أهداف المصاريف الإسلامية: إن الهدف الأسمى لأي عمل العبادات والمعاملات في إطار المنظومة الإسلامية هو ابتغاء مرضاة الله، فأي عمل إذا تحررت فيه النية وخلص القصد تحقق فيه معنى العبادة، سواء كان النفع للفرد والمجتمع .
وفي هذا يقول عزّ وجلّ: « قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (165) لا شريك له، وبذالك أمرت وأنا أول المسلمين » ويقول كذلك: « وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ الله لا يحب المفسدين » .
ويتفرع من هذا الهدف أهداف أخرى تخدمه وينطبق هذا القول على المصارف الإسلامية التي يمكن أن يحصر أهدافها في النقاط التالية:
* تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات الاقتصادية.
* المساهمة في التنمية الاقتصادية للمجتمعات الإسلامية.
* المساهمة في التنمية الاجتماعية.
* نشر الثراث الإسلامي في مجال فقه المعاملات المالية الإسلامية.
وسوف نتطرق لهذه الأهداف كما يلي وبالإيجاز:
I- تطبيق الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات الاقتصادية:
يعتبر من أهم أهداف المصارف الإسلامية وبه يكون أو لا يكون المصرف الإسلامي وهناك كثير من الخدمات المصرفية والاستثمارية التي يستطيع المصرف أن يقدمها وفقا للشريعة الإسلامية وعلى سبيل المثال وليس الحصر:
1/ فتح الحسابات الجارية.
2/ فتح حسابات التوفير الاستثماري وحسابات الودائع الاستثمارية والتي تشارك في الأرباح والخسائر وفقا لعقد المضاربة الشرعي.
3/ فتح الاعتمادات المستندية بالأسلوب الشرعي.
4/ شراء وبيع البضائع عن طريق المرابحة.
5/ إصدار خطابات الضمان للأفراد والمؤسسات.
6/ الاستثمار في التجارة بين الدول الإسلامية.
7/ الدخول في مشاريع استثمارية مشتركة وفقا للأسلوب المشاركة مع الأفراد أو مؤسسات بحيث يتم الاتفاق على اقتسام الأرباح والخسائر وفقا لنسبة معينة .
Ii- المساهمة في التنمية الاقتصادية للمجتمعات السلامية:
إنّ تحريم التعامل بالفائدة في المصارف حدد مجال العمل بالنسبة لها وجعلها بالتالي مصارف أعمال، أي مصارف تنمية، لأنّه بتحريم الفائدة لم يعد أمامها إلاّ استثمار أموالها وودائع عملائها في المشاركة في عمليات التجارة الداخلية والخارجية، أو في عمليات المقاولين أو في الصناعة والزراعة … وقيامها بإنشاء الشركات المساهمة الصناعية والزراعية والتجارية التي تتيح فرص العمل للنّاس وتنمي الثروة الوطنية .
Iii- المساهمة في التنمية الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية:
إنّ النظرة الإسلامية للمجتمع نظرة شاملة تمس جميع نواحي الحياة لذا تحتم على المصرف الإسلامي أن لا ينصرف تماما إلى الأنشطة الاقتصادية فقط بل العمل على المساهمة في تقديم بعض الخدمات لأفراد المجتمع لحل بعض مشاكله، ومن الأمثلة على هذه الخدمات:
أ/ المساهمة في تحصيل الزكاة والصدقات وتوزيعها على المؤسسات الخيرية وعلى المعوزين.
ب/ تقديم القروض الحسنة أي بدون فوائد ربوية.
ج/ تشجيع الأفراد على مزاولة أنشطة منتجة في المجتمع والاهتمام بقطاع الحرفيين.
Iiii- نشر الثرات الإسلامي في مجال فقه المعاملات المالية الإسلامية:
لكي تزاول المصارف الإسلامية أعمالها وفقا للشريعة الإسلامية تحتم عليها أن ترجع إلى التراث الفقهي الإسلامي في مجالي المال والاقتصادي لكي تسهل منه الفتاوى الفقهية والأحكام الشرعية لتطبقها على أعمالها اليومية ومن الأمثلة على ذلك:
* نشر الفتاوى الفقهية في مجال المعاملات المالية وتوعية المسلمين في هذا المجال.
* لقيام المصارف الإسلامية وانتشارها عبر المعمورة هذا ما شّجع البحث العلمي حيث أعدت العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في هذا المجال.
* بانتشار المصارف الإسلامية زاد اهتمام العالم الغربي بها بمحاولة التعرف عليها وعلى الأسس التي قامت عليها.
* عقد المؤتمرات والندوات لبحث الأمور الشرعية وقد عقد المؤتمر الأوّل للمصارف الإسلامية في دبي 1980 والثاني في الكويت و1983و الثالث بدبي عام 1985 والجزائر 1990.
مجالات الاستثمار لدى المصارف الإسلامية: من أهم مجلات:
1/تمويل التجارة الداخلية والخارجية لكي يتحصل العميل على التمويل اللازم يجب أن يتبع ما يلي:
* يقوم العمل بالاتصال بالمصنع البائع (سواء كان محليا أو خارجيا) والاتفاق معه على نوع السلعة ومواصفاتها والحصول منه على الفاتورة المبدئية للصفقة.
* يتقدم بهذه الفاتورة المبدئية إلى المصرف الإسلامي طالبا منه تمويل الصفقة.
* يقوم المصرف بدراسة الطلب من شتى النواحي.
* في حالة موافقة المصرف على الطلب يقوم العميل بتسديد حصته في رأس مال العملية.
* في حالة العمليات المحلية يقوم المصرف بسداد قيمة البضائع بصكوك مصرفية للمصانع وتشحن البضائع وتخزن في مخازن تقع في حوزة المصرف.
* أمّا في حالة الاستيراد فيقوم المصرف بفتح الاعتماد المستندي اللازم على الخارج ويسدد قيمة بالكامل عند شخص البضائع واستلام المستندات بالخارج وعند ورود البضائع يخزن إمّا بالميناء، أو بالمخازن التي في حوزة المصرف.
* يقوم العميل بعد ذلك بيع البضائع وتوضع قيمة المبيعات إذا كانت نقدا في حساب خاص بالعملية في المصرف أما إذا كانت بالكمبيالات فهي توّدع لدى المصرف للتحصيل وهي تمثّل في نفس الوقت تأمينا إلى أن يتم كامل العملية.
* يقسم الربح الصافي بين العميل والمصرف وفقا للنسب المتفق عليها.
2/ تمويل عمليات التصدير:
في حالة احتياج أحد المصدرين إلى التمويل صادراته من سلعة معينة من المصرف الإسلامي عليه أن يتبع الخطوات التالية:
– تقديم طلب للتمويل مدعم بكافة الوثائق اللازمة مع تقديم الاعتماد المستندي للعملية وتقديم أيضا إقراره بمسؤولية الكاملة بما يمكن أن يحدث من اعتراضات أو رفض المراسل الخارجي منشئ الاعتماد للسلعة.
– يقوم المصرف بدراسة هذه العملية.
– في حالة الموافقة المصرف على العملية يقوم المصرف بتمويل عملية شراء وإعداد السلعة للتصدير على دفعات وذالك بأن يقوم العميل بتقديم جزء من البضائع القابلة للتصدير إلى المخازن التي في حوزة المصرف، قيمة هذه البضائع تكافئ حصته في العملية الضمان جدية العميل وحقوق المصرف) بعد ذلك يقوم المصرف بتقديم دفعة من التمويل للعميل من أجل تجهيز جزء آخر من البضائع للتصدير …. وهكذا حتى يتم إعداد كامل الصفقة المعدة للتصدير.
– بعد ذلك تدخل السلعة إلى ميناء الشحن رفقة مندوب المصرف والعميل للاستلام سندات الشحن.
– الربح الصافي لهذه العملية يقسم بين المصرف والعميل وفقا لنسب محددة سابقا.
3/ المشاركات الدولية:
وقد اتجهت المصارف الإسلامية مؤخرا على التجمع فيما بينها والدخول في المجال العالمي لتمويل المشاريع الضخمة التي تعمل في مجالات مساحة إسلامية وذالك على أساس عقود المشاركة.
4/ محفظة الأوراق المالية:
في حالة وجود فائض في السيولة قصيرة الآجل لدى المصرف الإسلامي عندئذ يمكن أن يدخل السوق الأوراق المالية نشر بالأسهم الشركات (ذات المركز المالي الجيد حتى يتسنى له بيع هذه الأسهم بسهولة عند الحاجة إلى سيولة التي تمثل حصة من رأس المال الشركة وبالتالي تدر عليه عائد غير ثابت (ربح) ويجب أن يكون مجال عمل هذه الشركات مباحة إسلاميا، وهذا الشراء يحقق للمصرف عائد (ربح) ومدخول إضافي في حالة بيع الورقة بسعر أعلى من سعر الشراء ).
إضافة إلى تمويلات أخرى القصيرة الأجل وكذا تمويل العمليات الصناعية والزراعية والخدماتية وتمويل العقارات وغيرها.
المبحث الثاني: تقنيات التمويل في البنوك الإسلامية
تتطلب تنفيذ المشاريع موارد مالية ضخمة، وهندسة عمليات تمويلية معقدة والتعامل مع جوانبها الفنية والقانونية والإجرائية المتشابكة وتستطيع مجموعة البنك الإسلامي للتنمية والبنوك الإسلامية أن تلعب دورا ملحوظا في تمويل هذه المشاريع عبر المساهمة في رأس المال الشركات التي يتم إنشاؤها والتي تفوز بعقود امتياز لتنفيذ هذه المشاريع، ويمكن لهذه المساهمة أن تحفز وتشجع شركات من الدول الإسلامية للعب دور أكبر في تنفيذ المشاريع وتتمثل صيغ مساهمة رأس المال في المساهمة التقليدية.
– المشاركة المتناقصة في الأرباح والتي تتيح للمؤسسات التمويلية الإسلامية (التخارج من المشروع في فترة محددة، وكذا شبه المساهمة في رأس المال (Quasi- Equity) عبر تمويل اجر يمكن أن تتحول إلى مشاركة في رأس المال بعد مضي مدة معينة من عمر المشروع، وكذلك التمويل الآجل عن طريق الإجارة والتمويل عن طريق الاستصناع للأعمال المدنية والإنشائية وتمويل التنمية الاقتصادية على المدى القصير والذي يتمثّل في المرابحة والقرض الحسن وبيع السلم (الشراء من أجل التسليم) يتم تعبئة الموارد من طرف مجموعة البنك الإسلامي للتنمية وسائر البنوك الإسلامية من خلال ترتيب عمليات تمويل مشارك ( Syndicated- Financing ) يستهدف أصول معيّنة يتم تحديدها مسبقا بحيث يشكل تمويلها شريحة مستقلة عن سائر مكونات المشروع تسمى الشريحة الإسلامية (Islamie Tranche ) ويمكن لهذه الشريحة أن تقسم إلى أجزاء بحيث يمول الجزء المتعلق بالأعمال المدنية مثلا عبر الاستصناع والإيجار والأجزاء المتعلقة بالمعدات عن طريق الإيجار أو البيع للأجل ويتم تحديد المدة وهامش الربح للتمويل المطلوب لكل جزء وفقا لطبيعة الجزء المعني وبطريقة توفر المرونة اللازمة وتمكن أكبر عدد من المؤسسات التمويلية الإسلامية أو البنوك التجارية التي تقدم تمويلات إسلامية من المشاركة في العملية.
وثمة جانب آخر يتعلق بتعبئة الموارد يتمثل بإمكانيات التسديد أو التوريق التي توفرها عمليات التمويل بواسطة الاتجار كونها ترتكز إلى أصول عينية مما يتيح للمؤسسات التي تؤجر الأصول إصدار السندات تباع للجمهور وبذلك تحصل البنوك والمؤسسات التي تصدر هذه السندات على سيولة إضافية لعملياتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ السندات المالية التي يمكن إصدارها في إطار عمليات التوريق المرتبطة بتمويل هذه المشاريع يمكنها أن تسهم عندما يتم طرحها وتداولها في السوق بتطوير لسواق الإسلامية.
سيما وأنّها سوف تحرك كتلة مالية لا يستهان بها نظرا لضخامة الموارد التي تطلبها المشاريع ويمكن في هذا السياق التذكير بأنّ احتياجات الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية في مجال البنية الأساسية قد قدرت بحوالي 741 مليار دولار لفترة 1999- 2008 وسوف نتطرق إلى كلّ هذه تقنيات التمويل بالتفصيل الشامل وقبل ذلك jقوم بتعريف أو بالأحرى إعطاء بعض المفاهيم حول عقود البيع كما يلي:
تعريف البيع:
البيع لغة مبادلة مال بمال، أو دفع عوض وأخذ ما عوض عنه، وهو شرعا عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين لأعلى وجه القربة، وبهذه القيود في التعريف يتميّز عن الهبة والإجارة والقرض وغيرها من التمليكات.
حكمه وحكمته التشريعية:
اتفق الفقهاء على أنّ البيع مشروع على سبيل الجواز، ودّل على جوازه نصوص الكتاب والسنة، وعليه الإجماع، وأمّا المعقول فإنّ تعلق حاجة الإنسان بما في يد صاحبه تقتضي مشروعية البيع لأنّه لا سبيل إلى المبادلة إلا بعوض غالبا ففي تجويز البيع وصول إلى الغرض ودفع للحاجة.
وقد تعتري البيع أحكام أخرى غير الإباحة، فيكون الخطر والتحريم إذا اشتمل على ما هو ممنوع بالنص لأمر في الصيغة أو العاقدين أو المعقود عليه، فيكون البيع حينئذ باطلا إذا كان الخلل في أصل العقد، وفاسدا إذا كان في وصفه.
وقد يكون الحكم الكراهة فيما جاء بشأنه نهى غير جازم، وقد يكون الوجوب كما في حالة الاضطرار لشراء الطعام أو الشراب لحفظ المهجة، وقد يكون الندب كما في إجابة رغبة صديق دون ضرر يلحق البائع، وحكمة ومشروعيته البيع هي الرفق بالعباد والتعاون على حصول معاشهم.
أركان البيع وشروطه:
أركان البيع هي ما يتوقف عليها وجوده وتصوره عقلا ووجود البيع يتوقف على العاقدين (البائع والمشتري) والمعقود عليه أو المحل (المبيع والثمن) والصيغة (الإيجاب والقبول) ويرى فقهاء الحنفية أنّ الركن في عقد البيع هو الصيغة فقط وأمّا ما عداها فليس جزءا من حقيقة البيع وإن كان يتوقف به وجودها واستحسن بعض الفقهاء المعاصرين تسمية مجموع الصيغة والعاقدين والمحل (مقومات العقد)، وهذه الأركان شروط لا يتحقق الوجود الشرعي لأي ركن إلاّ بتوافرها، وستأتي الإشارة إليها من خلال توضيح الأركان.
صيغة البيع، وشروطها:
الصيغة هي الإيجاب والقبول، ويصلح لهما كلّ قول يدل على الرضا، والإيجاب هو ما يصدر من البائع (المملك) دالا على الرضا بالبيع، والقبول ما يصدر من المشتري (المتملك) دالا على الرضا بالشراء وهذا عند جمهور الفقهاء، وعند الحنفية الإيجاب هو ما يصدر أولا من كلام العاقدين سواء كان هو البيع أم المشتري والقبول ما يصدر بعده.
ويشترط للصيغة أن تكون بصيغة الماضي أو بما يفيد إنشاء العقد في الحال، كما يشترط توافق الإيجاب والقبول، فإن خالف القبول الإيجاب اعتبر ايجابيا جديدا، ولا يشترط اتحاد المجلس، وينعقد البيع أيضا بالكتابة والمراسلة، وبالإشارة المعروفة من الأخرس، وينعقد بالمعطاة، وهي إعطاء كلّ من العاقدين لصاحبه ما يقع التبادل عليه دون إيجاب ولا قبول أو بإيجاب دون قبيل أو عكسه وهي من قبل الدلالة الحالية. والصيغة قد تصدر مطلقة غير مقترنة بشرط، وقد يقترن بشرط-كما سيأتي- وقد تكون منجزة (فورية) أو معلقة أي يتوقف وجود البيع على أمر آخر، أو مضافة للمستقبل وإضافة البيع لا تصح، وكذلك تعليقه، أما إقترانه بشرط فإذا كان الشرط صحيحا صح العقد ولزم الشرط، وإذا اقترن بشرط فاسد فسد العقد، وإذا اقترن بشرط باطل بطل، ومن الشروط الفاسدة توقيت البيع أي أن لا يكون على التأبيد ومنها تأجيل الثمن إلى أجل مجهول..
وأما الشروط التي يصح اقترانها بالعقد فهي ما يقتضيه العقد كحصول الملك بالبيع أو ما يؤكد مقتضاة كاشتراط حلول الثمن أو تقديم كفيل أو رهن بالثمن المؤجل، وما ورد بالشرع كاشتراط خيار الشرط وما جرى به العرف كاشتراط المشتري على البالغ أن يقوم على إصلاح ما اشتراه منه، أو اشتراط حمل المبيع إلى مكان المشترى.
شروط العاقدين:
أن يكونا كاملي الأهلية(عاقلين بالعين) فلا يصح بيع عديم الأهلية، أما الصبي المميز أو الشخص المحجور عليه للسفه أو الغفلة ببيعهم متوقف على إجازة من له الولاية عليهم.
شروط المبيع:
1/ أن يكون موجودا حين العقد، فلا يصح بيع المعدوم كبيع الثمار قبل أن تخلق.
2/ أن يكون مالا، وهو ما يميل إليه الطبع ويجرى فيه البذل والمنع، فما ليس ما لا ليس محلا للمبادلة كالميتة والخمر.
3/ أن يكون مملوكا لمن يتولى العقد إن كان يبيع بالأصالة.
4/ أن يكون مقدور التسليم، فلا يصح بيع الجمل الشارد
5/ أن يكون معلوما لكلّ من العاقدين فيبيع المجهول جهالة تفضى إلى المنازعة غير صحيح كبيع شاة من القطيع.
والمبيع إمّا حاضر في مجلس العقد فيكون تعيينه بالإشارة إليه، وإمّا أن يكون غائبا وحينئذ إمّا أن يباع بالإشارة إلى مكانه أو إضافته إلى ما يتميّز به وهو بيع صحيح، وإمّا أن يباع بالوصف، فإذا تبيّنت المطابقة بينه وبين الوصف لزم البيع وإلاّ كان للمشترى خيار الخلف.
وقد يباع على البرنامج (وهو الدفتر المبيّنة فيه الأوصاف) أو على النموذج (وهو جزء من المبيع على أساس أنّه كلّه كذلك) وكلاهما بيع صحيح إن حصل التطابق بين المبيع وبين كلّ من البرنامج أو النموذج.
شروط الثمن:
(الثمن) هو ما يبذله المشتري من عوض للحصول على المبيع وهو غير (القيمة) التي هي ما يساويه الشيء في تقويم أصل الخبرة، وأمّا (السعر) فهو الثمن المقدر للسلعة، وقد يكون من ولي الأمر والثمن إمّا أن يكون ممّا يثبت في الذمة كالنقود والمثليات، فلا يتعيّن، وإمّا أن يكون من الأعيان القيمية، فإنّه يتعيّن لأنّه لا يحلّ فرد محل الآخر إلا بالتراضي، وكلّ ما صلح أن يكون مبيعا صلح أن يكون ثمنا.
وجوب الثمن شرط في انعقاد البيع، والعلم به شرط لصحته، وهو إمّا حال أو مؤجل فإن كان مؤجلا وجب أن يكون الأجل معلوما، ويصّح تقسيطه، وإذا اتفق البائع والمشتري على تأجيل الثمن لم يكن للبائع أن يحبس المبيع عن المشترى إلى أن يستوفى الثمن، أمّا إن كان الثمن مؤجلا فللبائع حبس المبيع إلى أن يتسلم الثمن.
آثار البيع:
1/ انتقال الملك بأن يملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، فيثبت للمشترى ملك ما يحصل في المبيع من زيادة متولدة منه ولو لم يقبض المبيع.
2/ نفاذ تصرفات المشترى في المبيع بعد قبضه وتصرفات البائع في الثمن كما لو أحال شخصا به على المشترى.
3/ أداء الثمن الحال وتسليم المبيع: وتسليم البديلين هكذا: إذا كانا معينين (المقايضة) أو ثمنين (الصرف) فإنّهما يسلمان معا وإذا كان أحد البديلين معينا والآخر دينا في الذمة فإنّه يطالب المشتري بالتسليم للثمن أوّلا.
أقسام البيع وأحكامها (والخيارات):
إذا توافرت في البيع شروط انعقاده المبينة في الصيغة والعاقدين كان منعقدا، وإلا كان باطلا، وإذا توافرت فيه شروط صحته المبنية في شروط المبيع والثمن كان صحيحا وإلاّ كان فاسدا، وإذا عقده من له ولاية أو وكالة كان نافذا، وإلاّ كان موقوفا على إجازة صاحب الحق، وإذا انعقد صحيحا نافدا خاليا من الخيار كان لازما، وإلاّ كان غير لازم.
والخيار: إمّا بشرط لمدة معلومة، أو بشرط النقد (أداء الثمن) خلال مدة معلومة، أو للتعيين بشراء واحد من ثلاثة وهو خيار للتعيين وإذا اشترى ما لم يره كان له خيار الرؤية.
– وإمّا بسبب عيب قديم في المبيع لا يعلم به المشترى وظهر بعد البيع فيكون المشترى حق الفسخ للعقد أو إجازته مع طلب تعويض العيب.
المطلب الأول: تقنيات التمويل على المدى الطويل والمتوسط (المساهمة التقليدية (المضاربة)، التمويل بالمشاركة)
الفرع الأوّل: المساهمة التقليدية (المضاربة)
المضاربة كلمة مشتقة من الضرب في الأرض بمعنى السفر لأنّ التجارة تتطلب السفر غالبا ولم يرد في عقد المضاربة نص في الكتاب والسنة النبوية حيث وجدت المضاربة قبل الإسلام وكان النّاس يتعامل بها واستمروا بالتعامل بها بعد إسلامهم والرسول (ص) لم يقيدهم بها مع العلم أنّ الرسول (ص) خرج في قراض من مال أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، والمضاربة هي عقد مشاركة بين طرفين حيث يقدم أحد الطرفين رأس المال ويقدم الطرف الآخر جهده المتمثل في الخبرة والإدارة ويأخذ هذا الأخير حقه من الربح المحصول أمّا في حالة الخسارة فيتحمل المقرض وحده الخسارة.
أمّا المقترض فيتحمل خسارة وقته أو جهد فقط، بالإضافة أنّه يمكن استعمال تقنية المضاربة ضمن أعمال بالبورصة هي تعني المخاطرة بالبيع أو الشراء بناءا على التنبأ بتقنيات الأسعار بغية الحصول على فارق الأسعار كما قد يؤدي هذا التنبأ إلى دفع فروق الأسعار بدلا من قبضها في حال الخسارة .
ويعرف ابن رشد المضاربة في كتابه المجتهد “هي أن يعطي الرجل المال على أن يتجر به على جزء معلوم يأخذه العالم من ريع المال أي جزء كان ممّا يتفقان عليه، ثلثا، أو ربعا، أو نصفا .
وتعتمد على عنصرين أساسين هما: رأس المال والربح حيث تتمثل شروط المتعلقة برأس المال في تمكين المضارب من رأس المال ليعمل به وفق ما يلي:
* أن يكون رأس المال من الأثمان المطلقة أي من النقود المضروبة فلا تقبل إن كانت سلع أو حلي أو عقار.
* أن يكون رأس المال معلوما لأنّ جهله يؤدي إلى جهل معلومية الربح، وأن يكون حاضرا لا غالبا في ذمة المضارب، وحسب مذهب الشافعية يرى أن عدم جواز خلط مال المضاربة بغيره من الأموال سواء العامل العمل أم لم يبدأ أمّا الحنفية، المالكية والحنابلة فعملية خلط مال المضاربة بغيره من الأموال جائزة ما دام لم يبدأ العامل العمل .
أما الشروط المتعلقة بالربح تتمثل في:
* اشتراك بين العامل وصاحب المال، العامل بعمله والآخر بماله.
* أن يكون معلوما بالجزئية (كالنصف أو الربع ……).
* يتم اقتسام الربح من خلال التصفية الكاملة للمضاربة لكي يتمكن صاحب المال من استرجاع ماله لأنّ الربح وقاية لرأس المال.
إضافة لشروط العنصرين (الربح- رأس المال) هناك شروط تتعلق بعقد المضاربة وتتمثل في:
* يجوز لطرف الثالث أن ينظم المضاربة بعد الشروع فيها وتنفيذها في حدود معيّنة.
* تعتبر المضاربة صيغة من صيغ الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي التي تتميّز بكفاءة وفعالية تلائم الظروف الاقتصادية المعاصرة وللمضاربة أنواع:
المضاربة المطلقة: المضارب يتصّرف في المال فيما يراه مناسبا لعملية الاستثمار.
المضاربة المقيدة: هنا الأموال المخصصة تكون مقيّدة بالزمان والمكان وبمشروع معيّن فالمضارب إذن مقيّد فإن حقق ربحا كان له نصيب وإذا حقق خسارة تحملها وحده.
المضاربة المستمرة: متعلقة بمدى دوران رأس المال.
المضاربة الجماعية: تكون لما يأخذ صاحب العمل المال من صاحب رأس المال ويعطيه إلى صاحب عمل آخر فيكون صاحب العمل الأوّل مالك لرأس المال بالنسبة لصاحب العمل الثاني .
تطور تقنية المضاربة وتأثيرها على التنمية الاقتصادية:
الإبقاء على المضاربة الخاصة والثنائية لا تكفي لتدعيم الاستثمار ودفعه إلى الأمام وإنّما أصبح البحث عن شكل تعاقدي جديد يناسب الاستثمار الإجمالي المشترك على النسق المصرفي اللاربوي يتماشى مع الشريعة الإسلامية.
يتمثّل الشكل التعاقدي الجدي في عقد المضاربة (المشتركة) لمالكي المال على عكس المضاربة الخاصة في تغدر أشخاص غير معنيين كلّ ما يجمعهم هو الرغبة في الاستثمار ويتطلب تحقيق هذا الهدف ضرورة أن يستحدث في إطار المضاربة المشتركة بالأسلوب المصرفي أنواعا ملائمة من المضاربات التي تتناسب والظروف المتغيّرة والمتجددة.
من ناحية الموارد والتوجيه:
يجدر أن يكون هناك ترتيب منظم للحسابات التي تمكن من إيداع تلك الأموال فيها وهذا تبعا لشروطها بهدف فتح مجال الاختيار أمام مالك الأموال للانتقاء الحساب الذي يناسب ظروفه الاستثمارية .
ويتفق مع استعداده ورغبته في الارتباط الطويل والقصير، فمن ناحية الاستخدام فالتنظيم الأشكال المختلفة للاستثمار على أساس المضاربة المشترك بدوره كوسيلة وليس كعامل في المال، وهذا لتحقيق وقاية رأس المال من ناحية أخرى ولتمكينه من رده إلى مالكيه في المواعيد المتفق عليها.
كما يتعين على المضارب المشترك أن يراعي عند اختياره للأشكال الاستثمار اعتبارات لسيولة النقدية المناسبة وحماية الأموال من الضياع وعليه أن يحدد الأبعاد الزمنية للمضاربة التي يعقدها حتى لا تتحوّل هذه العقود إلى شركات دائمة للاستثمار، وعليه يجب أن يوّزع المخاطر باختياره لفئات مختلفة بحيث تغطي الخسارة في أحد القطاعات بالربح في القطاعات الأخرى .
وما يمكن استخلاصه من هذه الصيغة (المضاربة) تمثّل أداة مناسبة وفعالة لحشد المدخرات وتوجيهها نحو الاستثمارات المنتجة، وفي هذا الصدد تتفوق على الأسلوب المصرفي الربوي من ناحيتين:
1/ سلامة الخط الأساسي لنظام المضاربة لكونه يعتمد على تلاقي رأس المال بالعمل وبالتالي تشغيل طاقة معتبرة من العمال امتصاصا للبطالة وهذا عكس المصرف الربوي الذي يعتمد على تلاقي رأس المال برأس المال وبالتالي هو نظام خامل لا يعطي فرصة لمن يريد مال لتحويل مشروع إنتاجي بينما في ظل المضاربة فإنّها تخلق فرصة عمل المنتج عن طريق ربط بين رأس المال والعمل.
2/ قدرة نظام المضاربة على استقطاب الأموال العازفة عن الاشتراك الاقتصادي وذلك بسبب عدم اطمئنان أصحابها للنظام المصرفي الربوي وبالتالي غاب نظام المضاربة أو أي نظام آخر فإنّهم سيفضلون أن يكتنزوا أموالهم تقابل وضعها في أبواب الشبهة مع العلم أنّ الاكتناز حرمة الإسلام في الكتاب والسنة، وهنا حتما سيجد المتعامل الاقتصادي نفسه متّجها إلى الصيّغ التي أباحها الإسلام غير المضاربة.
الفرع الثاني: التمويل بالمشاركة
هي وسيلة مستحدثة تعتبر العقد المتفق عليه سيتم بمقتضاة اشتراك اثنتين أو أكثر في رأس المال لاستثمار في مشروع معيّن على أن يتم اقتسام الأرباح والخسارة في نهاية كلّ دورة بنسب يكون متفق عليها مسبقا وليس بالضرورة أن تكون بنسبة مساهمة المشاركين في رأس المال متساوية، ويمكن تطبيق المشاركة على الأنشطة الإنتاجية أو التجارية ذات المدى الطويل وأحيانا تكون على المدى الطويل والقصير والفرق بينهما وبين المضاربة يتمثل في عدد الأطراف الداخلية في المعاملة ولهذا النوع من التمويل شروط يجب توفيرها:
* يشترط في كلّ شريك أن يكون أهلا للتوكل، كما لا يشترط أن يكونوا مسلمين فيجوز مشاركة المسلم “للكتابي” ولكمن مع اشتراط الرقابة على الكتابي وهذا ما أقرب به المالكية والحنابلة.
* عقد الشركة عقد لازم وفسخه جائز في حضور الشريك مع شرط عدم حدوث الضرر.
* يكون العائد حسب الاتفاق المبرم وتكون نسبة الخسارة حسب نسبة رأس المال لكلّ شريك ولقد أجاز الإسلام مشروعية هذه الصيغة وقدرتها على تنمية الأموال والثروات والاستثمارات وخير دليل لهذا النوع من الصيغ قوله تعالى: « …. فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث …. » وقوله تعالى: « … وإن كثيرا من الخلطاء ينبغي بعضهم على بعض إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات … » .
وهنا المقصود بالخلطاء: الشركاء، وقد أجمع العلماء على جواز التركة التي لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله (ص)، وإنّما الاختلاف الذي كان بين الفقهاء هو في أنواع الشركة ومن هنا يتّضح لنا مشروعية الشركة التي تهدف إلى إنهاء ثروات واقتصاديات الأمة بطريقة شرعية بعيدة عن الربا ومساوئها ومن بين المعايير التي تؤخذ بعين الاعتبار معيار الربحية التي يحققها المشروع أي اختيار المشاريع ذات العائد الجيّد وتجنب خسارة المشاريع بالإضافة إلى معايير الربحية يجب أن تتوفر في الشريك الخبرة والكفاءة والاختصاص الكافي لمزاولة ذالك النشاط.
كيفية تأثير هذه التقنية على التنمية الاقتصادية:
إذا كان التعامل على أساس المشاركة في المصرف الإسلامي فإنّه يقوم بصيغتها إلى إحدى الشركات المعروفة في الفقه الإسلامي (شركة العنان، شركة الوجوه، شركة المفاوضة …) أو يجد الصيغة القانونية للشركات المعروفة في القانون الوضعي (شركة الأشخاص، شركة المساهمة …) وبعد إدخال بعض التعديلات عليها يصبح هذا الأسلوب صالح للاستعمال يؤدي إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأمة، وقد ساهمت المصارف الإسلامية في عدة مشاريع اقتصادية برؤوس أموالها لكّنها أخفقت أحيانا نظرا للاختيار السيء للمشاريع التي تواجهها مشاكل كثيرة من بينها مراحل التنفيذ والتشغيل وأخرى منها تعطلت في مراحل الإنتاج والتسويق، ومن بين أساليب المشاركة في الربح والخسارة قد تكون المشاركة ميزة للمضاربة تتمثل في أن المشاركة تحق لرب المال أن يتدخل في الإدارة حيث تكون له بعض السيطرة على المشكلات السابقة الذكر الناجمة عن عدم التطابق في المعلومات والمخاطر المعنوية، في حين نجد أنّ المضاربة تحلوا من أي سيطرة كهذه .
عند استلام البنك للأموال المودعين على أساس المشاركة يقدم لهم وعد بالمشاركة في الأرباح التي يحققها من جرّاء استخدام أموال المودعين، ثم توزع حصة المودع بين جميع المودعين على أساس الحصص وفي حالة ما إذا كانت خسارة البنك فإنّه حتما يتحمّل هذه الخسارة مع المودعين كلّ حسب حصته، نظرا أنّ البنك بصفته مؤسسة وسيطية مالية حيث يستثمر فيها أموال المودعين فقط ولا يقوم البنك بخلط رأس ماله بهذه الأموال، فقد لا تطبق أساليب المشاركة على جانب الخصوم.
تستطيع البنوك التخفيض من المخاطر السابقة إلى أدنى حد وهذا بتوزيع الاستثمار على عدد من العملاء في جانب الأصول وكلما زاد مدى التوزيع بدون تغيير انخفضت المخاطر، ومن الواضح أنّ البنك في هذه الحالة تكون أرباحه متواضعة وفي هذا الجانب (الأصول) يحبذ الباحثين تطبيق صبغتي المضاربة والمشاركة وذلك لتمييزها بالمزايا التالية:
1/ إمكانية انخفاض الخطر المعنوي لأنّ العميل سوف يقوم بالاستثمار بنفسه، وبالتالي ستتضاءل مشكلة التباين في المعلومات لأنّ كلا من العميل والبنك لهما الحق بالتدخل في الإدارة.
2/ يتمكن البنك من أن يستثمر المال في أعمال كبيرة لأنّ العملاء الكبار لن يضعوا البنك في وضع غير لائق من المخاطر وقد ساعد هذا في تحسين ربحية البنك وتمكينه من الاستثمار في منشآت أكبر ذات ربحية أكبر وذات مخاطر أقل.
3/ القيام بالمشاركة لفترات طويلة وقصيرة بالنسبة للقطاعات الصناعية التجارية الزراعية والخدماتية ومن هذا الحكمة السمحاء لديننا الحنيف الذي أباح هذه الصفة من العقود في المعاملات حيث البنك الإسلامي هو شريك لطالب التمويل (العميل) في الخسارة أو الربح،هنا في كلتا الحالتين المشاركة تلزم الطرفين أن يعمل كلّ منهما على نجاح المشروع وأن يبذل جهد في إدارية والإشراف عليه حتى يكون ناجحا وبالتالي نجاح التنمية الاقتصادية.
المطلب الثاني: تقنيات التمويل على المدى المتوسط (الإجارة- الاستصناع)
الفرع الأوّل: عقود البيع بالإجارة
تعريف وأقسام عقد الإجارة:
يقصد بها أن يقوم الفرد باستئجار شيء معيّن لا يستطيع الحصول عليه لأسباب معيّنة ويكون هذا مقابل أجر يقدمه المستفيد للمؤجر، والإجارة شرعا هي بيع منفعة معلومة بأجر معلوم (عند الشافعية) وقيل هي تمليك المنافع بعوض .
كما تعرفها المالكية: تمليك منافع شيء مباحة لمدة معلومة بعوض وهذا ما جاء في قوله تعالى: « قالت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين ……» .
ومن جهة أخرى قسم الفقهاء عمليات الإيجار إلى نوعين أساسيين:
1/ الإجارة على المنافع:
وهي التي تعقد على الأعيان بأن يتم دفع عين مملوكة لمن يستخدمها لقاء عوض معلوم ويمكن أن تتم هذه الإجارة على نوعين من الأعيان:
أ/ إجارة الأعيان المنقولة: كالثياب والحلي والأواني وغيرها.
ب/ إجارة الأعيان الثابتة: كالدور والمنازل والأراضي.
2/ الإجارة على الأعمال:
وهي التي تعقد على أداء العمل معلوم لقاء أجر معلوم، ويتخّذ هذا الأسلوب صورتين بحسب نوعية الأجير.
أ/ الأجير الخاص: وهو الذي يعمل لشخص واحد مدة معلومة ولا يجوز له العمل لغير مستأجره.
ب/ الأجير المشترك: وهو الذي يعمل لعامة الناس ولا يجوز لمن استأجره أن يمنعه عن العمل لغيره.
شروط الإجارة على المنافع:
يشترط أن يكون المعقود عليه (المنفعة) معلوما علما يمنع من المنازعة فإن كان مجهولا جهالة مقضية إلى المنازعة لا تصح الإجارة.
– يشرط في العين المؤجرة أن تكون ممّا يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها لأنّ الإجارة تقع على المنفعة لا على استهلاك العين.
– يشترط أن يكون المعقود عليه مقدور الاستيفاء حقيقة وشرعا، فلا يجوز إجارة متعذر التسليم، وإذا كانت العين المتعاقد على منفعتها مشاعا، وأراد أحد الشريكين إجارة منفعة حصته، فإجارتها للشريك جائزة بالاتفاق، كما يجوز إجارتها لغير الشريك عند الجمهور لأنّ المشاع مقدور الانتفاع به بالمهايأة.
– يشترط بيان المدة في إدارة المنافع، لأنّ المعقود عليه لا يصير معلوم القدر بدونها، نترك بيانها يفضى إلى المنازعة.
– يشترط أن تكون الأجرة مالا منقوما معلوما وهي تسرى على المتأجر في إجارة المنافع من تاريخ تسلمه للعين المأجورة من المؤجر لأنّ عقد الإجارة من العقود الزمنية فلا تستحق الأجرة فيه بالعقد بل بالتمكين من محل الإجارة.
التأجير من الناحية التمويلية للاقتصاد:
يقوم الممول بالتأجير بشراء الأصول التي تحتاج إليها المنشأة (الشركة) لهذا النوع من التمويل وهذا وفقا لشروط متفق عليها في العقد، ونلاحظ أنّ الممول بالتأجير هو واسطة إيجابية للاستغلال الأموال والأصول الموجودة في المجتمع استغلالا يؤدي إلى إنتاج سلع ومنتجات وكذا الزيادة في إيجاد فرص جديدة للعمل والتخفيض من حدة البطالة هذا يؤدي إلى تنمية الاقتصاد، كما نميز ثلاث أنواع من التأجير التمويلي:
1/ الشراء مع التأجير للبائع:
صيغة التمويل هذه نجدها في الشركات التي تحتاج إلى سيولة تقوم بيع بعض الأصول التي تملكها إلى المموّل مقابل مبلغ متفق عليه يقدم من الممول إلى هذه المنشأة وتبقى هذه الأصول التي باعتها خاضعة لها تحت تصرفها وتستفيد مقابل أجرة معلومة.
2/ التأجير المباشر:
شراء المموّل بالتأجير أصول ثم يقوم بتأجيرها للمنشآت الراغبة للتأجير مقابل أجرة محددة لمدة معيّنة وعند انقضاء المدة يقوم البنك باسترجاع أصوله.
3/ الإيجار بشرط البيع:
يقوم المموّل بتأجير بعض الأصول لمنشأة معيّنة محددة، وعند انقضاء المدة يقوم المؤجر بشراء هذه الأصول أي أن المؤجر يحتفظ بملكية هذه الأصول حتى انتهاء مدة العقد ويحدد سعر بيع الأصل بالطرق التالية:
أ/ سعر السوق عند الشراء.
ب/ نسبة محددة من القيمة الأصلية للأصل.
ج/ عن طريق التفاوض بين المؤجر والمستأجر، ويتم تسديد المستحق بإحدى الطريقتين التاليتين:
1/ احتساب أجرة تدفع دوريا ويدفع ثمن الأصل دفعة واحدة عند نهاية مدة العقد
2/ تقسيط الثمن على دفعات.
من هنا يمكن اعتبار الإيجار شكل من التمويل لا يؤدي إلى دين، حيث نجد في المضاربة والمشاركة المستفيد يدفع تكلفة رأس المال وهذا وفقا لربح والخسارة (يدفع قسط فقط) أما في الإجارة المستفيد من قيمة الأصل أو العين يدفع الأقساط تبعا للربح الذي يحققه من التمويل، ومن جهة أخرى تكون السيطرة على التمويل بالإجارة عند أرباب المال وهذا من خلال استخدام المال من طرفهم وبالتالي المخاطر المرتبطة بعمر العين تكون تحت مسؤولية أصحاب المال وهي هذه الحالة الممولة يجازف بكامل أمواله وتكون له فرصة بديلة للاسترجاع هذا المال من خلال المدة، وهناك من يرى أن عائد الإجارة ثابت وهذا لسوء الفهم القائم على حجة أن القسط ثابت ومحدود وبالتالي هو عائد ثابت فمثلا تأجير معدات بقيمة مائة ألف دينار جزائري بقسط سنوي عشرة ألاف دينار جزائري، هذا يعني معدل عائد ثابت يقدر بـ 10% من رأس المال ولا يعتبر الأصل معدل عائد على رأس المال المستثمر فيها وهذا للأسباب التالية:
1/ عدم معرفة صاحب الأصل عمره فمن الممكن أن يعود الأصل بكسب خلال فترة عمرها المستثمر وكذا جهل مدى فائدة الأصل عند بيعه أثناء عمره الإنتاجي.
2/ عدم التنبؤ بالمدى الذي سيصل إليه الأصل المؤجر خلال عمره الإنتاجي وعند انتهاء العقد مع أوّل مستأجر لا يعلم المالك الوقت الذي يتمكن فيه من الحصول على مستأجر آخر والإيجار الذي سيتم الاتفاق عليه، وحتى لو بقي المستأجر الأوّل، فمن الممكن في أية حال من الأحوال أن يطلب المستأجر من البنك مراجعة الإيجار، بسبب أي عين ممكن قد تؤثر بصورة سلبية على إنتاجية العين أو الخدمة التي من أجلها تمّ استئجارها وعليه معدل العائد من رأس المال يكون مختلفا وغير معروف، فمن الممكن لتكلفة رأس المال أن تحدد وتكون معلومة إذا استخدمنا أسلوب التمويل بالإجارة التي تتطلب من البنك أن ينحرف عن الطبيعة الأساسية للعملة كونه وسيطا ماليا يقوم بشراء الأصل، صيانة الأصل والتصرف بالأصل عندما لا تكون هناك حاجة له، ممّا يقتضي الأمر بتحمل كافة المخاطر الناجمة عن تقلب الأسعار والخبرة في التسويق.
إنّ ما تولده معظم الودائع البنكية قصيرة الأجل من عبء إضافي على البنوك ناتج عن عمليات الشراء، إعادة البيع والصيانة تكون نتيجة قصر مدة عقود الإجارة فهذه البنوك تهتم بالوساطة المالية قد لا ترغب في القيام بالتمويل الإجارة وعلى أية حال يمكن أن يبرهن التمويل بالإجارة على أنّه مفيد جدا في التمويل التنموي، فمؤسسات التمويل بالإجارة موجودة فعلا.
الفرع الثاني: عقود البيع بالإستصناع
يرى بعض الفقهاء أن الاستصناع قسم من أقسام السلم وأنّه يندرج فيه أما بالنسبة للحنفية فقد جعلوه عقدا مستقلا مميّزا عن عقد السلم، وقد عرفوه بتعريفات متعددة منها أنّه:
(عقد مع أهل الصنعة على أنّ يعملوا شيئا) وأنّه (عقد على مبيع في (الذمة شرط فيه العمل) ويقال للمشتري مستصنع وللبائع صانع وللشيء مصنوع.
وعقد الاستصناع يجمع بين خاصيتين:
1/ خاصية بيع السلم من حيث جواز وردوده على مبيع غير موجود وقت العقد.
2/ خاصية البيع المطلق العادي من حيث جواز كون الثمن فيه ائتمانيا لا يجب تعجيله كما في التسلم، وذلك لأنّ فيه عملا إلى جانب بيع المواد فصار يشبه الإجارة والإجارة يجوز تأجيل الأجرة فيها.