مرت لجنة معايير المحاسبة الدولية منذ إنشاءها عام 1973 بتحولات يمكن تقسيمها إلى ثلاث فترات :
أولا:الفترة ما بين 1973 و 1992 :
بدأت اللجنة بمجلس إدارة تتكون من عشرة أعضاء هم ممثلي هيئات المحاسبة الوطنية في الدول العشرة المؤسسة لها ، صدر عن اللجنة أول معيار رقم 01 عام1974 موضوعه “الإفصاح عن السياسات المحاسبية” ، وفي عام 1976 تلقت اللجنة أول دعم قوي من المؤسسات الإقتصادية و المالية حيث قررت مجموعة محافظي البنوك المركزية للدول العشر الكبرى التعاون مع اللجنة الدولية و تمويل مشروع تتبناه اللجنة لإصدار معيار محاسبي عن القوائم المالية للبنوك ،هذا الدعم أدى إلى إصدار معيار محاسبي للتقرير المالي في البنوك.
و منذ 1978 بدأت دائرة عضوية اللجنة تتسع بإنظمام العديد من الدول من مختلف القارات،.اعتبارا من عام 1984، بدأت الإهتمامات الدولية بتوحيد و توفيق معايير المحاسبة عالميا ،حيث عقدت عدة مؤتمرات دولية لهذا الغرض نظمتها هيئة تداول الأوراق المالية الأمريكية و منظمة التنمية و التعاون الإقتصادية و الجمعية الدولية للأوراق المالية في هذه المؤتمرات بدأ الحديث عن عولمة أسواق المال و آليات حماية المستثمرين وكذلك عولمة التقريرالمالي.
انضم إلى لجنة معايير المحاسبة الدولية منذ 1986 عدة هيئات و منظمات دولية فاعلة منها:المنظمة الدولية للبورصات العالمية iosco التي كانت المحرك الأساسي وراء إعادة هيكلة اللجنة و تحويلها إلى هيئة دولية متكاملة مستقلة عن الإتحاد الدولي للمحاسبين ، وكما لعبت هذه المنظمة دورا بارزا في توجيه عملية تطوير معايير المحاسبة الدولية و قبولها عالميا.
تواصل الدعم الدولي للجنة بإنضمام مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي( fasb) الذي تأسس سنة 1973 ،كملاحظ و هذا سنة 1988 كما إرتفعت الأصوات في أوربا للمشاركة الفعلية في أنشطة اللجنة الدولية خاصة من طرف جمعية الخبراء الإستشاريين في أوربا fee سنة 1989 و هذا ما تجسد فعليا في انظمام الإتحاد الأوربي إلى اللجنة الإستشارية سنة 1990 .
ثانيا : الفترة ما بعد 1992 :
هذه الفترة من تاريخ لجنة معايير المحاسبة الدولية تتميز ببدء الأنشطة التي ترمي إلى زيادة قبول الهيئات النظامية الدولية و منها المنظمة الدولية للبورصات العالمية لمعايير المحاسبة الدولية .
و كان المعيار رقم 07 :” قائمة التدفقات النقدية” أول معيار تقبله المنظمة و ذلك عام 1993،ليليه قبول “14” معيارا من المعايير التي أصدرتها اللجنة الدولية و ذلك في العام الموالي ،كما إفتكت هذه اللجنة قبول هيئة تداول الأوراق المالية الأمريكية (sec) قبول ثلاثة معايير دولية .
تواصل الدعم للجنة معايير المحاسبة الدولية بقبول مجلس معايير المحاسبة الأمريكي fasb العمل المشترك مع اللجنة على مشروع أرباح الأسهم ووافق البنك الدولي على تمويل مشروعا لإصدار معيار عن المحاسبة الزراعية.
و لم يزل الإهتمام و الإقتناع الدولي يتواصل لتوحيد الممارسات المحاسبية ؛فقد طالب الكونغرس الأمريكي ووزراء التجارة لمنظمة التجارة العالمية و كذا لجنة البورصة الإسترالية سنة 1996 بضرورة العمل على الإنتهاء من المعايير المحاسبية و تقرير المعايير المحلية من المعايير الدولية .
كثفت اللجنة نشاطها التنظيمي و المحاسبي بصورة ملحوظة عام 1997 فقد تم تشكيل فريق عمل الإستراتيجية و تشكيل لجنة دائمة للتفسيرات المحاسبية (sic) و كذلك فريق عمل مع ممثلين من المجالس الوطنية للعمل على مشروع الأدوات المالية و المشتقات ، وفي عام 1998 تجاوز عدد الدول الأعضاء في اللجنة الدولية رقم مائة.
أما التطور المهم في عام 2002 هو صدور القانون الأوروبي يلزم الشركات المقيدة في البورصات الأوروبية بتطبيق معايير المحاسبة الدولية في موعد أقصاه أول جانفي 2005 غير أنه مدد الأجل إلى غاية 2007 للمؤسسات التي تطرح سندات فقط .
كما تعاظمت الثقة في لجنة معايير المحاسبية الدولية بإعلان لجنة بازل الخاصة بالشؤون المصرفية عام 2000 دعمها و قبولها المعايير المحاسبة الدولية و للجهود المبذولة لعولمة المحاسبة ،في نفس العام قبلت منظمة البورصات العالمية ثلاثين (30) معيارا دوليا و سمحت للشركات المقيدة في البورصات العالمية بإستخدامها في التقرير المالي كمتطلب للقيد و التداول خارج حدود موطنها الأصلي .
كما عرف عام 2000 موافقة اللجنة على المعيار (41 ) المحاسبة الزراعية و إدخال تعديلات على المعيارين (12) و( 14) و إصدار إرشادات تفسيرية لمعيار الأدوات المالية رقم (39).
لقد حققت اللجنة معايير المحاسبة الدولية إنجاز كبيرا و إنتشارا عالميا واسعا و مع ذلك فإن الطريقة التي تتم بها صناعة معايير الدولية و كذلك الطريقة التي تتم بها عملية القبول تكشف عن وجود ضعف في الكيان الدولي يخدش سمعته و يضعف قبول المعايير الصادرة عنه، و هذا ما أثمر بإعادة هيكلة لجنة معايير المحاسبة الدولية في سنة 2001 بتأسيس مجلس معايير المحاسبة الدولية iasb في 25 جانفي 2001 طبقا للائحة الصادرة في 24 ماي 2000 .
لقد كان لهذا التغيير عدة أهدافها أهمها :
– تحقيق إستقلالية الهيئة و ذلك بإبعاد عملية صناعة المعايير المحاسبية عن كل الضغوط خاصة من الإتحاد الدولي للمحاسبين و بعض المنظمات المالية العالمية .
– تحقيق هيكل جغرافي عال بحضور مختلف القارات الخمس .
– ممارسة الدور التطويري للمعايير المحاسبية الدولية بدلا من تبني معالجات وطنية و محاولة إكسابها الطابع الدولي .
و منذ 2001 تم إصدار خمس (5) معايير جديدة (ifrs) و هذا إلى غاية سنة 2006 .
لقد عمل مجلس معايير المحاسبية الدولية منذ تأسيسه على وضع خطط لتوفيق المعايير المحاسبية على المستوى الدولي و المحلي و ذلك بالتعاون مع المجالس الوطنية المكلفة بصناعة المعايير المحاسبية المحلية .