تنمية بشرية

التفسير العلمي وراء.. سيظل الشعب العربي دائماً هكذا !

هل بالفعل تستطيع فعل أي شيء؟

على مر سنوات طوال بث مدربين التنمية البشرية وكتب التغيير الموجودة بالأرصفة فكرة “أنك تستطيع فعل أي شيء“، فكرة قد تظن للوهلة الأولى أنها مبتذلة جداً، عالمة النفس كارول دويك للأسف :) على وشك أن تثبت هذه الفكرة ولو قليلاً.

كارول دويك هي عالمة نفس من جامعة ستانفورد، سمعت عن إحدى المدارس الثانوية بشيكاغو يجب على التلاميذ فيها أن يتخطوا عدد من الدورات التعليمية حتى يتخرجوا، وإذا لم يتخطوا دورة تعليمية معينة يحصلوا على درجة “ليس بعد“، لأنه لو حصل الطالب على درجة راسب أو فاشل فسيعتقد ببساطة أنه “لا شيء” ليس كفؤاً لأن ينجح.

أغـرب 10 فلسفــات ربمـا تقــودك إلى الجنــون !
قوة الاعتقاد بأنه يمكنك أن تتطور
العلم وراء “هو الشعب العربي كده!!” (2)

الفرق بين راسب وليس بعد أن راسب تصف الشخص لكن ليس بعد تصف الجهد المبذول.“ليس بعد” تعني أنك بالفعل على منحنى التعلم ولكنك لم تصل لنهايته بعد، تحتاج فقط بعض الجهد الإضافي لتصل إلى قمة هذا المنحنى، هذا الأسلوب في التعليم ألهم كارول لأخذ الخطوة التالية بحياتها المهنية..

قامت كارول بإعطاء أطفال في العاشرة عدداً من المسائل الصعبة قليلاً بالنسبة لمستواهم، البعض منهم تعامل مع الوضع بطريقة إيجابية عجيبة، منهم من قال “أنا أحب التحدي” ومنهم من قال “أتمنى أن أتعلم من هذه المسائل أكثر”، لقد فهموا أن قدراتهم من الممكن أن تتطور، كان لديهم ذاك النوع من ضبط “العقل المترقي“.

أما البعض الآخر فكانت ردود أفعالهم كارثية، محبطة، نابعة من ضبط “العقل الثابت“، فبدلاً من الاستمتاع برفاهية “ليس بعد” رضخوا بالاستسلام لوضعهم الحالي واختاروا عدم المحاولة والتذمر، لكن ماذا فعلوا بعدها..؟

تقول كارول أنه في إحدى الدراسات..التلاميذ أخبروهم صراحة أنهم ربما يغشوا في المرات المقبلة بدلاً من الدراسة بجد إذا فشلوا بالاختبار، في إحدى الدراسات الأخرى بعد فشلهم بالاختبارات وجدوا أن التلاميذ بدأت بالبحث عن شخص حالته أسوء منهم حتى يشعروا بالرضى عن أنفسهم..

دراسة بعد أخرى على الأطفال والبالغين ولمدة عقدين من الزمن استنتجت كارول وفريقها البحثي أنه فقط يوجد حالتين لضبط عقلك، أحدهما ستزيد حالك سوءاً عند التعرض لأي تحديات والأخرى هي ما ستدفعك لتتغير وتنمو أسرع..
العقل الثابت
العقل الثابت

الاعتقاد بأن صفاتك مجرد نحوت بالصخور الحجرية، الاعتقاد بأن ذكائك، قدرتك على الفهم، شخصيتك، أخلاقك هي مجرد أشياء ثابتة بحياتك لا تستطيع تغييرها هو ما يصنع الحاجة الملحة دائماً لإثبات أنك تملك قدراً جيداً من هذه الأشياء، الكثير والكثير من الناس هيئت عقلها بهذا الشكل..

تقول كارول أنها رأت هذا النوع مراراً وتكراراً، وجدتهم في الفصول المدرسية، في حيواتهم المهنية، وفي علاقاتهم الاجتماعية، كل موقف يتعرض له صاحب هذا الضبط من العقل يحتاج منه أن يثبت أنه يمتلك قدرات ممتازة، كالذكاء، والشخصية الودودة، هو عادة يطرح أسئلة مثل هذه لكل تجربة أو موقف يخوضه..

هل سأبدو ذكياً أم غبياً إذا فعلتها؟

هل سأصبح خاسراً أم ناجح؟

هل سأُقبل أم أرفض؟
العقل المترقي
العقل المترقي

على النقيض فإن هذا النوع يجد أنه قدراته الحالية يمكن أن تتطور، يعتقد أن ما يمتلكه الآن هو رصيد البداية..قابل للاستثمار حتى يتحسن حاله، يؤدي هذا الاعتقاد إلى السعي لتحديات جديدة لأنه يعرف أن مع كل تحدي جديد قدراته تنمو وتكبر، مع كل عقبة تواجهه تجد منه مقاومة ولا ييأس بسهولة.

بذل الجهد هو طريقه للاحترافية، يتقبل النقد دائماً بصدر رحب، لأن النقد هو ما يظهر نواقصه التي لا يراها، تجده دائماً يتعلم من نجاحات الآخرين ولا يسخط عليهم..

لكن هل يعتقد أصحاب العقل المترقي أن بإمكان أي أحد مع التعلم الجيد والتحفيز الدائم ممكن أن يصبح مثلاً أينشتاين أو بيتهوفن؟

لا..لكنهم يعتقدون بأن قدرات وإمكانات الشخص الحقيقية غير معروفة أو مكتشفة بعد وأنه من المستحيل توقع ما يمكن إنجازه بعد سنوات من الشغف، الكدح، التدريب والالتزام.روعة العقل المترقي أن صاحبه لا يشعر أبداً أنه يفشل لكنه يراها فرصة للتعلم من الأخطاء.

فلسفة الحدس: لماذا لا يجب عليك الثقة بحدسك واستخدامه مع من حولك؟
امدح المجهود لا الموهبة
المجهود والموهبة

الجيد هنا أنه حتى “العقل الثابت” يمكن أن يتغير، كل الأفكار التي بداخله قابلة لإعادة التشكيل، فمن خلال قراءتك لهذه المقالة فأنت على أول الطريق لتحول ضبط عقلك، فالمذهل هنا أن دويك وغيرها قد طوروا تقنيات تسمى “تداخلات العقل المترقي“، والتي أثبتت أنه حتى التغييرات الصغيرة بالتعبيرات العادية يمكن أن يكون له تأثير كبير ودائم على ضبط العقل.

على سبيل المثال مدح العملية نفسها مثل حل مسألة صعبة “أعجبني مجهودك الذي بذلته لتحل هذه المسألة” مقابل مدح سمة فطرية “أنت بالفعل ذكي” تعمل على تنمية العقل المترقي للشخص بشكل ممتاز، مكافأة العملية تؤيد المجهود المبذول، أما مكافأة الموهبة يعطي إيحاءً بأنه توجد طريقة واحدة للنجاح (أو لا توجد) طبقاً للسمة الفطرية.تم تطبيق هذا المفهوم بأكاديمية خان ووجدوا أن الطلاب يقضون أوقاتاً أكثر للتعلم بعد ظهور رسائل تثني مثابرتهم وتعامل عقولهم كالعضلات.
الإنترنت
رواق

يعتبر الإنترنت حلماً لشخص يمتلك عقلاً مترقي، فمن بين الكثير من مواقع المووك كخان أكاديمي ، كورسيرا، يوديستي، ويوديمي و رواق يوجد إمكانية لا مثيل لها للوصول لمحتوى لا نهائي حتى تساعد عقلك على النمو، لكن ومع ذلك فلن تجد المجتمع يستغل هذه الميزة إلا إذا كان ثقافة العقل المترقي هي السائدة.

فكيف يمكن لنا كعرب أن نستفيد بهذه المصادر المتاحة ونحن لازلنا نتعامل بمبدأ “هو الشعب العربي هكذا دائماً !!“، نتعامل بالعقل الثابت، كأن كل مشاكلنا سببها هويتنا وليس سعينا وجهودنا، صحيح أن الإمكانات قليلة ولكن هذا لا يمنع التغيير، يوجد دائماً طرق وحلول مبتكرة، فماذا لو حاولنا تغيير هذه المفاهيم بمجتمعاتنا ، ربينا هذه الأسس بالأطفال بمكافأة المجهود لا الموهبة، عززنا ثقافة العقل المترقي بمراحل التعليم.

هذا أكبر كثيراً من مجرد قراءة مقال، هذا يحتاج التطبيق عندما تدير فريقك بالعمل، عندما تتعلم لغة جديدة، تربي أطفالك، لو أعدنا ضبط عقولنا فإنه لا حدود لما قد نصل إليه ليس كعرب ولكن كأناس لا ينقصنا شيء كي نبدأ بالتقدم والتغيير سوى المجهود وبذل الأنفس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى