اعداد محاسب

الصورة التي تنم بها المرابحة وأساليب تطبيقها في البنوك الإسلامية

لقد سبقت الإشارة إلى أن الفقه الإسلامي قديماً عرف صورتين للمرابحة هما الصورة العامة وصورة بيع المرابحة للآمر بالشراء، وبالنظر في التطبيق المعاصر نجد أن الصورة الأولى والتي يسبق العرض فيها الطلب نادرة الحدوث، كما أفادت بذلك البنوك في إجاباتها على أسئلة استمارة الاستقصاء، ويقف وراء هذه الندرة عدة أسباب منها:

1ـ أن السلع تتعدد ويوجد تخصص التجارة ولا يعقل أن يتخصص البنك الإسلامي في سلعة معينة، وإلا لكان بذلك يضيق من دائرة نشاطه، كما لا يمكن اقتصادياً شراء جميع السلع وعرضها انتظاراً لطلبها لما يصاحب ذلك من تكاليف ومجهودات كبيرة لدراسة الأسواق، ولوجود مخاطر كبيرة تتمثل في عدم القدرة على تصريف البضاعة وتعطيل جزء من أمواله في المخزون السلعي.
2ـ أنه لا توجد لدى البنك قدرة تخزينية لاستيعاب السلع التي يشتريها انتظاراً لبيعها مرابحة.
3ـ عدم وجود الكفاءات البشرية المطلية لتنفيذ هذه الصورة والتي يلزم أن تكون متخصصة في عمليات التسويق شراء وبيعاً.

لذلك فإن الصورة الأخرى “بيع المرابحة للآمر بالشراء” هي التي تلقى قبولاً في التطبيق العملي كما أفادت بذلك كل البنوك التي وردت على أسئلتنا، وهذه الصورة تقوم بالطبع على الفكرة الأصلية للصورة العامة حيث يقوم المصرف ببيع ما اشتراه مرابحة وإن كان يسبق ذلك طلب من المشتري أي أن الطلب فيها يسبق العرض بما يضمن معه البنك من تصرف السلع التي يشتريها.

وبالنظر في الإطار التطبيقي لهذه الصورة كما تحدث في البنوك الإسلامية نجد أنها تطبق بعدة أساليب هي:

الأسلوب الأول:

كيفية أن يتقدم العميل للبنك بطلب شراء سلعة معينة يحدد أوصافها ويقوم المصرف بالحصول عليها بطريقته من أي مصدر ثم يبيعها مرابحة لطالبها.

الأسلوب الثاني:

وكيفية أن يتقدم العميل للمصرف بطلب شراء سلعة معينة يحدد أوصافها ومصدر توريدها وكل البيانات المتعلقة بها ويقوم المصرف بشرائها بعينها من نفس المصدر وبيعها مرابحة لطالبها.

وهذان الأسلوبان يطبقان في البنوك الإسلامية وهما جائزان شرعاً كما يقرر بذلك الإمام الشافعي في القول السابق سواء حدد العميل سلعة بعينها أو حدد أوصافها.

الأسلوب الثالث:

ويحدث في حالة السلع المستوردة والمصرف يكون في دولة تحكمها قوانين وقرارات استيراد، حيث يحدد لكل مستورد في الدولة حصة معينة للاستيراد وتصدر له رخصة بذلك فيتقدم المستورد بطلب إلى البنك ليقوم باستيراد السلعة وبيعها لمرابحة، وبما أن رخصة الاستيراد تكون باسم المستورد وأنه في بيع المرابحة لابد أن تكون السلعة في ملك البنك أولاً حتى يمكنه بيعها مرابحة، وحلاً لذلك فإنه في هذه الحالة يتم تطبيق بيع المرابحة بأي من الطريقتين بحسب ما تسمح به قوانين الدول التي توجد بها البنوك.

الطريقة الأولى: أن يقوم العميل المشتري مرابحة بالتنازل عن رخصة الاستيراد للبنك حتى يمكنه شراء السلعة باسمه ثم يبيعها مرابحة وهذا ما يتم على سبيل المثال في البنوك الإسلامية العاملة بالسودان.

الطريقة الثانية: أن تستخدم الموافقات أو الرخص الاستيرادية للعملاء لإتمام عملية الاستيراد وترد سندات الشحن باسم المصرف ويتم تظهيرها تظهيراً ناقلاً للملكية باسم العميل ويتم إبرام عقد البيع مرابحة معه وبذلك تدخل البضاعة إلى الدولة باسم المستورد، وهذا يحدث في بنك فيصل المصري حيث أن قوانين الاستيراد في مصر تخطر على غير المصرين الاستيراد وبنك فيصل يعتبر من المصارف المشتركة لأن به مساهمين أجانب.

وتجدر الإشارة إلى أنه لو كان للبنك الحق في الاستيراد فإن العملية تدخل في نطاق الأسلوب الثاني.

الأسلوب الرابع:

ويمكنه تسميته بأسلوب توكيل البائع أو المورد في إجراءات عملية البيع مرابحة نيابة عن البنك، وكيفية كما ورد في جواب المستشار الشرعي للبنك الإسلامي الأردني رد على مدى شرعية هذا الأسلوب في إجراء عمليات المرابحة، أن يتولى البنك اختيار البائعين وتحديد سقف لمعاملاتهم مع البنك في حدود مبلغ معين على أن يتقدم المشتري بطلب شراء للبنك، فيطلب من البائع عرض أسعار للتحقيق من مطابقة الشروط ثم يشتري البنك البضاعة من البائع بموجب فاتورة صادرة باسمه ويتولى البائع بطريق الوكالة تنظيم عقود البيع مرابحة واستلام الدفعة الأولى وتنظيم الكمبيالات وكفالتها ثم يقدم البائع مستندات العملية للبنك الذي يدفع له قيمتها.

وقد أجاب المستشار باعتماد هذا الأسلوب .

الأسلوب الخامس:

ويمكن أن نطلق عليه أسلوب توكيل المشتري مرابحة في إجراءات عملية البيع مرابحة عن البنك، وكيفية كما ورد في ندوة البركة بالمدينة المنورة أن يطلب شخص من البنك شراء سلعة معينة لبيعها له مرابحة فيتفق معه البنك على توكيله في عملية الشراء ثم توكيله ثانية في بيعها لنفسه مرابحة، وقريباً من ذلك ما ذكره أحد أعضاء الندوة فيما وجده مطبقاً في بعض البنوك بأن يحضر شخص للبنك ويطلب منه شراء سلعة معينة ليشتريها من البنك مرابحة، فيقوم البنك بإعطائه شيكات بالمبلغ لشرائها بنفسه وأخذها مرابحة. وفي رأينا فإن هذا الأسلوب بشقيه (توكيل أو بدون توكيل) غير سليم للأتي:

1ـ أنه لا يجوز في عقود المعاوضات ومنها البيع أن يتولى شخص واحد تولى العقد عن الجانبين ولذلك لم يجر أن يكون الشخص الواحد وكيلاً عن الجانبين في البيع وأشباهه ، وبالتالي فإنه وإن … توكيل المشتري مرابحة في إجراء الشراء الأول فلا يصح توكيله في البيع لنفسه مرابحة.
2ـ أن في هذا الأسلوب شبهة التحايل لمعاملة ربوية حيث قد يكون هناك سلعة بالمرة وإنما تتم العملية صورياً لحصول العميل على مبلغ الصفقة حالاً ورده آجلاً، بزيادة وذكر السلعة بينهما لتغطية العملية.

لذلك فإننا ندعو … الإسلامية إلى الامتناع عن هذا الأسلوب الذي يخالف الشريعة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى