“أحرزت عملية وضع معايير المحاسبة الدولية في السنوات القليلة الفائتة عدداً من النجاحات في تحقيق اعتراف واستخدام أكبر للمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية. وحيث أن الاتحاد الأوروبي أصدر في العام 2002 تشريعاً يقتضي
من الشركات المدرجة في أوروبا تطبيق المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية في بياناتها المالية الموحدة. وأصبح التشريع نافذ المفعول في العام 2005، ويطبق على أكثر من 7000 شركة في 28 بلداً، وتعني عملية تبني المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية في أوروبا أن تحل محل معايير ومتطلبات المحاسبة الوطنية كأساس لإعداد وعرض البيانات المالية الجماعية للشركات المدرجة في أوروبا. وكذلك هناك بلدان عديدة خارج أوروبا تتجه نحو تبني المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية ، ففي العام 2005 أصبحت هذه المعايير إلزامية في بلدان عديدة في جنوب شرق أسيا وأسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا والشرق الأوسط وبلدان الكاريبي” ، يضاف إلى ذلك بلدان أخرى كانت قد تبنت معايير وطنية تعكس المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية مثل استراليا وهونغ كونغ، وقدر أكثر من 70 بلداً طلبت من شركاتها المدرجة تطبيق المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية عند إعدادها وعرضها للبيانات المالية في العام 2005. والجدير ذكره أن الأردن من أوائل الدول العربية التي طبقت المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية. وإن أكثر الاستثناءات المتبقية فيما يخص الاعتراف العالمي بالمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية هي الولايات المتحدة واليابان وكندا، وذلك طبقاً لمعايير حجم أسواقها الرأسمالية، إذ لا يزال يُطلب من الشركات في هذه البلدان إتباع معايير محاسبة محلية .
إن محاولات وضع معايير على المستوى الدولي قد بدأت مع بدايات القرن الحالي حيث عقد المؤتمر المحاسبي الأول عام 1904 في سانت لويس في الولايات المتحدة برعاية إتحاد المحاسبين القانونيين، وكان محور المؤتمر يدور حول إمكانية توحيد القوانين المحاسبية بين الدول.
أما المؤتمر المحاسبي الدولي الثالث فقد عقد في نيويورك حيث قدمت فيه ثلاث أبحاث رئيسية هي: الاستهلاك المستمر، الاستهلاك وإعادة التقويم، السنة التجارية أو الطبيعية. وتوالى انعقاد هذه المؤتمرات كل خمس سنوات مرة. وقد أسفرت هذه المؤتمرات التي كانت نتيجة للضغوط المتزايدة من مستخدمي القوائم المالية من مساهمين ومستثمرين ودائنين ونقابات واتحادات تجارية ومنظمات دولية وأجهزه حكومية عن تشكيل عدة منظمات استهدفت وضع المعايير الدولية وتهيئة المناخ اللازم لتطبيق هذه المعايير وأهم هذه المنظمات :
– لجنة معايير المحاسبة الدولية (iasc).
– الاتحاد الدولي للمحاسبين (ifac).
– لجنة ممارسة التدقيق الدولي (iapc).
وتالياً نقدم نبذة موجزة عن هذه المنظمات ومنها لجنة معايير المحاسبة الدولية.(iasc):
كانت لجنة معايير المحاسبة الدولية منذ العام 1973 وحتى العام 2001 الهيئة المسئولة عن وضع المعايير الدولية. وإن أهم أهداف هذه اللجنة هو حث واضعي معايير المحاسبة الوطنية حول العالم على تحسين وتوحيد معايير المحاسبة الوطنية، ولقد كان دائماً يربط هذه اللجنة مع المحاسبة الدولية علاقة خاصة، وقد تم إنشاء لجنة معايير المحاسبة الدولية في العام 1973 من خلال الاتفاق بين هيئات المحاسبة المهنية في تسع بلدان، ومنذ العام 1982 تكونت عضويتها من جميع هيئات المحاسبة المهنية التي كانت أعضاء في الإتحاد الدولي للمحاسبين، أي أكثر من 100 بلد. “وفي عام 1989 قامت لجنة معايير المحاسبة الدولية بوضع ونشر الإطار المفاهيمي لإعداد وعرض القوائم المالية وتم في العام 2001 تعديل هذا الإطار من قبل مجلس معايير المحاسبة الدولية(iasb). يشكل الإطار ألمفاهيمي الإطار العام الذي يسترشد به مجلس معايير المحاسبة الدولية في عملية إصدار معايير جديدة وفي عملية إجراء تعديلات على المعايير الموجودة حالياً، وفي عملية معالجة أي من الموضوعات المحاسبية التي لم يتم تغطيتها بشكل مباشر في معايير المحاسبة الدولية الحالية” .
– الاتحاد الدولي للمحاسبين(ifac).
تتبنى العديد من دول العالم معايير المحاسبة الدولية لعدم وجود معايير محلية كمعايير وطنية، والبعض الأخر يتبع معايير محاسبية تستند إلى معايير المحاسبة الدولية، هذا بالإضافة إلى أن عدد كبير من الشركات الكبرى متعددة الجنسيات تعتمد هذه المعايير، ويزيد عدد الدول المشتركة في الاتحاد الدولي للمحاسبين عن 100 دولة. ولذلك فإن معايير المحاسبة الدولية تٌطبق بشكل أكبر من المعايير الأخرى، حيث باتت أكثر انتشاراً في مختلف دول العالم، مما دفع الاتحاد الأوروبي واستراليا وعدد من الدول الأخرى على إتباعها لمواكبة عملية التناغم المحاسبي في العالم، وتم تحديد العام 2005 كموعد للتطبيق. إن معايير المحاسبة الدولية تعتمد على المبادئ والمفاهيم، في حين أن معايير المحاسبة الأمريكية تعتمد على القواعد والأحكام، ولا تركز كثيراً على موضوع الجوهر فوق الشكل الذي تتبناه المعايير الدولية.
“تأسس الاتحاد الدولي للمحاسبين في أكتوبر 1977 م، بموجب اتفاقية تمت بين 63 منظمة مهنية محاسبية من 49 دولة من دول العالم. ويهدف إلى تطوير ودعم مهنة مراجعة الحسابات ورفع درجة توحيد ممارسة المهنة من خلال إصدار أصول المراجعة الدولية. وفي سنة 1982م أصبح الاتحاد يختص بمهنة المراجعة ويصدر عنة أصول المراجعة الدولية(isa) وفي المقابل ترك أمر إصدار المعايير المحاسبية الدولية إلى لجنة معايير المحاسبة الدولية والتي أصبحت فيما بعد مجلس معايير المحاسبة الدولية.
لجنة ممارسة التدقيق الدولي (iapc):
تمت الاشاره سابقاً إلى لجنة معايير المحاسبة الدولية والتي كانت مسئولة عن وضع المعايير المحاسبية الدولية خلال الفترة 1973 – 2001، حيث انتهت هذه المرحلة وتم إنشاء مجلس معايير المحاسبة الدولية ليحل محل لجنة معايير المحاسبة الدولية، وتم إجراء إعادة هيكلة وجرى إعادة النظر في البنية التحتية للجنة معايير المحاسبة الدولية من اجل تقويتها والنهوض بمستوى الانجاز فيها، وأصبح التمثيل في المجالس واللجان يعتمد على الكفاءة والخبرة وليس على أساس التمثيل الجغرافي كما كان متبع في لجنة معايير المحاسبة الدولية، وأصبح الأعضاء في المجالس واللجان يعملون بتفرغ كامل. واشتملت عملية إعادة الهيكلة على إعادة هيكلة البنية التحتية بما فيها مجلس الإدارة ومجلس الأمناء، وتشكيل مجلس استشاري للمعايير، وضع دستور جديد واخيراً تسجيل اللجنة كمؤسسة غير هادفة للربح في أمريكا وتسجيل مجلس المعايير في لندن.
وتميزت هذه المرحلة بموافقة الهيئة العالمية المشرفة على الأسواق المالية في عام 2000 على قبول البيانات المالية المعدة وفقاً للمعايير المحاسبية الدولية، وفرضت شروطاً أخرى مثل إظهار معلومات إضافية تبين مدى تأثير هذه المعلومات وإفصاح إضافي وأخيرا تفسير الاختلافات.
إن التطورات في التجارة العالمية من شأنها أن تؤدي إلى موجه جديدة من تخفيف القواعد والإجراءات وإصلاح الاقتصاديات المحلية. وإن الطلب على رؤوس أموال الأعمال التي يتوقع لها النمو من أسواق رأس المال الرئيسية تعتمد على توافق مبادئ المحاسبة العامة المحلية ومعايير المحاسبة الدولية. وهم أيضاً سيحتاجون إلى إيجاد توافق بين أسلوبهم المحلي في تطبيق معايير المحاسبة الدولية وبين معايير المحاسبة العامة الأمريكية وهي المعايير المعمول بها في إعداد التقارير المالية في أسواق رأس المال الرئيسية في العالم.