منذ بضعت أشهر، حضرت أحد معارض الكتاب وصادفت أحد الروائيين. فتوجه إلي ثم شرع في رواية قصة حياته، استخلصت أن كل ما كان يفعله هو التذمر من الأشخاص ”الفاشلين“ في حياته (حسب تعبيره).
فقد كان يعبر عن استيائه من وكيله الأدبي وناشره. بدى كما لو أنه ليس هناك من يرقى لتوقعاته. حاولت تغيير الموضوع، ولكنه أصر. جعلني الحوار غير مرتاح البتة. في النهاية تحملت بما فيه الكفاية واستأذنت المغادرة. شعرت بأنني كنت فَظَّا بعض الشيء، ولكنني لم أرد الغوص في بحر سلبيته.
وحينما فكرت في الأمر مليا، أدركت مدى التأثير المخرب الذي يقوم به التذمر من الآخرين. فصديقي الكاتب لم يفلح في إقناعي بإساءة الظن بالأشخاص الذين ذكر؛ بل فلح في إقناعي بإساءة الظن به.
يُدرب التذمر دماغك. أتذكر أول مرة اشتريت سيارة كِيَا. لم يسبق لي أن لاحظت سيارات كيا من قبل. ولكن فجأة، بدى كما لو أن هذا النوع من السيارات موجود في كل مكان. يدل هذا على المَبْدَئِ الذي يقول أنك ”ترى من الشيء الذي تلاحظُ الكثيرَ“. فإن ركزت على أخطاء الناس، ستجد الكثير منها.
يجعلك التذمر تعيسا. لم يكن صديقي الكاتب سعيدا. حتى حس دعابته كان نوعا من التهكم والسخرية. كما أنه بدى ساخطا على الوضع. فكان انطباعه سامّا جدا – ويدل هذا على حاجتي للابتعاد عنه. لقد كان معديا!
يبتعد عنك الناس. أحد نتائج التذمر هي أن الأفراد ”الصِّحِّيِّين“ لا يودون البقاء قربك. بل يتجنبونك. وبالتالي، فإنك تفقد عشرات الفرص، على المستوى الاجتماعي والعملي أيضا.
لا يثق الناس بك. قد تكون هذه أحزن النتائج. في الوقت الذي كان صديقي يتذمر من الآخرين، بدأت أتساءل، ماذا يقول عني عندما لا أكون معه؟ حينها قلت لنفسي، لا أثق بهذا الشخص.
بعدما غادرت مجمع صديقي السلبي هذا، صادفت وكيلا أدبيا صديقا، والذي يعتبر أحد الأشخاص الأكثر تفاؤلا وتشجيعا في دائرة زملائي. فأخبرني عن كل النجاحات والتفوقات التي تحدث في حياته الشخصية والعملية.
كلما ذكر شخصا ما إلا وتفاخر بمستواه وعبر عن امتنانه له. لم أكن أريد مغادرة مجمعه أبدا. بدى الأمر كما لو أنه طلى روحي بِبَلْسَمٍ فتركها هادئة ساكنة.
كان صديقي الثاني عكس الأول لدرجة أن أدركت بأنه لهذين الشخصين مقاربات وعقليات مخالفة تماما للحياة. الخبر الجيد هو أنك حتى لو كنت شخصا سلبيا، بإمكانك أن تتغير.
للتذمر من الآخرين القدرة على الإضرار بك في أربعة مناطق.