التدريب يصنع الخرافة !
لست مخادعا إلى ما فيه الكفاية ، لذا سأطلب منك تعديل عنوان المقال إلى ( التدريب يصنع ما يُظن أنه خرافة ) ، وهذا يعني أن التدريب والتطوير يصنعان ويحققان ما يظن أنه مستحيل وغير ممكن ، ومهما يكن لدى الإنسان من مواهب وقدرات وملكات ؛ فستظل هذه الأشياء كلها على عظمتها وأهميتها غير ذات جدوى ، ما لم يوجِد الإنسان لنفسه برنامجا تدريبيا تطويريا يحوّل هذه المقدرات من الحياد إلى التفاعل والإيجابية ، ولكن هل هذا الكلام يفهم منه إلغاء دور الموهبة التي تأتي بقدر من الله محض ليس للإنسان فيها أي تدخل ، فالموهوب يولد موهوبا ، ولا أظن أنه ظل يتدرب في بطن أمه على إتقان هذه المهارة . وانأ أقول جازما واثقا أن الموهبة بلا تدريب وتطوير وصقل لا تنفع صاحبها ، وعندي غلبة ظن وربما جزم أن الناس كلهم موهوبون ، وإنما يفترقون بين من صقل موهبته بالتدريب والتطوير ، وبين من أهمل هذه الموهبة وحطمها حتى لم يعد لها فيه أي أثر .
وحتى لا أستمر في الكلام الإنشائي بلا دليل وبينة ، فانظر بنفسك وابحث عن أي شخص من الناجحين المميزين في أي مجال من المجالات – الرياضة – الفن – الإلقاء – التجارة وغيرها… ثم حاول أن تقارن بين بداياتهم المتعثرة وبين ما وصلوا إليه الآن من موهبة وإبداع ، والفضل في هذا يعود بعد الله إلى التدريب والتطوير .
وكشاهد عملي على هذا فلا زلت أتذكر حين بدأت محاولاتي البسيطة والضعيفة في التحدث أمام الناس ، وكيف كنت في وضع لا أحسد عليه ، حيث التلعثم ، والتلكأ ، وارتعاد القدمين ، وتأتأة اللسان ، وكان هذا قبل عشر سنوات ، أما الآن فقد أصبح التحدث أمام الناس من المتع المحببة إلى قلبي ، بل بحمد الله أصبح الكثير من الإخوة الذين يحسنون الظن يأتون إليّ طالبين مني توجيههم بأفضل الطرق للتحدث أمام الناس … وأعتذر للقارئ الكريم عن إقحام تجربتي الشخصية في هذا المقال ولكن نظرا لأهمية الموضوع لم أجد بدا من ذكر تجربة عايشتها بنفسي .
وكما قلت سابقا ، فكلما بحثت في سير وقصص هؤلاء الناجحين المميزين فستجد العجب العجاب ، بين بدايات بسيطة وربما تثير الضحك وبين وضع هؤلاء الناجحين الآن ، حيث فعل التدريب والتطوير فعلته ، وحلّق بهؤلاء الأشخاص عاليا في سماء الإبداع والنجومية .
والسر الذي يخفى على الكثير ممن يتعجبون من هذا التغير الايجابي والفرق النوعي الذي يحدثه التدريب والتطوير هو أن التدريب يرتقي بالموهبة بطريقة بطيئة جدا وخفية ، قد لا يلاحظها المشاهد العادي ، كمثل النبتة التي تسقيها كل يوم ولا تلاحظ أنها تنمو ، ولكنها في الحقيقة تنمو ويزداد حجمها حتى إذا غبت عنها برهة من الزمن وعدت لتلقي نظرة إليها وجدتها شجرة باسقة وارفة الظلال . وهكذا هو أثر التدريب والتطوير ومفعوله في بناء الشخصية وتطوير الذات .
فكن على ثقة تامة من أنك مادمت تتدرب وتجتهد لتطور من نفسك فإنك ولاشك ستنمو وتنهض ، حتى وإن لم تلاحظ أنت ذلك التغير ، فاعقد عزمك من الآن وصمم على تطوير ذاتك ولا تقل لم أستفد شيئا ، وودّ الشيطان ودعاة الكسل والبطالة لو ظفروا منك بذلك !
واعلم أن رحلة التطوير والتدريب لا تضمن لك النجاح إلا إذا استمريت ، وحين تقف ، تقف موهبتك ! فانظر أين تريد أن تقف ؟ والله يضاعف لمن يشاء .
وشحذا لهممنا في التدريب والتطوير فأنقل لكم هذه القصة الواقعية عن أحد المناضلين السياسيين في إحدى الدول ، حيث يقول : حدث انقلاب ضد حكومتنا ، وأودعت السجن ، وأنا في السجن استطعت الحصول على بعض الأوراق وكتبت فيها منشورا يفضح ويندد بهذه المؤامرة ، ولكني لم أكتبه بيدي اليمنى بل كتبته بيدي اليسرى ، وقد تدربت على الكتابة باليد اليسرى منذ فترة ، ولما وقع المنشور في أيدي قوات الأمن توقع الجميع أن كاتبه هو أنا ، فلما دقّقوا في الخط وقارنوه بما كنت أكتبه دائما قالوا كلهم بكل ثقة : هذا ليس خط فلان ! وبهذا نجوت من المصيبة التي كانت ستؤدي بي إلى الإعدام ربما .
والآن ، هل ما زلت متراخيا متوانيا في تطوير قدراتك ؟ ألم تشعر بمدى الحرمان الذي يسببه لك هذا التراخي والكسل ؟ قم الآن وانهض فأنت لها .