اعداد محاسب

توضيح التعثر المصرفي وطرق الوقاية

التعثر المصرفي وطرق الوقاية:

التعثر ظاهرة عالمية يعانيها كثير من دول العالم والبنوك لا تستطيع تفادي التعثر بنسبة 100%، كما أن المخاطرة هذه يجب أن تكون محسوبة ومدروسة من جميع الجوانب لضمان أكبر قدر من الأمان للعمل المصرفي. واستمرار حالات التعثر بالبنوك دون وضع حل لها يزيد من المشكلات المترتبة على هذا التعثر والتي تمتد آثارها إلى الاقتصاد بجميع قطاعاته. مما يتطلب ضرورة إيجاد الحلول المناسبة “لمشكلة الديون المتعثرة”.

والاقتصاد العالمي مقبل على فترة من الركود، وهذه الظواهر معروفة في الأدبيات الاقتصادية، بدءاً من كينز (1936) وعلاجها يدور حول تنشيط الطلب الفعال للتغلب على الركود والكساد. والركود والكساد يعكس أثره السلبي على الجهاز المصرفي ويؤدي إلى ازدياد حالات التعثر في النشاط المصرفي(38).

التعثر المصرفي في البنوك المصرية:
ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد في مصر أرقام منشورة لحجم الديون المتعثرة لدى الجهاز المصرفي أو لتوزيعها بين القطاعات المقترضة. إلا أن تقديرات صندوق النقد الدولي ووزارة الاقتصاد توضح أن نسبة الديون المشكوك فيها إلى جملة القروض قد بلغت نحو 14.7% في يونيو 1996، وتراجعت إلى 13.4% في يونيو 1997 ثم إلى 11.7% في يونيو 1999. كما بلغت نسبة المخصصات إلى الديون المتعثرة في ذلك التاريخ نحو 82.2%. ومن ناحية أخرى تشير المعلومات المتوافرة إلى أن جملة العوائد الهامشية (الفوائد غير المحصلة) عن الديون المتعثرة لدى الجهاز المصرفي ككل قد ارتفعت من 19.6 مليان جنيه في مارس 1999 إلى 23 مليار جنيه في مارس 2000، وأن 76.5% من تلك الفوائد في تاريخي المقارنة كانت تتعلق بقروض القطاع الخاص.

وتجدر الإشارة إلى أن رصيد القروض الممنوحة للقطاع الخاص قد بلغ نحو 150.4 مليار جنيه في يونيو 2000 (مقابل 44.5 ملياراً للحكومة والقطاع العام) ليصل نصيبه من جملة القروض إلى 66.3% (مقابل نحو 64.6% منها في نهاية العام السابق). بل إن نصيب القطاع الخاص من الزيادة السنوية في القروض قد ارتفع من 79.1% في عام 96/1997 إلى 109.9% (بما يمثل إزاحة مطلقة للقطاعات الأخرى لصالح القطاع الخاص) في عام 97/1998، و 83.9% في عام 98/1999، ثم 81.5% من الزيادة في القروض خلال 99/2000 كما يتضح من الجدول التالي:

جدول (1)
تطور تدفقات القروض الممنوحة للقطاع الخاص

خلال عام
96/1997
97/1998
98/1999
99/2000
1. قروض القطاع الخاص
18.5
22.2
26.6
18.5
2. إجمالي القروض
23.4
20.2
31.7
22.7
3. إجمالي الودائع
25.3
16.3
19.3
23.7
نصيب القطاع الخاص من جملة القروض 1 :2%
79.1
109.9
83.9
81.5
نسبة القروض إلى الودائع 2 : 3%
92.5
123.9
164.2
95.7
نسبة قروض القطاع الخاص إلى الودائع 1 : 3%
73.1
136.2
137.8
78.1
المصدر: محسوب من واقع التقارير السنوية للبنك المركزي، والتقرير المقدم لمجلس الشعب عن السنة المالية 1999/2000.

وتشير التجربة المصرية إلى أن التحول في هيكل القروض لصالح القطاع الخاص قد أسفر عن تصاعد ظاهرة الديون المتعثرة وكان المفروض أن يؤدي إلى ازدياد كفاءة الوساطة المالية، طبقاً لما تذهب إليه أدبيات التحرير المالي، ويرجع ذلك لعدد من العوامل من أهمها:
1. سوء إدارة محفظة القروض، ومحفظة الأوراق المالية.
2. ارتفاع درجة التركز في القروض الممنوحة للقطاع الخاص.
3. وجود قدر كبير من التركز لقروض القطاع الخاص في بعض المجالات التي تتسم بدرجة عالية من المخاطرة (قطاع البناء والتشييد).
4. النمو الكبير في القروض الممنوحة لعملاء القطاع الخاص بالعملات الأجنبية التي وصلت نسبتها 68% من قيمة الدوائر عام 1999.
5. صعوبة تحويل الأصول العينية والمالية إلى نقدية عند الحاجة.
6. حصول القطاع الخاص على نسبة هامة تصل إلى نحو 53% من قروضه بدون ضمان عيني (وفي ظل الركود تصعب تحويل الضمانات العينية إلى سيولة دون خسائر كبيرة).
7. سوء إدارة الموارد والاستخدامات.
8. القصور في الكفاءة الإدارية والتنظيمية.

ويمكن تفسير تلك الظواهر بما يشار إليه في العديد من الأدبيات المصرفية من أن المراحل الأولى “للتحرير المالي” عادة ما تقترن باتجاه البنوك إلى قبول درجة أعلى من المخاطرة، سواء لتعظيم الربح أو نتيجة الافتقار إلى الخبرات والمهارات الفنية القادرة على التقييم الصحيح للمخاطر الائتمانية والمتابعة الدقيقة للقرض خلال مدة سريانه. وهو الأمر الذي تشير إليه كتابات وتقارير البنك المركزي(39).

حيث يتضمن تقرير البنك المركزي المرفوع إلى مجلس الشعب عن السنة المالية 99/2000 – التوصيات التالية في شأن الوقاية من التعثر المصرفي:
– تأسيس شركات متخصصة في تقييم الضمانات المقدمة إلى البنوك من العملاء الراغبين في الاقتراض.
– رفع كفاءة العاملين في مجال الاستعلام عن العملاء.
– إنشاء كيان مستقل لتوفير الاستعلامات عن عملاء البنوك.
– تقوية وتدعيم نظم المعلومات في وحدات الجهاز المصرفي.
– ربط المراكز الرئيسية للبنوك بفروعها بنظام كفء للاتصالات لتسهيل نقل المعلومات.
– تدعيم دور المراكز الرئيسية في الرقابة على أعمال الفروع.

ويمكن القول بأن قضية الديون المتعثرة للقطاع الخاص تثير العديد من القضايا والحلول لعل من أهمها:

القواعد الحالية بشأن الحد الأقصى للتمويل الممنوح للعميل الواحد ومدى الحاجة إلى تعديلها. وإعادة النظر في مديونيات العملاء المتعثرين الجادين بمنحهم تسهيلات جدية وجدولة المتأخرات وتخفيض أسعار الفائدة للخروج من هذه الأزمة.

جوانب القصور في العملية الائتمانية وسبل معالجتها. ووضع أسس جديدة وقواعد وضوابط محددة لمنح الائتمان وجدية دراسات الجدوى وتوفير البيانات والمعلومات عن الأنشطة الاقتصادية.
– أثر النفوذ السياسي المتزايد لكبار رجال الأعمال على القرار الائتماني.
– السعي لابتكار أوعية ادخارية جديدة لتنشيط سوق الادخار في ظل التراجع في نشاط البورصة.
– دور البنك المركزي في الرقابة والإشراف على الجهاز المصرفي.
– تشجيع عمليات الاندماج والتطوير وسياسات التحول إلى المصرفية الشاملة.
– كيفية تدعيم آليات الإنذار المبكر التي تساعد على اكتشاف ومواجهة الممارسات التي تهدد سلامة العمل المصرفي.
– تقليل المخاطر الائتمانية والتعثر يتوقف على الرقابة الحاسمة وتنفيذ القواعد المصرفية بدقة(40).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى