ما هو علم النفس :
هو العلم الذي يختص بدراسة السلوك الإنساني وعلاقته بالبيئة المحيطة من خلال الطريقة العلمية في البحث فمثلاً كيف يتعلم الإنسان وكيف يفكر أو كيف يدركُ بيئتَـهُ وما هي التغيراتُ التي تطرأُ على الإنسان عندما يفكر بذكاءٍ أو يبدع أو عندما يقعُ فريسةً لمرضٍ عقلي أو نفسي أو عضوي وما هي التغيراتُ التي تطرأُ عليه عندما يتحمس أو ينشط أو ينفعل أو يندفع وما الذي يطرأُ عليه عندما يتفاعلُ مع جماعة من الناس أو عندما يعمل بمفرده أو ماذا يطرأُ على سلوكِـهِ من تغييرٍ وهو تحت تأثيرِ عقَّـارٍ ما ، إلى آخر هذه المباحث الإنسانيةِ ؛ و تتفرع عن علم النفس العام فروع كثيرة تزيد يوما بعد يوم كعلم النفس الاجتماعي وعلم النفس التربوي وعلم النفس الحربي والصناعي و الإداري وغيرها لكنها في مجموعها تدرس في كليات ككلية التربية وكلية الآداب و أما ما يدرس في كلية الطب فهو مقدمة علم النفس العام وعلم النفس الطبي أو السريري" الإكلينيكي"و دارسو علم النفس العام هم الاختصاصيون النفسيون و المحللون النفسيون و غيرهم كما سيتضح فيما يلي.
الطب النفسي :
أما الطب النفسي فهو ذلك الفرع من الطب الباطني الذي يهتم بدراسة الاضطرابات التي تشكل فيها الظواهر النفسية والمعرفية ( كالتفكير والشعور والإدراك والسلوك ) جانبا أساسيًّـا سواءً في سبب المرض أو صورته الإكلينيكية وكذلك كل الجوانب النفسية للمرضى في تخصصات الطب المختلفة ؛ ولابد لمن يتخصص في هذا الفرع من الطب أن يدرس الكثير من علم النفس العام ومدارسه المختلفة وعلم النفس السريري وكذلك علم الكيمياء و علم الأدوية والعلوم العصبية و أن يكون ملمًّـا بالكثير من أعراض وأمراض الطب الباطني نظرًا لكثرة ظهور المرض العضوي بأعراض نفسية وكثرة ظهور المرض النفسي بأعراضٍ عضوية فلابد أن تكون لديه القدْرَةُ على التمييز بين الحالتين وأيضا لأن وجود المرضين النفسي و العضوي في مريضٍ واحد أكثرُ من أن يُـغْفَـل .
الطبيب النفسي :
هو ذلك الشخص الذي تخرج من الثانوية العامة – القسم العلمي – ثم التحق بكلية الطب ودرس فيها تقريباً لمدة سبع سنوات جميع التخصصات الطبية دون تركيز على تخصص محدد ، مثله في ذلك مثل أي طالب في كلية الطب. ثم حين يتخرج يعمل في جميع التخصصات الطبية الرئيسة لمدة عام واحد " يسمى خلالَـهُ طبيبَ امتياز " ، مثله في ذلك مثل أي طبيب آخر ، يحصل بعدها على بكالوريوس الطب والجراحة ، مما يؤهله للعمل في أي تخصص طبي شاء . وكما يختار زميله الذي تخرج معه في قسم الجراحة أو الباطنة مثلاً فإن من يرغب في أنْ يكون طبيباً نفسياً فإنه يتجه للعمل في قسم الطب النفسي ، ويمكنه بعد ذلك مواصلة دراساته العليا في الطب النفسي ، والتي يتدرج خلالها من رتبة طبيب مقيم إلى طبيب اختصاصي ( أخصائي ) بعد حصوله على درجة الماجستير في العلوم العصبية و الطب النفسي ثـم إلى رتبة طبيب استشاري إذا حصل على درجة الخبيراه . ويتمثل دور الطبيب النفسي في تشخيص الحالة المرضية والبحث في أسبابها النفسية وكذلك العضوية لأنه في الأصل طبيب – كما أسلفنا – ثم يسعى في اختيار العلاج المناسب لها . وقد تحتاج بعض الحالات المرضية إلى بحث اجتماعي فيستعين بالاختصاصي الاجتماعي ، أو عمل بعض المقاييس النفسية مثلاً فيستعين بالاختصاصي النفسي . ويُعد الطبيب النفسي في الأقسام النفسية العمود الفقري للفريق المعالج الذي يتكون عادة من : الطبيب النفسي ، والاختصاصي النفسي ، والاختصاصي الاجتماعي ، وفريق التمريض . كما أن الطبيب النفسي هو الوحيد الذي يحق له صرف الأدوية من بين أفراد الفريق المعالج لما عنده من خلفية طبية . ويقوم الطبيب النفسي أيضاً بعلاج ما يعترض مرضاه من أمراض أخرى ، إن لم يقتض الحال تحويلها إلى طبيبٍ مختص .
طبيب الأمراض العصبية :
أو طبيب المخ و الأعصاب " باطنة " كما يحبون تسمية أنفسهم هربا من وصمة الطب النفسي؛ هو مثل الطبيب النفسي تخرج من كلية الطب و لكنه اختار بعد قضاء سنة الامتياز العمل في قسم الأمراض العصبية و هو أحد تخصصات الأمراض الباطنية كطبيب مقيم لمدة ثلاث سنوات على الأقل إلى أن يحصل على نفس درجة الماجستير التي يحصل عليها الطبيب النفسي وهي ماجستير العلوم العصبية و الطب النفسي ؛ ثم إن شاء بعد ذلك مواصلة الدراسة يحصل على درجة الخبيراه في العلوم العصبية ليصبح مستشارًا للعلوم العصبية ؛ وهذا التخصص جديد إلى حد ما و غير ممثل في معظم وزارات الصحة العربية نظرًا لأنَّ معظم هذه الوزارات تكتفي بأقسام الطب النفسي فيها حيث كان المسمَّى الأمراض النفسية والعصبية ؛ ولما تعدَّدَت كليات الطب في الجامعات العربية أنشِأت أقسام مستقلة للأمراض العصبية فيها وكان مرضى هذا التخصص قبل ذلك مقسمين ما بين أطباء الباطنة العامة وأطباء الأمراض النفسية ؛ أما نوعية الأمراض التي استقلَّ بها هذا التخصُّص فقد كانت في البداية كلُّ ما يعرفُ له سبب باثولوجي في الجهاز العصبي وغالبا ما كانت أعراضه تندرج تحت أعراض خلل الجهاز الحركي مثل بعض حالات الشلل و الخزل و حالات الصرع وأمراض ضمور العضلات و التهاب الأعصاب الطرفية وما إلى ذلك و ربما كان التفريقُ بين هذا التخصص وبين الطبِّ النفسي سهلا في الماضي عندما لم تكن لدينا غير معلومات ضئيلة عن أسباب الأمراض النفسية و لكن الآن أصبح التفريق معتمدا لا على السبب بل على نوعية الخلل الذي يعانيه المريض فإذا جاء الخلل في ميدان الحركة و الإحساس الجسدي اعتبر ضمن مجال الأمراض العصبية و إذا جاء الخلل في ميدان المشاعر أو الأفكار أو السلوك أو العمليات المعرفية اعتبر ضمن مجال الطبِّ النفسي و لكنَّ الذي لابدَّ من قوله هنا أن كلا هذين التخصصين إنما هما وجهان لعملة واحدةٍ و فصلهما عن بعضهما ربما أضر أكثر مما نفع و إن كان التوجه العلميُّ الحديث نحو التخصص هو السبب في الفصل ولكن الخط الفاصل ما يزال بعيدًا عن الوضوح !
جراح المخ و الأعصاب :
و هذا تخصص آخر من التخصصات الطبية و لكنه يتبع الجراحة لا الباطنة فجراح المخ والأعصاب يتخرج في كلية الطب و لكنه بعد سنة الامتياز يتخصص في جراحة المخ والأعصاب و يعمل طبيبا مقيما مدة ثلاث سنوات كجراح يحصل بعدها على ماجستير في الجراحة العامة أو في جراحة المخ و الأعصاب حسب مدى التطور الذي وصلت إليه جامعته ثم إن أكمل دراسته يمكنه الحصول على درجة الخبيراه في جراحة المخ و الأعصاب والجراحة في جوهرها تختلف عن الباطنة فهي أسلوبٌ من أساليب العلاج و مرحلة العلاج تلي مرحلة التشخيص في الطب و هيَ وظيفة الطبيب الباطني في الأساس لأن تركيز الجراحة إنما يكون في المقام الأول على كيفية إتقان العمل بالمشرط بعد الوصول إلى أقصى ما يمكن من دقةٍ في التشخيص ؛ و هناك بعض الحالات التي تصلح لها الجراحة مثل أورام المخ و أورام الأعصاب و بعض جراحات العمود الفقرِيِّ و كذلك حالات النزيف المخي الناتج عن إصابات الرأس في الحوادث أو بعض حالات النزيف لأسباب طبية باطنية مثل ارتفاع ضغط الدم المفاجئ ؛ و نظرا للتطور الحديث في مجالات الجراحة الميكروسكوبية فقد أصبح من الممكن التدخل في بعض حالات الصرع الناتجة عن إصابات الرأس بعدما كان التدخل الجراحي في الماضي يسبب من المشاكل ما لا حصر له.
أما الاختصاصي ( الأخصائي ) النفسي :
فهو ذلك الشخص الذي تخرج من الثانوية العامة – القسم الأدبي عادة – ثم التحق بقسم علم النفس في إحدى الكليات النظرية ( التربية أو الآداب عادة ) حيث يدرس فيها ويتلقى تدريبه لمدة أربع سنوات ، يحصل بعدها على بكالوريوس التربية قسم علم النفس أو على ليسانس الآداب قسم علم نفس ، ثم يتجه بعد ذلك للعمل في أحد القطاعات الحكومة كالمدارس والمستشفيات العامة أو النفسية . ويتمركز عمل الاختصاص النفسي في عمل المقاييس النفسية ، واختبارات الذكاء ، وكذلك عمل بعض الجلسات العلاجية كالعلاج المعرفي ، والعلاج السلوكي ، والعلاج المساند . ويُعد دور الاختصاص النفسي رائداً ومهماً في تكامل عمل الفريق الطبي ؛ وتعاني بلدُنا للأسف الشديد من نقص كبيرٍ في هؤلاء الاختصاصيين النفسيين المدربين نظرًا لعدَمِ اهتمام الدولة بهم و لا بتدريبهم مما تسبب في توجِّـهِ غالبية العناصر الجيدةِ و المحبَّـةِ لعمَـلِها منهم إلى دول البترول . ومن الاختصاصين النفسيين الذين يودون التخصص الأدَّق من يتخصّّصُ في العلاج بالتحليل النفسي فيصيرُ مُـحَلِّلاً نفسيًا و منهم من يتخصص في علاج عيوب النطق فيسمَّى اختصاصي " أخصائي " التخاطب ، ومنهم من يتخصص في نوع معين من العلاج كالعلاج الأسَري أو العلاجِ الجمعي أو المعرفي . إلخ .
أما الاختصاصي الاجتماعي :
فهو ذلك الشخص الذي تخرج من الثانوية العامة – القسم الأدبي عادة – ثم التحق بكلية الخدمة الاجتماعية أو قسم علم الاجتماع أو ما شابه ذلك من الأقسام على اختلاف مسمياتها في إحدى الكليات النظرية ( الآداب عادة ) حيث يدرس فيها ويتلقى تدريـبه لمدى أربع سنوات ، يحصل بعدها على درجة الليسانس في ذلك التخصص ، ثم يتجه بعد ذلك للعمل بوظيفة اختصاصي أو مرشد اجتماعي في أحد القطاعات الحكومية كالمدارس والمستشفيات وغيرها . ويتمركز عمل الاختصاص الاجتماعي في بحث المشكلات الاجتماعية والمساهمة في حلها وإعداد التقارير الاجتماعية للأفراد الذين يتم تحويلهم إليه .
وللاختصاصي الاجتماعي الذي يعمل في المستشفيات دور بارز في تكامل الخدمة الطبية.ويمكن للاختصاصي النفسي وكذلك الاختصاصي الاجتماعي مواصلة الدراسات العليا في تخصصاتهم والحصول على شهادات الماجستير والخبيراه ، ثم العمل بعدها أستاذا في إحدى الجامعات أو موظفاً في أحد القطاعات الحكومية الأخرى بما يتناسب مع طبيعة تخصصه ودرجته العلمية.
و أما اختصاصي التخاطب :
فهو كما ذكرت اختصاصي نفسي يتخصص تخصصا أدق و هو علاج عيوب النطق و اضطرابات القدرة على النطق بحيث يدرس أجزاء من علم الصوتيات كما يدرس آلية عملية النطق و كذلك الجهاز السمعي إضافة إلى بعض أساليب العلاج السلوكي و المعْرِفي لأن تعليم المحادثة والنطق عبارة عن طرق وأساليب مختلفة لكل واحدة منها أهداف معينه ويدخل فيها نشاطات مختلفة إن الهدف هو الحصول على طريقه أو طرق لتساعد كل إنسان في التخاطب والتواصل مع الغير. و بالتالي نجد أن هذا الاختصاصي يعمل مع أطباء الأنف والأذن والحنجرة ومع الأطباء النفسيين .
اختصاصي التحليل النفسي " أو المحلل النفسي ":
وهذا اختصاصي نفسي في الأساس لكنه يحصل على درجة علمية أعلى من الليسانس أو البكالوريوس أي الماجستير أو الخبيراه في علم النفس و يكون تخصصه هو نظرية التحليل النفسي أي نظـريـة " سيجموند فرويد " و يمارس العلاج النفسي عن طريق هذه النظرية و عدد هؤلاء المحللين النفسيين في تناقص مستمر في الدول الغربية حيث أن التوجه الآن هو باتجاه النظريات السلوكية و المعرفية لأن العلاج بالتحليل النفسي باهظ التكلفة و طويل الأمد بشكل لم يعد مناسبا للحياة الآن كما أن نتائجه غير مؤكدة في أغلب الأحيان و أما في بلادنا فلم أقابل في الحقيقة أحدًا من المحللين النفسيين خارج شاشات السينما و أظنهم ندرة !
المنوم المغناطيسي :
التنويم المغناطيسي هو واحد من مباحث علم النفس وهو حقيقة لا خيال لكن الناس يتوهمون عنه الكثير و توجد معاهد خاصة لتخريج المنومين في بلاد الغرب و لا يشترط فيهم أن يكونوا أطباء لكن ما يعنيني هنا هو أن الناس يفهمون الأمر بشكل مختلف عن حقيقته لأنهم يحسبون لدى المنوم المغناطيسي قدرات خاصة و هذا أمر غير صحيح فالقدرة أو الخاصية في الحقيقة تكون لدى الشخص الذي يتم تنويمه و ليس لدى المنوم سوى طريقة التنويم بعد أخذ موافقة الشخص الذي يرغب في النوم و هذا أيضا مفهوم خاطئ لدى الكثيرين فليس هناك من ينوم الناس قسْرًا و دون أن يعطوه هم الفرصة لذلك!! و أما عن أهمية ذلك في العلاج النفسي فأستطيع أن أقول لا شيء تقريبا لأن هناك أساليب أكثر مناسبة للطبيب لكي يستخدمها وأكثر أمنا لأنه يحسنها أكثر من التنويم.