سأل سائل عن علاقة إدارة الموارد البشرية بإنتاجية الموظفين، فأجبت وهل الانتاجية تحصل الا من الموظفين؟!
وإذا كان من أصعب الصعوبات توضيح الواضحات كما يُقال في علم المنطق، فإن علاقة المواد البشرية بالإنتاجية هي من أوضح الواضحات وأبده البديهيات.
لماذا؟!
لأن الإنسان هو أصل أي حركة تحصل على هذه الأرض، وله الأثر الأكبر في تحديد نوعية وطبيعة وقوة وتأثير هذه الحركة.
نعم يؤثر المال، وتؤثر التجهيزات، لكن التأثير الحقيقي هو للإنسان.
فلو امتلأ مصنعٌ ما بالتجهيزات الحديثة والسريعة ولو كان رأس المال هذا المصنع بآلاف وملايين الدولارات وكان له سوق تصريفٍ كبير الا أن موظفيه كسولين، لا يأتون عملهم الا وهم متأخرون، مرهَقون، ومنزعجون، أداؤهم ضعيف ومعنوياتهم منخفضة وخبراتهم ضعيفة ومعلوماتهم قديمة، لتحول هذا المصنع خلال فترة وجيزة الى خربة لا قيمة لها.
ولو كان العكس هو المثال بمصنع او مؤسسة تجهيزها متواضع ولكن عماله نجباء أذكياء متحمسون ونشيطون، يتقنون عملهم ويحبونه، لانقلب هذا المصنع الى منافس للمصانع الكبرى والمهمة. فالرسل والأنبياء قالوا لأصحابهم حين القيام بأي عمل أن لا تأثير للعدد او التجهيز او الامكانات بل التأثير لنوعية الموارد البشرية فكم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن الله، أوليس لأن هذه الفئة القليلة منتقاة بشكل صحيح، وقد وُضِع الشخص المناسب منهم في مكانه المناسب الذي يلائمه، وتم اختبارهم قبل استخدامهم وتدريبهم وتقييمهم بشكل مستمر، ثم تحفيزهم ماديا ومعنويا والاهتمام بعائلاتهم. وهذا دور إدارة الموارد البشرية.
وإن أول من اهتم بالموارد البشرية وإدارتها لهو الإسلام بتوجيه من الله ربّ العالمين وهو العارف بما خلق سبحانه. فقال في محكم كتابه “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” فاعتبر سبحانه أنه لو أراد أحدكم تغيير الواقع فما عليه الا أن يغير الانسان اولاً. كما أن كل الأديان السماية كذلك.
عليه فإن هكذا سؤال رغم بديهيته، الا أنه جوهر القضية وأصلها. وبرأيي فهو يستحق منا الكثير من البحث والتعمق والتنظير.