قبل البدء بشرح هذا المعيار، قد يتساءل البعض عن تطرق الباحثان له رغم انه معيار أمريكي، وليس معيار دولي. عندما قام الباحثان بمراجعة المعايير التي تم توجيهها نحو القيمة العادلة وجدا أن مجلس معايير المحاسبة الدولية يتبع
خطوات مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي من منطلق أنها معايير مجربة ويتم قياس نجاعتها بشكل دوري، ولهذا وصلا الباحثان لقناعة بأن معايير المحاسبة الأمريكية ومعايير المحاسبة الدولية لا تختلف من حيث الجوهر سوى أن معايير المحاسبة الدولية تضع خيارات اكبر لتمكين شركات الدول المختلفة من اختيار ما يناسب بيئتها.
ينص هذا المعيار على معالجة شهرة المحل والأصول غير الملموسة الأخرى وفقا للقيمة العادلة وذلك بإعادة تقييمها وفقا للسوق في نهاية كل سنة مالية أو عند الحاجة لذلك، فان أظهرت تدني بالقيمة يتم إطفاء الفرق بين القيمة الدفترية وقيمة السوق في دخل نفس السنة التي حصل فيها التقييم، وان كانت قيمة السوق اكبر فتترك القيمة الدفترية على ما هي عليه.
والسبب المباشر في صدور هذا المعيار، ما لاحظه المحللون ومستخدمو القوائم المالية وإدارات الشركات، بأن الأصول غير الملموسة موارد اقتصادية مهمة جدا وإظهارها بالقيمة العادلة يستطيع أن يعكس أداء الشركات بشكل افضل مما لو أنها أطفأت بالدخل وفقا لعمر مقدر كما كان يتم معالجتها سابقا.
متطلبات تطبيق هذا المعيار
1- يتضمن هذا المعيار وصفا محددا لفحص الأصول غير الملموسة التي يتم تخفيض قيمتها، وبالتالي تخرج هذه الأصول غير الملموسة من نطاق دليل فحص انخفاض القيمة.
2- سيتم فحص الأصول غير الملموسة التي تطفأ مرة واحدة في السنة على الأقل، وذلك بمقارنة القيمة العادلة لهذه الأصول مع القيمة المسجلة.
3- يتطلب هذا المعيار الإفصاح عن معلومات شهرة المحل والأصول غير الملموسة في السنوات اللاحقة لاقتنائها والتي لم تكون مطلوبة في السابق.
4- كما يتطلب الإفصاح عن هذا النوع من الأصول تضمين المعلومات عن التغيرات في القيمة الدفترية لها من فترة لأخرى (بالقيمة الإجمالية والقيمة المنفردة لكل منها).
محددات معيار رقم (142)
لقد ورد في المعيار محددين رئيسيين هما:
1- أن شهرة المحل والأصول غير الملموسة المقتناة بعد 30/6/2001 ستخضع فورا لعملية الإطفاء المنصوص عليها وفقا للمعيار الجديد وعدم إطفائها وفقا للطريقة السابقة .
2- لن تطبق شروط هذا المعيار على شهرة المحل والأصول غير الملموسة الناتجة عن اندماج الشركات المشتركة، والمنظمات غير الربحية.
انعكاسات هذا المعيار على الاقتصاد
يرى الباحثان أن لهذا المعيار انعكاسات إيجابية وأخرى سلبية يمكن تلخيصها بالتالي:
الانعكاسات الإيجابية:
1- كأي معيار قيمة عادلة أخر، سوف يساهم هذا المعيار بتحقيق ما يسمى بالإفصاح الشامل، حيث يستطيع المستثمرون الاطلاع على قوائم الشركة المالية، ومعرفة قيمة الأصول غير الملموسة التي تعكس بشكل جيد قيمة المنشأة الحقيقية وبالتالي تولد ثقة المستثمرين بها.
2- بما أن حقيقة قيمة الشركة لا تنحصر بقيمة صافي أصولها الملموسة ، حيث أن سمعة الشركة وأدائها لهما قيمة قد تكون وفي كثير من الأحيان كبيرة جدا، فيمكن أن تظهر تلك القيمة في أصولها غير الملموسة عموما وفي شهرة المحل خصوصا، وهذا سيعكس الأمور في القوائم المالية بمنتهى الشفافية.
3- “أن عملية إظهار الأصول المالية في القوائم المالية وفقا للقيمة العادلة، ستعكس المنفعة الاقتصادية لها بشكل منقطع النظير، وبالتالي فان مستخدمي القوائم المالية ستكون لديهم القدرة بشكل افضل على فهم الاستثمارات في هذه الأصول والقدرة على متابعة أداءها لاحقا” (دهمش، 2003).
4- يستطيع المهتمون بالقوائم المالية متابعة التغيرات التي تطرأ على هذه الأصول من فترة لأخرى بشكل ممتاز مما يمكنهم وبشكل جيد معرفة وقياس أداء المنشأة بشكل أفضل.
الانعكاسات السلبية:
1- من اخطر الأمور التي لم يعرفها المعيار وهي طريقة قياس شهرة المحل الخاصة بالمنشأة، ويعتقد الباحثان بأنه وبالنسبة للشركات المساهمة، فان قيمة أسهمها الإجمالية تستطيع أن تعكس قيمتها السوقية (العادلة)، ولكن ماذا بالنسبة لبقية الشركات الأخرى غير المدرجة بالسوق المالي، والتي هي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد.
2- الإفصاح عن شهرة المحل بالقيمة العادلة قد يكون له سلبيات تعد خطيرة، فلو نظرنا لشركات الطيران بعد حادثة 11/9/2001 سنجد أن أسهمها بالسوق المالي انخفضت بشكل كبير، ولو تم قياس شهرة محلها في ذلك الوقت وفقا للمعيار الجديد لنتج عن ذلك إطفاء الشهرة بكاملها بالدخل، مما سيعظم الخسائر التي تكبدتها، والمشكلة الأخرى ستظهر مستقبليا عندما يتحسن أداء الشركات بعد خروج العالم من تلك الأزمة، وعندها من المستحيل إظهار شهرة المحل مرة أخرى لعدم وجود أية معايير تجيز ذلك، ومن ثم سيبقى توجه المستثمر نحو تلك الشركات توجه متخوف، رغم أن أدائها تحسن وذلك لاختفاء شهرة المحل.
3- بالنسبة لبقية الأصول غير الملموسة، وفي حالة تطبيق هذا المعيار، ماذا يحدث لو الأصل فقد قيمته كاملة دون أي مقدمات، ولتوضيح الصورة اكثر لنفرض أن الشركة لديها اصل غير ملموس عبارة عن براءة اختراع وقيمته في الدفاتر عالية جدا، ماذا سيحدث لو أن هناك بالسوق ظهر اختراع جديد حل محل هذا الاختراع، بالتالي ووفقا للقيمة العادلة ستجد أن الشركة أن قيمة اختراعها السوقية صفر، وعندها ستنزل قيمته بالكامل في دخل السنة التي حدث بها الحدث، وهذا ليس بالمؤشر الاقتصادي الجيد.