يمكن رصد محورين أساسيين استدعيا العمل على تنظيم المحاسبة دولياً :
أولاً- الحاجة إلى تقدم وإيجاد آلية لتطوير علم المحاسبة نفسه :
(1) ظهرت في منتصف سبعينيات القرن الماضي حاجة ملحة لتوحيد المعالجات المحاسبية واستبعاد النتاقضات القائمة في علم المحاسبة بين المحاسبات الوطنية في الدول المختلفة . فتعددت ونتاقضت المعالجات لنفس الظاهرة الشركة الواحدة من دورة محاسبية إلى دورة أخرى ( مخالفة مبدأ الثبات ) وكذلك الحلول التناقضة بين الشركات على المستوى الوطني ( مخالفة مبدأ قابلية البيانات المحاسبية للمقارنة ) ناهيك عن الاختلاف الكبير القائم على المستوى الدولي .
أمثلة عن التناقضات في المعالجات المحاسبية:
– معالجة مشكلة الإيجار التمويلي: مرة يعتبر أصلاً وأحياناً مصروفاً دون ضوابط .
– تقويم المخزون السلعي أخر الدورة ، فقد أحصت لجنة توجيه المعايير المحاسبية وجود 15 طريقة مختلفة للتقويم تؤدي إلى أرباح مختلفة .
– وجود اختلافات كبيرة في شكل ومضمون القوائم المالية حتى في الدولة الواحدة .
(2) ظهرت اختلافات كبيرة في تحديد مفاهيم بنود القوائم المالية ، أي الافتقار إلى لغة محاسبية تلقى قبولاً وطنياً ودولياً : مثلاً اختلافات في تحديد مفهوم الأصول أو المصروفات أو الخسارة .. الأمر الذي أدى إلى إعداد ميزانيات وقوائم دخل متناقضة البيانات وغير قابلة للتوحيــد وعقد المقارنات ، باختصار كانت بيانات تلك القوائم مضللة وتؤدي إلى قرارات خاطئة .
لتحقيق هذا الهدف ( استبعاد التناقضات ورفع مستوى نضج علم المحاسبة نفسه ) كونت ثلاث منظمات مهنية محاسبية في وقت متزامن تقريباً:
– لجنة توجيه المعايير المحاسبية asc في المملكة المتحدة عام 1969
– مجلس معايير المحاسبة الأمريكي fasb في الولايات المتحدة عام 1973
– لجنة معايير المحاسبة الدولية asc عام 1973
ولقد تضافرت جهود هذه المنظمات الثلاث فأثمرت في البدء معايير محاسبية وطنية متماثلة حددت مضامين المصطلحات والمفاهيم المحاسبية وكذلك القوائم الماليةالدورية ذات الغرض العام ( الميزانية العمومية وقائمة الدخل وقائمة التدفقات النقدية وقائمة تغيرات حقوق المساهمين ) وأشكال عرضها والحد الأدنى من الإفصاح المحاسبي اللازم ، وتبعها بعد ذلك في خطوة تالية وضع وإعادة صياغة المعايير المحاسبية الدولية استناداً إلى سياسة التحسين المستمر continous improvement وفق استراتيجية علمية تستند إلى إطار نظري أتفق عليه من المنظمات الوطنية الدولية السابقة الذكر لغرض تحقيق تقدم معرفي في علم المحاسبة ، وهو ما يمثل اللبنة الأساس في تطوير معايير محاسبية دولية .
ثانياً – انقتاح البورصات وأسواق المال عالمياً :
تماشياً مع الانفتاح الاقتصادي العالمي واستقطاب مزيد من الاستثمارات الخارجية فقد ألح المجتمع الاستثماري الدولي على ضرورة تحسين المعايير الدولية القائمة وإصدار معايير جديدة تنمي أداء ومستوى التبادل في أسواق المال . فخلال سنوات 1994 – 1999 تم الاتفاق مع الهيئة العالمية المشرفة على الأسواق المالية ioscoعلى عدد من المعايير الشاملة الواجب إصدارها بغية اعتمادها وقبولها لأغراض متطلبات الأسواق المالية . وقد أصدرت اللجنة بالفعل المعايير الدولية التالية :
المعيار 30 : الافصاحات في البيانات المالية للبنوك والمؤسسات المالية المشابهة.
المعيار 32 : الأدوات المالية ، الإفصاح والعرض.
المعيار 39 : الأدوات المالية ، الإعتراف والقياس .