بالرغم من أنني عادة ما أرسل عدة آلاف من الكلمات في الأسبوع، نادرا ما كنت أثبت على تدوين أحداث اليوم. حاولت. لكن الحفاظ على مُذَكِّرَة يَوْمِيَّة لم يكن مناسبا لي.
حتى وقت قريب…
بين زمرة من الأصدقاء، قضيت الأسبوعين الماضيين في جبال أقشور (المنتمية لمحمية تلسمطان) على حافة بحيرة جميلة.
عند عودتنا، تحداني أحد الأصدقاء بالحفاظ على مذكِّرة يوميَّة. قلبت عيني بسخرية، ولكن وافقت في النهاية على أن أحاول؛ وقد نسيت مقالا كتبته عن الفرق الشاسع بين المحاولة والفعل.
حتى الآن، قد كتبت يوميا لمدة اثني عشر يوما على التوالي. لقد فاجأت كلا منا.
إليك كيف أعمل على مذكرتي في هذا الإطار:
أستيقظ في حوالي الساعة 5:00 صباحا (نعم حتى في أيام العطل، لا أستطيع منع نفسي)
أقرأ آيات من الذِّكر الحكيم، ثم أحتسي كوبَ قهوة
عندما أنتهي، آخذ مذكرتي وأذهب إلى المقهى المفضل لدي
ثم أجلس في هدوء لمدة 15 دقيقة. لا أتكلم.. لا أكتب.. ولا أفعل شيئا. بدلا من ذلك، أحتضن يومي بفرح، أحمد الحقَّ سبحانه وأتوجه إليه بالدعاء. آخذ وقتي فقط لأعرف ماهيتي
وأخيرا، أفتح يوميتي، ثم أشرع في الكتابة. ليس للنص الذي أكتبه أية بنية أو نظام. لا أعدِّله، بل أبقيه كما هو. فالهدف من كل هذا أن أخرج ما بداخلي. أكتب لمدة عشرين إلى ثلاثين دقيقة
قد أكتب عما قرأت في القرآن الكريم، أو حلم عشته ليلة أمس، تجربة عشتها البارحة، أو هدف أود تحقيقه اليوم. تارة أتحدث عن موضوع معين؛ وتارة أخرى عن أربعة أو خمسة مواضيع
المهم هو أنني أكتب لنفسي وليس لجمهور. وقد وجدت هذه التجربة جد محررة ومرضية للغاية. وما أدهشني، هو أنني أكتب خمسمائة إلى ألف كلمة في اليوم دون عناء.
التجارب التي نعيشها ليست مهمة بقدر المعنى الذي نخصصه لها. تسجيل اليوميات يساعد في حل هذه المسألة. — عماد كماح
لو وجب علي تلخيص الأمر، لقلت أن التدوين في مذكتري وفر لي سبع فوائد. فقد مكنتني من:
معالجة الأحداث السابقة. ما يحدث لي ليس مهما بقدر المعنى الذي أربطه به. التدوين بمذكرتي يساعدني على فرز تجاربي وعلى التفسير المقصود
1. توضيح تفكيري. فالكتابة، بشكل عام، تساعدني على تفكيك وتصنيف أفكاري. واليومية قد أخذته إلى مُستوى جديد كُلياً. لأنني ماعدت أمارس تفكيري أمام “جمهور مباشر”، إن صح التعبير، بل يمكنني أن أتصارع مع القضايا بشكل فعَّال
2. فهم سياق حياتي. فعصر السرعة الذي نعيش فيه قد يمنعنا من التوقف والتأمل: “أين أنا في الصورة الكبيرة؟” يساعدني التدوين في التمييز بين الغابة والأشجار
3. ملاحظة مشاعري. حقا المشاعر ليست كلَّ شيء، لكنها أيضا ليست لا شيء. كلما كبرت، كلما حاولت الإهتمام بها أكثر. فالمشاعر غالبا ما تكون مؤشرا مبكرا على خطر مهدِّد
4.التواصل مع ماهيتي الحقيقية. بعضنا يفضل سرد تفاصيل حياته على شخص قريب، والبعض الاخر ينطوي على نفسه فيلتجئ إلى المسلسلات والسكيتشات الكوميدية كي ينسى حياته المملة أو المحزنة. تجربتي في مجال التنمية الذاتية أفادتني في هذا السياق. من أراد العلى، واجه مشاكله بطرح الأسئلة المناسبة. عندما أحكي تفاصيل يومي أو مشاريعي المستقبلية، أربط الفاصل بين عقلي وقلبي محققا توازنا جوهريا
5. تسجيل الدروس الهامة. أنا طالب أَفضَل عندما أسجل الملاحظات. الكتابة تؤدي إلى فهمٍ أعمق للأشياء. عندما أكون بصدد تعلم شيء جديد، ينتابني شعور غريب بكتابة ما تعلمته، كي لا أعيد تعلمه في وقت لاحق
6. طرح الأسئلة الهامة. فالمذكرة ليست بخزان للدروس فقط، بل للأسئلة التي أطرحها أيضا. إن كان هنالك شيء واحد إكتشفته فهو: قيمة أسئلتي تحدد قيمة أجوبتي
هل سألتزم بهذا الأمر بعد العطلة؟ سنرى مع الوقت. أتمنى ذلك بالتأكيد. حتى الأن، الكتابة في مذكرتي أصبحت من بين أفضل تمارين التنمية الذاتية التي مارستها منذ فترة طويلة جدا
سؤال: هل لديك مدونة؟ هل تكتب فيها؟ ماهي الفائدة الأساسية بالنسبة لك؟