ان التطور في الاتصالات وما ترتب عليه من أنتقال الثقافات وتبادل المعلومات جعل العميل يسعى للحصول على الخدمات الأفضل في مستوى الجودة ليس على أساس المعروض أمامه منها محليا فقط ولكن المتاح عالمياً، ومن ثم تسعى
جميع المنشآت الإنتاجية والخدمية ومنها المنشآت المصرفية إلى تقديم الخدمات بمستوى عال من الجودة عن طريق تصميم وتحسين نظام الجودة لما يحققه هذا النظام من مزايا عديدة في رفع مستوى الخدمات المقدمة وزيادة الربح وتخفيض التكاليف وزيادة فرصة المنافسة حتى تصل المنشآت لأعلى أداء في تأدية خدماتها.
وهذا يتطلب منهج واضح لمراجعة هذا النظام من قبل نظام الرقابة الداخلية للتأكد من سلامة وكفاءة تطبيق نظام الجودة الشاملة ومدى استفادة المنشأة من النظام في النواحي الخاصة بتحسين الخدمات والمنتجات من خلال مجموعة من الإجراءات المكتوبة وقوائم المراجعة وفي ضوء المواصفات القياسية لمراجعة الجودة.
ومن خلال هذا البحث يمكن لفت نظر المنشآت بوجه عام والمنشآت المصرفية بوجه خاصة إلى أهمية تطوير نظام الرقابة الداخلية والدور الذي تقوم به في اختبار وفحص نظام الجودة الشاملة للخدمات المصرفية والتأكد من كفاءة تطبيقه.
إن نجاح تطبيق نظام الجودة الشاملة في جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية أدى إلى اتجاه كثير من البنوك إلى تطبيق هذا النظام لتحقيق الأهداف التالية:
– زيادة رضا العميل عن الخدمة المصرفية من خلال تحقيق متطلباته وتوقعاته الحالية والمستقبلية .
– زيادة الحصة السوقية للبنك من خلال مواجهة المنافسة الشديدة في السوق المصرفية.
– تحقيق الكفاءة والفاعلية في أداء الأنشطة والعمليات المصرفية مما يؤدي إلى تقديم خدمات مصرفية ذات جودة مرتفعة.
– الاتجاه إلى تخفيض تكلفة الخدمة المصرفية من خلال خفض نسبة فقد العملاء والعمل على اجتذاب عملاء جدد مما يؤدي إلى زيادة الأرباح.
وبالرغم من الأهمية السابقة للجودة إلا أنه وجد زيادة في عدد الشكاوي بين العملاء وهذا يرفع السؤال إلى أهمية الدور الذي يقوم به نظام الرقابة الداخلية لتقييم نظام الجودة الشاملة من حيث الإجراءات والعمليات والأنشطة المختلفة للتأكد من مدى سلامة وكفاءة تطبيق النظام وعما إذا كانت المنشآت تستفيد من هذا النظام في النواحي التجارية الخاصة بها ومدى سلامة ودقة المعلومات والبيانات المتعلقة بأنشطة الجودة الشاملة ومدى مطابقة الأداء للقواعد المحددة مسبقا، مع الأخذ في الاعتبار بعض الخصائص الخاصة بالخدمات التي تجعلها تختلف عن المنتجات المادية كما يلي:
– فهي لا يمكن تخزينها أو استخدامها في وقت لاحق مما يصعب الرقابة على العناصر التي تؤثر في جودتها.
– ذات طبيعة غير ملموسة فلا يمكن وضع معايير لقياسها أو التحقق منها فهي توقع منفرد من العميل.
كما يجب الأخذ في الاعتبار بعض العوامل الخاصة بقطاع البنوك كما يلي:
– الحجم الكبير للعمليات والمعاملات المالية التي تغطي احتياجات جميع أفراد المجتمع وكثرة هذه العمليات تزيد من احتمال عدم أدائها بالجودة المطلوبة.
– امتداد خدمات البنوك إلى مناطق جغرافية واسعة عن طريق الفروع المنتشرة للبنك الواحد مما يصعب تحديد مستوى أداء الخدمة.
– قصر مدة تنفيذ العمليات البنكية مثل التحويلات وغيرها من الأنشطة الوظيفية التي يصعب قياس وتحديد الجودة الخدمية لها.
ومن منطلق ذلك يجب إعادة النظر في النظام الحالي للرقابة الداخلية والطبق في البنوك التجارية لمعرفة مدى كفاءته وفاعليته وأية متطلبات ضرورية للحصول على التأكيد المعقول عن مدى تحقيق الأهداف المخططة من تطبيق نظام الجودة الشاملة، ومدى مطابقة تنفيذ نظام الجودة الشاملة للقواعد المحددة مسبقاً.
وهذا لن يتحقق إلا من خلال الاهتمام بالعنصر البشري المتمثل في المراجع الداخلي الذي يجب تنمية مهاراته حتى يستطيع أداء برنامج المراجعة الذي أعد وفقا لمعايير مراجعة الجودة، والعنصر الثاني: المتمثل في العاملين في البنوك من خلال مشاركتهم في الرقابة باستخدام أساليب الرقابة الحديثة مثل التقييم الذاتي الذي يدعم ويحفز الأفراد للشعور بأن الرقابة هي مسئولية كل فرد وهي لازمة لتحقيق أهداف المنشأة.