين وتراجع أسعار النفط – في الاقتصادات الكبيرة في جنوب شرق آسيا. وستشهد عدة بلدان أصغر حجما، لاسيما البلدان المصدرة للسلع الأولية مثل منغوليا، تراجع النمو.
وتعليقا على ذلك، قال أكسيل فان تروتسنبرغ نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئٍ ” انه على الرغم من التراجع الطفيف للنمو في منطقة شرق آسيا، فإن المنطقة ستساهم بثلث النمو العالمي، أو مثلي المساهمة المُجمَّعة لكل المناطق النامية الأخرى.
ونوه بان انخفاض أسعار النفط سيعزز الطلب المحلي في معظم البلدان في المنطقة، ويتيح لواضعي السياسات فرصة فريدة لإجراء إصلاحات للمالية العامة من شأنها زيادة العائدات وإعادة توجيه الإنفاق العام نحو مرافق البنية التحتية والاستخدامات الإنتاجية الأخرى. وقد تؤدي هذه الإصلاحات إلى تحسين القدرة التنافسية لمنطقة شرق آسيا، وتساعد المنطقة على الحفاظ على وضعها كقاطرة للنمو الاقتصادي في العالم.”
ولافت الى انه سيعود انخفاض أسعار النفط العالمية بالنفع على معظم البلدان النامية في منطقة شرق آسيا، ولاسيما كمبوديا ولاو والفلبين وتايلند وبلدان جزر المحيط الهادئ. غير أن بلدان المنطقة التي تُعتبَر مُصدِّراً صافياً للوقود، ومنها ماليزيا وبابوا غينيا الجديدة ستشهد تراجع النمو وانخفاض العائدات الحكومية. وفي إندونيسيا سيتوقف الأثر الصافي على النمو على مقدار التراجع في صادراتها من الفحم والغاز.
واوضح ان المُعوِّقات والأوضاع المناوئة التي يواجهها الاقتصاد العالمي تشكل مخاطر على اقتصادات بلدان منطقة شرق آسيا المندمجة في الاقتصاد العالمي. وما زال التعافي في البلدان المرتفعة الدخل بطيئاً ومتفاوتاُ، وسيُضعِف الركود في منطقة اليورو واليابان التجارة العالمية. ومن المحتمل أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وصعود قيمة الدولار الأمريكي
ونوه بانه مع تباين مسارات السياسة النقدية بين البلدان المتقدمة إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وزيادة التقلبات المالية، وانخفاض تدفقات رأس المال إلى منطقة شرق آسيا. وقد يضر استمرار صعود الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخرى أيضا بالبلدان التي تتسم بدرجة عالية من الدولرة مثل كمبوديا وتيمور ليشتي.
ومن جانبه، قال سودهير شيتي رئيس الخبراء الاقتصاديين لمكتب منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بالبنك الدولي “لقد ازدهرت منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ على الرغم من عدم استقرار التعافي العالمي من جراء الأزمة المالية، لكن لا تزال المنطقة تواجه مخاطر كثيرة في الأجلين القصير والطويل. ومفتاح التصدي لهذه المخاطر هو تحسين سياسة المالية العامة. ومع انخفاض أسعار النفط يجب على البلدان سواء أكانت مستوردة أو مصدرة للنفط إصلاح سياستها لتسعير منتجات الطاقة من أجل تبني سياسات للمالية العامة تتسم بقدر أكبر من الاستدامة والإنصاف”.
ويقول التقرير إنه في معظم بلدان منطقة شرق آسيا الأكبر حجما، قد تساعد جهود تعزيز العائدات الحكومية وإعادة هيكلة الإنفاق العام في سد النقص في استثمارات البنية التحتية وتهيئة مزيد من التمويل لبرامج الحماية والتأمينات الاجتماعية، التي تتعرض بالفعل لضغوط وسط ارتفاع أعداد المسنين في المنطقة. وفي البلدان الرئيسية المُصدِّرة للوقود ومنغوليا من الضروري ضبط أوضاع المالية العامة.
ويضيف التقرير أن انخفاض أسعار النفط، على وجه الخصوص، يتيح فرصة للحكومات لخفض دعم أسعار الوقود وزيادة الضرائب على الطاقة. وفي كثير من أنحاء المنطقة، يؤدي دعم الوقود وما يتصل به من تخفيضات أو إعفاءات ضريبية إلى ضغوط على المالية العامة وإضعاف موازين المعاملات الجارية. واتخذت بعض البلدان ومنها إندونيسيا وماليزيا في الآونة الأخيرة خطوات لخفض دعم الوقود، لكن شيتي قال إنه يجب الحفاظ على زخم هذه الإجراءات وتوسيع نطاقها حتى إذا بدأت أسعار النفط في التعافي.