تنمية بشرية

مفاهيم إدارة الموارد البشرية

مفاهيم إدارة الموارد البشرية

مفاهيم إدارة الموارد البشرية

الاستراتيجية

أساسيات الإدارة الاستراتيجية
تمثل الإدارة الاستراتيجية منهجية فكرية متطورة توجه عمليات الإدارة وفعالياتها بأسلوب منظم سعياً لتحقيق الأهداف والغايات التي قامت المنظمة من أجلها. ويتطلب تطبيق منهجية الإدارة الاستراتيجية وجود بناء استراتيجي متكامل يضم العناصر الرئيسية التالية:
– آلية واضحة لتحديد الأهداف والنتائج المرغوبة ومتابعة تحقيقها وتعديلها وتطويرها في ضوء المتغيرات الداخلية الخارجية.
– آلية مرنة لإعداد وتفعيل مجموعة السياسات التي ترشد وتوجه العمل في مختلف المجالات، وتوفر قواعد للاحتكام واتخاذ القرارات، وتضمن حالة من التناسق والتناغم بين متخذي القرارات في جميع قطاعات المنظمة.
– هيكل تنظيمي يتميز بالبساطة والفعالية والتوافق مع مقتضى الحال في المنظمة، يوضح الأدوار والمهام الأساسية ويرسم العلاقات التنظيمية في ضوء تدفقات العمليات وتداخلاتها.
– نظم وإجراءات تنفيذية لتوجيه الأداء في مختلف العمليات، تتسم بالمرونة والفعالية، وتستهدف تحقيق النتائج.
– أفراد تم اختيارهم بعناية، يتمتعون بالصفات والقدرات المناسبة لأنواع العمل، وعلى استعداد لقبول التغيير، أي من أهم صفاتهم المرونة.
– صلاحيات محددة جيداً، وموزعة بين الأفراد بما يتناسب ومسئولياتهم مع وضوح معايير المحاسبة والمساءلة وتقييم الأداء والثواب والعقاب.
– نظم وإجراءات ومعايير لاتخاذ القرارات تتناسب مع أهميات المشاكل وتتطور مع تغير الأوضاع.
– نظم لاستثمار وتنمية طاقات الموارد البشرية وتوجيه العلاقات الوظيفية تتناسب مع نوعية المورد البشري ومستواه الفكري ومدى الندرة فيه، كما تتوافق مع الظروف العامة الخارجية وتتسم بالمرونة.
– نظم معلومات وقنوات للاتصال الفعال تحقق التواصل بين أجزاء المنظمة وفيما بينها وبين العالم الخارجي، وتحقق المعرفة الآنية لمجريات الأداء والظروف المحيطة.

– تجهيزات ومعدات وموارد مادية تم اختيارها وتوظيفها بعناية لتحقيق أقصى عائد ممكن منها في ظل الظروف السائدة والمتوقعة.
– تقنيات مناسبة في مجالات النشاط المختلفة.

محركات التوجه نحو الإدارة الاستراتيجية
· أثر المنافسة
كان توجه الإدارة المعاصرة نحو الأخذ بمنهجية الإدارة الاستراتيجية وتطبيقها في مجال إدارة الموارد البشرية نتيجة مهمة لحركة متغيرات أساسية مثلت قوى للضغط على الإدارة يأتي ف مقدمتها المنافسة باعتبارها القوة المحركة الأساسية نحو إعمال مفاهيم الإدارة الاستراتيجية. فقد اتجهت الإدارة المعاصرة بتأثير التنافسية الشديدة والمتصاعدة أن تضع لنفسها “استراتيجية تنافسية” تحاول من خلالها تفعيل قدراتها المحورية واستثمار رأس المال البشري المتميز لديها للحصول على مركز تنافسي قوي في السوق.

وقد تبينت الإدارة المعاصرة أهمية المنافسة وتعدد مصادرها، والمنافسين ليسوا فقط المؤسسات الأخرى التي تتعامل في نفس السوق وتنتج وتطرح ذات المنتجات أو الخدمات وتحاول اقتطاع شريحة العملاء الذين اعتادوا التعامل مع المنشأة، ولكن المنافسين هم كل من يناطح المنظمة ويحاول أن يقتطع جانباً من أرباحها [أو فرصها لتحقيق الربح].

تواجه المنظمات فئات المنافسين التالية:
1. المنافسون الحاليون العاملون في نفس الصناعة.
2. المنافسون المحتملون للدخول في الصناعة.
3. كبار الموردين الذين تتعامل معهم المنظمة.
4. كبار العملاء والمشترين الذين يتعاملون مع المنظمة.
5. منتجوا السلع والخدمات البديلة لمنتجات المنظمة.

هؤلاء المنافسين يعملون جميعاً وبطرق مختلفة على تحدي وتهديد المنظمة للسحب من حصتها في السوق واحتلال مكانها لدى العملاء. فالمنافسون في نفس الصناعة يقدمون للسوق نفس المنتجات وينافسون على الجودة، السعر، الخدمات، أو عليها جميعاً. والموردون يساومون لرفع أسعار ما يبيعونه للمنظمة وبالتالي يقللون ما كان يمكن لها أن تحققه من أرباح أي ينازعون الإدارة في إنجازها ويشاركون في إنتاجيتها. والمشترون يساومون لتخفيض أسعار ما يشترونه، وزيادة الخدمات التي يحصلون عليها، وبالتالي يسهمون أيضاً في تصعيب مهمة الإدارة وتقليل العائد الصافي من نشاطها. أما منتجو السلع البديلة فهم مصدر تهديد لسحب المشترين بل والموردين أيضاً من التعامل مع المنظمة، وبالتالي عدم إمكانها تحقيق أو المحافظة على مبيعاتها وأرباحها. ثم يأتي المنافسون المحتملون وهم الذين تغريهم الأرباح التي تحققها المنظمة في صناعة معينة فيقررون دخول ذات المجال لتحقيق نصيب من تلك الأرباح، وتكون النتيجة سحب مساحة من السوق منها وتخفيض المبيعات والأرباح التي تحققها. وثمة مصادر أخرى كثيرة للتهديد يجب على الإدارة أن تتعامل معها، من بينها التحول في القوانين والتشريعات بما يضيق الفرص على الإدارة، والتغير في الأوضاع والنظم والعلاقات الاقتصادية، ونضوب الثروات الطبيعية وندرة الخامات والموارد، وقصور الطاقات البشرية وندرة الكفاءات.

· أثر المتغيرات
بينا فيما سبق مدى ما أصاب نظام الأعمال العالمي من تغيير بفعل قوى ومتغيرات رئيسية ساهمت في تصديع البناء الإداري التقليدي وأسهمت في تنمية مفاهيم إدارية جديدة تتبنى مفاهيم “الإدارة الاستراتيجية”. وأهم تلك القوى: العولمة، تقنيات الحاسبات الآلية، وتقنيات المعلومات والاتصالات، وحركة إدارة الجودة الشاملة، وبزوغ مفهوم رأس المال البشري.
تلك القوى الخمس الرئيسية [بالإضافة إلى عديد من القوى الأخرى] تعاونت في إحداث واقع جديد يفرض على الإدارة التخلي عن مفاهيمها وأساليبها التقليدية التي تتسم بالتجزؤ أو التعقيد والتجمد والتقولب، وتلجأ إلى استحداث مفاهيم وأساليب تتسم بالتكامل والترابط، والبساطة والمرونة والتناسب مع مقتضى الأحوال والظروف. وأصبحت الإدارة في كثير من المنظمات خاصة في الدول النامية تواجه موقفاً شديد الصعوبة يتمثل في أن التحولات العالمية والمحلية تؤدي كلها بالضرورة إلى فتح السوق أمام الواردات الأجنبية، في نفس الوقت الذي تعاني فيه تلك المنظمات من ضعف وتضاؤل فرص وصول منتجاتها إلى الأسواق الأجنبية لارتفاع التكلفة ونقص الجودة فضلاً عن نقص الخبرات الإدارية والتسويقية. من جانب آخر تستشعر كثير من تلك المنظمات أن المناخ المحلي لم يتحرر بعد ولم يوفر للإدارة حرية الحركة اللازمة لمواجهة تلك الظروف الجديدة، ومن ثم تصبح الإدارة عاجزة عن التصدي للمنافسة أو محاولة التقدم خاصة في غياب مصادر وأشكال الدعم والمساندة التي كانت تحصل عليها من الدولة سابقاً.

وفي ضوء هذا الواقع تكتشف الإدارة أن السبيل الوحيد أمامها هو تطوير قدراتها الإدارية، وإعادة تصميم كل عملياتها، والبحث عن التقنيات الأكثر تناسباً، ثم بلورة كل إمكانياتها ومواردها في إطار استراتيجي واضح يتوجه للتعامل مع الفرص والمهددات في الأسواق، ويواجه ظروف التنافسية وضغوطها، ويتفاعل مع المتغيرات والتحولات المحلية والعالمية. وسيكون مصدر الدعم الحقيقي والرئيسي والفاعل في هذا التوجه الاستراتيجي هو المورد البشري الفعال ذو المعرفة، ومن ثم تتضح أهمية وخطورة تطوير نسق ومفاهيم وآليات إدارة الموارد البشرية في ذات الاتجاه الاستراتيجي.

ونتيجة لضغوط التنافسية والمتغيرات المتصاعدة، اتجهت الإدارة في المنظمات المعاصرة إلى تبني فلسفة واضحة للعمل الإداري المتحرر والمنطلق تعتمد آليات السوق أساساً في رسم السياسات واتخاذ القرارات، وتستوعب كل التطورات التقنية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية الجارية في العالم، وتعيش عصر المعلومات بكل ما تعنيه ثورة المعلومات من انفتاح وعقلانية وتكامل في النظرة وشمول للاهتمامات، وتتقبل حقائق السوق والمنافسة، وتتوجه إلى التميز والتفوق باعتبارها السبيل الوحيد للبقاء.
وتتبلور عناصر تلك الفلسفة الإدارية الجديدة- والتي انعكست على دارة الموارد البشرية- فيما يلي:
– أهمية أن تشحذ الإدارة كل أسلحتها وتشحد جميع إمكاناتها وطاقاتها من أجل المواجهة والمنازلة في الأسواق مع المنافسين، والعمل على الاستخدام الأمثل لكل الموارد المتاحة لها، وتجنب تعطيل الطاقات وإهدار الموارد- إن من أساسيات إدارة المنافسة أن تحدد الإدارة نقاط القوة والضعف عندها، وتبحث في نقاط القوة والضعف عند منافسيها، من أجل صياغة استراتيجية متكاملة ترشد العمل الإنتاجي والتسويقي كله.
– أهمية المنافسة على الوقت، بمعنى الإسراع في عمل كل شيء لتخفيض الوقت المستغرق إلى أدنى حد ممكن، وبذلك تحقق الإدارة السبق في الوصول إلى المستهلك والوفاء باحتياجات السوق قبل المنافسين وتلعب تقنيات المعلومات والحاسبات الآلية دوراً خطيراً في تمكين الإدارة من المنافسة على الوقت بما توفره من إمكانيات هائلة لمعالجة البيانات، وكذا توفير الخدمات المعلوماتية اللازمة.
– أهمية المنافسة على الإمكانيات والقدرات المتكاملة، بمعنى أن الإدارة ترصد إمكاناتها وقدراتها وتعمل على استغلالها بشكل متكامل بحيث ينتج عنها تأثير أكبر بكثير من مجموع القدرات المنفردة. والإدارة هنا تخلق كياناً متكاملاً من كل ما يتاح لها من إمكانيات وتوظفه التوظيف الأمثل لتحقيق أكبر تفوق ممكن على المنافسين.
– أهمية المنافسة بتخفيض النفقات والأموال المعطلة في المخزون السلعي وإعداد نظم متفوقة لترتيب التعامل مع الموردين بحيث يتم تغذية الإنتاج أو السوق بمتطلباته بشكل فوري يقلص المخزون إلى ما يقرب من الصفر، وهذه السياسة اليابانية الأصل يترتب عليها وفر هائل في تكلفة الأموال بعدم تجميدها في مخزون سلعي غير مستعمل، وتوفير ساحات وتكاليف عمليات التخزين، ناهيك عن منع الأضرار والخسائر الناشئة عن تلف المخزون أو تقادمه أو تعرضه للسرقة وغير ذلك.
– ضرورة السعي لتكوين علاقات وطيدة وإيجابية مع الموردين لضمان تدفق احتياجات المنظمة من المواد والمستلزمات وتأمين وصولها في الأوقات المناسبة بالكميات الصحيحة التي تحقق تنفيذ سياسات “في الوقت بالضبط”، وكذا تأمين علاقات وارتباطات إيجابية مع العملاء في السوق المحلي أو الأجنبي لضمان تصريف المنتجات بأسلوب منظم يسمح بتدفق السيولة إلى المنظمة ويخفض من أعباء تمويل وإدارة المخزون من السلع التامة. تلك العلاقات الإيجابية في الاتجاهين إنما تحتاج إلى عقلية إدارية تستوعب حقائق السوق، وتملك إدارة القرارات وسلطة التصرف، والقدرة على تحمل المسئولية، يساندها نظام فعال ومتقدم للمعلومات الإدارية.
– ولاشك أن العنصر الفارق الآن في تحديد نجاح الإدارة هو قدرتها على استخدام المستحدثات التقنية استخداماً أمثل وتوظيفها في تطوير الإنتاج والمنتجات وأساليب السوق والإدارة جميعاً. وتسهم التقنيات المتطورة في تخفيض الوقت اللازم للأداء، ومن ثم تحقيق إنتاج أكثر في وقت أقل، وسرعة تدوير رؤوس الأموال بكل ما يتحقق عن ذلك من عوائد اقتصادية إيجابية. كما تسهم في تخفيض تكلفة المواد الخام واستبدال مواد رخيصة أو مخلقة بالمواد الطبيعية الأعلى تكلفة أو الأكثر ندرة.

كذلك تقليل الأيدي العاملة اللازمة للإنتاج وإحلال عناصر من العاملين الأعلى مهارة وكفاءة محل العمال الأقل مهارة. وتسمح التقنيات الجديدة كذلك بفرص لا متناهية لتطوير منتجات جديدة وابتكار استخدامات متجددة للمنتجات المعروفة، بما يحقق توسيع وخلق الأسواق الجديدة باستمرار. وأخيراً فإن التقنيات الجديدة تعمل على إضافة مرونة هائلة في إمكانيات التصميم للإنتاج بما يحقق التنويع المستمر مع خفض الوقت والتكلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى