اعداد محاسب

الأزمـة المالـية الأمريكيـة

يذكر الخبراء الاقتصاديون أن المجتمع الأمريكي ، مجتمع قائم في جوهره علي الافتراض ، فإذا أراد أي مواطن أمريكي أن يشتري منزلاً ، أو جهاز

تليفزيون ، أو سيارة ، فليس هناك أدنى صعوبة في الحصول علي هذه الأشياء ، حتى ولو لم يتوفر له المال اللازم لشرائها ، ويكفي في هذه الحالة بطاقة الائتمان التي لديه ، لكي يشتري ما يريد ، فالعائلة الواحدة في الولايات المتحدة الأمريكية ، كما يقول الكاتب اللامع ، ” فريد زكريا ” تملك 13 بطاقة ائتمان ، 40% منها لشراء السلع ، ويضيف ” زكريا ” أنه مع ازدياد الرغبات في الاقتناء ازدادت الديون العائلية ، فبلغت 680 مليار دولار عام 1974 ، حتى وصلت حاليًا إلي 14 تريليون دولار ، ولا شك أن هذا الرقم الأخير ، ينبئ إلي أي مدي يعتمد الأمريكيون علي الاقتراض ، لإشباع حاجاتهم ، وتلبية رغباتهم .

لقد أشار ” زكريا ” إلي حجم الديون الوطنية حينما ذكر ” أنه في عام 1990 ، كانت الديون الوطنية ، ثلاثة تريليونات دولار ، وأنه بحلول عام 2000 تضاعف هذا الرقم ، ما يوازي في الوقت الراهن 10.2 تريليون دولار إن جوهر الأزمة المالية الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية ، هو الدْين (الاقتراض) أو ما يسمي ” الفعالية المالية ” كما جاء علي لسان ” فريد زكريا ” ويصف الملياردير الأمريكي ” وارن بافيت ” أصل الأزمة المالية الأمريكية ، التي أدت إلي إفلاس الكثير من المصارف والمؤسسات فيقول : ” إن الدين هو الوسيلة الوحيدة التي تجعل من الرجل الذكي مفلسًا ” . وضرب مثلاً علي ذلك وقال : ” إذا اتخذت خطوات ذكية ، ستصبح غنيًا جدًا في النهاية ، وإذا اتخذت خطوات ذكية مستخدما الدين (الاقتراض) في أمور حياتك ، ثم ارتكبت خطأ واحدًا ، فقد يؤدي ذلك إلي إفلاسك ” ، هكذا وبهذه السهولة ، يحمل الاقتصاد القائم علي المديونية بصفة دائمة ، عوامل سقوطه ، خاصة إذا أسئ استخدام الديون .

ويذهب ” زكريا ” إلي ” أن الدْين ليس أمرًا سيئا ، إذا استخدم بشكل مسئول ، وأنه جزء من الرأسمالية العصرية ، لكن الخطورة تكمن في إخفاء كميات هائلة وراء ” مشتقات مالية معقدة ” التي يصفها البعض بالقنابل المالية الموقوتة ” ، وفي هذا السياق يذكر الخبير الاقتصادي الكبير دكتور ” حازم الببلاوى ” أسباب الأزمة المالية الأمريكية التي امتد لهيبها إلي العالم فيقول : ” إن النظام المالي في الدول الصناعية ، قد اكتشف وسيلة جديدة لزيادة حجم الإقراض ، عن طريق اختراع جديد اسمه ” المشتقات المالية ” وهو اختراع يمكن عن طريقه توليد موجات متتالية من الأصول المالية ، علي أصل واحد ، يري ” الببلاوى ” أن الأزمة المالية الأمريكية الراهنة ، سببها ما أطلق عليه ” أزمة الرهون العقارية ” ، فالعقارات في الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للإقراض ، فإن حلم المواطن الأمريكي هو أن يملك بيتا ، ولذلك فهو يشتري بيته بالدين من البنك مقابل رهن هذا البيت ، ثم يرتفع قيمة هذا العقار ، فيحاول صاحبه الحصول علي قرض جديد ، وذلك مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية ، يطلق عليه في هذه الحالة اسم ” الرهون غير الآمنة ” ، أو ” الرهون الأقل جودة ” لأنها رهون من الدرجة الثانية ، وبالتالي فهي معرضة أكثر للمخاطر ، خاصة إذا انخفضت قيمتها .

أسلحة الدمار الشامل الاقتصادية !!

ويمكن القول أن المشتقات المالية التي يتحدث عنها خبراء الاقتصاد برصفها من الأسباب الجوهرية للأزمة المالية الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية ، هي من المصادر الجديدة للتمويل ، أي عندما يتوفر لدي المصرف ” محفظة كبيرة من الرهون العقارية ” ، فإنه يلجأ حينئذ إلي استخدام هذه المحفظة لإصدار أوراق مالية جديدة ” سندات ” يقترض بها من المؤسسات المالية الأخرى ، ويقتصر الضمان هنا في هذه المحفظة ، وهذه العملية يطلق عليها الاقتصاديون اسم ” التوريق ” secuyitization فالبنك في هذه الحالة لم يكتف بالإقراض الأول ، وهو الاقتراض الأصلي بضمان العقار الأصلي الخاص بالمواطن الأمريكي الذي اشتري عقاره بالدين من البنك ، بل قام بإصدار سندات جديدة بضمان محفظة الرهون العقارية التي جمعها لديه ، لتقوم مؤسسات مالية أخري بشرائها ، وهكذا فإن العقار الواحد (العقار الأصلي) يعطي مالكه الحق في الاقتراض من البنك ، غير أن البنك من جانبه يعيد استخدام نفس العقار ضمن ” محفظة أكبر من الرهونات العقارية ” ، للاقتراض بها من جديدة من المؤسسات المالية الأخرى ، وهذا باختصار ما يعرف بالمشتقات المالية التي يسميها بعض الاقتصاديين ” أسلحة الدمار الشامل ” ، وتستمر هذه العملية موجة بعد موجة ، بحيث ينتج العقار الواحد طبقات متوالية من الإقراض ، فإذا انهارت طبقة بسبب توقف المدين عن السداد ، انهارت باقي طبقات وحدثت الأزمة المالية ، لأن كل الطبقات يتأثر بعضها بالبعض الآخر ، وهنا مكمن الخطر ، وهو ما يطلق عليه ” أزمة الرهن العقاري ” ، السبب المباشر للأزمة العالمية .

ويذهب الخبير المصرفي العالمي ” عتريس مرشدي ” إلي أن الكثير من البنوك لم تجنب مخصصات للقروض المتعثرة (الديون المعدومة) ولم تهشم الفوائد ، (أي لم توقف الفوائد علي الديون المتعثرة) . ويتساءل ” مرشدي ” كيف بدأت الأزمة المالية في الولايات المتحدة ، في البداية لابد من التفرقة بين نوعين من البنوك ، الأول البنوك الاستثمارية ، والثاني البنوك التجارية ، فالبنوك الاستثمارية لا تعتمد علي ودائع الأفراد ، وإنما علي أموالها ، ولا تخضع لرقابة البنك المركزي الأمريكي وتتاجر في الأسهم والسندات ، والعقارات بنسب مفتوحة ، أما البنوك التجارية فتخضع للبنك المركزي ، وتمتنع عليها المضاربة أو الرهونات العقارية إلا بنسب محدودة .

كيـف أفلست البنـوك :

ولقد حدثت الأزمة المالية الأمريكية الراهنة في البنوك الاستثمارية التي توسعت في القروض العقارية مثل مؤسستي ” فريدي ماك ” و ” فاني ماي ” اللتين أنقذهما مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) من الإفلاس ، ويذكر ” عتريس مرشدي ” أن الأزمة المالية الأمريكية بدأت بالتسبب في منح القروض للأمريكيين بضمان بيوتهم (الرهن العقاري) ، لدرجة أنه كان يتم إعطاء المنزل من جانب البنك العقاري بدون دفع أي دولار (أي بدون مقدم) ويعطي للمقترض – وهو مشتري العقار – فترة سماح قدرها ثلاث سنوات ، لا يدفع خلالها هذا المقترض أي مبالغ ، ثم يتم بعدها سداد قيمة القسط الأول ، وهكذا .

وفي ضوء هذه التسهيلات من جانب البنك ، زاد حجم الإقبال علي تملك المنازل بدون عمل استعلام عن المقترض ، من حيث مركزه المالي ، وحساباته في المصارف ومدي قدرته علي سداد الأقساط الدورية في مواعيدها ، ونتيجة لهذا التسبب عجز عدد كبير من المقترضين عن سداد الأقساط ، وهو ما أثر علي البنوك الاستثمارية لعدم وجود سيولة ، وقد دفع هذا الوضع المأسوي هذه البنوك إلي تحويل الديون العقارية المتعثرة إلي سندات بضمان الرهن العقاري ، وتم بيع السندات إلي المؤسسات المالية وكبار المستثمرين في مختلف دول العالم وفي الولايات المتحدة الأمريكية بالطبع وتزايد غير القادرين من المقترضين علي الوفاء بديونهم ، وهذا ما أدي إلي انتشار الأزمة ، وانتقالها إلي أوروبا وآسيا . والسؤال الذي يتبادر إلي الذهن ، والحالة هذه هو : كيف أفلست هذه البنوك ؟

والجواب لعدم قدرتها علي الوفاء بالتزاماتها ، وهناك 16 مؤسسة مصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت إفلاسها ، كان آخرها – حتى كتابة هذا المقال – مصرف ” ألفابنك ” ، ولدي هذا المصرف أصول بقيمة 354 مليون دولار ، وستنتقل ودائعه المؤمنة إلي مصرف آخر هو ” بنك سيترنز ” الذي سيعيد شراء أصول ” ألفا بنك ” بقيمة 3809 مليون دولار . وعلي الرغم من أن أزمة الرهن العقاري بدأت منذ عامين إلا أن تأثيرها لم يتضح إلا عندما أعلن بنك ” ليمان برازرز ” العقاري إفلاسه ، أي عدم وفاء أصوله بالتزاماته قبل الغير .

ومن ناحية أخري يقول الكاتب الأمريكي ” بول كيدروسكي ” في مقالة بمجلة ” نيوزويك ” الأمريكية بتاريخ 28/10/2008 تحت عنوان : ” أول كارثة في عصر الانترنت ” معلقا علي أزمة القروض العقارية التي عصفت باقتصادات دول كثيرة ” إن أزمة القروض لم تكن كل المعلومات متاحة علي شبكة الانترنت ولكن لم ينتبه إليها أحد ، ويضيف قوله : أنه في مارس 2000م ، في ذروة أزمة التكنولوجيا ، ألقي ” ألان جرينسبان ” – وهو خبير اقتصادي عمل في السابق محافظا للبنك المركزي الأمريكي – خطابًا عن ثورة قوامها ” شبكة الانترنت ” ، وكان في إمكانها تغيير القطاع المالي ، وإعادة توزيع المخاطر من خلال استحداث وتقييم وتبادل منتجات أو أدوات مالية معقدة علي نطاق عالمي ” .

المشتقات الماليـة !!

وهذه إشارة من جانب ” جرينسبان ” المحافظ السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلي ما يعرف باسم ” المشتقات المالية ” التي وصفها في خطابه بالمنتجات والأدوات المالية المعقدة ، وتعتبر بمثابة قنابل مالية موقوتة ، من الممكن أن تنفجر من أقل خطأ من جانب البنوك أو المؤسسات المالية المتخصصة في التمويل العقاري ، كما حدث مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد انفجار الفقاعة العقارية ، بعد توقف عدد كبير من المقترضين عن سداد أقساط رهونهم العقارية ، بالإضافة إلي شح السيولة لدي مؤسسات التمويل العقاري ، الناجمة عن ذلك ، مما سبب الأزمة المالية الراهنة ، ويذكر ” بول كيدروسكي ” أن غياب الرقابة الرسمية لعب دورًا مؤكداً في الأزمة المالية الحالية ، وأشار إلي ” أن عمليات مقايضة القروض المتعثرة التي تمثلها المشتقات المالية بلغت أكثر من 50 تريليون دولار ، وزيادة في الشفافية ، علي المؤسسات المالية التي تحرص علي أن تنتقل المشتقات المالية من القنوات الإلكترونية الخاصة إلي البورصات العامة ، فلا يمكن السماح لمشتقات مالية (مقايضة الديون) غير شفافة يتم الاتجار بها عبر الرسائل القصيرة في شبكة الانترنت بالتحول إلي أسواق ، قيمتها تريليون دولار ، ولا يمكن لأحد أن يفهمها أو يراقبها ” . وهكذا يؤكد ” كيدروسكي ” علي شفافية عمليات شراء وبيع سندات الرهون العقارية المتمثلة فيما يعرف باسم ” المشتقات المالية ” تجنبا لحدوث أية أزمة مالية ، من أجل استقرار الأسواق المالية ، حيث إن الشفافية في التعامل أمر يجعل المتعاملين علي بينة من كل شيء .

والجدير بالذكر أن ” فرانسيس فوكوياما ” الياباني الأصل ، الأمريكي الجنسية أشار إلي أنه كان هناك مفهومان مقدسان ، الأول أن التخفيضات الضريبية تمول نفسها بنفسها والثاني أن الأسواق قادرة علي تنظيم نفسها بنفسها . ويضيف ” فوكوياما ” قوله : ” إنه إذا خفضت الضرائب من دون تخفيض الإنفاق فسيؤدي ذلك إلي عجز كبير ، ولقد أدت زيادة الضرائب في تسعينيات القرن الماضي في عهد كلينتون إلي فائض ، كما أدت تخفيضات ” بوش ” الضريبية في أوائل القرن الواحد والعشرين إلي عجز أكبر ، ويقول ” فوكوياما ” : ” هناك مهما معينة لا يمكن إتمامها إلا عن طريق الحكومة ، إن المؤسسات المالية بحاجة إلي رقابة صارمة ، وهذا يدل علي أنه إذا اختل أساس من أسس الرأسمالية ، لابد من تدخل الدولة ، حتى لا ينهار البناء الرأسمالي ، ومن هنا لا يعيب هذه الدولة أن تفرض رقابة صارمة لضبط الأسواق المالية .

مقايضة الديون !!

ويذكر خبراء الاقتصاد أن القانون الفيدرالي الأمريكي كان يفرض علي بنك ” جي بي مورجان ” الاحتفاظ بكميات هائلة من الأموال الاحتياطية ، تحسبا لإفلاس أحد من المدنيين ، ولكن ماذا لو أن البنك المذكور تمكن من إيجاد أداة توفر الحماية في حالة عجز أولئك المقترضين عن السداد ، وبالتالي يصبح في استطاعته الاستفادة من المبالغ الاحتياطية المحتجزة ، لقد تفتقت أذهان المصرفيين عن اللجوء إلي نوع من التأمين يتحمل فيه طرف ثالث المسئولية عن احتمال عجز المقترض عن السداد ، في مقابل أن تتلقي شركة التأمين دفعات منتظمة من البنك في شكل أقساط تأمين ، ومن هنا يمكن أن يكون في مقدور بن ” جي بي مورجان ” حذف احتمال الخطر من دفاتره ، وبالتالي تحرير أمواله الاحتياطية المحتجزة ، وقد أطلق علي هذا الأسلوب في التعامل اسم ” مقايضة الديون ” التي تخلف أصحابها عن السداد ، وجاءت الطامة الكبرى عندما أوشك عملاق التأمين في الولايات المتحدة ” ايه آي جي ” علي إعلان إفلاسه ، بسبب عجزه عن سداد 14 مليار دولار ، علي شكل قروض ، ضمنها للبنوك الاستثمارية وعشرات المؤسسات المالية لولا قيام مجلس الاحتياط الفيدرالي ” البنك المركزي الأمريكي ” بمنح هذا العملاق الذي يعمل في مجال التأمين ، قرضا قيمته 85 مليار دولار ، في مقابل حصوله علي 79.9% من رأس مالها ، ويمثل هذا الإجراء من جانب البنك المركزي الأمريكي أكبر عملية تأميم في الولايات المتحدة التي يقوم اقتصادها علي النظام الرأسمالي من أجل توفير السيولة لأكبر شركة تأمين وإنقاذها من الإفلاس الذي كان سيفاقم من حدة الأزمة المالية الأمريكية ويعرض بنوكا ومؤسسات مالية لمأزق مالي خطير ، بوصفها مشترية لوثائق التأمين . وكم كان الملياردير ” وارن بافيت ” محقا عندما وصف عملية مقايضة الديون ، بأسلحة الدمار الشامل المالية ، حيث إن انهيار شركة التأمين قد يؤدي إلي انهيار المؤسسات المالية الأخرى . وتقول ” تيري دهون ” من شعبة الديون في نيويورك والتي تتولي الآن رئاسة مؤسستها الاستشارية الخاصة العاملة في مجال ” الأوراق المالية المشتقة ” في لندن : ” مكنا البنوك من إزالة أخطار ديونها من دفاترها ، وتحويل تلك الديون إلي مؤسسات غير مالية مثل شركات التأمين و ” صناديق معاشات التعاقد ” . ومن ناحية أخري أنه في 26 يوليو 2008 أقر الكونجرس الأمريكي قانونا بإنشاء صندوق بقيمة 300 مليار دولار لتوفير قروض ميسرة للمواطنين ، يسددون بها سندات القروض العقارية المتعثرة ، كما وافق الكونجرس أيضا علي خطة الإنقاذ المالي وقدرها 700 مليار دولار لحماية الجهاز المصرفي الأمريكي من الانهيار ، وقد وضع ” باراك حسين أوباما ” خمسة شروط لموافقته علي خطة الإنقاذ المالي ، الأول مراقبة المال العام من قبل لجنة مستقلة ، والثاني حماية دافعي الضرائب بالتأكد من إمكانية إعادة أموالهم إليهم عند حدوث أزمة ، والثالث التأكد من أن الخطة لن تعود بالفائدة علي رؤساء مجالس إدارة ” وول ستريت ” (الحي المالي) الذين يتحملون جزءا من المسئولية عن الأزمة المالية الحالية ، والرابع مساعدة ملايين العائلات التي تسعي للبقاء في بيوتها دون مصادرة بسبب عجزهم عن سداد الأقساط العقارية الخاصة بهذه البيوت ، والخامس التأكد من أن الخطة لن تخدم مصالح أفراد محددين ، ويذهب ” جيم أمورين ” مدير معهد التثمين العقاري في الولايات المتحدة إلي ” أن أزمة الرهن العقاري الأمريكية هي سبب الأزمة المالية الحالية ، بالإضافة إلي توقف المقترضين عن السداد بنسبة 7% بعدما كانت لا تتجاوز 1% في السابق .

بيع القـروض !!

وأكد ” أمورين ” ” أن بيع القروض في السوق العقارية هو من أسباب الأزمة ، إذ لا يعتمد فيها علي التثمين (التقييم) ، ناهيك عن المضاربات في السوق ، ما جعل هذه القروض أعلي من قيمتها الحقيقية ، وقد أدي ذلك إلي انهيار بعض المصارف والشركات العاملة في مجال العقارات ” .

ويري ” أمورين ” ” أن المبلغ المخصص لحل الأزمة المالية الأمريكية وقيمته 700 مليار دولار لا يكفي ، خاصة أن الأسواق المالية الأمريكية خسرت ما بين 8 و 10 آلاف نقطة ، وهو ما أفقد هذه الأسواق الثقة ” .

واعترف ” أمورين ” بأن تدخل الحكومة الأمريكية المباشر لإنقاذ المصارف والشركات من الإفلاس ” يتعارض مع قوانين منظمة التجارة العالمية ومبادئها ” غير أنه استدرك أن التدخل من جانب الحكومة الأمريكية هو من أجل إنقاذ النظام المالي العالمي من الانهيار الشامل .

وفي هذا السياق أشارت دوريات اقتصادية وثيقة بدوائر المال والأعمال إلي أن ” حجم الخسائر الناتجة عن الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية بلغ 100 مليار دولار ، ارتفعت لاحقا إلي 170 مليار دولار ، وقد وصلت قيمة السوق العقارية الأمريكية إلي 13 تريليون دولار ، ويكشف الرقم الأخير مدي اعتماد الأمريكيين علي القروض العقارية التي تيسر لكل أمريكي أن يمتلك بيتا ، لكنه قائم كما أشرنا في المقدمة علي الدين والاقتراض .

وفي الختام يمكن القول أنه بجانب أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية فإن الحرب الأمريكية علي أفغانستان والعراق ، التي استنزفت 800 مليار دولار من الميزانية الأمريكية ، كانت أحد أسباب الأزمة المالية الحالية ، حيث أثارت غضب دافعي الضرائب الأمريكيين ، الذين تحملوا عبء هذه الحرب التي لا طائل من ورائها غير تشويه صورة أمريكا ، وضياع هيبتها ، وفقدان تأثيرها المالي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى